الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأيها فبلغتها اليها سفارة انكلترا فِي الاستانة بِصفة غير رسمية
واهم مَا جَاءَ بهَا ان الدول ترغب تشكيل قومسيون من اهالي الهرسك يكون نصفه من المسيحيين وَالْآخر من الْمُسلمين لمراقبة تَنْفِيذ مَا جَاءَ فِي الفرمان السلطاني المؤرخ 12 دسمبر السَّابِق ذكره وان يتعهد السُّلْطَان لجَمِيع الدول باجراء مَا ذكر فِي الفرمان الْمَذْكُور من الاصلاحات
وَبعد اطلَاع ارباب السياسة فِي الاستانة على هَذِه اللائحة ارتأى السُّلْطَان الْمُوَافقَة على مَا بهَا حسما للنزاع وَحَتَّى لَا يكون للدول سَبِيل للتدخل بِصفة اشد وَزِيَادَة على ذَلِك فقد اصدر الْخَلِيفَة الاعظم عفوا عَاما عَن جَمِيع المتهمين والمشتركين فِي هَذِه الثورة وَمن الْغَرِيب ان اهالي البوسنة والهرسك لم يقبلُوا هَذَا الْعَفو العمومي بل اصروا على طلب انجلاء الْجنُود الشاهانية عَن بِلَادهمْ اَوْ بالاقل يكون احتلالها قاصرا على بعض قلاع وحصون مُعينَة وان يملك ثلث الاراضي للمسيحيين وان يعفوا من الضرائب مُدَّة ثَلَاث سنوات وان تدفع لَهُم الْحُكُومَة العثمانية تعويضا عَمَّا هدم من الْبيُوت وَالْكَنَائِس اثناء الْحَرْب بِشَرْط ان يكون دفع هَذِه التعويضات للجنة اوروباوية
وعقب ذَلِك بِقَلِيل حدث بِمَدِينَة سلانيك حَادِثَة نَسَبهَا الاوروبيون إِلَى تعصب الاسلام الديني مَعَ ان منشأها تعصب المسيحيين ضد الْمُسلمين وتعرضهم للحرية الدِّينِيَّة الَّتِي يتظاهرون دَائِما بالدفاع عَنْهَا ايهاما وتغريرا لتَكون لَهُم حجَّة للتدخل فِي بِلَاد الشرق وتفريق الْكَلِمَة بَين الشرقيين فيسهل استيلاؤهم على بِلَادهمْ
حَادِثَة سلانيك ولائحة برلين
وتفصيل هَذِه الْحَادِثَة ان فتاة بلغارية مسيحية اعتنقت الدّين الحنيفي الاسلامي طَائِعَة مختارة واتت إِلَى سلانيك فِي 5 مايو سنة 1876 لاثبات اسلامها شرعا فتعرض لَهَا بعض اوباش الاروام فِي الطَّرِيق حِين توجهها إِلَى دَار الْحُكُومَة واختطفوها من ايدي المحافظين عَلَيْهَا بِالْقُوَّةِ واخفوها اولا فِي مَحل قنصلاتو امريكا ثمَّ فِي
اُحْدُ بيُوت كبرائهم وَلما اشْتهر هَذَا الْخَبَر بَين الْمُسلمين هاجوا وماجوا وتجمعوا فِي فسحة دَار الْحُكُومَة طَالِبين الْبَحْث عَن الْبِنْت وتخليصها من ايدي المخفين لَهَا فَوَعَدَهُمْ الْوَالِي باجراء شؤون وظيفته ثمَّ لما رأى الْمُسلمُونَ عدم نجاح بحث الْحُكُومَة تجمعُوا ثَانِيًا فِي الْيَوْم الثَّانِي فِي اُحْدُ الْجَوَامِع مشددين النكير على الْحُكُومَة وَفِي اثناء هَذَا الْهياج حضر قنصلا فرنسا والمانيا وَيُقَال انهما دخلا الْجَامِع ولتواتر الاشاعة بِأَن الْبِنْت فِي بَيت قنصل المانيا ازْدَادَ الْهياج وَفِي اقل من الْقَلِيل بلغت الحدة مُنْتَهَاهَا من المجتمعين وتعدوا على القنصلين بِالْقَتْلِ
وَلما وصل خبر هَذِه الْحَادِثَة إِلَى الدول اضْطربَ وزراؤها وتبادلوا المخابرات البرقية للاتفاق على اتِّخَاذ سَبَب للتدخل
وَفِي 11 مِنْهُ اجْتمع الْبُرْنُس غورشاكوف وَزِير الروسيا والكونت اندراسي وَزِير النمسا بالبرنس دي بسمارك بِمَدِينَة برلين واخذوا فِي المداولة مَعًا يومي 11 و 12 مِنْهُ وَفِي 13 مِنْهُ حرروا لائحة إِلَى الْبَاب العالي مَعْرُوفَة فِي كتب السياسة بلائحة برلين وصدقت عَلَيْهَا دولتا ايتاليا وفرنسا مفادها التَّشْدِيد على الْبَاب العالي بتنفيذ مَا جَاءَ فِي الفرمان السلطاني المؤرخ 12 دسمبر سنة 1875 وَتَعْيِين مجْلِس دولي لمراقبة تنفيذه واجراء كل مَا فِيهِ اصلاح حَال المسيحيين فِي هَذِه الولايات وَأَن تبرم الدولة مَعَ الثائرين هدنة قدرهَا شَهْرَان اَوْ سِتَّة اسابيع على الاقل للوصول إِلَى اتِّفَاق مرض لَهُم وانه ان لم تتفق مَعَ الثائرين فِي خلال هَذِه الْهُدْنَة تكون الدول الموقعة عَلَيْهَا مضطرة لاستعمال الْقُوَّة لاجبار الْبَاب العالي على تَنْفِيذ هَذِه اللائحة فَيرى فِي ذَلِك الْمطَالع ان الدول كَانَت متفقة على محاربة الدولة لتقسيم املاكها فِيمَا بَينهم اَوْ بالاقل سلخ جَمِيع الولايات الَّتِي بهَا مسيحيون اذ ان الدول المسيحية لَا يُمكنهَا ان تخفي تألمها من وجود بعض المسيحيين تَحت سلطة الْمُسلمين فَالْمَسْأَلَة اذن كَمَا ذكرنَا وكررنا سياسية دينية اَوْ بالحري دينية اكثر مِنْهَا سياسية
هَذَا اما الْبَاب العالي فَلم يقبل هَذِه الطلبات المجحفة بحقوقه على رعاياه وَلم يرعه هَذَا التهديد والوعيد لعلمه انه يبعد اتِّفَاق الدول على الْعَمَل لاخْتِلَاف اطماعها وَلعدم مُوَافقَة انكلترا على هَذِه اللائحة