الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقفت الْحَرْب بِسَبَب الشتَاء بعد انتصار الروس فِي وَاقعَة اخرى بِدُونِ ان يتمكنوا من استرجاع هَذِه القلعة وعندما شَاهد الامبراطور نقولا هَذَا الْحَال الَّذِي مَا كَانَ ليخطر لَهُ على بَال اجْتمع مَعَ فرنسوا جوزيف امبراطور النمسا وفاوضه فِي خَوفه من نجدة الدول الغربية فرنسا وانكلترا للدولة الْعلية وَسَأَلَهُ المساعدة والتحالف عَلَيْهَا مُعْتَمدًا فِي ذَلِك على مساعدته لَهُ سنة 1848 ضد ثائري المجر فَلم يقبل الامبراطور ذَلِك واظهر لَهُ شَدِيد اسفه من عدم اجابة طلبه لعدم ملاءمته لمصَالح الْبِلَاد الَّتِي القيت مقاليدها اليه
وَاقعَة سينوب البحرية
وَفِي هَذِه الاثناء تقدّمت السفن الفرنساوية والانكليزية من فرضة بزيكا إِلَى بوغاز البوسفور بِرِضا الْبَاب العالي لتَكون اقْربْ إِلَى الْبَحْر الاسود وَإِلَى حماية الاستانة لَو حاول الروس الهجوم عَلَيْهَا بحرا وارسلت فرنسا إِلَى دَار السَّعَادَة سفيرا حَرْبِيّا فَوق الْعَادة وَهُوَ الْقَائِد باراجي ديليه للسعي فِي الصُّلْح وَفِي الْحَقِيقَة لدرس احوال الدولة العسكرية اسْتِعْدَادًا لِلْقِتَالِ الَّتِي كَانَت تستعد لَهُ فرنسا ضد الروسيا وقابله جلالة السُّلْطَان الْمُعظم باحتفال زَائِد فِي 15 الْحجَّة سنة 1269 19 سبتمبر سنة 1853 هُوَ وَجَمِيع اركان حربه
وَفِي 28 صفر سنة 1270 30 نوفمبر سنة 1853 فاجأت الدونانمة الروسية تَحت امرة الاميرال ناشيموف الدونانمة التركية الْمَوْجُودَة فِي ميناء سينوب على الْبَحْر الاسود ودمرتها عَن آخرهَا تَقْرِيبًا مَعَ انها كَانَت تعهدت لدولتي فرنسا وانكلترا بِعَدَمِ اتيان أَي امْر عدواني فِي الْبَحْر الاسود إِذا تربصت دونانماتهما فِي البوسفور وَلم تدخل هَذَا الْبَحْر وَلما حصلت هَذِه الْوَاقِعَة على حِين غَفلَة امرت فرنسا وانكلترا مراكبهما بِالدُّخُولِ فِي الْبَحْر الاسود واعلنت الروسيا رسميا أَي اعلمت انه لَو تعدت احدى المراكب الروسية على موانئ الدولة اَوْ على احدى مراكبها تكون مراكب الدولتين مضطرة لمنعها بِالْقُوَّةِ وَدخلت سفنها الحربية فِي الْبَحْر الْمَذْكُور فِي ربيع الثَّانِي سنة 1270 4 يناير سنة 1854 وَمن ذَلِك الْحِين صَار لَا بُد من الْحَرْب قَرِيبا بَين هَذِه الدول والروسيا لحماية الدولة العثمانية من عدوان الروسيا واطماعها
لَا حبا فِي الدولة بل خوفًا من امتداد نُفُوذ الروسيا وَبسط يَدهَا على الاستانة
وَبعد ذَلِك ارسل نابليون الثَّالِث جَوَابا بتاريخ 29 يناير سنة 1854 إِلَى الامبراطور نقولا بِخَط يَده يشْرَح لَهُ فِيهِ مَاهِيَّة المسالة من اصلها وَمَا اتته الروسيا من المماطلة والتلاعب فِيهَا وَمَا اقترفته من الْغدر والخيانة ويعرض عَلَيْهِ عقد مؤتمر للنَّظَر فِي الصُّلْح بِشَرْط خُرُوج العساكر الروسية من ولايتي الافلاق والبغدان وتعهدت لَهُ بسحب مراكبه ومراكب انكلترا من الْبَحْر الاسود لَو اخلت هِيَ هَاتين الولايتين كل ذَلِك بِعِبَارَة مَقْبُولَة يظْهر من خلالها ميل فرنسا إِلَى الصُّلْح مَعَ الاستعداد للحرب فاجابه القيصر بِمَا يشف عَن عدم امكانه الرُّجُوع عَن خطته اذ اخلاء عساكره للولايتين يعد احجاما امام عَسَاكِر الدولة وَهَذَا امْر لَا يقبله هُوَ قطّ مَا دَامَ عِنْده جندي وَاحِد وَختم خطابه بِعِبَارَة مؤداها انه لم يَأْتِ فِي ذَلِك امرا مستغربا فانه لَا يظنّ ان نابوليون الثَّالِث كَانَ يفعل غير ذَلِك لَو كَانَ فِي هَذَا المركز الْحَرج
وَبِهَذَا صَار لَا بُد من الْحَرْب وَترك سفراء الروسيا لَدَى فرنسا وانكلترا مقرّ وظائفها بِنَاء على امْر سيدهما
