الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13
-
السُّلْطَان الْغَازِي مُحَمَّد خَان الثَّالِث
ولد هَذَا السُّلْطَان فِي 7 ذِي الْقعدَة سنة 974 هـ 16 مايو سنة 1566 م وَتَوَلَّى بعد موت ابيه مُرَاد الثَّالِث ابْن صَفِيَّة الايطالية الاصل وَكَانَ لَهُ تِسْعَة عشر اخا غير الاخوات فامر بخنقهم قبل دفن ابيه ودفنوا مَعًا تجاه ايا صوفيا
وَفِي اوائل حكمه سَار على اثر سلفه فِي عدم الْخُرُوج إِلَى الْحَرْب وَترك امور الداخلية فِي ايدي وزرائه الَّذين مِنْهُم سِنَان باشا وجفالة زَاده هُوَ ابْن الْقَائِد جفالة باشا الجنوي الأَصْل الَّذِي قتل فِي محاربة الْعَجم الْأَخِيرَة وَصِحَّة اسْمه سيكالا ثمَّ حرف فَصَارَ جفالة وَآخر يدعى حسن باشا ففسدوا فِي الارض وَبَاعُوا المناصب الملكية والعسكرية وقللوا عيار العملة حَتَّى علا الضجيج من جَمِيع الْجِهَات وتعاقب انهزام الجيوش العثمانية امام مخائيل الفلاخي فضم لسلطانه بمساعدة الجيوش النمساوية واقليم البغدان وجزءا عَظِيما من ترنسلفانيا لعدم وجود القواد الاكفاء لصدهم
وَمِمَّا يخلد للسُّلْطَان الْغَازِي مُحَمَّد الثَّالِث الذّكر ويجعله رصيفا لاجداده الاوائل انه لما تحقق ان هَذَا الانحلال ناشيء من تحجبه عَن الاعمال وَعدم قيادته الجيوش برز بِنَفسِهِ وتقلد المركز الَّذِي كَانَ ترك مُرَاد الثَّالِث وسليم الثَّانِي لَهُ من دواعي تقهقر الدولة امام اعدائها الا وَهُوَ مَرْكَز قيادة عُمُوم الجيوش فَسَار إِلَى بلغراد وَمِنْهَا إِلَى ميدان الْحَرْب والنزال وَبعد قَلِيل دبت فِي الجيوش الحمية الدِّينِيَّة والغيرة
العسكرية فَفتح قلعة ارلو الحصينة الَّتِي عجز السُّلْطَان سُلَيْمَان عَن فتحهَا فِي سنة 1556 وَدَمرَ جيوش المجر والنمسا تدميرا فِي سهل كرزت بِالْقربِ من هَذِه القلعة فِي 26 اكتوبر سنة 1596 حَتَّى شبهت هَذِه الموقعة بواقعة موها كز الَّتِي انتصر فِيهَا السُّلْطَان سُلَيْمَان سنة 1526 وَبعد هَذِه الموقعة استمرت الْحَرْب سجالا بِدُونِ ان تحصل بَين الطَّرفَيْنِ وقائع حاسمة
وَفِي ابْتِدَاء الْقرن السَّابِع عشر للميلاد حصلت فِي بِلَاد الاناطول ثورة داخلية كَادَت تكون وخيمة الْعَاقِبَة على الدولة خُصُوصا ونيران الحروب مستعر لهيبها على حُدُود المجر والنمسا وَذَلِكَ ان فرقة من الجيوش الْمُؤجرَة ويسمونها بالتركية علوفه جي الَّتِي هِيَ بِالنِّسْبَةِ للانكشارية كنسبة الباشبوزق للجيوش المنتظمة لم تثبت فِي وَاقعَة كرزت الْمُتَقَدّم ذكرهَا بل ولت الادبار وركنت إِلَى الْفِرَار فنفيت إِلَى ولايات آسيا واطلق عَلَيْهَا اسْم فراري تحقيرا لَهُم وعبرة لغَيرهم وَهُنَاكَ ادّعى اُحْدُ رُؤَسَائِهِمْ واسْمه قره يازيجي ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم جَاءَهُ مناما ووعده بالنصر