الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْهُ بِقُوَّة عَظِيمَة مؤلفة من ثَلَاثِينَ اورطة من المشاة وقدرها من الخيالة وَمِائَة وَسِتَّة وَثَمَانِينَ مدفعا فعادوا بخفي حنين بعد ان خضبوا الارض بدمائهم وافعموا الوديان بجثثهم وحينما وصل خبر هَذَا الْفَوْز الْمُبين تلغرافيا إِلَى مسامع السُّلْطَان الشَّرِيفَة اصدر فِي الْحَال فرمانا عَالِيا باظهار الممنونية لَهُ وَلِجَمِيعِ الجيوش المؤتمرة بِهِ تَارِيخه 20 رَجَب سنة 1294 31 مايو سنة 1877 وهاك ترحمته
مشيري سمير الصداقة عُثْمَان باشا
لقد اعليت الشَّأْن العثماني وصيت عساكرنا وناموسهم بغزوك الْجَدِيد الْمُضَاف إِلَى خدماتك السالفة المسومة بشعار البسالة فَالْحق تَعَالَى ومفخر الانبياء يعضدانك فِي الدَّاريْنِ وَسلم على كَافَّة الامراء والقواد وعَلى جنودي المنصورة بالافراد اولئك الْجنُود قُرَّة باصرة افتخاري والمقدمون على اولادي فَلَا جرم انهم بغزواتهم الغضنفرية يستفزون سلطانهم للسرور والممنونية وَالله المسؤول ان ينيلهم النجاح والسعادة الابدية ويفقهم فِي سَبِيل الْمُحَافظَة عل اللِّوَاء العثماني لمثل هَذِه الْغَزَوَات ويوصلهم صوريا ومعنويا لمراتب المكافآت العاليات وَقد منحتكم النيشان العثماني مُكَافَأَة لخدمتكم وامرت بتوجيه الرتب واجراء التلطيفات للامراء والضباط كَمَا عرضتم وانتم مأذونون بَان تعدوا فِيمَا بعد الامراء والقواد وتبشروهم فَوْرًا بالمكافآت الَّتِي يستحقونها مَتى امتازوا باثر فدَاء خارق للْعَادَة وان تعرضوا ذَلِك لدار السَّعَادَة على انه تقرر لدي ان يُرْسل لطرف حميتكم مامور مَخْصُوص ليبين لكم جَمِيعًا ممنونيتي وتشكري ا
وَاقعَة بلفنه
وَبعد تقهقر الروس امام بلفنه ووصول المدد من جَمِيع الْجِهَات امكن العثمانيين الهجوم بعد الِاقْتِصَار على الدفاع وانقسم الْجَيْش إِلَى ثَلَاث فرق الاولى انضمت إِلَى عُثْمَان باشا فِي بلفنه للدفاع عَنْهَا وَالثَّانيَِة تَحت امرة مُحَمَّد عَليّ باشا السردار الاكرم جعلت وجهتها محاربة الْجَيْش الْقَائِد لَهُ الْبُرْنُس اسكندر ولي عهد القيصر وَالثَّالِثَة تَحت امرة سُلَيْمَان باشا الَّذِي اشْتهر اولا فِي محاربة ثائري البوسنه والهرسك
واخيرا فِي محاربة الْجَبَل الاسود وَوجه اهتمامه لاسترداد مضايق شيبكا من ايدي الروس وكادت الفرقتان الاخيرتان تتمّ ماموريتهما فتتحد الجيوش العثمانية وتسير مَعًا لارجاع الروس إِلَى التخوم وقهرهم على اجتياز نهر الطونه خائبين لَوْلَا خِيَانَة دي هُوَ هنزولرن امير رومانيا ومجيئه إِلَى ميدان الْقِتَال بِنَحْوِ مائَة الف مقَاتل ملئت قلوبها غلا للدولة الْعلية صَاحِبَة السِّيَادَة ومجيء قَيْصر الروس بِنَفسِهِ لتشجيع العساكر على الْحَرْب وَبث روح الثَّبَات والاقدام فيهم فَانْقَلَبت الْحَال وَلم تَجِد العثمانيون انتصاراتهم المتعددة على الروس حوالي بلفنه وامام مضيق شيبكا لتوارد المدد يوميا من الروسيا ثمَّ صمم الروس على محاصرة بلفنه محاصرة اصولية لتيقنهم من اسْتِحَالَة اخذها هجوما نظرا لمناعة المعاقل والحصون الَّتِي اقامها عُثْمَان باشا حولهَا واناطوا هَذِه المامورية بالجنرال تودلين الَّذِي اشْتهر بالدفاع عَن مَدِينَة سباستوبول فِي الْحَرْب السَّابِقَة فَجمعُوا حولهَا الْعدَد الْكَافِي من العساكر والمدافع لاتمام حصارها والاحاطة بهَا احاطة السوار بالمعصم وَبعد عدَّة وقائع تمّ حصارها فِي 24 اكتوبر سنة 1877 وَصَارَ وُصُول المدد اليها مستحيلا وابتدأت الاعمال للاستيلاء على الْحُصُون الامامية وَاسْتمرّ الْقِتَال حولهَا وَلَا شَيْء يثنى عُثْمَان باشا وجيوشه عَن الدفاع حَتَّى نفذ مَا كَانَ عِنْده من الذَّخَائِر والمؤن فعزم على الْخُرُوج