المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ السلطان الغازي - تاريخ الدولة العلية العثمانية

[محمد فريد بك]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فِيمَن ولي الْخلَافَة الاسلامية قبل مُلُوك الدولة الْعلية العثمانية

- ‌الْخُلَفَاء الامويون

- ‌دولة بني امية

- ‌ظُهُور دولة العباسيين

- ‌بَنو طولون بِمصْر

- ‌ظُهُور الدولة الفاطمية بتونس

- ‌دولة بني بويه

- ‌الاخشيديون بِمصْر

- ‌الفاطميون بِمصْر

- ‌السلجوقيون

- ‌الحروب الصليبية

- ‌دولة المماليك البحرية بِمصْر

- ‌دولة المماليك الجراكسة

- ‌الْخُلَفَاء العباسيون فِي بَغْدَاد

- ‌الْخُلَفَاء العباسيون فِي مصر

- ‌دولة المماليك

- ‌ المماليك البرجية

- ‌ المماليك الشراكسة

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي

- ‌ السلكان الْغَازِي

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي

- ‌وواقعة قوص اوه

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي

- ‌وَاقعَة نيكوبلي فَلَمَّا علم سجسمون ملك المجر خبر مَا حل بِبِلَاد البلغار خشِي عَليّ مَمْلَكَته اذ صَار متاخما فِي عدَّة نقط للدولة الْعلية فاستنجد باوروبا وساعده البابا واعلن

- ‌اغارة تيمورلنك على آسيا الصُّغْرَى

- ‌الفوضى بعد موت السُّلْطَان بايزيد

- ‌ انْفِرَاد السُّلْطَان

- ‌ السُّلْطَان مرادخان الثَّانِي الْغَازِي

- ‌تنازل السُّلْطَان عَن الْملك وعودته اليه

- ‌فتْنَة اسكندر بك

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي

- ‌فتح جزائر اليونان ومدينة اوترانت

- ‌حِصَار مَدِينَة رودس

- ‌ترتيباته الداخلية

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي بايزيد خَان الثَّانِي واخوه الامير جم

- ‌ابْتِدَاء العلاقات مَعَ دوَل اوروبا

- ‌عصيان اولاد السُّلْطَان عَلَيْهِ وتنازله عَن الْملك لِابْنِهِ سليم

- ‌ السُّلْطَان سليم الاول الْغَازِي الملقب ب ياوز أَي الْقَاطِع

- ‌محاربة الْعَجم وَدخُول العثمانيين مَدِينَة تبريز

- ‌فتح مصر ودخولها ضمن الممالك المحروسة

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي سُلَيْمَان خَان الاول القانوني

- ‌فتح مَدِينَة بلغراد

- ‌فتح جَزِيرَة رودس

- ‌تدَاخل الدولة الْعلية فِي بِلَاد القرم والفلاخ وفتنة الانكشارية

- ‌ابْتِدَاء المخابرات والمراسلات بَين الدولة الْعلية وَملك فرانسا

- ‌فتح بِلَاد المجر وعاصمتها

- ‌اغارة ملك النمسا على المجر وفتحه مَدِينَة بود وانتصار العثمانيين عَلَيْهِ واسترجاع المجر

- ‌ابْتِدَاء الحروب مَعَ النمسا وحصار ويانه عاصمتها اول دفْعَة

- ‌دُخُول العثمانيين مَدِينَة تبريز ثَانِي دفْعَة

- ‌فتح مَدِينَة بَغْدَاد

- ‌الامتيازات القنصلية

- ‌خير الدّين باشا البحري وَفتح اقليمي الجزائر وتونس

- ‌اتِّحَاد فرنسا والدولة الْعلية على محاربة النمسا وَبَعض وقائع اخرى

- ‌موت زابولي ملك المجر وسفر السُّلْطَان إِلَى بود لمحاربة النمساويين

- ‌سفر الدونانمة العثمانية إِلَى فرانسا وَفتح مَدِينَة نيس

- ‌ابرام الصُّلْح مَعَ النمسا

- ‌فتح عدن

- ‌دُخُول العثمانيين مَدِينَة تبريز ثَالِث دفْعَة

- ‌حِصَار جَزِيرَة مالطه

- ‌فتح مَدِينَة سكدوار

- ‌موت السُّلْطَان سُلَيْمَان

- ‌اسباب الانحطاط

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي سليم خَان الثَّانِي

- ‌فتح جَزِيرَة قبرص

- ‌وَاقعَة ليبانت البحرية

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مرادخان الثَّالِث

- ‌محاربة الْعَجم وَدخُول العثمانيين مَدِينَة تبريز رَابِع دفْعَة

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مُحَمَّد خَان الثَّالِث

- ‌السُّلْطَان الْغَازِي احْمَد خَان الاول وانتصار الشاه عَبَّاس

- ‌ السُّلْطَان مصطفى خَان الاول

- ‌ السُّلْطَان عُثْمَان خَان الثَّانِي وخلعه ثمَّ قَتله وارجاع السُّلْطَان مصطفى ثمَّ عَزله

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مُرَاد خَان الرَّابِع

- ‌محاربة الْعَجم واستيلائهم على بَغْدَاد

- ‌ثورة الانكشارية وقتلهم الصَّدْر الاعظم حَافظ باشا وثورة فَخر الدّين الدرزي

- ‌فتح اريوان واسترجاع بَغْدَاد

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي ابراهيم خَان الاول وَفتح جَزِيرَة كريد

