الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سالسبوري وَالسير هنري ليوت عَن انكلترا وَفِي يَوْم انْعِقَاده اطلقت المدافع من جَمِيع القلاع والمراكب ايذانا باعلان القانون الاساسي الَّذِي سَاوَى بَين جَمِيع رعايا الدولة كَمَا سبق ذكره فِي بَابه وَبعد ان اجْتمع عدَّة دفعات جمعت الدولة مَجْلِسا عَاما من ذَوَات الدولة واعيانها ورؤساء الديانَات فِي 18 يناير سنة 1877 وَعرضت عَلَيْهِم اقتراحات المؤتمر فَقَالَ الْكل بِوُجُوب رفضها وَمن الْغَرِيب ان وَكيل بطريرق والارمن وحاخام الْيَهُود كَانَا من اشد المعارضين فِي قبُولهَا وَقَالا بِمَا مؤداه ان جَمِيع ابناء طوائفهم مستعدون للدفاع عَن شرف الدولة الْعلية واستقلالها استعداد الْمُسلمين لذَلِك إِذا الْكل صَارُوا عثمانيين متساويين امام القانون طبقًا للقانون الاساسي ثمَّ انفض الْجمع وَبلغ عدد الْحَاضِرين نَحْو مِائَتَيْنِ اجْمَعُوا على وجوب الْحَرْب حفظا لشرف الدولة
وَفِي يَوْم 20 من الشَّهْر الْمَذْكُور اجْتمع المؤتمر الدولي فَتلا صفوت باشا على الْحُضُور مَا قَرّرته الجمعية العمومية فِي يَوْم 18 مِنْهُ ثمَّ قَالَ لَهُم ان الدولة مستعدة لقبُول تشكيل مجَالِس انتخابية فِي البوسنه والهرسك والبلغار يكون انتخابهم لمُدَّة سنة فَقَط وَنصف اعضائها من الْمُسلمين وَالنّصف الآخر من المسيحيين وانها مصرة على رفض اللجان المختلطة كل الرَّفْض لَان ذَلِك يدل على عدم ثِقَة الدول بوعود جلالة السُّلْطَان ومصرة ايضا على عدم اعطاء الصرب والجبل الاسود شَيْئا من اراضيها
وَبعد ان تكلم بعض الاعضاء مهددا الدولة الْعلية انفض المؤتمر ثمَّ اجْتمع فِي مسَاء يَوْم 21 بِدُونِ حُضُور مندوبي الدولة الْعلية وامضوا مضبطة اعمال المؤتمر
وَفِي 23 مِنْهُ سَافر المندوبون والسفراء عَلامَة على قطع العلائق بِدُونِ ان يقابلوا جلالة السُّلْطَان وَتَأَخر الجنرال اغناتيف قَلِيلا عَن اخوانه بِسَبَب الزوابع فِي الْبَحْر الاسود واخذ كل من الطَّرفَيْنِ يستعد لِلْقِتَالِ وَالْحَرب والنزال
اخلاص المجر للدولة الْعلية
وَمِمَّا يحسن ذكره فِي هَذَا الْمقَام ان اهالي المجر مَعَ بقائهم اجيالا تابعين للسلطنة العثمانية كَمَا مر كَانُوا اشد الامم اخلاصا للدولة الْعلية بل كَانَ المجريون الامة المسيحية الوحيدة الَّتِي خالج فؤادها الاخلاص وَالْوَلَاء للامة العثمانية فِي هَذَا الْوَقْت الْحَرج
الَّذِي كَانَت فِيهِ جَمِيع الدول المسيحية متألبة عَلَيْهَا وَمَا ذَلِك الا لكَون الدولة حمت من التجأ اليها من رُؤَسَاء الثورة المجرية سنة 1848 وامتنعت عَن تسليمهم إِلَى النمسا والروسيا رغما عَن تهديداتهم وَلَوْلَا ذَلِك لاعدم جَمِيع زعماء المجر وخصوصا الوطني الشهير كسوت بِخِلَاف الروسيا فانها ساعدت النمسا بخيلها ورجلها على اقماع الثورة واذلال الامة المجرية بعد ان كَادَت تفوز بالنجاح وتتمتع بِالْحُرِّيَّةِ وتنفصل عَن النمسا تَمام الِانْفِصَال كَمَا كَانَت امنيتها
فَلَمَّا ظهر عداء الروسيا للدولة الْعلية جهارا اثناء انْعِقَاد مؤتمر الاستانة تجمهر تلامذة الْمدَارِس الْعليا فِي بودابست عَاصِمَة المجر وتباحثوا فِي الْكَيْفِيَّة الَّتِي يعربون بهَا عَن ولائهم للدولة الْعلية فاقروا على ارسال وَفد من اثْنَي عشر تلميذا مِنْهُم ليقدم سَيْفا ثمينا لعبد الْكَرِيم باشا قَائِد عُمُوم الجيوش التركية
