الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دستورا للْعَمَل إِلَى ماشاء الله وباشروا باجراء احكامه مُنْذُ الْيَوْم متخذين اسرع التدابير لتنظيم مَا تقرر فِيهِ وتسطر من النظامات والقوانين كَمَا هُوَ مطلوبنا الْقطعِي ونسأل جناب الْحق المتعال ان يَجْعَل مساعي الْمُجْتَهدين فِي سَعَادَة حَال ملكنا وملتنا مظْهرا للتوفيق فِي كل الاعمال
تحريرا فِي 7 ذِي الْحجَّة سنة 1293 24 دسمبر 1876
لَكِن لم ير احْمَد مدحت باشا هَذِه الْهَيْئَة الشوروية الَّتِي بذل جهده لمنحها الْبِلَاد فانه عزل من منصب الصدارة فِي 21 محرم سنة 1294 5 فبراير سنة 1877 اعني بعد تَعْيِينه بَاقِل من شَهْرَيْن وَنفي خَارج الممالك المحروسة بِنَاء على مَا القي فِي حَقه من الدسائس لَدَى جلالة السُّلْطَان الاعظم من انه يود ارجاع السُّلْطَان مُرَاد إِلَى عرش الْخلَافَة الْعُظْمَى بِدَعْوَى ان عَزله كَانَ على غير وَجه شَرْعِي وانه حَافظ لقواه الْعَقْلِيَّة لَا يمنعهُ مَانع عَن الْقيام بمهام الدولة وعزى اليه ايضا انه يسْعَى فِي فصل السلطة الدِّينِيَّة عَن السلطة الدُّنْيَوِيَّة أَي الْخلَافَة الاسلامية عَن السلطنة العثمانية بِحَيْثُ لَا يكون السُّلْطَان خَليفَة جَمِيع الْمُسلمين فِي المعمورة بل يكون سُلْطَانا على الامة العثمانية لَيْسَ الا وَبني نَفْيه بِنَاء على الْمَادَّة 113 من القانون الاساسي الَّتِي جَاءَ فِي آخرهَا بعد التَّكَلُّم على اعلان الادارة الْعُرْفِيَّة أَي تَعْطِيل القوانين والنظامات الملكية مؤقتا فِي كل جِهَة ظَهرت فِيهَا امارات الاختلال والعبث بالامن الْعَام مَا نَصه وَمن ثَبت عَلَيْهِم بتحقيقات ادارة الضابطة الموثوقة انهم اخلوا بامنية الْحُكُومَة يكون اخراجهم من الممالك المحروسة وتبعيدهم عَنْهَا منحصرا بيد اقتدار الحضرة السُّلْطَانِيَّة ثمَّ وجهت الصدارة إِلَى مُحَمَّد ادهم باشا مَعَ تَغْيِير وتبديل فِي اغلب الوكلاء وارباب الْوَظَائِف المهمة
البرلمان العثماني الاول
وَفِي 4 ربيع الاول سنة 1294 19 مارس سنة 1877 فتح البرلمان العثماني الاول فِي سراي بشكطاش وَعند افتتاحه تليت خطْبَة انيقة عَن لِسَان جلالة السُّلْطَان وبحضوره شرحت فِيهَا جَمِيع الاسباب الَّتِي ادت إِلَى انحطاط الدولة وتأخرها سلميا وسياسيا وَبعد تشخيص الدَّاء بَين فِيهَا الدَّوَاء وَمَا يلْزم للملكة من الاصلاحات
وَنشر التَّعْلِيم والمساواة بَين الْجَمِيع وَالْعدْل فِي الاحكام ولاهميتها فِي بَابهَا وَجَمعهَا كل مَا يُمكن ان يُقَال فِي مثل هَذَا الْحَال اتينا على درجها هُنَا وَقد صدق من قَالَ ان كَلَام الْمُلُوك مُلُوك الْكَلَام وَهَا هِيَ
يَا ايها الاعيان والمبعوثان