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مُحَمَّد خَان الرَّابِع

- ‌فتح قلعة نوهزل

- ‌حِصَار مَدِينَة ويانه اخر دفْعَة

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي سُلَيْمَان خَان الثَّانِي

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مصطفى خَان الثَّانِي

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي احْمَد خَان الثَّالِث

- ‌معاهدة بسار وفتس

- ‌تَقْسِيم مملكة الْعَجم بَين العثمانيين والروس وعزل السُّلْطَان الْغَازِي احْمَد الثَّالِث

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مَحْمُود خَان الاول وَظُهُور نادرشاه

- ‌معاهدة بلغراد

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي عُثْمَان خَان الثَّانِي

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مصطفى خَان الثَّالِث

- ‌ وَصِيَّة بطرس الاكبر

- ‌عصيان عَليّ بك بِمصْر

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي عبد الحميد خَان الاول

- ‌اسْتِيلَاء الروسيا على بِلَاد القرم

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي سليم خَان الثَّالِث

- ‌معاهدتي زشتوي وياش

- ‌بعض اصلاحات داخلية

- ‌عصيان بازوند اوغلي

- ‌دُخُول الفرنساويين مصر

- ‌خُرُوج الفرنساويين من مصر

- ‌الْفِتَن الداخلية واسبابها

- ‌مُحَمَّد عَليّ باشا وَالِي مصر

- ‌عزل السُّلْطَان سليم الثَّالِث

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مصطفى خَان الرَّابِع

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مَحْمُود خَان الثَّانِي

- ‌معاهدة بخارست مَعَ الروسيا

- ‌الوهابيون ومذهبهم

- ‌محاربة مُحَمَّد عَليّ باشا للوهابيين

- ‌ابادة المماليك

- ‌عصيان عَليّ باشا وَالِي يانيه

- ‌ثورة اليونان وطلبها الِاسْتِقْلَال

- ‌سفر الْجنُود العثمانية إِلَى اليونان

- ‌تدَاخل الدول

- ‌ اتِّفَاق آق كرمان

- ‌العقد الْمُنْفَصِل الْمُخْتَص بالافلاق والبغدان

- ‌العقد الْمُنْفَصِل الْخَاص بالصرب

- ‌وَاقعَة ناورين

- ‌خُرُوج العساكر المصرية من موره

- ‌الغاء طَائِفَة الانكشارية

- ‌الْحَرْب مَعَ الروسيا ومعاهدة ادرنه

- ‌احتلال فرنسا لجزائر الغرب

- ‌مُحَمَّد عَليّ باشا وَحرب الشَّام الاولى

- ‌معاهدة كوتاهيه

- ‌معاهدة خونكار اسكله سي

- ‌حَرْب الشَّام الثَّانِيَة

- ‌وَاقعَة نَصِيبين

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي عبد الْمجِيد خَان

- ‌اخلاء المصريين لبلاد الشَّام

- ‌مَسْأَلَة لبنان ونقتلة المارونية

- ‌الاصلاحات الداخلية

- ‌فرمان الكلخانة

- ‌الاصلاحات الْخَيْرِيَّة

- ‌اتِّفَاق بلطه ليمان

- ‌اسباب حَرْب القرم

- ‌وَاقعَة سينوب البحرية

- ‌النمسا وَحرب القرم

- ‌اطلاق الانكليز المدافع على مَدِينَة جدة

- ‌حَادِثَة الشَّام واحتلال فرنسا لَهَا

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي عبد الْعَزِيز خَان

- ‌فؤاد باشا الصَّدْر الاعظم واصلاحاته

- ‌ ثورة كريد

- ‌سفر السُّلْطَان عبد الْعَزِيز لمصر

- ‌سفر السُّلْطَان لباريس

- ‌وضع مجلة الاحكام العدلية

- ‌الفرمان الشَّامِل لجَمِيع امتيازات الخديوية المصرية

- ‌علاقات تونس مَعَ الدولة الْعلية

- ‌مَسْأَلَة قنال السويس

- ‌الاحتفال بِفَتْح قنال السويس

- ‌عزل السُّلْطَان عبد الْعَزِيز

- ‌الْفَتْوَى بعزله

- ‌ السُّلْطَان مُرَاد خَان الْخَامِس

- ‌وَفَاة السُّلْطَان عبد الْعَزِيز

- ‌قتل حسن بك لكل من حُسَيْن عوني باشا وَمُحَمّد رَاشد باشا

- ‌عزل السُّلْطَان مُرَاد

- ‌صُورَة استفتاء الوزراء فِي وجوب خلع السُّلْطَان مُرَاد خَان الْخَامِس

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي عبد الحميد خَان الثَّانِي

- ‌البرلمان العثماني الاول

- ‌حَرْب الروسيا وَبَيَان اسباب لائحة الكونت اندراسي

- ‌حَادِثَة سلانيك ولائحة برلين

- ‌ثورة البلغار وَجَوَاب اللورد دربي

