الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرجه الحاكم في "المستدرك"
(1)
من طريق يحيى بن عثمان بن صالح ويحيى بن معين، كلاهما عن عَمرو بن الربيع بن طارق، أنا يحيى
(2)
بن أيوب، عن عبد الرحمن بن رَزين، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد ــ قال يحيى: شيخٌ من أهل مصر ــ عن عُبادة بن نُسَي
(3)
…
الحديث.
قال الحاكم: هذا إسناد مصري، لم يُنْسَب واحد منهم إلى جرح
(4)
، وهذا مذهب مالك، ولم يخرجاه.
والعجب من الحاكم، كيف يكون هذا مستدركًا على "الصحيحين" ورواته لا يعرفون بجرح ولا بتعديل؟ والله أعلم
(5)
.
12 -
باب المسح على الجورَبَين
21/ 149 - عن أبي قيسٍ الأوْدِيّ، عن هُزَيل بن شُرَحْبيل، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوْرَبين والنعلين".
وأخرجه الترمذي وابن ماجه
(6)
، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وقال أبو داود: كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدِّث بهذا الحديث، لأن
(1)
(1/ 170 - 171).
(2)
في ط. الفقي: "محمد" تحريف.
(3)
رسمه في الأصل: "لس"!
(4)
وتعقبه الذهبي فقال: "بل مجهول".
(5)
وانظر كلام المؤلف على الحاكم ومستدركه في "الفروسية"(ص 185 - 186 و 213) و"المنار المنيف"(ص 5).
(6)
أخرجه أبو داود (159)، والترمذي (99)، وابن ما جه (559).
المعروف عن المغيرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين".
قال أبو داود: ورُوي هذا أيضًا عن أبي موسى الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنه مسح على الجَورَبين" وليس بالمتصل ولا بالقوي
(1)
.
قال أبو داود: ومسَحَ على الجوربين: عليُّ بنُ أبي طالب، وأبو
(2)
مسعود، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبو أمامة، وسهل بن سعد، وعَمرو بن حُرَيث. ورُوي ذلك عن عمر بن الخطاب، وابن عباس، رضي الله عنهم.
وذكر أبو بكر البيهقي حديثَ المغيرة هذا وقال: وذاك حديث منكر، ضَعّفه سفيان الثوري، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعليّ بن المديني، ومسلم بن الحجاج. والمعروف عن المغيرة حديث المسح على الخُفّين، ويُروى عن جماعة أنهم فعلوه. والله أعلم بالصواب. هذا آخر كلامه.
وأبو قيس الأودي اسمه عبد الرحمن بن ثَرْوان الأَوْدي الكوفي. وهو وإن كان البخاريُّ قد احتجَّ به فقد قال الإمام أحمد بن حنبل: لا يحتج بحديثه. وسئل عنه أبو حاتم الرازي؟ فقال: ليس بقوي، هو قليل الحديث، وليس بحافظ، قيل له: كيف حديثه؟ قال: هو صالح، هو ليّن الحديث.
قال ابن القيم رحمه الله: وقال النسائي
(3)
: "ما نعلم أن أحدًا تابع هُزَيلًا
(1)
ذكر المجرِّد أن تعليق ابن القيم كان عند قول المنذري "ولا بالقوي" وذكرنا كلامه بتمامه لفائدته في الكلام على الحديث والمسألة التي علق عليها المؤلف.
(2)
في (ط- المختصر) ومطبوعات "السنن": "ابن" وهي رواية ابن داسة. وفي نسخ "المختصر"، ونسخ عتيقة "للسنن":"أبو".
(3)
في "السنن الكبرى"(129)، وعبارته هناك: "ما نعلم أحدًا تابع أبا قيس
…
".
على هذه الرواية، والصحيح عن المغيرة: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم مسح على الخُفّين".
وقال البيهقي
(1)
: قال أبو محمد ــ يعني يحيى بن منصور ــ رأيتُ مسلمَ بن الحجَّاج
(2)
ضعَّف هذا الخبر، وقال: أبو قيس الأودي وهُزيل بن شرحبيل لا يَحْتَمِلان هذا مع مخالفتهما جُمْلة الذين رووا هذا الخبر عن المغيرة، فقالوا:"مَسَح على الخفّين". وقال: لا يُتْرَك ظاهرُ القرآن بمثل أبي قيس وهُزيل.
قال: فذكرتُ هذه الحكاية عن مسلم لأبي العباس الدَّغولي
(3)
؟ فسمعته يقول: سمعت علي بن مَخْلد بن شيبان يقول: سمعت أبا قدامة السرخسي يقول: قال عبد الرحمن بن مهدي: قلت لسفيان الثوري: لو حدَّثتني
(4)
بحديث أبي قيس عن هُزيل ما قَبِلتُه منك؟ فقال سفيان: الحديث ضعيف، أو واهٍ، أو كلمة نحوها.
وقال عبد الله بن أحمد
(5)
: حدَّثتُ أبي بهذا الحديث، فقال أبي: ليس
(1)
في "السنن الكبرى": (1/ 284).
(2)
ينظر كلام مسلم في تعليل الخبر في "التمييز": (ص 202 - 203).
(3)
الأصل: "الدغورا" خطأ. والتصويب من "سنن البيهقي" وهو الحافظ محمد بن عبد الرحمن السَّرَخسيّ الدغولي (ت 325). ترجمته في "السير": (14/ 557).
(4)
في الأصل: "لو رجل حدثني"، وفي "سنن البيهقي" والمصادر كما هو مثبت، وهو الصواب بدليل قوله:"ما قبلتُه منكَ".
(5)
في كتاب "العلل": (3/ 366 - 367)، وقال في آخره:"يعني حديث المغيرة هذا لا يرويه إلا من حديث أبي قيس".