انني ابث الممنونية بافتتاح الْمجْلس العمومي الَّذِي اجْتمع الْمرة الاولى فِي دولتنا الْعلية وجميعكم تعلمُونَ ان ترقي شَوْكَة واقتدار الدول والملل انما هُوَ قَائِم بِوَاسِطَة الْعَدَالَة حَتَّى ان مَا انْتَشَر فِي الْعَالم من قُوَّة دولتنا الْعلية وقدرتها فِي اوائل ظُهُورهَا كَانَ من مُرَاعَاة الْعدْل فِي امْر الْحُكُومَة ومراعاة حق وَمَنْفَعَة كل صنف من صنوف التبعة وَقد عرف النَّاس اجْمَعْ تِلْكَ المساعدات الَّتِي ابداها اُحْدُ اجدادنا الْعِظَام المرحوم السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الفاتح فِي مطلب حريَّة الدّين وَالْمذهب وكافة اسلافنا الْعِظَام ايضا قد سلكوا على هَذَا الاثر فَلم يَقع فِي هَذَا الْمطلب خلل بِوَقْت من الاوقات وَغير مُنكر ان الْمُحَافظَة مُنْذُ سِتّمائَة عَام على السّنة صنوف تبعتنا ومليتهم ومذاهبهم كَانَت النتيجة الطبيعية لهَذِهِ الْقَضِيَّة العادلة وَالْحَاصِل بَيْنَمَا كَانَت ثروة الدولة وَالْملَّة وسعادتهما صاعدتين فِي دَرَجَة الترقي فِي تِلْكَ الاعصار والازمان بِظِل حماية الْعَدَالَة ووقاية القوانين اخذنا بالانحطاط تدريجيا بِسَبَب قلَّة الانقياد للشَّرْع الشريف والقوانين الْمَوْضُوعَة وتبدلت تِلْكَ الْقُوَّة بالضعف وقصارى الامر ان المرحوم وَالِدي الاكبر السُّلْطَان مَحْمُود خَان ازال عدم الانتظام الَّذِي هُوَ الْعلَّة الْكُبْرَى للانحطاط الَّذِي طَرَأَ مُنْذُ اعصار على دولتنا وَرفع من الْوُجُود عائلة الانكشارية المتولدة مِنْهُ وَقلع شوك الْفساد والاختلال الَّذِي مزق جسم الدولة وَالْملَّة وَكَانَ هُوَ السَّابِق لفتح بَاب ادخال مَدَنِيَّة اوروبا الْحَاضِرَة إِلَى ملكنا وَهَكَذَا وَالِدي الْمَاجِد المرحوم عبد الْمجِيد خَان قد اقتفى هَذَا الاثر فاعلن اساس التنظيمات الْخَيْرِيَّة المتكفلة بالمحافظة على نفوس اهالينا واموالهم واعراضهم وناموسهم ومنذ ذَلِك الْيَوْم اتسعت تِجَارَة ممالكنا وزراعتهاوزادت واردات دولتنا اضعافا فِي امد قَلِيل وَمن ثمَّ وضعت القوانين والنظامات الَّتِي هِيَ مدَار لما يعوزنا من الاصلاحات واخذ تَحْصِيل المعارف والفنون بالامتداد وبينما شب فِي دولتنا
امل النجاح بِنَاء على هَذِه الْمُقدمَات الْحَسَنَة وَلَا سِيمَا بِنَاء على الامنية الداخلية ظَهرت حَرْب القريم فَكَانَ ظُهُورهَا مَانِعا لدوام المساعي بتنظيم احوال الْملك والتبعة وَمَعَ ان خزينة دولتنا كَانَت حَتَّى ذَلِك الْوَقْت غير مديونة للْخَارِج بقرش وَاحِد اضطررنا للاستقراض الْخَارِجِي دفعا للاحتياج والضرورة فَتعذر وَالْحَالة هَذِه تقَابل وارداتنا مَعَ مصاريف الْحَرْب المبرمة وَبِهَذَا السَّبَب فتح بَاب الدّين نعم انه فِي هَذِه الْمَسْأَلَة بِوَاسِطَة اتِّفَاق الدول المفخمة الَّتِي صادقت على مَشْرُوعِيَّة حقوقنا وبانضمام معاوناتها الْكَامِلَة الفعلية الَّتِي لَا تَبْرَح مدى الدَّهْر زِينَة لصحائف التواريخ قد انتجت الْحَرْب تِلْكَ الْمُصَالحَة الَّتِي وضعت تَمام ملكية دولتنا واستقلالها تَحت ضَمَان