الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عصيان اولاد السُّلْطَان عَلَيْهِ وتنازله عَن الْملك لِابْنِهِ سليم
وَلَقَد تكدر صفاء حَيَاة الْملك فِي سني حكمه الاخيرة بعصيان اولاده عَلَيْهِ واضرامهم نَار الحروب الداخلية الَّتِي لَوْلَا مَا وَقع فِي قُلُوب اعدائها من الرعب لكَانَتْ هذة الحروب العائلية فرْصَة عَظِيمَة لَهُم وَذَلِكَ ان السُّلْطَان بايزيد الثَّانِي كَانَ لَهُ ثَمَانِيَة اولاد ذُكُور توفّي مِنْهُم خَمْسَة فِي صغرهم وَبَقِي ثَلَاثَة وهم كركود وَاحْمَدْ وسليم وَكَانَ اولهم مشتغلا بالعلوم والاداب ومجالسة الْعلمَاء وَلذَا كَانَ يمقته الْجَيْش لعدم ميله للحرب وَالثَّانِي كَانَ محبوبا لَدَى الاعيان والامراء وَكَانَ عَليّ باشا اكبر الوزراء مخلصا لَهُ وَكَانَ ثالثهم وَهُوَ سليم محبا للحرب ومحبوبا لَدَى الْجند عُمُوما والانكشارية خُصُوصا
ولاختلافهم فِي المشارب والآراء خشِي والدهم وُقُوع الشقاق بَينهم فَفرق بَينهم وَعين كركود واليا على احدى الولايات الْبَعِيدَة وَاحْمَدْ على اماسيا وسليما على طرابزون وَعين ايضا سُلَيْمَان بن ابْنه سليم واليا على كافا من بِلَاد القرم فَلم يرض سليم بِهَذَا التَّعْيِين بل ترك مقرّ وظيفته وسافر إِلَى كافا بالقرم وارسل إِلَى ابيه يطْلب مِنْهُ تَعْيِينه فِي احدى ولايات اوروبا فَلم يقبل السُّلْطَان بل اصر على بَقَائِهِ بطرابزون فعصى سليم وَالِده جهارا وَسَار بِجَيْش جمعه من قبائل التتر إِلَى بِلَاد الروملي وارسل وَالِده جَيْشًا لارهابه وَلما وجد من ابْنه التصميم على الْمُحَاربَة قبل تَعْيِينه باوروبا حَقنا للدماء وعينه واليا على مدينتي سمندريه وودين سنة 1511
وَلما وصل إِلَى كركود خبر نجاح اخيه سليم فِي مقاومته انْتقل إِلَى ولَايَة صاروخان واستلم ادارتها بِدُونِ امْر ابيه ليَكُون قَرِيبا من الْقُسْطَنْطِينِيَّة عِنْد الْحَاجة
ثمَّ سَار سليم إِلَى ادرنه واعلن نَفسه سُلْطَانا عَلَيْهَا فارسل وَالِده اليه من هَزَمه والجأه إِلَى الْفِرَار بِبِلَاد القرم وارسل جَيْشًا آخر لمحاربة كركود بآسيا فَهَزَمَهُ ايضا لَكِن الْتزم السُّلْطَان بايزيد بِالْعَفو عَن ابْنه سليم بِنَاء على الحاح الانكشارية لتعلقهم بِهِ واعادته إِلَى ولَايَة سمندرية وَفِي اثناء توجه سليم اليها قابله الانكشارية واتوابه إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّة باحتفال زَائِد وَسَارُوا بِهِ إِلَى سراي السُّلْطَان وطلبوا مِنْهُ التنازل عَن الْملك لوَلَده الْمَذْكُور فَقبل واستقال فِي يَوْم 8 صفر سنة 918 25 ابريل سنة 1512 وَبعد ذَلِك بِعشْرين يَوْمًا سَافر للاقامة ببلدة ديموتيقا فَتوفي فِي الطَّرِيق يَوْم 10 ربيع الاول سنة 918 26 مايو سنة 1512 عَن 67 سنة وَمُدَّة حكمه 32 سنة ويدعى بعض المؤرخين ان وَلَده دس اليه السم خوفًا من رُجُوعه إِلَى منصة الْملك كَمَا فعل السُّلْطَان مُرَاد الثَّانِي الَّذِي سبق ذكره وَلم تزد املاك الدولة الْعلية فِي زمن السُّلْطَان بايزيد الثَّانِي الا قَلِيلا لحبه السّلم وحقن المدماء فَكَانَت حروبه الخارجية اضطرارية للمدافعة عَن الْحُدُود حَتَّى لَا يستخف بهَا اعداؤها وَكَانَ سلمي الطباع كَارِهًا للْقَتْل وَكَانَ اشهر وزرائه دَاوُد باشا الَّذِي تولى الوزارة بعد كدك احْمَد وَمكث بهَا ارْبَعْ عشرَة سنة واستقال مِنْهَا بِاخْتِيَارِهِ سنة 1497 وَقضى بَاقِي عمره فِي عمل الْخيرَات والمبرات