الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَبت عَن ارسال مَنْدُوب من طرفها حَتَّى لَا يعد ذَلِك اقرارا مِنْهَا على مَا يتَّفق عَلَيْهِ وَمَا فَعَلُوهُ من مساعدة اليونان على الِاسْتِقْلَال
فَلم تعيا الدول بِهَذَا الاباء بل اجْتمع مندوبوها فِي الْيَوْم الْمعِين وَاتَّفَقُوا على اسْتِقْلَال موره وجزائر سكلاده واجتماعها على هَيْئَة حُكُومَة مُسْتَقلَّة يحكمها امير مسيحي تنتخبه الدول وَيكون تَحت حمايتها على أَن تدفع الْحُكُومَة اليونانية للباب العالي جِزْيَة سنوية قدرهَا خَمْسمِائَة الف قِرْش فَلم يقبل الْبَاب العالي هَذَا الْقَرار الصَّادِر من دوَل غير مُخْتَصَّة فِيمَا يَقع بَينه وَبَين متبوعيه واشتغل بمحاربة الروسيا الَّتِي اعانت الْحَرْب عَلَيْهِ بعد أَن دمرت دونانمته وَقبل أَن يتم استعداد الْجَيْش النظامي الْجَدِيد الَّذِي اخذ فِي انشائه وتدريبه بعد الغاء ظائفة الانكشارية كُلية ولنقف هُنَا هنيهة نأتي فِيهَا بِذكر م حصل عِنْد الغائها من الحروب الداخلية وَكَيْفِيَّة الْوُصُول إِلَى هَذِه الْغَايَة الحميدة
الغاء طَائِفَة الانكشارية
لما تحقق السُّلْطَان مَحْمُود افضلية النظامات العسكرية المستعملة فِي جيوش اوروبا وَسمع بِمَا اتته الْجنُود المصرية المنتظمة من الاعمال الباهرة فِي محاربة موره وَعلم أَن انتصارات ابراهيم باشا على اليونانيين لم تكن الا نتيجة النظام العسكري زَاد تعلقه باصلاح العسكرية واراد اتمام الْمَشْرُوع الَّذِي لم يُمكن السُّلْطَان سليم الثَّالِث اتمامه فَجمع جَمِيع ذَوَات واعيان المملكة وكبار ضباط الانكشارية فِي بَيت الْمُفْتِي فِي اوائل سنة 1826 مسيحية سنة 1241 هجرية
وَلما تَكَامل الْحُضُور خطب فيهم الصَّدْر الاعظم سليم مُحَمَّد باشا مظْهرا مَا وصلت اليه حَالَة الانكشارية من الضعة والانحطاط وَعدم الانقياد لرؤسائها حَتَّى صَارَت من اكبر دواعي تَأَخّر الدولة الْعلية بازاء تقدم الدول الاوروبية المستمر بعد أَن كَانَت هَذِه الفئة من اكبر عوامل تقدم الدولة وامتداد فتوحاتها ثمَّ ابان لَهُم ضَرُورَة ادخال النظام العسكري فِي اورط الانكشارية اذ لَا يُمكنهَا
بحالتها الحالية الْوُقُوف امام الجيوش الاوروبية المنتظمة
فَلَمَّا اقتنع الْحَاضِرُونَ باصابة فكره وضرورة اصلاح الجندية واقروا على هَذَا المبدأ الْحسن قَامَ كَاتب سر مكتوبجي الصَّدْر الاعظم وتلا عَلَيْهِم مَشْرُوعا محتويا على سِتَّة واربعين بندا ذكر بهَا بِكُل ايضاح كَيْفيَّة التنظيمات المُرَاد ادخالها وَبعد اقرار الجمعية عَلَيْهِ حرر بذلك محضرا خَتمه جَمِيع الْحَاضِرين حَتَّى ضباط الانكشارية وافتى بِجَوَاز الْعَمَل بهَا شرعا ومعاقبة من يُعَارض فِي انفاذها ثمَّ تَلا الْمَشْرُوع على جَمِيع ضباط الانكشارية فأقروا عَلَيْهِ لَكِن لم تكن موافقتهم الا ظاهرية فَقَط فانه لما ابتدئ فِي تَعْلِيم الضباط بِمَعْرِِفَة من تعين من ضباط الافرنج بِصفة معلمين تنبه الانكشارية إِلَى عواقب الامر وَعَلمُوا أَنه لَو تمّ هَذَا النظام كَانَ سَببا فِي ضيَاع كَافَّة امتيازاتهم من جِهَة والزموا بمراعاته مَعَ مَا فِيهِ من سلب حريتهم من جِهَة اخرى اخذوا يستعدون للثورة والعصيان ليوقفوا تنفيذه كَمَا فعلوا قبلا واستمالوا بعض الرعاع الَّذين اتَّبَعُوهُمْ طَمَعا فِي السَّلب والنهب
وَلما كَانَ يَوْم 8 ذِي الْقعدَة سنة 1240 24 يونيو سنة 1826 تعرض بَعضهم للجند وَقت التمرين فأصدر السُّلْطَان امْرَهْ بمعاقبة كل متعرض لَهُم بِالْقَتْلِ وَلذَا تجمع المتعصبون فِي مسَاء ذَلِك الْيَوْم وَتَآمَرُوا على الْعِصْيَان
وَكَانَ السُّلْطَان فِي سراي بشكطاش فَحَضَرَ على الْفَوْر ساريته وَجمع الْعلمَاء واخبرهم بِمَا ينويه الانكشارية فاستقبحوا عَمَلهم وشجعوه على المقاومة فاستدعى الْآيَات الطوبجية الَّتِي نظمها نوعا عقب تَوليته واستعد لقِتَال الثائرين وعزم على عدم التساهل مَعَهم خوفًا من تفاقم شرورهم واسترسالهم فِي التمرد والطغيان
وَفِي صباح 9 ذِي الْقعدَة 25 يونيو اخْرُج السُّلْطَان الْعلم النَّبَوِيّ الشريف وَسَار بِجُنُود الطوبجية يتقدمه الْعلم إِلَى ساحة آتٍ ميداني حَيْثُ كَانَ الثائرون مُجْتَمعين فِي هرج ومرج لَا مزِيد عَلَيْهِمَا وَتَبعهُ كثير من الْعلمَاء والطلبة وَلم يمض قَلِيل حَتَّى احاطت الطوبجية بالميدان واحتلت جَمِيع المرتفعات المشرفة عَلَيْهِ وسلطت مدافعها على الانكشارية من كل صوب فَخرج جَمِيع الانكشارية وتجمهروا