- ‌حَرْب الصرب والجبل الاسود

- ‌مؤتمر الاستانة

- ‌اخلاص المجر للدولة الْعلية

- ‌لائحة لوندرة

- ‌اعلان الْحَرْب

- ‌وَاقعَة بلفنه

- ‌الاعمال الحربية فِي الاناطول

- ‌سُقُوط قارص

- ‌المخابرات الابتدائية والهدنة

- ‌حل مجْلِس النواب

- ‌احتلال انكلترا لجزيرة قبرص

- ‌الدستور العثماني

- ‌القانون الاساسي وَالسُّلْطَان عبد الحميد

- ‌اجْتِمَاع مجْلِس المبعوثين الاول

- ‌الْحَادِثَة الارتجاعية وخلع عبد الحميد

- ‌ خَليفَة الْمُسلمين وسلطان العثمانيين مُحَمَّد رشاد خَان الْخَامِس

- ‌الاصلاحات الداخلية

- ‌الاصلاحات الْمَالِيَّة

- ‌الاصلاحات الحربية

الفصل: ‌ السلطان الغازي

7

-‌

‌ السُّلْطَان الْغَازِي

مُحَمَّد الثَّانِي الفاتح وَفتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة

ولد هَذَا السُّلْطَان فِي 26 رَجَب سنة 833 20 ابريل سنة 1429 وَهُوَ سَابِع سلاطين هَذِه السلالة الملوكية وَلما تولى الْملك بعد ابيه لم يكن بآسيا الصُّغْرَى خَارِجا عَن سُلْطَانه الا جُزْء من بِلَاد القرمان ومدينة سينوب ومملكة طرابزون الرومية وَصَارَت مملكة الرّوم الشرقية قَاصِرَة على مَدِينَة الْقُسْطَنْطِينِيَّة وضواحيها وَكَانَ اقليم موره مجزأ بَين البنادقة وعدة امارات صَغِيرَة يحكمها بعض اعيان الرّوم اَوْ الافرنج الَّذين تخلفوا عَن اخوانهم بعد انْتِهَاء الحروب الصليبية وبلاد الارنؤد

ص: 160

وايبيروس فِي حمى اسكندر بك السالف الذّكر وبلاد البشناق البوسنه مُسْتَقلَّة والصرب تَابِعَة للدولة الْعلية تابعية سيادته وَمَا بَقِي من بِحَيْثُ جَزِيرَة البلقان شبه جَزِيرَة البلقان دَاخِلا تَحت سلطة الدولة الْعلية

61

- وَبعد ان امْر بِنَقْل جثة وَالِده إِلَى مَدِينَة بورصه لدفنها بهَا امْر بقتل اخ لَهُ رَضِيع اسْمه احْمَد وبارجاع الاميرة مارا الصربية إِلَى والدها ثمَّ اخذ يستعد لتتميم فتح مَا بَقِي من بِلَاد البلقان ومدينة الْقُسْطَنْطِينِيَّة حَتَّى تكون جَمِيع املاكه مُتَّصِلَة لَا يتخللها عَدو مهاجم اَوْ صديق مُنَافِق لكنه قبل التَّعَرُّض لفتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة اراد ان يحصن بوغاز البوسفور حَتَّى لَا ياتي لَهَا مدد من مملكة طرابزون وَذَلِكَ بَان يُقيم قلعة على شاطيء البوغاز من جِهَة اوروبا تكون مُقَابلَة للحصن الَّذِي انشأه السُّلْطَان بايزيد ييلدرم ببر آسيا وَلما بلغ ملك الرّوم هَذَا الْخَبَر ارسل إِلَى السُّلْطَان سفيرا يعرض عَلَيْهِ دفع الْجِزْيَة الَّتِي يقررها فرفض طلبه وسعى فِي ايجاد سَبَب لفتح بَاب الْحَرْب وَلم يلبث ان وجد هَذَا السَّبَب بتعدي الْجنُود العثمانية على بعض قرى الرّوم ودفاع هَؤُلَاءِ عَن انفسهم وَقتل الْبَعْض من الْفَرِيقَيْنِ

فحاصر السُّلْطَان الْمَدِينَة فِي اوائل ابريل سنة 1453 من جِهَة الْبر بِجَيْش يبلغ الْمِائَتَيْنِ وَخمسين الف جندي وَمن جِهَة الْبَحْر بعمارة مؤلفة من مائَة وَثَمَانِينَ سفينة واقام حول الْمَدِينَة ارْبَعْ عشرَة بطارية طوبجية مدفعية وضع بهَا مدافع جسيمة صنعها صانع مجْرى شهير اسْمه اوربان كَانَت تقذف كرات من الْحجر زنة كل وَاحِدَة مِنْهَا اثْنَا عشر قِنْطَارًا إِلَى مَسَافَة ميل وَفِي اثناء الْحصار اكتشف قبر ابي

ص: 161

ايوب الانصاري الَّذِي اسْتشْهد حِين حِصَار الْقُسْطَنْطِينِيَّة فِي سنة 52 هـ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة بن ابي سُفْيَان الاموي وَبعد الْفَتْح بنى لَهُ مَسْجِد جَامع وَجَرت الْعَادة بعد ذَلِك ان كل سُلْطَان يتَوَلَّى يتقلد سيف عُثْمَان الْغَازِي الاول بِهَذَا الْمَسْجِد وَهَذَا الاحتفال يعد بِمَثَابَة التتويج عِنْد مُلُوك الافرنج وَلم تزل هَذِه الْعَادة متبعة حَتَّى الان وَلما شَاهد قسطنطين آخر مُلُوك الرّوم هَذِه الاستعدادات استنجد باوروبا فلبى طلبه اهالي جنوه وارسلوا لَهُ عمَارَة بحريّة تَحت امرة جوستنياني فاتى بمراكبه واراد

