الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُنَازع من الامراء المماليك الا أَنه كَانَ مُضْطَرّا لمراعاة من بَقِي مِنْهُم وَمن جنودهم المنتشرين فِي اغلب جِهَات الْقطر للافساد لَا لحفظ الامن إِلَى أَن اجهز عَلَيْهِم فِي وَاقعَة القلعة الشهيرة الَّتِي حصلت فِي يَوْم الْجُمُعَة 5 صفر سنة 1226 29 فبراير 1811 ولنرجع لذكر مَا حصل بالاستانة من الْحَوَادِث بعد خُرُوج المراكب الانكليزية من الدردنيل فَنَقُول
عزل السُّلْطَان سليم الثَّالِث
إِنَّه فِي هَذِه الاثناء كَانَت رحى الْحَرْب دَائِرَة بَين العثمانيين والروس فَدخل وَالِي بوسنه بجوشه إِلَى بِلَاد الصرب لمنع الثائرين من اللحاق بالجيش الروسي وَسَار الصَّدْر الاعظم وفرقتان من الانكشارية وجيوش آسيا المنتظمة إِلَى مَدِينَة شومله وَكَانَ مصطفى باشا البيرقدار حَاكم مَدِينَة روستجوق يستعد للاغارة على بِلَاد الافلاق بِخَمْسَة عشر الف جندي قَامَ هُوَ بتنظيمهم وتدريبهم وخصص نَفرا لَيْسَ بِقَلِيل من النظام الْجَدِيد للبقاء فِي قلاع الدردنيل والبوسفور لدفع الطوارئ البحرية وَفِي غُضُون ذَلِك توفّي الْمُفْتِي الَّذِي كَانَ معضدا للسُّلْطَان على ادخال الاصلاحات العسكرية وَتَوَلَّى مَكَانَهُ قَاضِي عَسْكَر الرومللي وَكَانَ على الضِّدّ من سلفه فاتحد مَعَ مصطفى باشا قَائِم مقَام الصَّدْر الاعظم المتغيب فِي محاربة الروس ولفيف من الْعلمَاء على السَّعْي فِي ابطال النظام العسكري الْجَدِيد قائلين انه بِدعَة مُخَالفَة للشَّرْع وللوصول إِلَى غايتهم هَذِه اخذوا يغرون العساكر الْغَيْر منتظمة الَّتِي كَانَت اضيفت إِلَى الْفرق المنتظمة حَتَّى إِذا الفوا النظام ادرجوا ضمن العساكر النظامية وادخلوا فِي آذانهم انهم لم ياتوا من بِلَادهمْ الا لاجبارهم على الانخراط فِي سلك النظام واكراههم على لبس الملابس الغربية والتزيي بزِي النَّصَارَى مَعَ مَا فِي ذَلِك من مُخَالفَة الْقُرْآن الشريف وَالشَّرْع المنيف على زعمهم
وَلما ملات هَذِه الاوهام عقول هَؤُلَاءِ السذج واشربت قُلُوبهم هَذِه الاضاليل ارسل مصطفى باشا الْقَائِم مقَام إِلَى احدى القلاع الْمَوْجُود بهَا جنود منتظمة وَغير منتظمة رَسُولا اظهر أَنه آتٍ لالباس الْغَيْر منتظمين الملابس النظامية فهاجوا
وماجوا وقصدوا قتل الرَّسُول فَمَنعهُمْ المنتظمون وحصلت بَينهم معركة سَالَتْ فِيهَا الدِّمَاء ثمَّ انتشرت هَذِه الْفِتْنَة وامتد لهيبها إِلَى جَمِيع القلاع وحصلت عد معارك بَين الْفَرِيقَيْنِ كَانَت نتيجتها قتل رَسُول السوء والتجأ الْجنُود النظامية إِلَى ثكناتهم وَلما بلغ السُّلْطَان خبر هَذِه الْحَادِثَة ابهم عَلَيْهِ مصطفى باشا الْقَائِم مقَام الامر وافهمه انها حَادِثَة غير مهمة
وَبعد هَذَا النجاح اخذت الْجنُود الْغَيْر منتظمة تستعد بإيعاز مهيجيها لامر آخر ذِي بَال واجتمعوا فِي الْجِهَة الْمَعْرُوفَة ببيوكدره وانتخبوا لَهُم رَئِيسا مِنْهُم اسْمه قباقجي أوغلي وَهُوَ اخذ فِي الاستعداد للدخول إِلَى الاستانة وَفِي صَبِيحَة يَوْم 27 مايو سنة 1807 دخل هُوَ وَمن مَعَه من الْجنُود الْغَيْر منتظمة وانضم إِلَيْهِم نَحْو مِائَتَيْنِ من البحرية وَثَمَانمِائَة من الانكشارية حَتَّى إِذا وصل هَذَا الْجمع إِلَى الْمحل الْمَعْرُوف باسم آتٍ ميدان اتوا بقدور الانكشارية وصفوها عَلامَة على الْعِصْيَان وَقُرِئَ عَلَيْهِم اسماء جَمِيع المعضدين لمشروع النظام العسكري من الوزراء أَو الذوات والاعيان فانتشر الثائرون إِلَى مَنَازِلهمْ وقتلوهم واتوا برؤوسهم ووضعوها امام الْقُدُور وَلما بلغ السُّلْطَان خبر هَذِه الثورة اصدر على الْفَوْر امرا بالغاء النظام الْجَدِيد وَصرف العساكر النظامية لَكِن لم يكتف الثائرون بل قرروا عزل السُّلْطَان خوفًا من ان يعود لتنفيذ مشروعه وساعدهم على ذَلِك الْمُفْتِي الَّذِي هُوَ فِي الْحَقِيقَة المحرك لهَذِهِ الثورة فَأفْتى بِأَن كل سُلْطَان يدْخل نظامات الافرنج وعوائدهم وَيجْبر الرّعية على اتباعها لَا يكون صَالحا للْملك واستمرت هَذِه الثورة يَوْمَيْنِ ثمَّ نُؤَدِّي فِي 21 ربيع الآخر سنة 1222 28 يونيه سنة 1807 بفصل السُّلْطَان سليم الثَّالِث فعزل وَكَانَت مُدَّة حكمه 19 سنة وَبَقِي إِلَى أَن توفّي فِي 4 جُمَادَى الاولى سنة 1223 28 يونيو سنة 1808 وعمره 48 سنة تَقْرِيبًا واقيم بعده مصطفى الرَّابِع