يُرْوى هذا إلا من حديث أبي قيس. قال أبي: أبى
(1)
عبدُ الرحمن بن مهدي أن يحدِّث به، يقول: هو منكر.
وقال ابن البرَّاء: قال علي بن المديني: حديث المغيرة بن شعبة في المسح، رواه عن المغيرة أهلُ المدينة وأهلُ الكوفة وأهلُ البصرة، ورواه هُزَيل بن شرحبيل عن المغيرة، إلا أنه قال:"ومسَحَ على الجَوْرَبين" وخالفَ الناسَ.
وقال المفضّل بن غسّان
(2)
: سألت يحيى بن معين عن هذا الحديث؟ فقال: الناس كلّهم يروونه "على الخفين" غير أبي قيس.
قال ابن المنذر
(3)
: يُروى المسح على الجورَبين عن تسعةٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: عليّ، وعمَّار، وأبي مسعود الأنصاري، وأنس، وابن عمر، والبراء، وبلال، وعبد الله بن أبي أوفى
(4)
، وسهل بن سعد.
وزاد أبو داود
(5)
: أبو أمامة، وعَمرو بن حُرَيث، وعُمر، وابن عباس. فهؤلاء ثلاثة عشر صحابيًّا. والعمدة في الجواز على هؤلاء رضي الله عنهم لا على
(1)
في مطبوعة "العلل": "أتى" تصحيف.
(2)
في ط. الفقي: "الفضل بن عتبان" تصحيف.
(3)
في "الأوسط": (2/ 115).
(4)
في "الأوسط" بدلًا منه: "وأبي أمامة". فلعلّ المؤلف نقل من نسخة أخرى، وقد وافق المؤلف في النقل عن ابن المنذر ابنُ قدامة في "المغني": ــ ولعل المؤلف صادر عنه ــ (1/ 374)، وابنُ عبد الهادي في "التنقيح":(1/ 346). وهو من حديث أبي أمامة في "مصنف ابن أبي شيبة"(1991).
(5)
في "السنن": (1/ 41).
حديث أبي قيس.
مع أن المنازعين في المسح متناقضون، فإنهم لو كان هذا الحديث من جانبهم لقالوا: هذه زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، ولا يلتفتون إلى ما ذكروه هاهنا من تفرُّد أبي قيس. فإذا كان الحديث مخالفًا لهم أعلّوه بتفرُّد راويه، ولم يقولوا: زيادة الثقة مقبولة، كما هو موجود في تصرفاتهم!
والإنصاف: أن تَكْتال لمنازعك بالصاع الذي تَكْتال به لنفسك، فإنّ في كلِّ شيء وفاءً وتَطْفيفًا. ونحن لا نرضى هذه الطريقة، ولا نعتمد على حديث أبي قيس. وقد نصَّ أحمد على جواز المسح على الجوربين
(1)
، وعلَّل رواية أبي قيس. وهذا من إنصافه وعدله رحمه الله، وإنما عمدته هؤلاء الصحابة وصريحُ القياس، فإنه لا يظهر بين الجوربين والخُفَّين فرقٌ مؤثِّر يصح أن يُحَال الحكم عليه. والمسح عليهما [ق 25] قولُ أكثر أهل العلم، منهم من سَمَّينا من الصحابة، وأحمد، وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن المبارك، وسفيان الثوري، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وأبو يوسف. ولا يُعْرَف في الصحابة مخالفٌ
(2)
لمن سَمَّينا.
وأما حديث أبي موسى الذي أشار إليه أبو داود، فرواه البيهقي
(3)
من حديث عيسى بن يونس، عن أبي سنان عيسى بن سنان، عن الضحَّاك بن عبد الرحمن، عن أبي موسى قال:"رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الجَورَبين والنعلين".
(1)
كما في "مسائل ابن هانئ": (1/ 17)، و"مسائل الكوسج":(2/ 287 - 288).
(2)
في الطبعتين: "ولا نعرف في الصحابة مخالفًا
…
" خلاف الأصل.
(3)
(1/ 284).
وهذا الحديث له علّتان ذكرهما البيهقي:
أحدهما
(1)
: أن الضحَّاك بن عبد الرحمن لم يثبت سماعُه من أبي موسى.
والثانية: أن عيسى بن سنان ضعيف.
قال البيهقي
(2)
: وتأوَّل الأستاذُ أبو الوليد حديثَ المسح على الجَورَبين والنعلين على أنه مسحَ على جوربين مُنَعَّلين، لا أنه جورب على الانفراد، ونعل على الانفراد.
قلت: هذا مبنيٌّ على أنه يستحبّ مسح أعلى الخُفّ وأسفله [والاستيعابُ]
(3)
في ذلك. والظاهر أنه مسَحَ على الجوربين الملبوس عليهما
(4)
نعلان منفصلان. هذا المفهوم منه، فإنه فَصَل بينهما وجعلهما شيئين
(5)
. ولو كانا جوربين مُنَعَّلَين لقال: مسح على الجوربين المُنعَّلين.
وأيضًا: فإن الجِلْد الذي في أسفل الجورب لا يسمى نعلًا في لغة العرب، ولا أطلق أحد عليه هذا الاسم.
(1)
كذا في الأصل، والوجه:"إحداهما" وقد تكرر ذلك مرارًا.
(2)
(1/ 285).
(3)
كلمة غير محررة في الأصل، وفي ط. الفقي:"والبيان"، وفي ط. المعارف:"والشأن". وما أثبتناه يستقيم به المعنى.
(4)
الأصل: "عنهما".
(5)
في الطبعتين: "سنّتين"، والكلمة غير محرّرة النقط في الأصل، والمثبت من (ش، هـ). وهو الموافق للمعنى.