الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبنى بها وهو حلال، وكنتُ الرسولَ بينهما»
(1)
. وسليمان بن يسار مولى ميمونة، وهذا صريح في تزوّجها بالوكالة قبل الإحرام
(2)
.
11 -
باب لَحْم الصيد للمحْرِم
117/ 1774 - وعن أبي قَتادة: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان ببعض طريقِ مكةَ، تخلَّف مع أصحابٍ له مُحْرِمين، وهو غيرُ محرمٍ، فرأى حمارًا وحشيًّا، فاستوى على فرسه، قال: فسأل أصحابَه أن يُناولوه سَوْطَه، فأبوا، فسألهم رُمْحَه، فأبوا، فأخذَه ثم شَدَّ على الحمار فقتله، فأكلَ منه بعضُ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبى بعضُهم، فلما أدركوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن ذلك؟ فقال:«إنما هي طُعْمَة أطعَمَكُموها الله تعالى» .
وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي
(3)
. ووقع في البخاري ومسلم
(4)
: «أنه صلى الله عليه وسلم أكل منه» . وأخرجه الدارقطني في «سننه»
(5)
من حديث مَعْمَر بن راشد، وفيه:«وإني إنما اصطدته لكَ، فأمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه فأكلوا، ولم يأكل حين أخبرتُه أني اصطدته له» . قال الدارقطني: قال أبو بكر ــ يعني النيسابوري ــ قوله: «اصطدتُه لكَ» ، وقوله:«ولم يأكل منه» لا أعلم أحدًا ذكَرَه في
(1)
أخرجه أحمد (27197)، والترمذي (841)، والنسائي في «الكبرى» (5402)، وابن حبان (4130) وقال الترمذي: حديث حسن.
(2)
بهامش الأصل: «بلغ مقابلة» .
(3)
أخرجه أبو داود (1852)، والبخاري (2914)، ومسلم (1196)، والترمذي (863)، والنسائي (2816).
(4)
أخرجه البخاري (2854)، ومسلم (1196/ 63)، ولفظه:«قال: هل معكم منه شيء؟ قال: معنا رجله، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم فأكلها» .
(5)
(2749).
هذا الحديث غير مَعْمر. وقال غيره: هذه لفظة غريبة، لم نكتبها إلا من هذا الوجه. هذا آخر كلامه. وقد تقدم في «الصحيحين»:«أنه أكل منه صلى الله عليه وسلم» .
قال ابن القيم رحمه الله: وروى مسلم في «صحيحه»
(1)
من حديث عبد الرحمن بن عُثمان التيمي قال: «كُنّا مع طلحةَ بن عُبيد الله في طريق مكة، ونحن محرمون، فأهدوا لنا لحم صيدٍ وطلحةُ راقد، فمنّا مَن أكل ومِنّا مَن تورَّع فلم يأكل، فلما استيقظ قال للذين أكلوا: أصبتم، وقال للذين لم يأكلوا: أخطأتم، فإنّا قد أكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حُرُم» .
وروى مالك
(2)
عن يحيى بن سعيد: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي، عن عيسى بن طلحة، عن عُمَير
(3)
بن سَلَمة الضّمْري، عن البَهْزيّ
(4)
: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يريد مكة، وهو محرم، حتى إذا كانوا بالروحاء، إذ حمارٌ وحشيٌّ عقير، فذُكِر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «دعوه، فإنه يوشك أن يأتي صاحبُه» ، فجاء البهزيُّ ــ وهو صاحبه ــ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله شأنكم بهذا الحمار، فأمرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر فقَسَمه بين الرفاق ثم مضى، حتى إذا كان بالأُثاية بين الرُّوَيْثة والعَرْج
(5)
، إذا ظبيٌ حاقِفٌ في ظلّ وفيه سهم، فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرَ رجلًا يقف عنده، لا يريبُه أحدٌ من الناس
(1)
(1197).
(2)
في «الموطأ» (1008). وأخرجه النسائي في «الكبرى» (3786)، وابن حبان (5111) وغيرهم.
(3)
وقع في الأصل و (ش): «عمرو» والتصويب من «الموطأ» ومصادر الحديث.
(4)
زاد في ط. الفقي: «يزيد بن كعب» .
(5)
الأثاية والرّوَيثة والعَرْج مواضع بين مكة والمدينة. ينظر «المعالم الأثيرة» (ص 15، 131، 181).
حتى جاوزوه».
وفي «الصحيحين»
(1)
عن الصّعْب بن جَثَّامة: «أنه أَهْدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارًا وحشيًّا، وهو بالأبواء أو بودَّان، فردَّه عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وقال: «إنّا لم نردَّه عليك إلا أنا حُرُم» . ورواه مسلم
(2)
عن سفيان، وقال:«لحم حمار وَحْش» .
قال الحُمَيدي: كان سفيان يقول في الحديث: «أَهديتُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحمَ حمارِ وَحْشٍ» ، وربما قال سفيان:«يقطر دمًا» ، وكان فيما خلا ربما قال:«حمار وحش» ثم صار إلى «لحم» حتى مات.
وفي رواية لمسلم
(3)
: «شقّ حمار وحش وهو محرم
(4)
فردَّه»، وفي رواية له:«عَجُز حمار فردَّه» ، وفي رواية له:«رجل حمار» .
