الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الطهارة
1 -
بابُ الرُّخصة
(1)
1/ 12 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: نهى نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبلَ القبلةَ ببولٍ، فرأيته قبل أن يُقبضَ بعام يستقبلها.
وأخرجه الترمذي وابن ماجه
(2)
. وقال الترمذي: حديثٌ حسنٌ غريب
(3)
.
قال ابن القيم رحمه الله: وقال الترمذيّ: سألتُ محمدًا عن هذا الحديث، فقال: حديث صحيح
(4)
.
(1)
قبله في "مختصر السنن": (1/ 16): باب كراهة استقبال القبلة عند الحاجة.
(2)
أخرجه أبو داود (13)، والترمذي (9)، وابن ماجه (325).
(3)
تنبيه: جرى المجرّد للكتاب على ذكر طرفٍ من كلام المنذري، ثم يتبعه بكلام ابن القيم على الحديث مصدّرًا له بقوله: "قال الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله
…
" أو "قال الشيخ شمس الدين" أو "قال المذيّل" ونحوها، فرأينا أن نسوق الأحاديث وكلام المنذري في الباب بخط مميّز حتى يُعرف سياق الكلام وما هي الأحاديث التي علق عليها المؤلف، ويعرف كلام المنذري الذي أيّده أو تعقبه، واكتفينا بعبارة "قال ابن القيم رحمه الله " عند بداية كلامه. وقد ذكرنا هذا في المقدمة وأسبابه تفصيلًا، وهذه إشارة لابدّ منها في هذا الموضع تغني عن الإشارة إلى ذلك في كل موضع.
(4)
نقل المصنف هذا القول عن الترمذي في "زاد المعاد": (2/ 385) من "العلل"، وليس في المطبوع من "العلل":(1/ 87) قوله: "حديث صحيح". وقد نقله كما نقله المؤلف البيهقيُّ في "الخلافيات": (2/ 68)، وعبدُ الحق في "الأحكام الكبرى":(1/ 365)، والزيلعي في "نصب الراية":(2/ 105)، وابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق":(1/ 151). فالظاهر أنه سقط من نسخة العلل شيء، وهذا ما استظهره مغلْطاي في "شرح ابن ماجه":(1/ 120) إذ وقع في نسخته من العلل كما وقع في نسختنا. والله أعلم.
وقد أعلّ ابنُ حزم حديثَ جابر بأنه عن أبان بن صالح، وهو مجهول، ولا يحتج برواية مجهول
(1)
.
قال ابن مُفَوّز
(2)
: أبان بن صالح مشهور ثقة صاحب حديث، وهو أبان بن صالح بن عُمَير، أبو محمد القرشي، مولى [ق 3] لهم، المكي، روى عنه ابن جُريج، وابن عجلان، وابن إسحاق، وعبيد الله بن أبي جعفر. استشهد بروايته البخاري في "صحيحه"
(3)
عن مجاهد والحسن بن مسلم وعطاء. وثَّقه يحيى بن معين، وأبو حاتم وأبو زُرعة الرَّازيان، والنسائي
(4)
. وهو والدُ محمد بن أبان بن صالح بن عُمير الكوفي، الذي روى عنه أبو الوليد، وأبو داود الطيالسي، وحسين الجُعْفي وغيرهم. وجدُّ أبي عبد الرحمن مُشْكُدانة، شيخ مسلم، وكان حافظًا.
(1)
في "المحلى": (1/ 198) لما ذكر هذا الحديث قال: أبان بن صالح ليس بالمشهور. وقال الحافظ ابن حجر بعد نقل تضعيف ابن عبد البر لأبان بن صالح، وكلام ابن حزم فيه: "وهذه غفلة منهما وخطأ تواردا عليه، فلم يضعّف أبان هذا أحدٌ قبلهما
…
" اهـ. من "تهذيب التهذيب": (1/ 82). وانظر"التلخيص الحبير": (1/ 114).
(2)
هو: أبو بكر محمد بن حيدرة المعافري الشاطبي، من حفّاظ الحديث (ت 505). له ردّ على المحلى لابن حزم، نقل منه ابن الملقن في "البدر المنير":(1/ 291، 684، 2/ 623)، ولعلّ هذا النقل منه. ترجمته في "الصلة":(2/ 537)، و"السير":(19/ 421).