دوَل اوروبا العهدي وَغلب على الظَّن ان هَذِه الْمُصَالحَة قد مهدت لمستقبلنا زَمَانا مساعدا على وضع اعمالنا الداخلية فِي طريقها وسلوك جادة الترقي الْحَقِيقِيّ انما الاحوال المتعاقبة ساقتنا بكليتنا إِلَى عكس ذَلِك الِانْتِظَار والامل ان توالي الْحَوَادِث الداخلية المتتابعة الظُّهُور بمفاعيل التحريكات والتسويلات لم تخولنا وقتا للنَّظَر فِي اصلاحات ملكنا وتنظيماته بل اوقعت زراعتنا وتجارتنا فِي وقُوف عَظِيم لاضطرارنا فِي كل عَام لجمع معسكرات فَوق الْعَادة فِي انحاء مُخْتَلفَة وَوضع الصِّنْف الاكثر نفعا من اهالينا تَحت السِّلَاح وامر مُسلم وَمَعْلُوم انه مَعَ كل مَا صادفنا من المشاكل والموانع قد قَطعنَا ماديا وادبيا مَسَافَة كُلية فِي سَبِيل النجاح وتزايد وارداتنا على التوالي مُنْذُ عشْرين عَاما دَلِيل على ترقي المملكة وازدياد رفاهية حَال الاهالي ثمَّ وان كَانَت المضايقة الْحَاضِرَة قد تولدت من الاحوال الَّتِي عددناها فَمَعَ هَذَا كَانَ مُمكنا تَخْفيف غائلة الضَّرُورَة وَحفظ الِاعْتِبَار المالي لوسلكنا فِي الادارة الْمَالِيَّة طَرِيقا قويما بيد انه كل مَا اتخذ من التَّدْبِير المالي فِي صُورَة الاصلاحات لم يصلح الْحَال وانما زَاد الْعَمَل اثقالا وَقد طلبت الاستفادة من الْحَال قبل التفكر مَاذَا يكون الِاسْتِقْبَال فدوام هَذِه الغوائل وتعاقبها من الْجِهَة الْوَاحِدَة ومداركة وانشاء الادوات والاسلحة الجديدة الحربية الَّتِي هِيَ اعظم اسباب شَوْكَة دولتنا واقتدارها وَعدم وضع وارداتنا ومصاريفنا تَحت موازنة اقتصادية من الْجِهَة
الاخرى افضتا إِلَى انْتِقَاض ادارتنا الْمَالِيَّة دَرَجَة فدرجة فانتجت مَا نَحن فِيهِ الْآن من المضايقة الخارقة للْعَادَة واعقب ذَلِك ظُهُور وقوعات هرسك المنبعثة من اثر الْفساد والتحريك الَّتِي تجسمت اخيرا ثمَّ افتتحت بَغْتَة محاربات بِلَاد الصرب والجبل الاسود وَظَهَرت فِي عَالم السياسة ايضا فتن واختلالات كَبِيرَة وَفِي ذَلِك الزَّمَان الَّذِي فِيهِ تهورت دولتنا فِي بحران عَظِيم وَقع جلوسنا بارادة جناب الْحق الازلية على تخت اجدادنا الْعِظَام وَلما كَانَت دَرَجَة المخاطر والمشكلات الَّتِي حاقت باحوالنا العمومية غير قَابِلَة الْقيَاس مَعَ مَا تقدمها من الغوائل الَّتِي تهورت بهَا دولتنا حَتَّى الْآن قد اضطررت لاجل الْمُحَافظَة قبل كل شَيْء على حقوقنا ان ازيد معسكراتنا فِي جَمِيع الْجِهَات حَتَّى وضعت تَحت السِّلَاح نَحْو سِتّمائَة الف عسكري لاعتقادي بِأَن ملاشاة هَذِه الاختباطات بِالْكُلِّيَّةِ واستئصالها بعون الله تَعَالَى والتفتيش على طَريقَة لاصلاحات مهمة فِي دولتنا نضع بواسطتها مستقبلنا تَحت الامنية المتمادية انما هُوَ فرض على ذِمَّتِي وامر وَاضح بانه إِذا نهجنا فِي الادارة سَبِيلا حسنا ستتقدم باقرب وَقت تقدما كَبِيرا فِي النجاح بِحَسب