فَأتى الْوَفْد إِلَى الاستانة فِي اوائل يناير سنة 1877 وَطلب مُقَابلَة السردار الاكرم فاذن لَهُم وَلما مثلُوا امامه فَاه احدهم بِخطْبَة مُنَاسبَة للمقام ذكر فِيهَا مَا للدولة من الايادي الْبيض على بِلَادهمْ بحمايتها زعماء حريتها وَتمنى لَهُ ولدولته الْعلية الْفَوْز والنجاح على الروس اعداء الْحُرِّيَّة ومبيديها فِي بِلَاد لهستان بولونيا والمجر ثمَّ قدم لَهُ السَّيْف فاقتبل عبد الْكَرِيم باشا السَّيْف بِكُل ارتياح وارتجل صفوت باشا نَاظر الخارجية الَّذِي كَانَ حَاضرا هَذِه الْمُقَابلَة خطابا بليغا اتى فِيهِ على سَابِقَة ارتباط الامتين العثمانية والمجرية وتاسف على اصغاء المجر للدسائس الاجنبية وانفصالها عَن الدولة الْعلية وَقَالَ فِي الختام ان انْفِصَال الايالات المسيحية عَنْهَا وَاحِدَة بعد الاخرى لم يكن الا نتيجة حسن معاملاتها للسكان المسيحيين وَعدم اجبارهم على اعتناق الدّين الاسلامي وَترك دين وعوائد اجدادهم الاولين
لما انفض مؤتمر الاستانة بعد رفض الدولة والامة لطلباته غير الحقة وانسحاب اعضائه مَعَ جَمِيع القناصل من الاستانة مَا عدا الجنرال اغناتيف الروسي كتب الْبُرْنُس غورشا كوف إِلَى سفراء الروسيا لَدَى فرنسا وانكلترا والنمسا والمانيا وايطاليا نشرة بتاريخ 31 يناير سنة 1877 يشْرَح فِيهَا رفض الدولة الْعلية لقرار المؤتمر وَيطْلب مِنْهُم الاستفسار من الدول عَمَّا يرغبون اجراءه مَعَ الدولة بعد ذَلِك
حَتَّى يكون عَمَلهم بِاتِّفَاق قبل ان يجْزم سَيّده الامبراطور بِمَا يجب عَلَيْهِ اتِّبَاعه لتحسين حَال المسيحيين ويصمم على تَنْفِيذ رغائبه بِالْقُوَّةِ وَكَذَلِكَ ارسل صفوت باشا إِلَى سفراء الدولة لَدَى الدول منشورا بتاريخ 25 مِنْهُ ابان فِيهِ مَا اتاه اعضاء المؤتمر من عقد عدَّة جلسات ابتدائية بِدُونِ حُضُور مندوبي الدولة واتفاقهم على مايجب عرضه على الْبَاب العالي قبل انْعِقَاد المؤتمر بِصفة رسمية حَتَّى كَانَ الْمجْلس لم يعْقد الا لعرض طلبات مُتَّفق عَلَيْهَا من قبل وَطلب التَّصْدِيق عَلَيْهَا لَيْسَ الا ثمَّ قَالَ فِي ختامه ان الدولة لَا يُمكنهَا وَلنْ يُمكنهَا التَّصْدِيق على شَيْء من هَذِه الاقتراحات المزرية بِشَرَفِهَا ومحطة بِقَدرِهَا امام امتها وَطلب مِنْهُم تَسْلِيم صور مِنْهُ إِلَى الدول المعينين لَدَيْهَا فاحتار وزراء الدول فِي كَيْفيَّة حسم هَذِه النَّازِلَة امام اصرار الدولة على عدم الرضوخ لطلباتهم وبينما هم يضْربُونَ اخماسا فِي اسداس ابرمت الدولة الصُّلْح مَعَ امارة الصرب على شُرُوط اهمها ان تخلي العساكر العثمانية بِلَاد الصرب فتعود إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ قبل الْحَرْب بِشَرْط ان لَا تبني الامارة قلاعا جَدِيدَة وان يرفع عَلَيْهَا الْعلم العثماني بجوار الْعلم الصربي عَلامَة على بَقَاء السِّيَادَة
اما الْجَبَل الاسود فَلم يتم مَعَه الصُّلْح لطلبه تنازل الدولة لَهُ عَن بعض الاراضي بِحَيْثُ يصير لَهُ ميناء على الْبَحْر الادرياتيكي بل اكتفت الدولة بتجديد اجل الْهُدْنَة مَعَه
وَفِي مارس سنة 1877 لما رات الروسيا عدم وُرُود جَوَاب اليها من الدول عَمَّا تنوي اجراءه مَعَ الدولة وانها ان لم تبادر باشعال نيران الْحَرْب تضيع مِنْهَا الفرصة بعد ان تجشمت المصاريف الطائلة فِي الاستعداد اليه اذ قد تمّ الصُّلْح مَعَ الصرب وَرُبمَا تصالح الْبَاب العالي قَرِيبا مَعَ الْجَبَل الاسود فتسود السكينَة وَلَا يعود لَهَا وَجه للمداخلة لَا سِيمَا وان مسيحي الدولة يُصْبِحُونَ عَمَّا قَلِيل راضين عَنْهَا بِسَبَب مساواتهم مَعَ الْمُسلمين بِمُقْتَضى القانون الاساسي ارسل الْبُرْنُس غورشاكوف إِلَى سفيره فِي لوندره فِي 11 مارس صُورَة لائحة لاطلاع الْحُكُومَة الانكليزية عَلَيْهَا حَتَّى إِذا صادقت عَلَيْهَا عرضهَا على بَاقِي سفراء الدول بلندره وَإِذا حازت لديهم قبولا يصير التوقيع عَلَيْهَا مِنْهُم وارسالها للباب العالي للْعَمَل بهَا والا فَتَصِير الدول حرَّة فِي اجراء مَا يلْزم لراحة رعايا الدولة المسيحيين فصدقت عَلَيْهَا انكلترا ابْتِدَاء ثمَّ اجْتمع جَمِيع السفراء فِي 31 مِنْهُ بنظارة الخارجبة مَا عدا سفير الدولة الْعلية ذَات الشَّأْن تَأمل وامضوا هَذِه