على آل عُثْمَان وَفتح ولايات آسيا فَتَبِعَهُ كثير من هَذِه الفئة وشق عَصا الطَّاعَة وتغلب على وَالِي القرمان وَدخل مَدِينَة عين تَابَ عنْوَة فارسلت اليه الجيوش وحاصرته فِيهَا وَلما رأى ان لَا مناص لَهُ من التَّسْلِيم اَوْ الْمَوْت عرض على الْوَزير المحاصر لَهُ الطَّاعَة للسُّلْطَان بِشَرْط تَعْيِينه واليا لاماسيا فَقبل شَرطه وَرفع عَنهُ الْحصار لَكِن بِمُجَرَّد ابتعاد الجيوش عَنهُ رفع راية الْعِصْيَان ثَانِيًا واتحد مَعَ اخيه الْمُسَمّى دُلي حسن وَالِي بَغْدَاد فَاتبع وَسْوَسَة اخيه وَكفر
بِنِعْمَة الدولة وجاهر بعصيانها
فارسل صقللي حسن باشا مَعَ جَيش جرار لمحاربتهما وانتصر على قره يازيجي والجأه إِلَى الاحتماء بجبال جانق على الْبَحْر الاسود حَيْثُ توفّي من الْجراح الَّتِي اصابته فِي الْحَرْب تَارِكًا اخاه للاخذ بثأره وفعلا فَازَ الدلي حسن على صقللي حسن باشا وَقَتله على اسوار مَدِينَة توقات ثمَّ هزم وُلَاة ديار بكر وحلب ودمشق وحاصر مَدِينَة كوتاهية فِي سنة 1601 واستفحل امْرَهْ حَتَّى خيفت الْعَاقِبَة وَلما رات الدولة تجسم هَذِه النَّازِلَة اخذت فِي اسْتِعْمَال طرق السّلم والتودد فاجزلت اليه العطايا واغدقت عَلَيْهِ الهبات ثمَّ عرضت عَلَيْهِ ولَايَة بوسنه فَقبل بعد تعللات كَثِيرَة وَوضع السِّلَاح واعلن باخلاصه للدولة الْعلية سنة 1603 وسافر بجُنُوده من انْضَمَّ اليها من اخلاط الاكراد واوباش القرمان وَاسْتعْمل قوته لمحاربة الافرنج على حُدُود الدولة من جِهَة اوروبا حَتَّى هَلَكت جيوشه عَن آخرهَا فِي المناوشات المستمرة بَينهَا وَبَين عَسَاكِر المجر والنمسا واستراحت الدولة من شَرها
واعقبت هَذِه الثورة الْعَظِيمَة ثورة اخرى فِي نفس الاستانة الْعلية كَاد شَرها يتَعَدَّى إِلَى نفس الْخَلِيفَة الاعظم وَذَلِكَ ان جنود السباه أَي الخيالة طلبُوا من الدولة ان تعوض عَلَيْهِم مَا فقدوه من ريع الاقطاعات المعطاة لَهُم فِي بِلَاد آسيا الَّتِي كَانُوا يسمونها تمارا بِسَبَب فتْنَة قره يازيجي ودلي حسن بآسيا الصُّغْرَى وَلما لم يكن فِي وسع الدولة تَلْبِيَة طَلَبهمْ لنَقص دَخلهَا هِيَ ايضا بِسَبَب هَذِه الْفِتْنَة تمردوا وثاروا وطلبوا نهب مَا فِي الْمَسَاجِد من التحف الذهبية والفضية فاستعانت الدولة عَلَيْهِم بِجُنُود الانكشارية وادخلتهم فِي طاعتها بعد سفك الدِّمَاء وَلَو اتَّحد الانكشارية مَعَهم وساعدوهم على مطالبهم لخيف على حَيَاة الدولة من الدَّاخِل وَالْخَارِج
وَمن ذَلِك يظْهر جليا اختلال النظام العسكري وَعدم صلاحيته لحفظ اسْم الدولة وشرفها بَين اعدائها وَفِي هَذِه السّنة توفّي السُّلْطَان وَكَانَت وَفَاته رحمه الله فِي 12 رَجَب سنة 1012 16 دسمبر سنة 1603 وعمره 37 سنة وَمُدَّة حكمه 9 سِنِين وَخَلفه ابْنه احْمَد الاول
1 -
4