الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مرسلًا]
(1)
.
قال ابن القيم رحمه الله بعدَه: وقد رواه النسائيُّ في «سننه»
(2)
عن الحسن قال: «تزوَّج عَقيل بن أبي طالب امرأةً من بني جُشَم
(3)
، فقيل له: بالرفاء والبنين. فقال: قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بارك الله فيكم، وبارك لكم» .
17 -
باب في الرجل يتزوّج المرأةَ فيجدها حُبْلَى
158/ 2044 - عن سعيد بن المسيّب، عن رجلٍ من الأنصار ــ قال ابنُ أبي السِّرِي وهو محمد: مِن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولم يقل: من الأنصار ثم اتفقوا ــ يقال له: بَصْرَة، قال: تزوجتُ امرأةً بِكرًا في سِترها، فدخلتُ عليها، فإذا هي حُبلَى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لها الصداقُ بما استحللتَ مِن فرجها، والولدُ عبدٌ لك. فإذا ولَدَتْ» ، قال الحسن ــ وهو ابنُ عليّ ــ:«فاجلدها» ، وقال ابن أبي السرى:«فاجْلِدوها» ، أو قال:«فحُدُّوها»
(4)
.
وذَكَر أن منهم من رواه مرسلًا
(5)
.
(1)
قال المجرِّد: «ثم ذكر المنذريُّ حديث عقيل» . وقد سقناه بين معكوفتين من (خ- المختصر)(ق 183 ب) من طرتها، ولا وجود لها في مطبوعته.
(2)
(3371)، وأخرجه ابن ماجه (1906)، وأحمد (1738).
(3)
كذا في الأصل و (ش) والمصادر، وفي ط. الفقي:«خيثم» ، وفي ط. المعارف وفي بعض مطبوعات «السنن»:«جثم» .
(4)
أخرجه أبو داود (2131)، والدارقطني (3616)، والطبراني في «الكبير»:(2/ 48)، والحاكم:(2/ 183)، والبيهقي:(7/ 157). قال الحاكم: صحيح الإسناد، والحديث معلول كما سيذكره المصنف.
(5)
(2132). هنا ينتهي كلام المنذري بحسب مطبوعة «المختصر» ، لكن المجرِّد ذكر أن المنذري حكى كلامَ الخطابي على الحديث إلى قوله:«وقد يحتمل أن يكون هذا الحديث منسوخًا» . فسقناه من المخطوط (ق 183 ب) نسخة دار الكتب.
قال الخطابي
(1)
:هذا الحديث لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال به، وهو مرسل.
ولا أعلم أحدًا من العلماء اختلف في أن وَلَد الزنا حرّ إذا كان من حرّة، فكيف يستعبده؟ ويُشبه أن يكون معناه ــ إن ثبتَ الخبرُ ــ أنه أوصاه به خيرًا أو أمره باصطناعه وتربيته واقتنائه لينتفع بخدمته إذا بلغ، فيكون كالعبد له في الطاعة مكافأة له على إحسانه وجزاء لمعروفه.
وفيه حجة ــ إن ثبتَ الحديثُ ــ لمن رأى الحَمْل من الفجور يمنع عقد النكاح، وهو قول سفيان الثوري وأبي يوسف وأحمد بن حنبل وإسحاق.
وقال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن: النكاح جائز، وهو قول الشافعي. والوطء على مذهبه مكروه، ولا عِدّة عليها في قول أبي يوسف وكذلك عند الشافعي.
ويشبه أن يكون إنما جعل لها صداق المثل دون المسمى لأن في هذا الحديث من رواية زيد بن نعيم عن ابن المسيب: أنه فرَّق بينهما، ولو كان النكاح وقع صحيحًا لم يجب التفريق، لأن حدوث الزنا بالمنكوحة لا يفسخ النكاح ولا يوجب للزوج الخيار. ويحتمل أن يكون الحديث ــ إن كان له أصل ــ منسوخًا.
قال ابن القيم رحمه الله: هذا الحديث قد اضْطُرِب في سنده وحكمه، واسم الصحابي راويه. فقيل:«بصرة» بالباء الموحَّدة والصاد المهملة، وقيل:«نضرة» بالنون المفتوحة والضاد المعجمة، وقيل:«نَضْلَة» ، بالنون والضاد المعجمة واللام، وقيل:«بُسْرَة» بالباء الموحّدة والسين المهملة، وقيل: نضرة بن أكثم الخزاعي، وقيل: الأنصاري، وذكر بعضهم: أنه بصرة بن أبي
(1)
في «معالم السنن» : (2/ 599 - 600 - بهامش السنن).
بصرة الغفاري، ووهم قائله. وقيل: بصرة هذا مجهول.
وله علة عجيبة، وهي: أنه حديثٌ يرويه ابنُ جُرَيج، عن صفوان بن سُلَيم، عن سعيد بن المسيّب، عن رجل من الأنصار. وابنُ جُرَيج لم يسمعه من صفوان، إنما رواه عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن صفوان.
وإبراهيم
(1)
هذا متروك الحديث؛ تركه أحمدُ بن حنبل ويحيى بن معين وابنُ المبارك وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان وغيرهم. وسُئل عنه مالك بن أنس: أكان [ق 86] ثقة؟ قال: لا، ولا في دينه.