ص: 162

الدُّخُول إِلَى ميناء الْقُسْطَنْطِينِيَّة فعارضته السفن العثمانية وانتشرت بَينهمَا حَرْب هائلة فِي يَوْم 11 ربيع الثَّانِي سنة 857 21 ابريل سنة 1453 انْتَهَت بفوز جوستنياني ودخوله الميناء بعد ان رفع المحصورون السلَاسِل الحديدية الَّتِي وضعت لمنع المراكب العثمانية من الْوُصُول اليها ثمَّ اعيدت بعد مروره كَمَا كَانَت وَبعدهَا اخذ السُّلْطَان يفكر فِي طَريقَة لدُخُول مراكبه إِلَى الميناء لاتمام الْحصار برا وبحرا فخطر بِبَالِهِ فكر غَرِيب فِي بَابه وَهُوَ ان بِنَقْل المراكب على الْبر ليجتازوا السلَاسِل الْمَوْضُوعَة لمَنعه وَتمّ هَذَا الامر المستغرب بَان مهد طَرِيقا على الْبر اخْتلف فِي طوله والمرجح انه فرسخان أَي سِتَّة اميال ورصت فَوْقه الواح من الْخشب صبَّتْ عَلَيْهَا كمية من الزَّيْت والدهن لسُهُولَة زلق المراكب عَلَيْهَا وبهذه الْكَيْفِيَّة امكن نقل نَحْو السّبْعين سفينة فِي لَيْلَة وَاحِدَة حَتَّى إِذا اصبح النَّهَار ونظرها المحصورون ايقنوا ان لَا مناص من نصر العثمانيين عَلَيْهِم لَكِن لم تخمد عزائمهم بل ازدادوا اقداما وصمموا على الدفاع عَن اوطانهم حَتَّى الْمَمَات وَفِي يَوْم 15 جماد اول سنة 857 24 مايو سنة 1453 ارسل السُّلْطَان مُحَمَّد إِلَى قسطنطين يُخبرهُ انه لَو سلم الْبَلَد

ص: 163

اليه طَوْعًا يتعهد لَهُ بِعَدَمِ مس حريَّة الاهالي اَوْ املاكهم وان يُعْطِيهِ جَزِيرَة مورة فَلم يقبل قسطنطين ذَلِك بل آثر الْمَوْت على تَسْلِيم الْمَدِينَة فَعِنْدَ ذَلِك نبه السُّلْطَان على جيوشه بالاستعداد للهجوم فِي يَوْم 20 جماد اول سنة 857 29 مايو سنة 1453 ووعد الجيوش بمكافأتهم عِنْد تَمام النَّصْر وباقطاعهم اراضي كَثِيرَة وَفِي اللَّيْلَة السَّابِقَة لليوم المحدد اشعلت الْجنُود العثمانية الانوار امام خيامها للاحتفال بالنصر الْمُحَقق لديهم وظلوا طول ليلهم يهللون وَيُكَبِّرُونَ حَتَّى إِذا لَاحَ الْفجْر صدرت اليهم الاوامر بالهجوم فهجم مائَة وَخَمْسُونَ الف جندي وتسلقوا الاسوار حَتَّى دخلُوا الْمَدِينَة من كل فج وَاعْمَلُوا السَّيْف فِيمَن عارضهم ودخلوا كَنِيسَة القديسة صوفيا حَيْثُ كَانَ يُصَلِّي فِيهَا البطريق وَحَوله عدد عَظِيم من الاهالي ويعتقد الرّوم حَتَّى الْآن ان حَائِط الْكَنِيسَة انْشَقَّ وَدخل فِيهِ البطرق والصور المقدسة وَفِي اعْتِقَادهم ان الْحَائِط ينشق ثَانِيَة يَوْم يخرج الاتراك من الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَيخرج البطريق مِنْهَا وَيتم صلَاته الَّتِي قطعهَا عِنْد دُخُول العثمانيين عَلَيْهِ عِنْد الْفَتْح وَقد ارخ بَعضهم هَذَا الْفَتْح الْمُبين بَلْدَة طيبَة سنة 857 وَسميت الْمَدِينَة اسلامبول أَي تخت الاسلام اَوْ مَدِينَة الاسلام

اما قسطنطين فقاتل حَتَّى مَاتَ فِي الدفاع عَن وَطنه وَبعد فتحهَا جعلت عَاصِمَة للدولة وَلنْ تزَال كَذَلِك ان شَاءَ الله ولنذكر هُنَا ان الْمُسلمين حاصروا الْقُسْطَنْطِينِيَّة احدى عشرَة مرّة قبل هَذِه الْمرة الاخيرة مِنْهَا سَبْعَة فِي القرنين الاولين للاسلام فحاصرها مُعَاوِيَة فِي خلَافَة سيدنَا عَليّ سنة 34 هـ 654 م وحاصرها يزِيد بن