القابلية الَّتِي احسن بهَا الْحق تَعَالَى على ملكنا وبحسب الاستعداد المتصفة بِهِ اهالينا وامر مُحَقّق ان تأخرنا عَن اللحوق والترقيات الْحَاضِرَة فِي عَالم المدنية كَانَ لاهمالنا المداومة على الاصلاحات الْمُحْتَاج ملكنا اليها وَلعدم المثابرة على القوانين والنظامات الْمُتَعَلّقَة بهَا ومنشأ ذَلِك لَيْسَ هُوَ الا صُدُور هَذِه الاشياء من يَد الْحُكُومَة الاستبدادية بِدُونِ استناد على قَاعِدَة المشورة وَالْحَال ان ترقي الدول المتمدنة ونجاحها وامنية الممالك وعمرانها انما هُوَ ثَمَرَة تأسيس مصالحها وقوانينها العمومية بالِاتِّفَاقِ واجماع الآراء كَمَا هُوَ مُسلم فبناء عَلَيْهِ رَأَيْت ان تحري اسباب الترقي فِي هَذِه الطَّرِيق واستناد قوانين المملكة على الآراء العمومية هُوَ الزم مَا لدينا فَلِذَا قد اعلنت القانون الاساسي اما مقصدنا من تأسيسه فَلَيْسَ هُوَ عبارَة عَن دَعْوَة الاهالي للحضور فِي رُؤْيَة الْمصَالح العمومية وانما بالاحرى
لاعتقادنا الْقطعِي بِأَن هَذِه الاصول هِيَ وَسِيلَة مُسْتَقلَّة لاصلاح ادارة ممالكنا ومحو سوء الاستعمالات واستئصال قَاعِدَة الاستبداد وفضلا عَمَّا فِي هَذَا القانون الاساسي من الْفَوَائِد الاصلية فَهُوَ كَذَلِك مهد لاساس حُصُول الِاتِّحَاد والاخوة بَين الانام وجامع لمقصد تاسيس امْر الائتلاف والسعادة بَين الْخَاص وَالْعَام اما اجدادنا الْعِظَام فَفِي الفتوحات الَّتِي وفقوا اليها قد جمعُوا تَحت حكومتهم فِي هَذِه الدولة الوسيعة الممالك اقواما عديدة فَلم يبْق سوى امْر وَاحِد فَقَط وَهُوَ ربط هَذِه الاقوام الْمُخْتَلفَة اخْتِلَافا كليا فِي الاديان والاجناس بقانون مُفْرد وَحسن مُشْتَرك وَحَيْثُ قد تيَسّر الْآن هَذَا الامر بعون جناب الْحق الَّذِي لَا نِهَايَة لالطافه ومقدرته الالهية فَيَقْتَضِي إِذا من الْآن فَصَاعِدا ان تكون كَافَّة تبعتنا اولاد وَطن وَاحِد يعيشون باجمعهم تَحت جنَاح حماية قانون وَاحِد وينعتون بالعنوان الْمَخْصُوص مُنْذُ مَا ينيف عَن سِتّمائَة سنة لاهل بَيت سلطنتنا السّنيَّة المسطر كثير من آنار شوكتهم فِي صحف تواريخ الْبَريَّة مؤملا ان الِاسْم العثماني الَّذِي مَا برح حَتَّى الْآن علم الْقُوَّة والاقتدار المشتهر يكون من بعد الْآن شَامِلًا لدوام الْمَنَافِع الْمُخْتَلفَة الْمَوْجُودَة بَين جَمِيع تبعتنا وحفظها وَحَيْثُ انني بِنَاء على مَا ذكر من الاسباب والمقاصد قد عزمت عزما ثَابتا على ان انهج السَّبِيل الَّذِي سلكته وَلَا آلو جهدا فِي توطيده وتشييده فاترقب مِنْكُم إِذا المعاونة فعلا وعقلا للاستفادة من مَشْرُوع القانون الاساسي الَّذِي بني على قاعدتي الْعدْل والسلامة والمفروض عَلَيْكُم إِذا الْقيام بأعباء الْوَظَائِف القانونية المحولة لعهدتكم وحميتكم بصداقة واستقامة بِدُونِ احْتِرَاز من أحد غير ملتفتين إِلَى شَيْء آخر سوى سَلامَة