بجيوشه والمرور من وسط الاعداء فيسلموا وَيسلم مَعَهم اَوْ يموتوا شُهَدَاء الدفاع عَن بَيْضَة الاسلام وَلما عقد على هَذَا الْعَزْم استعد لانفاذه حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم 10 دسمبر سنة 1877 اخلت العساكر العثمانية جَمِيع القلاع المحيطة بِالْمَدِينَةِ وَخَرجُوا جَمِيعًا من جِهَة وَاحِدَة مهللين ومكبرين فقابلهم الْعَدو بمقذوفاته الجهنمية اما لليوث العثمانية فل تعبأ بهم بل استمرت فِي سَيرهَا عدوا نَحْو الاستحكامات الَّتِي كَانَ اقامها الروس حول الْمَدِينَة على ثَلَاثَة خطوط متعاقبة ونفذوا كالسيل المنهمر من اعالي الْجبَال الَّذِي لَا يعوقه شَيْء فِي اندفاعه على مدافع الْخط الاول وَالثَّانِي وكادت تستولي على الْخط الثَّالِث وتتخلص من هَذَا الْحصار وتفوز بالنصر الْمُبين لَوْلَا ان اصيب قائدهم عُثْمَان باشا الْغَازِي برصاصة نفذت من سَاقه الايسر وَقتلت حصانه فَسقط هَذَا الشجاع على الارض وظنت عساكره انه اسْتشْهد وبمجرد مَا شاع خبر مَوته الْغَيْر حَقِيقِيّ استولى الفشل على جَمِيع الْجنُود وارادت الرُّجُوع إِلَى الْمَدِينَة وَحَيْثُ كَانَ قد احتلها الروس عقب خُرُوجهمْ مِنْهَا قابلهم
بالنيران من الْخلف فَصَارَ العثمانيون بَين نارين وَبعد ان دافعوا عَن انفسهم دفاعا شهد الاعداء بانه من خوارق الامور التزموا بِرَفْع الرَّايَة الْبَيْضَاء عَلامَة على التَّسْلِيم فاوقف الروس اطلاق النيرَان وَتقدم اللِّوَاء توفيق باشا رَئِيس اركان حَرْب الْجَيْش العثماني الْقَائِد لَهُ عُثْمَان باشا وَطلب مُقَابلَة الْقَائِد الْعَام الروسي وَلما قابله سَأَلَهُ عَمَّا إِذا كَانَ مَعَه اذن بِالْكِتَابَةِ من عُثْمَان باشا يُجِيز لَهُ الِاتِّفَاق على التَّسْلِيم فاجابه ان عُثْمَان باشا جريح وَيَوَد لَو اتى اليه اُحْدُ قواد الروس للاتفاق مَعَه فَقبل الْقَائِد جانتسكي ذَلِك وارسل الجنرال استروكوف فَتوجه هَذَا الجنرال إِلَى عُثْمَان باشا فِي الْبَيْت الَّذِي كَانَ دخل فِيهِ للاستراحة وَقَالَ لَهُ بعد التَّحِيَّة ان الْقَائِد الَّذِي ارسله لَا يُمكنهُ ان يمنحه أَي شَرط وَلَا ان يقبل التَّسْلِيم الا إِذا القى العثمانيون اسلحتهم لعدم وجود اوامر عِنْده من الْقَائِد الْعَام الغراندوك نيقولا اخي القيصر وَلما اجابه عُثْمَان باشا بالايجاب عَاد الجنرال استروكوف إِلَى مرسله واخبره بذلك فاتى إِلَى مقرّ عُثْمَان باشا وَبعد ان هنأه على مَا اتاه من الاعمال الَّتِي تشهد لَهُ بعلو المكانة وتخلد لَهُ اسْما فِي التَّارِيخ طلب اوامره إِلَى جيوشه بالقاء السِّلَاح فامر بذلك ثمَّ سلم سَيْفه
وَبعد ذَلِك اتى اليه بعربة فركبها قَاصِدا مَدِينَة بلفنه وَفِي اثناء سيره قابله الغراندوك نيقولا وَمَعَهُ الْبُرْنُس شارل امير رومانيا فاوقف العربة وسلما عَلَيْهِ مصافحة وَفِي صَبِيحَة الْيَوْم الثَّانِي توجه عُثْمَان باشا الْغَازِي مُتكئا على طبيبه الْخَاص إِلَى الْمحل الَّذِي نزل بِهِ القيصر اسكندر الثَّانِي بعد دُخُوله مَدِينَة بلفنه لمقابلته وعندما دخل على الامبراطور قَامَ اجلالا لَهُ وَسلم عَلَيْهِ واظهر لَهُ اعجابه من دفاعه ومحاولته الْخُرُوج من بَين صُفُوف المدافع المحيطة بِهِ ثمَّ قَالَ لَهُ اني ارد اليك سَيْفك عَلامَة على احترامي لَك واكباري لجاعتك واجيز لَك ان تحمله فِي بلادي وَعند انْصِرَافه سلم اليه الجنرال ماجور استين سَيْفه ثمَّ عَاد إِلَى منزله وَفِي 16 دسمبر انْزِلْ فِي قطار مَخْصُوص إِلَى مَدِينَة كركوف حَيْثُ امْر بالاقامة إِلَى انْتِهَاء الْحَرْب ولنذكر هُنَا اظهارا لفضل عُثْمَان باشا وجيوشه ان عدد من كَانَ مَعَه لَا يزِيد عَن خمسين الْفَا وَلم يكن مَعَهم من