الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَا وَسَبْعمائة وَثَمَانُونَ فدانا فِي مُقَابلَة عشرَة ملايين من الفرنكات وَكَانَت قد اشترتها الشّركَة قبلا من الْحُكُومَة بمبلغ مليون وَاحِد وَسَبْعمائة وَسبعين الف فرنك تَقْرِيبًا فَيكون ربحها من هَذِه الْمَسْأَلَة فَقَط زِيَادَة عَن ثَمَانِيَة ملايين وَلذَلِك فيمكننا القَوْل بانه لَوْلَا نقود مصر وفلاح مصر الَّذِي مَا زَالَ يجْبر على الِاشْتِغَال قهرا باجرة زهيدة رغما عَن الشُّرُوط السالفة الذّكر لما امكن دي ليسبس ان يتم هَذَا الْمَشْرُوع الَّذِي كَانَ سَببا فِيمَا نَحن فِيهِ من الاحتلال الاجنبي وَمَا سنراه نَحن واولادنا ان لم تساعدنا الْمَقَادِير
والاغرب مِمَّا ذكر انه لما تمّ فتح البرزخ ارادت الْحُكُومَة الِاسْتِيلَاء على كمرك بور سعيد كَمَا تسمح لَهَا المعاهدات الابتدائية فامتنعت الشّركَة وتداخلت حُكُومَة فرنسا وَقبلت الْحُكُومَة المصرية ان تدفع لَهَا ثَلَاثِينَ مليون فرنك لمنع هَذِه الْمُعَارضَة الْعَارِية عَن الاساس وَبِذَلِك يكون مَا دفع من الْحُكُومَة المصرية بِسَبَب عدم تبصر رجالها مائَة واثنين وَعشْرين مليون فرنكا مِنْهَا اربعة وَثَمَانُونَ قيمَة مَا حكم بِهِ نابليون للشَّرِكَة وَثَمَانِية قيمَة ربحها من اراضي الْوَادي وَثَلَاثُونَ فِي مُقَابل تنازلها عَن الْمُعَارضَة فِي كمارك بور سعيد
وَلما توفر المَال لَدَى الشّركَة اخذت فِي بذل الهمة لانجاز القنال وَفِي شهر مارس سنة 1869 توجه الخديو اسماعيل باشا إِلَى اوروبا لدَعْوَة مُلُوكهَا لحضور الاحتفال الَّذِي صمم جنابه على اجرائه اظهارا لسروره من اتمام هَذَا الْعَمَل المضر بِمصْر ماليا وسياسيا وَمَا دعاهم الا ليستميلهم لاغراضه السياسية
الاحتفال بِفَتْح قنال السويس
وَلما عَاد إِلَى بِلَاده اخذ فِي الاستعداد لاستقبال الزائرين بِمَا يَلِيق بمقامهم وَلما لم يكن بِمصْر تياترو وَكَانَ وجوده امرا لَا بُد مِنْهُ على زَعمه لتَمام الانتظام امْر المهندس فرنس النمساوي الَّذِي رقي فِيمَا بعد إِلَى رُتْبَة باشا بِبِنَاء تياترو الاوبرا والتياترو الصَّغِير الَّذِي كَانَ بِالْقربِ من الاول وَهدم عِنْد بِنَاء عمَارَة البوسطة الجديدة ولضيق الْوَقْت اسْتمرّ الْعَمَل لَيْلًا وَنَهَارًا حَتَّى تمّ بناؤهما وَجعل اكثر بِنَاء التياترو الْكَبِير من الْخشب ثمَّ ارسل درانت باولينو باشا لمقاولة احسن جوق
من الممثلين والممثلات
واخذ ايضا يُجهز مَا يلْزم لاقامة الْمُلُوك والوزراء من السرايات اللائقة بمقامهم وانشأ لَهُم سرَايَة فِي مَدِينَة الاسماعيلية الجديدة انشأتها الشّركَة على نَفَقَة الْحُكُومَة بمليونين من الفرنكات