وخوفا من اتِّحَاد النمسا والبروسيا مَعَ فرنسا وانكلترا عَلَيْهِ ارسل الامبراطور نقولا المسيو اورلوف بمأمورية خُصُوصِيَّة إِلَى ويانة وبرلين ليطلب من امبراطور النمسا وَملك البروسيا ان يَكُونَا عل الحيادة ان لم يرغبا فِي مساعدته فلوقي اوروف فِي ويانه بِمَا لم يَجْعَل لَدَى القيصر شكّ فِي اتِّحَاد النمسا مَعَ اعدائه وَفِي برلين مَا حمله على الْفِكر بَان فريدريك غليوم ملك البروسيا يكون لَهُ اكثر مِمَّا يكون عَلَيْهِ ثمَّ فِي 12 جُمَادَى الثَّانِيَة سنة 1270 12 مارس سنة 1854 امْضِي بَين فرنسا وانكلترا والدولة الْعلية فِي مَدِينَة الاستانة اتِّفَاق على محاربة الروسيا وحماية الدولة الْعلية
وَمِمَّا جَاءَ بِهِ ان ترسل فرنسا خمسين الف جندي وانكلترا خَمْسَة وَعشْرين الْفَا بِشَرْط ان تنجلي جَمِيعهَا عَن بِلَاد الدولة بعد خَمْسَة اسابيع تمْضِي من يَوْم عقد الصُّلْح مَعَ الروسيا
وَفِي 27 جُمَادَى الثَّانِيَة سنة 1270 27 مارس سنة 1854 ارسل نابليون الثَّالِث رِسَالَة إِلَى مجْلِس النواب يُخبرهُ باعلان الْحَرْب على الروسيا بالاتحاد مَعَ انكلترا
وَفِي 12 رَجَب سنة 1270 10 ابريل من السّنة الْمَذْكُورَة اتّفقت فرنسا وانكلترا بِمُقْتَضى معاهدة مَخْصُوصَة امضيت فِي مَدِينَة لوندرة على انهما يحفظان املاك الدولة الْعلية ويمنعان ضم أَي جُزْء مِنْهَا إِلَى بِلَاد الروسيا وان يقدما مَا يلْزم لذَلِك من المَال وَالرِّجَال لَو دعى الْحَال لارسال جيوش اكثر من الْمُقَرّر فِي معاهدة الاستانة وان لَا تتخابر احداهما مَعَ الروسيا بشأن الصُّلْح اَوْ تَوْقِيف الْقِتَال الا بالِاتِّفَاقِ مَعَ حليفتها
وَبعد ذَلِك اخذت الدولتان المتحالفتان فِي جمع الجيوش وَمَا يلْزم لَهَا من الْمُؤَن والذخائر والسفن اللَّازِمَة لنقلها وَجعلت الجيوش الفرنساوية تَحت قيادة المارشال دي سانت ارنو والانكليزية تَحت امرة اللورد رجلَانِ وَنزلت الجيوش المتحدة فِي غُضُون ابريل ومايو سنة 1854 فِي فرضة غاليبولي والاستانة
وَقبل وُصُول الجيوش الْبَريَّة كَانَ الْقِتَال قد ابتديء فعلا فِي الْبَحْر الاسود وَذَلِكَ ان الاميرال الانكليزي دنداس ارسل احدى مراكبه الْمُسَمَّاة فوريوس
إِلَى ميناء اودسا لحمل القنصل والرعايا الانكليزية فِي 8 رَجَب سنة 1270 6 ابريل فاطلقت القلاع قنابلها عَلَيْهَا مَعَ انها كَانَت حاملة الْعلم الابيض عَلامَة على انها تقصد مخابرة سلمية خلافًا لاصول الْحَرْب الدولية فاتفق الاميرال الانكليزي مَعَ زميله الفرنساوي الاميرال هاملين على اطلاق مدافعهما على الْمَدِينَة ان لم يقدم لَهما حاكمها اعتذارا كَافِيا على هَذَا الْعَمَل العدائي فقصدا الميناء فِي 22 رَجَب 20 ابريل وابلغا طلبهما إِلَى الْحَاكِم وامهلاه 24 سَاعَة
وَلما انْقَضى يَوْم وَاحِد وَعشْرين بِدُونِ ان ياتيهما جَوَاب ابْتَدَأَ قذف القنابل على الْمَدِينَة فِي صَبِيحَة 24 رَجَب 22 مِنْهُ وَاسْتمرّ اطلاقها حَتَّى دمرت قلاع الْمَدِينَة والتهمت النيرَان جزأ مِنْهَا ثمَّ انسحبت الاساطيل من امامها واصطفت امام مينا سباستوبول ودعت الدونانمة الروسية لِلْقِتَالِ وَلما لم تخرج للممحاربة كلف الامير آلان الاميرال ليونس بِضَرْب الثغور الروسية الْوَاقِعَة على الْبَحْر الاسود فَقَامَ بِهَذِهِ المامورية وَفِي اثناء ذَلِك اعلن الامبراطور نقولا الْحَرْب على الدول المعادية لَهُ فِي 13 رَجَب سنة 1270 11 ابريل سنة 1854
واصدر اوامره إِلَى المارشال برنس بسكيفتش قَائِد الجيوش المعسكرة على ضفة نهر الطونة الايسر بعبور النَّهر ومحاصرة مَدِينَة سلستريا فصدع المارشال بالامر وحاصر الْمَدِينَة مُدَّة خمس وَثَلَاثِينَ يَوْمًا من 15 مايو إِلَى 20 يونيو سنة 1854 من 17 شعْبَان إِلَى 23 رَمَضَان سنة 1270 بِدُونِ ان يقوى على اذلالها مَعَ ان الْجَيْش المحاصر كَانَ مكونا من سِتِّينَ الف مقَاتل وَلم يكن بداخلها من الْجنُود العثمانية الا خَمْسَة عشر الْفَا ضمنهم كثير من المصريين تَحت قيادة مُوسَى باشا من مشاهير قواد الدولة الَّذِي اسْتشْهد فِي الدفاع عَنْهَا