دولتنا ومملكتنا وسعادتهما لَان مَا يعوزنا الْيَوْم من الاصلاحات وَمَا يترقب الْجَمِيع اتِّخَاذه فِي ملكنا من التنظيمات هُوَ فِي غَايَة الاهمية والاعتناء وَبِمَا ان وضع ذَلِك على الْفَوْر فِي موقع الاجراء مَرْهُون على اتفاقكم بالافكار والآراء فَلِذَا شُورَى الدولة مثابر الْآن على تنظيم لوائح القوانين اللَّازِمَة لكَي تتحول فِي اجتماعكم فِي هَذِه السّنة إِلَى مجلسكم لاجل المذاكرة
وَهِي لائحة نظامات داخلية مجلسكم ولوائح قانون الانتخاب وقانون الولايات وادارة النواحي العمومي وقانون الدَّوَائِر البلدية وقوانين اصول المحاكمات المدنية وترتيب المحاكم وَصُورَة ترقي الْحُكَّام وتقاعدهم ووظائف عُمُوم المامورين وَحقّ تقاعدهم وقوانين المطبوعات وديوان المحاسبات ولائحة قانون ميزانية السّنة السَّابِقَة فمطلوبنا الْقطعِي وَالْحَالة هَذِه مطالعة هَذِه القوانين بالتتابع والمذاكرة عَلَيْهَا واعطاء قراراتها وكما ان النّظر عَاجلا فِي اصلاحات وتنظيمات المحاكم والعساكر الضبطية اللَّتَيْنِ هما الْوَاسِطَة المستقلة لتأمين حُقُوق الْعُمُوم من اهم مَا يلْزم فَوضع ذَلِك فِي موقع الاجراء ايضا مُتَوَقف على توسيع مخصصاتهما المقررة وتزييدها وَمن حَيْثُ ان ادارتنا الْمَالِيَّة قد امست عرضة للعسر والمشاكل الْكَثِيرَة حَسْبَمَا يَتَّضِح لديكم من الميزانية المعطاة إِلَى مجلسكم فاوصيكم ان تسعوا مهتمين بالِاتِّفَاقِ لتعيين التدابير الَّتِي تهدينا قبل كل شَيْء إِلَى التَّخَلُّص من هَذِه المشاكل والى وَسَائِل اعادة اعْتِبَار ماليتنا وَمن ثمَّ لتعيين تِلْكَ التخصيصات الَّتِي تخرج هَذِه الاصلاحات المستعجلة إِلَى الْفِعْل وَلما كَانَ ترقي الزِّرَاعَة والصناعة اللَّتَيْنِ هما من اعظم الاصلاحات والاحتياجات فِي ملكنا وتبعتنا وايصال المدنية والثروة إِلَى دَرَجَة الْكَمَال مَوْقُوفا على قُوَّة المعارف والعلوم فستعطى بمنه تَعَالَى إِلَى مجلسكم فِي اجْتِمَاع السّنة الْآتِيَة لوائح القوانين الْمُتَعَلّقَة باصلاح الْمكَاتب وبتنظيم دَرَجَات لتَحْصِيل وَبِمَا ان حُصُول تأثيرات احكام القوانين على الْوَجْه الاتم سَوَاء اكانت القوانين الْمَذْكُورَة اعلاه اَوْ القوانين الَّتِي تُوضَع من الْآن فَصَاعِدا فِي موقع الاجراء يتَوَقَّف على وضع اقضية انتخاب ماموري الادارة تَحت اهمية عَظِيمَة فهيئة دولتنا ستمعن نظر التدقيق الْمَخْصُوص فِي هَذَا الْمطلب وَفِي مطلب صُورَة مُكَافَأَة وحماية المأمورين المتصفين بالعفة والاستقامة اللَّتَيْنِ ضمنهما القانون الاساسي وَحَيْثُ كَانَت قَضِيَّة انتخاب المامورين ذَات بَال واهمية لدينا اعتمدنا على تأسيس مكتب مَخْصُوص تكون مصاريفه من خزينتنا الْخَاصَّة لمقصد الْحُصُول على مامورين جديرين بالادارة العمومية على وَجه ان تلامذته تقبل فِي ماموريات الادارة والسياسة