وَفِي 17 سبتمبر سنة 1869 قدم الوافدون على البرزخ وَفِي مقدمتهم امبراطورة فرنسا وامبراطور النمسا ووليا عهد المانيا وايطاليا فقضوا اللَّيْلَة فِي مَدِينَة بورت سعيد فِي غَايَة السرُور وَفِي صباح الْيَوْم التَّالِي قَامَ الْجَمِيع على الوابورات البحرية الَّتِي اعدت لذَلِك ونزلوا فِي مَدِينَة الاسماعيلية حَيْثُ قضوا اللَّيْلَة فِيمَا لَا يُوصف من الملاهي والمراقص والزينات وَفِي الْيَوْم الثَّالِث سَارُوا جَمِيعًا إِلَى السويس ثمَّ اتوا إِلَى الْقَاهِرَة وَمِنْهَا رَجَعَ كل إِلَى بِلَاده الا من اراد السياحة إِلَى الْجِهَات الْقبلية لمشاهدة آثَار مصر الْقَدِيمَة وَقد وَجه الخديو كل همته إِلَى اكرام امبراطورة فرنسا وتوفير اسباب الرَّاحَة لَهَا اثناء سياحتها فِي صَعِيد مصر فاصحبها بنجله دو لتلو حُسَيْن باشا وباعظم رجال هَذَا الْعَصْر صَاحب الدولة والوطنية رياض باشا وَعين
لخدمتها سِتَّة عشر وابورا بحريا اخْتصَّ بَعْضهَا لركوبها ومعيتها وَالْبَعْض الآخر لاحضار كل مَا يلْزم لَهَا من المأكل وَالْمشْرَب والفواكه وَغير ذَلِك من الْقَاهِرَة يوميا واستمرت مشمولة بالتفات الحضرة الخديوية مُدَّة الِاثْنَيْنِ وَعشْرين يَوْمًا الَّتِي قضتها فِي هَذَا السّفر وَلم تزل كَذَلِك حَتَّى عَادَتْ إِلَى بلادها مسرورة شاكرة وَقد قَالَ سَعَادَة المرحوم عَليّ باشا مبارك فِي الصَّحِيفَة الاخيرة من الْجُزْء الثَّامِن عشر من الخطط الجديدة التوفيقية مَا يَأْتِي
وَقد طَار ذكر هَذَا المهرجان حَتَّى مَلأ الْبِقَاع وتحدث النَّاس فِي ترتيبه ونظامه مصرفه لانه فريد فِي ذَاته لم يجر على مِثَال سَابق عَلَيْهِ وَالَّذِي تعجب النَّاس مِنْهُ غَايَة الْعجب هُوَ استعداد موسيو يُوسُف بنطليني التلياني المتعهد بمأكول جَمِيع من حضر هَذَا المحفل كل انسان على حسب مقَامه فَكَانَ هُوَ وَرِجَاله يؤدون الْخدمَة بغاية النشاط والانتظام مَعَ مُرَاعَاة الْوَاجِب والادب وَكَانَ النَّاس يتعاقبون على السّفر الافرنجية والعربية فوجا بعد فَوْج وَفِي كل مرّة تَتَغَيَّر ادوات السفرة بغَيْرهَا وَتقدم الوان الاطعمة على التَّعَاقُب فِي اسرع زمن مَعَ مُرَاعَاة مقتضيات خدمَة كل سفرة عَرَبِيَّة كَانَت اَوْ افرنجية واستمرت هَذِه الْحَالة فِي الخيم والصواوين والوابورات وَجَمِيع المحلات الْمعدة لذَلِك مُدَّة ارْبَعْ عشرَة سَاعَة وَالَّذِي صرفته الْحُكُومَة للمتعهد الْمَذْكُور فِي مُقَابلَة الْمَأْكُول والمشروب ولوازمهما من ادوات ومهمات وخدمة وخدم هُوَ مبلغ مِائَتَيْنِ وَخمسين الف بنتو وَهَذَا خلاف اجْرِ نقل مهماته وَرِجَاله ذَهَابًا وايابا فانها كَانَت على الْحُكُومَة ايضا وَقد بلغ مَا صرف على هَذَا المهرجان من اجْرِ سفر اشخاص ومنقولات ومأكولات وَغير ذَلِك مليونا و 11193 جنيها انكليزيا فَلَو اضيف إِلَى ذَلِك اجْرِ سكَّة الْحَدِيد مَا صرف على وابورات الْبَحْر فِي النّيل والخليج المالح مَعَ مَا صرفته الْحُكُومَة على المباني فِي مدن القنال والقاهرة وثغر الاسكندرية وَغَيرهَا وَمَا صرف فِي الزِّينَة ومهماتها وَشِرَاء عربات ومهمات للسكة الحديدة لاجل المهرجان الْمَذْكُور لبلغ مصرف هَذَا المهرجان مَا يزِيد عَن مليون وَنصف من الجنيهات وَذَلِكَ قدر السُّدس من ايراد مصر سنة كَامِلَة اهـ