ص: 164

167 -

مُعَاوِيَة سنة 47 هـ 667 م فِي خلَافَة سيدنَا عَليّ ايضا وحاصرها سُفْيَان بن اوس فِي خلَافَة مُعَاوِيَة سنة 52 هـ 672 م وَفِي سنة 97 هـ 715 م حاصرها مسلمة فِي زمن الْخَلِيفَة عمر بن عبد الْعَزِيز الاموي وحوصرت ايضا فِي خلَافَة هِشَام سنة 121 هـ 739 م وَفِي الْمرة السَّابِعَة حاصرها اُحْدُ قواد الْخَلِيفَة هرون الرشيد سنة 182 هـ 798 م

هَذَا ثمَّ دخل السُّلْطَان الْمَدِينَة عِنْد الظّهْر فَوجدَ الْجنُود مشتغلة بالسلب والنهب وَغَيره فاصدر اوامره بِمَنْع كل اعتداء فَسَاد الامن حَالا ثمَّ زار كَنِيسَة ايا صوفيا وامر بَان يُؤذن فِيهَا بِالصَّلَاةِ اعلانا بجعلها مَسْجِدا جَامعا للْمُسلمين وَبعد تَمام الْفَتْح على هَذِه الصُّورَة اعلن فِي كَافَّة الْجِهَات بانه لَا يُعَارض فِي اقامة شَعَائِر ديانَة المسيحيين بل انه يضمن لَهُم حريَّة دينهم وَحفظ املاكهم فَرجع من هَاجر من المسيحيين واعطاهم نصف الْكَنَائِس وَجعل النّصْف الآخر جَوَامِع لمسلمين ثمَّ جمع ائمة دينهم لينتخبوا بطريقا لَهُم فَاخْتَارُوا جورج سكولاريوس وَاعْتمد السُّلْطَان هَذَا الانتخاب وَجعله رَئِيسا لطائفة الاروام واحتفل بتثبيته بِنَفس الابهة والنظام الَّذِي كَانَ يعْمل للبطارقة فِي ايام مُلُوك الرّوم المسيحيين واعطاه حرسا من عَسَاكِر الانكشارية ومنحه حق الحكم فِي القضايا المدنية والجنائية بكافة انواعها المختصة بالاروام وَعين مَعَه فِي ذَلِك مَجْلِسا مُشكلا من اكبر موظفي الْكَنِيسَة واعطى هَذَا الْحق فِي الولايات للمطارنة والقسوس وَفِي مُقَابلَة هَذِه الْمنح فرض عَلَيْهِم دفع الْخراج مستثنيا من ذَلِك ائمة الدّين فَقَط

وَبعد اتمام هَذِه الترتيبات واعادة مَا هدم من اسوار الْمَدِينَة وتحصينها سَافر بجيوشه لفتح بِلَاد جَدِيدَة فقصد بِلَاد موره لَكِن لم ينْتَظر اميراها دمتريوس وتوماس اخوا قسطنطين قدومه بل ارسلا اليه يخبرانه بقبولهما دفع جِزْيَة سنوية قدرهَا اثْنَا عشر الف دوكا فَقبل ذَلِك السُّلْطَان وَغير وجهته قَاصِدا بِلَاد الصرب فاتى هونياد الشجاع المجري ورد عَنْهُم مُقَدّمَة الجيوش العثمانية لَكِن لم يرغب الصرب فِي مساعدة المجر لَهُم لاخْتِلَاف مَذْهَبهم حَيْثُ كَانَ المجر كاثوليكيين تابعين لبابا

ص: 165

رومة والصرب ارثوذكسيين لَا يذعنون لسلطة البابا بل كَانُوا يفضلون تسلط الْمُسلمين عَلَيْهِم لما راوه من عدم تعرضهم للدّين مُطلقًا وَلذَلِك ابرم امير الصرب الصُّلْح مَعَ السُّلْطَان مُحَمَّد الثَّانِي على ان يدْفع لَهُ سنويا ثَمَانِينَ الف دوكا وَذَلِكَ فِي سنة 1454 وَفِي السّنة التالية اعاد السُّلْطَان عَلَيْهَا الكرة بِجَيْش مؤلف من خمسين الف مقَاتل وثلاثمائة مدفع وَمر بجيوشه من جنوب بِلَاد الصرب إِلَى شمالها بِدُونِ ان يلقى اقل مُعَارضَة حَتَّى وصل مَدِينَة بلغراد الْوَاقِعَة على نهر الدانوب وحاصرها من جِهَة الْبر وَالنّهر وَكَانَ هونياد المجري دخل الْمَدِينَة قبل اتمام الْحصار عَلَيْهَا ودافع عَنْهَا دفاع الابطال حَتَّى يئس السُّلْطَان من فتحهَا وَرفع عَنْهَا الْحصار سنة 1455 لَكِن وان لم يتَمَكَّن العثمانيون من فتح عَاصِمَة الصرب الا انهم ربحوا امرا عَظِيما وَهُوَ اصابة هونياد بجراح بليغة مَاتَ بِسَبَبِهَا بعد رفع الْحصار عَن الْمَدِينَة بِنَحْوِ عشْرين يَوْمًا واراح الْمُسلمين مِنْهُ وَلما علم السُّلْطَان بِمَوْتِهِ ارسل الصَّدْر الاعظم مَحْمُود باشا لاتمام فتح بِلَاد الصرب فاتم فتحهَا من سنة 1458 إِلَى سنة 1460 وَبِذَلِك فقدت الصرب استقلالها نهائيا بعد ان اعيت الدولة الْعلية اكثر من مرّة