قال الشافعي
(5)
: فإن كان الصّعْبُ أهدى للنبيِّ صلى الله عليه وسلم الحمار حيًّا، فليس لمُحْرِم ذبح حمار وحشيّ، وإن كان أَهدَى له لحمًا، فقد يحتمل أن يكون علم أنه صِيْدَ له، فردَّه عليه. وإيضاحه في حديث جابر.
قال: وحديث مالك «أنه أهدى إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم حمارًا» أثبت مِن حديث من حَدَّث
(6)
«أنه أهدى له من لحم حمار» . تم كلامه.
(1)
أخرجه البخاري (1825)، ومسلم (1193).
(2)
(1193/ 52).
(3)
كل هذه الروايات برقم (1193/ 54).
(4)
«وهو محرم» ليست في «صحيح مسلم» .
(5)
نقله البيهقي في «معرفة السنن والآثار» : (4/ 199)، و «السنن الكبرى»:(5/ 193).
(6)
«من حدّث» سقطت من ط. الفقي.
قال البيهقي
(1)
: وروى يحيى بن سعيد، عن جعفر بن عَمرو بن أمية الضمري، عن أبيه:«أن الصعبَ بن جَثَّامة أهدى للنبيِّ صلى الله عليه وسلم عجز حمار وهو بالجُحْفة، فأكل منه وأكل القوم» . قال: وهذا إسناد صحيح، فإن كان محفوظًا فكأنه ردَّ الحيَّ وقبل اللحمَ، تم كلامه.
وقد اختلف الناسُ قديمًا وحديثًا في هذه المسألة، وأشكلت عليهم الأحاديثَ فيها، فكان عطاء ومجاهد وسعيد بن جبير يرون للمحرم أكلَ ما صادَه الحلال من الصيد، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وهو قول عمر بن الخطاب وعثمان بن عفَّان والزبير بن العوَّام وأبي هريرة، ذَكَر ذلك ابنُ عبد البر
(2)
عنهم.
وحُجَّتهم: حديث أبي قتادة المتقدِّم، وحديث طلحة بن عُبيد الله، وحديث البَهْزيّ.
وقالت طائفة: لحم الصيد حرامٌ على المحرم بكلِّ حال، وهذا قول عليّ وابن عباس وابن عمر. قال ابن عباس:«{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} [المائدة: 96] هي مبهمة» . ورُوي عن طاوس وجابر بن زيد وسفيان الثوري المنع منه
(3)
. وحجة هذا المذهب: حديث ابن عباس عن الصّعْب بن جَثَّامة
(4)
، وحديث عليّ في أول الباب
(5)
، واحتجّوا بظاهر الآية، وقالوا: تحريم الصيد يعمّ
(1)
في «السنن الكبرى» : (5/ 193).
(2)
في «التمهيد» : (21/ 152 - 153).
(3)
ينظر «التمهيد» : (9/ 60 - 61).
(4)
سبق تخريجه.
(5)
أخرجه أبو داود (1849)، وأحمد (783).
اصطياده وأكله.
وقالت طائفة: ما صاده الحلالُ للمحرِمِ ومِن أجله، فلا يجوز له أكله، [و]
(1)
ما لم يَصِدْه من أجله، بل صاده لنفسه أو لحلال، لم يَحْرُم على المُحْرِم أكلُه، وهذا قول مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهم، وقول إسحاق وأبي ثور
(2)
. قال ابن عبد البر
(3)
: وهو الصحيح عن عثمان في هذا الباب.
قال: وحجة من ذهب هذا المذهب: أنه عليه تصحّ الأحاديث في هذا الباب، وإذا حُمِلت على ذلك لم تتضادّ ولم تختلف ولم تتدافع، وعلى هذا [ق 71] يجب أن تُحْمَل السنن ولا يُعارَض بعضُها ببعض ما وُجِد إلى استعمالها سبيل. تم كلامه.
وآثار الصحابة كلُّها في هذا الباب إنما تدلُّ على هذا التفصيل؛ فروى البيهقيُّ
(4)
من حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: «رأيتُ عثمانَ بن عفان بالعَرْج في يوم صائف وهو محرم، وقد غطَّى وجهَه بقطيفةِ أرجوان، ثم أُتيَ بلحمِ صيدٍ، فقال لأصحابه: كلوا، قالوا: ألا تأكل أنتَ؟ قال: إني لست كهيئتكم، إنما صِيْدَ من أجلي» .
وحديث أبي قتادة والبَهْزيّ وطلحة بن عُبيد الله قضايا أعيان لا عموم لها، وهي تدلّ على جواز أكل المحرم من صيد الحلال، وحديثُ
(1)
زيادة يستقيم بها السياق، وأصلحها في ط. الفقي:«فأما ما لم» .
(2)
ينظر «التمهيد» : (21/ 153)، و «نهاية المطلب»:(4/ 408 - 409)، و «المغني»:(5/ 135)، و «مسائل الكوسج»:(5/ 2242).
(3)
في «التمهيد» : (21/ 153 - 154)، وينظر «الاستذكار»:(11/ 277).
(4)
في «الكبرى» : (5/ 191)، وأخرجه مالك في «الموطأ» (1016).