الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
باب نكاح
(1)
المُتْعة
140/ 1989 - وعن ربيع بن سَبْرَة، عن أبيه:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ مُتْعَةَ النساءِ»
(2)
.
قال المنذري: اختلف العلماء في المتعة، فقال بعضهم: نُسِخت مرتين، كانت مباحة في أول الإسلام ثم نسخت عام خيبر بحديث علي عليه السلام ثم أبيحت بعد ذلك، ثم حُرّمت في الفتح إلى يوم القيامة. وقال بعضهم: نسخ الله تعالى القبلةَ مرتين ونكاح المتعة مرتين وتحريم الحُمُر الأهلية مرتين، ولا أحفظ رابعًا. وقال آخرون: إنما نُسخت مرةً واحدة يوم خيبر وتحريمها في الفتح كان إشاعةً لما تقدم من التحريم وإشهارًا له، وكذلك تحريمها في حجة الوداع لهذا المعنى. وفي هذا نظر، فإنه قد صحّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذِن فيها في الفتح ثم حرّمها بعد ذلك. وكان سفيان بن عيينة يزعم أن تاريخ خيبر في حديث علي إنما هو في النهي عن لحوم الحمر الأهلية لا في نكاح المتعة.
قال البيهقي
(3)
: وهو يشبه أن يكون كما قال، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخّص فيه بعد ذلك ثم نهى عنه، فيكون احتجاج عليّ بنهيه عنه آخرًا حتى تقوم به الحجة على ابن عباس. وقال أيضًا
(4)
: فلولا معرفة عليّ بن أبي طالب بنسخ نكاح المتعة وأن النهي عنه كان بعد الرخصة لما أنكره على ابن عباس. والله أعلم.
(1)
في مطبوعة «المختصر» : «باب في نكاح» .
(2)
أخرجه أبو داود (2073)، ومسلم (1406).
(3)
«معرفة السنن والآثار» : (5/ 342).
(4)
«السنن الكبرى» : (7/ 202).
وقال غيره
(1)
: هذا الحُكم كان مباحًا مشروعًا في صدر الإسلام، وإنما أباحه النبي عليه السلام للسبب الذي ذكره ابنُ مسعود، وإنما كان ذلك يكون في أسفارهم، ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أباحه لهم وهم في بيوتهم، ولهذا نهاهم عنها غير مرة ثم أباحها لهم في أوقات مختلفة، حتى حرمها عليهم في آخر أيامه عليه السلام، وذلك في حجة الوداع، وكان تحريم تأبيدٍ لا تأقيت، فلم يبق اليوم في ذلك خلاف بين فقهاء الأمصار وأئمة الأمة، إلا شيئًا ذهب إليه بعض الشيعة، ويروى عن ابن جُريج جوازه.
وقوله: «للسبب الذي ذكره ابن مسعود» وهو قول ابن مسعود: «كنّا نغزو مع رسول الله ليس معنا نساء فقلنا: ألا نستخصي، فنهانا عن ذلك، ثم رخّص لنا أن ننكح المرأةَ بالثوب إلى أجل» . أخرجاه في «الصحيح»
(2)
.
قال ابن القيم رحمه الله
(3)
: وأما ابن عباس، فإنه سَلَك هذا المسلك في إباحتها عند الحاجة والضرورة، ولم يُبِحْها مُطلقًا، فلما بلغه إكثارُ الناس منها رَجَع، وكان يحملُ التحريمَ على مَن لم يحتج إليها.
قال الخطَّابي
(4)
: حدثنا ابن السمَّاك، حدثنا الحسن بن سلام، حدثنا الفضل بن دُكَين، حدثنا عبد السلام، عن الحجَّاج، عن أبي خالد، عن المِنْهال، عن ابن جُبير قال: «قلت لابن عباس: هل تدري ما صنعت، وبما
(1)
هو الحازمي في «الاعتبار» : (2/ 630).
(2)
أخرجه البخاري (4615)، ومسلم (1404).
(3)
ذكر المجرِّد أن ابن القيم علق على كلام المنذري، وليس في طبعة «المختصر» كلام له، ونقلنا كلام المنذري بطوله من طرّة المخطوط (85 ب نسخة المحمودية) و (ق 178 نسخة دار الكتب».
(4)
في «معالم السنن» : (2/ 559 - بهامش السنن).
أفتيتَ؟ قد سارت بفُتْياك الرُّكْبان، وقالت فيه الشعراء. قال: وما قالوا؟ قلت: قالوا:
قد قلت للشيخ لما طال مجلسُه
(1)
:
…
يا صاحِ هل لك في فُتْيا ابنِ عباسِ؟
هل لكَ في رَخْصَةِ الأطْراف آنسةٍ
…
تكون مثواك حتى رَجْعة الناسِ؟
فقال ابن عباس: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون! والله ما بهذا أفتيتُ، ولا هذا أردْتُ، ولا أحللتُ إلا مثل ما أحلَّ الله الميتةَ والدمَ ولحمَ الخنزير، وما تحل إلا للمضطرّ، وما هي إلا كالميتة والدم ولحم الخنزير»
(2)
.
وقال إسحاق بن راهويه: حدثنا رَوْحُ بن عُبادة، حدثنا موسى بن عُبَيدة، سمعت محمد بن كعب القُرَظي يحدِّث عن ابن عباس قال: «كانت المتعة في أول الإسلام، متعة النساء، فكان الرجل يَقْدَم بسلعته البلدَ، ليس له مَن يحفظ عليه ضيعتَه
(3)
ويضمّ إليه متاعَه، فيتزوَّجُ المرأةَ إلى قَدْر ما يرى أنه يقضي حاجتَه، وقد كانت تُقرأ:{فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ (إلى أجلٍ مسمّى) فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء:24] حتى نزلت: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} إلى قوله: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء:23 - 24] فتُرِكَت المتعةُ وكان الإحصان، إذا شاء طلَّق وإذا شاء أمسك، ويتوارثان، وليس لهما
(1)
كذا في الأصل و (هـ، ش) و «الاعتبار» ، وفي نسخة من «معالم السنن»:«محبسه» .
(2)
ورواه الحازمي في «الاعتبار» (ص 639 - 640) من طريق الخطابي، وأخرجه الطبراني في «الكبير»:(10/ 259)، والبيهقي في «الكبرى»:(7/ 205).
(3)
ط. الفقي: «شيئه» !