وله علّة أخرى: وهي أن المعروف إنما يُروَى مرسلًا عن سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم. كذا رواه قتادة ويزيد بن نُعَيم وعطاء الخراساني، كلهم عن سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم
(2)
.
ذَكَر عبد الحق
(3)
هذين التعليلين، ثم قال:«والإرسال هو الصحيح» .
وقد اشتمل على أربعة أحكام:
أحدها: وجوب الصَّدَاق عليه بما استحلّ مِن فرجها، وهو ظاهر لأن الوطء فيه غايته أن يكون وطءَ شبهة، إن لم يصحّ النكاح.
الثاني: بطلان نكاح الحامل من الزنا.
(1)
ترجمته في «تهذيب التهذيب» : (1/ 158 - 161).
(2)
ذكرها أبو داود في «السنن» : (2/ 600).
(3)
في «الأحكام الوسطى» : (3/ 156).
وقد اخْتُلِف في نكاح الزانية؛ فمذهب الإمام أحمد بن حنبل: أنه لا يجوز تزوُّجها حتى تتوب، وتنقضي عدَّتها، فمتى تزوجها قبل التوبة أو قبل انقضاء عدتها كان النكاح فاسدًا، ويفرَّق بينهما
(1)
.
وهل عِدَّتها ثلاث حِيَض، أو حيضة؟ على روايتين عنه.
ومذهب الثلاثة: أنه يجوز أن يتزوَّجها قبل توبتها، والزنا لا يمنع عندهم صحَّة العقد، كما لم يوجب فسخَه طريانُه
(2)
.
ثم اختلف هؤلاء في نكاحها في عدّتها: فمَنَعَه مالك، احترامًا لماء الزوج، وصيانةً لاختلاط النسب الصريح بولد الزنا. وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أنه يجوز العقد عليها من غير انقضاء عدة.
ثم اختلفا، فقال الشافعي: يجوز العقد عليها وإن كانت حاملًا، لأنه لا حُرْمة لهذا الحمل. وقال أبو يوسف وأبو حنيفة في إحدى الروايتين عنه: لا يجوز العقد عليها حتى تضع الحملَ، لئلا يكون الزوج قد سقى ماءَه زرعَ غيرِه، ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن توطأ المَسْبية الحاملُ حتى تضع. مع أن حملها مملوك له، فالحامل من الزنا أولى أن لا تُوطَأ حتى تضع، ولأنّ ماء الزاني وإن لم يكن له حُرْمة فماء الزوج محترم، فكيف يسوغ له أن يخلطه بماء الفجور؟ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم همّ بلعن الذي يريد أن يطأ أَمَته الحامل من غيره وكانت مسبية، مع انقطاع الولد عن أبيه، وكونه مملوكًا له. وقال أبو حنيفة
(1)
ينظر «المغني» : (9/ 561 - 563).
(2)
ينظر: «الأم» : (6/ 384 - 386) و «الذخيرة» : (4/ 259 - 260)، و «شرح فتح القدير»:(3/ 241 - 246). ووقع في ط. الفقي: «طريانه فسخه» والمثبت من الأصل و (ش، هـ)، وبضبطه يزول الإشكال المتوهّم.
في الرواية الأخرى: يصح العقد عليها، ولكن لا توطأ حتى تضع.
الثالث: وجوب الحدِّ بالحَبَل، وهذا مذهب مالك وأحمد في إحدى الروايتين
(1)
.
وحُجّتهم: قول عمر رضي الله عنه: «والرّجْم حقٌّ على مَن زنى من الرجال والنساء إذا كان محصنًا، إذا قامت البيِّنةُ، أو كان حَمْل أو اعتراف» متفق عليه
(2)
.
ولأن وجود الحَمْل أمارة ظاهرة على الزنا أظهر من دلالة البينة، وما يتطرَّق إلى دلالة الحمل يتطرق مثلُه إلى دلالة البينة وأكثر.
وحديث بصرة هذا أمره
(3)
بجَلْدها بمجرَّد الحمل، من غير اعتبار بيِّنةٍ ولا إقرار. ونظير هذا: حدُّ الصحابة في الخمر بالرائحة والقيء.
الحكم الرابع: إرقاق ولد الزنا، وهو موضع الإشكال في الحديث، وبعضُ الرواة لم يذكره في حديثه، كذلك رواه سعيد وغيره، وإنما قالوا:«ففرَّق بينهما، وجَعَل لها الصداقَ وجَلَدَها مائة» وعلى هذا فلا إشكال في الحديث.
وإن ثبتت هذه اللفظة فقد قيل: إن هذا لعلَّه كان في أول الإسلام، حين كان الرقُّ يثبت على الحُرِّ المدين ثم نُسِخ. وقيل: إن هذا مجاز، والمراد به
(1)
ينظر: «التمهيد» : (23/ 97)، و «المغني»:(12/ 377)، و «مجموع الفتاوى»:(20/ 383).
(2)
أخرجه البخاري (6829)، ومسلم (1691) بنحوه.
(3)
ط. الفقي زيادة: «فيه أنه أمره» ولا لزوم لها!