حَتَّى الدرجَة الْعليا وَيدخل اليه من كل صنوف تبعتنا بِدُونِ اسْتثِْنَاء مذهبي وترقيهم يكون بِحَسب دَرَجَة اهليتهم كَمَا يَتَّضِح من نظامه الاساسي الْمُعْلن قبلا وَقد وَقع لدينا موقع التَّقْدِير والتحسين فِي صُورَة خارقة للْعَادَة مَا ابدته عُمُوم تبعتنا الصادقة من آثَار الحمية وَمَا تحملته جنودنا من انواع المتاعب والمشاق المشفوعة بالغيرة والبسالة فِي اثناء الغوائل الداخلية الَّتِي تهورنا بهَا مُنْذُ عَاميْنِ تَقْرِيبًا وَلَا سِيمَا فِي اثناء الْحَرْب مَعَ الصرب والجبل الاسود على ان تشبثاتنا الْمُجَرَّدَة لمحافظة حقوقنا فِي هَذِه الْحَوَادِث قد انتجت استحصال قَرَار مصلحَة الصرب والمذاكرات الْجَارِيَة مَعَ الْجَبَل الاسود وسيتحول لمطالعتكم فِي اجْتِمَاع مجلسكم الْمرة الاولى مَا تتخذه من الْمُعَامَلَات بِنَاء على تِلْكَ المذكرات فاوصيكم إِذا بتعجيل قراراتها اما السلوك مَعَ الدول المتحابة بالصداقة وَالرِّعَايَة لما كَانَ من اهم الْمُعَامَلَات المالوفة والمعتنى بهَا لَدَى دولتنا فَلم نزل الْيَوْم حريصين على مُرَاعَاة هَذِه الْقَاعِدَة الودادية وَلما طلبت انكلترا مُنْذُ بضعَة شهور عقد مؤتمر فِي مقرّ سعادتنا لاجل الْمسَائِل الْحَاضِرَة وروجت كَافَّة الدول المعظمة ايضا اساسات هَذَا الطّلب والاقتراح وَافق بابنا العالي على عقده نعم انه لم يَأْتِ هَذَا الِاجْتِمَاع بِاتِّفَاق قَطْعِيّ وَلَكِن مَا تأخرنا عَن اثبات نوايانا الْخَالِصَة واظهارها باجراء ماثوراتهم ونصائحهم الْمُوَافقَة لاحكام معاهدات الدول ولقواعد الْملَل وحقوقها ولمقتضيات احوالنا وحقوقنا المبرمة اما اسباب عدم الِاتِّفَاق فَلم تكن فِي الاساس وانما بالاحرى كَانَت فِي صور الاجراءآت واشكالها لاستحساننا اساسيا لُزُوم ايصال الترقيات الْكُلية الَّتِي وَقعت مُنْذُ بداية التنظيمات حَتَّى الْآن فِي احوال مملكتنا العمومية وَفِي ادارة كل شُعْبَة من شعب دولتنا إِلَى حَال اكمل وَلم تزل مساعينا حَتَّى الْيَوْم مصروفة لهَذَا الْمَقْصد على ان وضيفتي التوقي من الاحوال الَّتِي تخل بشأن مملكتنا واستقلالها وَقد تركت اثبات صدق نيتي وسلامتها لَدَى الْجَمِيع إِلَى تمادي الايام وَالزَّمَان اما النتائج الَّتِي ولدتها هَذِه الْحَال فقد افضت بِي إِلَى زِيَادَة التأسف وزوالها سَرِيعا مِمَّا يكفل بِكَمَال ممنونيتي على ان مقصدنا فِي جَمِيع الاوقات مَقْصُور على دوَام السلوك فِي مَنْهَج الْمُحَافظَة على استقلالية حقوقنا وسيكون هَذَا المسلك مَرْكَز النّظر فِي تصرفاتنا الْآتِيَة واؤمل ان مآثر الِاعْتِدَال وَحسن النِّيَّة الَّتِي اظهرتهما دولتنا قبل انْعِقَاد المؤتمر وَبعده تتكفل
بمضاعفة حسن المعاشرة والمناسبات الودادية الرابطة سلطنتنا السّنيَّة بجمعية الدول الاوروباوية ونسأل حَضْرَة الْحق المتعال ان يَجْعَل مساعينا جَمِيعًا مظْهرا للتوفيق فِي كَافَّة الاحوال اهـ