(3)
وهي بالأرقام: (898، 1349، 4259) تباعًا.
(4)
ترجمته في "تهذيب الكمال": (1/ 93)، و"تهذيب التهذيب":(1/ 82).
وأما الحديث؛ فإنه انفرد به محمد بن إسحاق، وليس هو ممن يحتجّ به في الأحكام
(1)
، فكيف أن يُعارَض بحديثه الأحاديث الصحاح أو يُنسَخ به السنن الثابتة؟ مع أن التأويل في حديثه ممكن، والمخرج منه مُعرَض. تم كلامه
(2)
.
وهو ــ لو صح ــ حِكايةُ فِعْلٍ لا عمومَ لها، ولا يُعلَم هل كان في فضاء أو بنيان؟ وهل كان لعذر من ضيق مكان ونحوه، أو اختيارًا؟ فكيف يقدّم على النصوص الصحيحة الصريحة بالمنع؟
فإن قيل: فهب أن هذا الحديث معلول، فما يقولون في حديث عِراك عن عائشة: ذُكِر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ناسًا يكرهون أن يستقبلوا بفروجهم القبلةَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَوَ قَدْ فعلوها؟! استقْبِلوا بمَقْعَدتي القبلة"
(3)
.
فالجواب: أن هذا حديثٌ لا يصح، وإنما هو موقوف على عائشة. حكاه الترمذي في كتاب "العلل"
(4)
عن البخاري. وقال بعض الحفاظ: هذا حديث لا يصح، وله علَّة لا يدركها إلا المعتنون بالصناعة، المعانون عليها،
(1)
أسند ابنُ أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(7/ 193) عن الإمام أحمد أنه ذكر ابن إسحاق فقال: أما في المغازي وأشباهه فيُكتَب، وأما في الحلال والحرام فيحتاج إلى مثل هذا ــ ومدّ يدَه وضمّ أصابعه.
(2)
أي كلام ابن مُفَوّز. ومُعْرَض أي: ممكن.
(3)
أخرجه أحمد (25063)، وابن ماجه (324)، والدارقطني:(163، 168) وغيرهم، من طريق خالد بن أبي الصلت، عن عراك به. وهو حديث ضعيف كما سيأتي من كلام المؤلف.
(4)
(1/ 88 - 92) ووصفه أيضًا بالاضطراب.
وذلك أن خالد بن أبي الصلت لم يحفظ متنَه، ولا أقامَ إسنادَه، خالفه فيه الثقةُ الثبتُ صاحبُ عراك بن مالك المختصُّ به، الضابطُ لحديثه: جعفرُ بن ربيعة الفقيه، فرواه عن عراك عن عروة عن عائشة: أنها كانت تنكر ذلك
(1)
. فبيّن أن الحديث لعراك عن عروة، ولم يرفعه، ولا يجاوز به عائشةَ. وجعفر بن ربيعة هو الحجة في عراك بن مالك، مع صحة الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وشهرتها بخلاف ذلك.
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب "المراسيل"
(2)
عن الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله ــ وذكر حديث خالد بن أبي الصلت، عن عِراك بن مالك، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، (هذا الحديث)
(3)
ــ فقال: مرسل. فقلت له: عراك بن مالك قال: سمعتُ عائشةَ؟ فأنكره وقال: عراك بن مالك من أين سمع عائشة؟! ما له ولعائشة؟! إنما يرويه
(4)
عن عروة، هذا خطأ.
قال لي: مَن روى هذا؟ قلت: حماد بن سلمة عن خالد الحذَّاء. قال: رواه غير واحد عن خالد الحذّاء، وليس فيه "سمعتُ". وقال غير واحد أيضًا: عن حماد بن سلمة، ليس فيه "سمعت".
(1)
أخرج هذه الرواية الموقوفة من طريق جعفر البخاريُّ في "التاريخ الكبير"(3/ 156) وأبو حاتم في "العلل" لابنه (50)، ورجّحاها على رواية خالد بن أبي الصلت المرفوعة.
(2)
(ص 162).
(3)
في "المراسيل" ذكر نصّ الحديث مكان قوله: "هذا الحديث".
(4)
في "المراسيل": "يروي".