وَفِي هَذِه الاثناء تمّ فتح بِلَاد موره فَفِي سنة 1458 فتح السُّلْطَان مَدِينَة كورنته وَمَا جاورها من بِلَاد اليونان حَتَّى جرد توماس باليولوج اخا قسطنطين من جَمِيع بِلَاده وَلم يتْرك اقليم موره لاخيه دمتريوس الا بِشَرْط دفع الْجِزْيَة

وبمجرد مَا رَجَعَ السُّلْطَان بجيوشه ثار توماس وَحَارب الاتراك واخاه مَعًا فاستنجد دمتريوس بالسلطان فَرجع بِجَيْش عَرَمْرَم وَلم يرجع حَتَّى تمّ فتح اقليم موره سنة 1460 وهرب توماس إِلَى ايطاليا وَنفي دمتريوس فِي احدى جزائر الارخبيل

وَفِي ذَلِك الْوَقْت فتحت جزائر تاسوس والبروس وَغَيرهَا من جزائر بَحر الرّوم

ص: 168

وَبعد عودة السُّلْطَان من بِلَاد اليونان ابرم صلحا مؤقتا مَعَ اسكندر بك وَترك لَهُ اقليمي البانيا وايبيروس ثمَّ حول انظاره إِلَى آسيا الصُّغْرَى ليفتح مَا بَقِي مِنْهَا فَسَار بجيشه بِدُونِ ان يعلم احدا بوجهته فِي اوائل سنة 1461 وهاجم اولا ميناء اماستريس وَكَانَت مَرْكَز تِجَارَة اهالي جينوه النازلين بِهَدِّهِ الاصقاع وَلكَون سكانها تجارًا يُحَافِظُونَ على اموالهم وَلَا يهمهم دين اَوْ جنسية متبوعهم مَا دَامَ غير متعرض لاموالهم وَلَا ارواحهم فتحُوا ابواب الْمَدِينَة ودخلها العثمانيون بِغَيْر حَرْب ثمَّ ارسل إِلَى اسفنديار امير مَدِينَة سينوب يطْلب مِنْهُ تَسْلِيم بَلَده والخضوع لَهُ ولاجل تعزيز هَذَا الطّلب ارسل اُحْدُ قواده وَمَعَهُ عدد عَظِيم من المراكب لحصر الميناء فسلمها اليه الامير واقطعه الْملك اراضي وَاسِعَة باقليم بيثينيا مُكَافَأَة لَهُ على خضوعه ثمَّ قصد بِنَفسِهِ مَدِينَة طرابزون ودخلها بِدُونِ مقاومة شَدِيدَة وَقبض على الْملك واولاده وَزَوجته وارسلهم إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّة

وَلما عَاد اليها جهز جَيْشًا لمحاربة امير الفلاخ الْمَدْعُو فلاددره قَول أَي الشَّيْطَان لمعاقبته على مَا ارْتَكَبهُ من الفظائع مَعَ اهالي بِلَاده والتعدي على تجار العثمانيين النازلين بهَا فَلَمَّا قرب مِنْهَا ارسل اليه هَذَا الامير وَفْدًا يعرض على السُّلْطَان دفع جِزْيَة سنوية قدرهَا عشرَة آلَاف دوكا بِشَرْط ان يصادق على جَمِيع الشُّرُوط الْوَارِدَة بالمعاهدة الَّتِي ابرمت فِي سنة 1393 بَين امير الفلاخ اذ ذَاك وَالسُّلْطَان بايزيد فَقبل السُّلْطَان مُحَمَّد الثَّانِي هَذَا الاقتراح وَعَاد بجيوشه وَلم يقْصد امير الفلاخ بِهَذِهِ المعاهدة الا التَّمَكُّن من الِاتِّحَاد مَعَ ملك المجر ومحاربة العثمانيين فَلَمَّا علم السُّلْطَان باتحادهما ارسل اليه مندوبين يسألانه عَن الْحَقِيقَة فَقبض عَلَيْهِمَا وقتلهما بوضعهما على عَمُود محدد من الْخشب خازوق واغار بعْدهَا على بِلَاد بلغاريا التابعة للدولة الْعلية وعثا فِيهَا الْفساد وَرجع بِخَمْسَة وَعشْرين الف اسير فارسل اليه

ص: 169

السُّلْطَان يَدعُوهُ إِلَى الطَّاعَة واخلاء سَبِيل الاسرى فَلَمَّا مثل الرُّسُل امامه امرهم بِرَفْع عمائمهم لتعظيمه وَعند ابائهم طلبه لمُخَالفَته لعوائدهم امْر هَذَا الظَّالِم بَان تسمر عمائمهم على رُؤْسهمْ بمسامير من حَدِيد

فَلَمَّا وصلت هَذِه الاخبار إِلَى السُّلْطَان مُحَمَّد استشاط غَضبا وَسَار على الْفَوْر بِمِائَة وَخمسين الف مقَاتل لمحاربة هَذَا الشقي الظلوم فوصل فِي اقْربْ وَقت إِلَى مَدِينَة بخارست عَاصِمَة الامير بعد ان هَزَمه وَفرق جيوشه لكنه لم يتَمَكَّن من الْقَبْض عَلَيْهِ لمجازاته على مَا اقترفه من الْمَظَالِم والمآثم لهروبه والتجائه إِلَى ملك المجر فَنَادَى السُّلْطَان بعزله وَنصب مَكَانَهُ اخاه راوول لِثِقَتِهِ بِهِ بِمَا انه تربى فِي حضَانَة السُّلْطَان مند نعومة اظفاره وبذا ضمت بِلَاد الفلاخ إِلَى الدولة الْعلية وَيُقَال ان عِنْد وُصُول السُّلْطَان مُحَمَّد إِلَى ضواحي بخارست وجد حول الْمَدِينَة جثث الاسرى الَّذين اتى بهم امير الفلاخ من بِلَاد بلغاريا وقتلهم عَن آخِرهم بِمَا فيهم الاطفال وَالنِّسَاء وَكَانَ عَددهمْ جَمِيعًا عشْرين الْفَا

وَفِي سنة 1462 حَارب السُّلْطَان بِلَاد بوسنة لِامْتِنَاع اميرها عَن دفع الْخراج واسره بعد محاربة عنيفة هُوَ وَولده وامر بِقَتْلِهِمَا فدانت لَهُ جَمِيع بِلَاد البشناق اهالي بوسنة وَفِي سنة 1464 اراد متياس كرفن ملك المجر استخلاص بوسنة من العثمانيين فَهزمَ بعد ان قتل مُعظم جَيْشه وَكَانَت عَاقِبَة تدخله ان جعلت بوسنة ولَايَة كباقي ولايات الدولة وسلبت مَا كَانَ منح لَهَا من الامتيازات وَدخل فِي جَيش الانكشارية ثَلَاثُونَ الْفَا من شبانها واسلم اغلب اشراف اهاليها

هَذَا وَكَانَت ابتدأت حركات الْعدوان فِي سنة 1463 بَين العثمانيين والبنادقة

ص: 170

بِسَبَب هروب اُحْدُ الرَّقِيق إِلَى كورون التابعة لَهُم وامتناعهم عَن تَسْلِيمه بِحجَّة انه اعتنق الدّين المسيحي فَاتخذ العثمانيون ذَلِك سَببا للاستيلاء على مَدِينَة ارجوس وَغَيرهَا فاستنجد البنادقة بحكومتهم وَهِي ارسلت اليهم عمَارَة بحريّة انزلت مَا بهَا من الجيوش إِلَى بِلَاد موره فثار سكانها وقاتلوا الْجنُود العثمانية الْمُحَافظَة على بِلَادهمْ واقاموا مَا كَانَ تهدم من سور برزخ كورنته لمنع وُصُول المدد من الدولة الْعلية وحاصروا مَدِينَة كورنته نَفسهَا واستخلصوا مَدِينَة ارجوس من الاتراك لَكِن لما علمُوا بقدوم السُّلْطَان مَعَ جَيش يبلغ عدده ثَمَانِينَ الف مقَاتل تركُوا البرزخ رَاجِعين على اعقابهم فَدخل العثمانيون بِلَاد موره بِدُونِ كَبِير مُعَارضَة واسترجعوا كل مَا اخذوه وَارْجِعُوا السكينَة إِلَى الْبِلَاد وَفِي السّنة التالية اعاد البنادقة الكرة على بِلَاد موره بِدُونِ فَائِدَة

وَبعد ذَلِك اخذ البابا بيوس الثَّانِي يسْعَى فِي تحريض الامم المسيحية على محاربة

ص: 171

الْمُسلمين حَربًا دينية لَكِن عاجله الْمنون قبل اتمام مشروعه الا ان تحريضاته هَاجَتْ اسكندر بك الالباني فحارب الْجنُود العثمانية وَحصل بَينهمَا عدَّة وقائع اهرق فِيهَا كثير من الدِّمَاء وَكَانَت الْحَرْب فِيهَا سجالا وَفِي سنة 1467 توفّي اسكندر بك بعد ان حَارب الدولة الْعلية خمْسا وَعشْرين سنة بِدُونِ ان تقوى على قمعه فَكَانَ من اشد خصوم الدولة وَالِد اعدائها

ثمَّ بعد هدنة استمرت سنة وَاحِدَة عَادَتْ الحروب بَين العثمانيين والبنادقة وَكَانَت نتيجتها ان افْتتح العثمانيون جَزِيرَة نجر بونت وَتسَمى فِي كتب التّرْك اجريبوس مَرْكَز مستعمرات البنادقة فِي جزائر الرّوم وَتمّ فتحهَا فِي سنة 1470 وَبعد ان سَاد الامن فِي انحاء اوروبا حول السُّلْطَان انظاره إِلَى بِلَاد القرمان بآسيا الصُّغْرَى وَوجد سَبِيلا سهلا للتدخل وَهُوَ ان اميرها الْمَدْعُو ابراهيم اوصى بعد مَوته بالحكم إِلَى اُحْدُ اولاده واسْمه الامير اسحق وَلكَون امهِ ام ولد نازعه الحكم اخوته من ابيه الَّذين من الزَّوْجَات فَتدخل السُّلْطَان مُحَمَّد الثَّانِي وَحَارب اسحق وهزمه وَولى مَحَله اكبر اخوته وَعَاد إِلَى اوروبا لمحاربة اسكندر بك كَمَا مر فانتهز الامير اسحق غيابه وعاود الكرة على قونية لاسترداد مَا اوصى بِهِ اليه ابوه من الْبِلَاد فَرجع اليه السُّلْطَان وقهره وليستريح باله من هَذِه الْجِهَة ايضا ضم امارة القرمان إِلَى بِلَاده وَغَضب على وزيره مَحْمُود باشا الَّذِي عَارضه فِي هَذَا الامر

وَبعد ذَلِك بِقَلِيل زحف اوزون حسن اُحْدُ خلفاء تيمورلنك الَّذِي كَانَ سُلْطَانه ممتدا على كَافَّة الْبِلَاد والاقاليم الْوَاقِعَة بَين نهري آموداريا والفرات

ص: 172

وَفتح مَدِينَة توقات عنْوَة وَنهب اهلها فاخذ السُّلْطَان فِي تجهيز جَيش جرار وارسل لاولاده دَاوُد باشا بكلر بك الاناطول ومصطفى باشا حَاكم القرمان يامرهما بِالْمَسِيرِ لمحاربة الْعَدو فسارا بجيوشهما اليه وقابلا جَيش اوزون حسن على حُدُود اقليم الحميد وهزماه شَرّ هزيمَة سنة 1471 وَبعدهَا بِقَلِيل سَار اليه السُّلْطَان نَفسه وَمَعَهُ مائَة الف جندي واجهز على مَا بَقِي مَعَه من الْجنُود بِالْقربِ من مَدِينَة اذربيجان الَّتِي لَا تبعد كثيرا عَن نهر الْفُرَات وَلم يعد اوزون حسن لمحاربة الدولة بعد ذَلِك وَفِي هَذِه الاثناء كَانَت الْحَرْب متقطعة بَين العثمانيين والبنادقة الَّذين استعانو ببابا رومه وامير نابولي وَمَعَ كل فَكَانَ النَّصْر دَائِما للعثمانيين وَلم يتَمَكَّن البنادقة من استرجاع شَيْء مِمَّا اخذ مِنْهُم وَفِي سنة 1475 اراد السُّلْطَان فتح بِلَاد البغدان فارسل اليها جَيْشًا بعد ان عرض دفع الْجِزْيَة على اميرها الْمُسَمّى اسطفن الرَّابِع وَلم يقبل

وَبعد محاربة عنيفة قتل فِيهَا كثير من الجيشين المتحاربين عَادَتْ الجيوش العثمانيين بِدُونِ فتح شَيْء من هَذَا الاقليم وَلما بلغ خبر هَذَا الانهزام اذان السُّلْطَان عزم على فتح بِلَاد القرم حَتَّى يَسْتَعِين بفرسانها الْمَشْهُورين فِي الْقِتَال على محاربة البغدان وَكَانَ لجمهورية جنوا مستعمرة فِي بِحَيْثُ شبه جَزِيرَة القرم فِي مَدِينَة كافا فارسل السُّلْطَان اليها عمَارَة بحريّة ففتحتها بعد حِصَار سِتَّة ايام وَبعدهَا سَقَطت جَمِيع الاماكن التابعة لجمهورية جنوا وَبِذَلِك صَارَت جَمِيع شواطيء القرم تَابِعَة للدولة العثمانية وَلم يقاومها التتار النازلون بهَا وَلذَلِك اكْتفى السُّلْطَان بِضَرْب الْجِزْيَة عَلَيْهَا

ص: 173

وَبعد ذَلِك فتحت الْعِمَارَة العثمانية ميناء آق كرمان وَمِنْهَا اقلعت السفن الحربية إِلَى مصاب نهر الدانوب لاعادة الكرة على بِلَاد البغدان بَيْنَمَا كَانَ السُّلْطَان يجتاز نهر الدانوب من جِهَة الْبر بِجَيْش عَظِيم فتقهقر امامه جَيش البغدان لعدم امكانه الْمُحَاربَة فِي السهول وَتَبعهُ الْجَيْش العثماني حَتَّى اذا اوغل خَلفه فِي غابة كثيفة يجهل مفاوزها انقض عَلَيْهِ الْجَيْش البغداني وهزمه 1476 وَبِذَلِك اشْتهر اسطفن الرَّابِع امير البغدان بمقاومة العثمانيين كَمَا اشْتهر هونياد المجري واسكندر بك الالباني من قبل وَسَماهُ البابا شُجَاع النَّصْرَانِيَّة وحامي الدّيانَة المسيحية

وَفِي سنة 1477 اغار السُّلْطَان على بِلَاد البنادقة وَوصل إِلَى اقليم الفريول بعد ان مر باقليمي كرواسيا ودلماسيا وهما تابعان الان لمملكة النمسا والمجر فخاف البنادقة على مدينتهم الاصلية وابرموا الصُّلْح مَعَه تاركين لَهُ مَدِينَة كرويا الَّتِي كَانَت عَاصِمَة اسكندر بك الشهير فاحتلها السُّلْطَان ثمَّ طلب مِنْهُم مَدِينَة

ص: 174