المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب لا نكاح إلا بولي - تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌ باب كيف التكشُّف عند الحاجة

- ‌ باب الخاتم يكون فيه ذِكْر الله يدخل به الخلاء

- ‌ باب فَرْض الوضوء

- ‌الحكم الأول:

- ‌فصلالحكم الثاني:

- ‌فصلالحكم الثالث:

- ‌ باب ما يُنَجّس الماءَ

- ‌ باب الإسراف في الماء

- ‌ باب صفة وضوء النبي

- ‌ باب تخليل اللحية

- ‌ باب المسح على العمامة

- ‌ باب التوقيت في المسح

- ‌ باب المسح على الجورَبَين

- ‌ باب كيف المسح

- ‌ باب تفريق الوضوء

- ‌ باب في الوضوء من لحوم الإبل

- ‌ باب في المَذْي

- ‌ باب الجُنُب يؤخِّر الغسل

- ‌ باب في الجُنُب يدخل المسجد

- ‌ باب المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل

- ‌ باب إتيان الحائض

- ‌ بابٌ يصيب منها (أي: من الحائض) دون الجماع

- ‌ بابٌ المرأة تُسْتَحاض

- ‌ باب ما رُوي أن المستحاضة تغتسل لكلّ صلاة

- ‌ باب ما جاء في وقت النُّفَساء

- ‌ باب الجُنُب يتيمم

- ‌ باب المجدور(1)يتيمم

- ‌كتاب الصلاة

- ‌ بابٌ في الأذان قبل دخول الوقت

- ‌ باب المرأة تصلي بغير خِمار

- ‌ باب الرجل يصلي وحدَه خلفَ الصفّ

- ‌ باب الدُّنّوِ من السُّتْرة

- ‌ باب ما يُؤمَر المصلِّي أن يدرأ عن المَمَرِّ بين يديه

- ‌ باب ما يقطعُ الصلاةَ

- ‌تفريع استفتاح الصلاة

- ‌ باب رفع اليدين في الصلاة

- ‌ باب افتتاح الصلاة

- ‌ باب مَن لم يذكر الرفعَ عند الركوع

- ‌ باب ما يُستفتحُ به الصلاة من الدعاء

- ‌ باب(2)الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌ باب مَن ترك القراءةَ في صلاته

- ‌ باب مَن رأى القراءةَ إذا لم يجهر

- ‌ باب ما يُجزئ [الأميَّ](4)والأعجميَّ من القراءة

- ‌ باب صلاة مَن لا يقيم صُلْبَه في الركوع والسجود

- ‌ باب مقدار الركوع والسجود

- ‌ باب التأمين وراء الإمام

- ‌ باب مَن تجبُ عليه الجُمُعة

- ‌ باب ما يقرأ في الأضحى [والفطر]

- ‌ باب من قال: يصلي بكلِّ طائفةٍ ركعتين

- ‌ باب في صلاة الليل

- ‌ باب مَن لم يَرَ السجودَ في المُفَصَّل

- ‌ بابٌ في الوتر قبل النوم

- ‌ باب في الاستغفار

- ‌كتاب الزكاة

- ‌ باب في زكاة السائمة

- ‌ باب رضا المصدِّق

- ‌ باب مَن روى نصفَ صاعٍ مِن قَمْح

- ‌ بابٌ في تعجيل الزكاة

- ‌ بابٌ في الاستعفاف

- ‌كتابُ اللُّقَطَة

- ‌كتاب الحج

- ‌ باب في المواقيت

- ‌ باب في هدي البقرة

- ‌ باب تبديل الهدي

- ‌ باب في الهدي إذا عَطِب قبل أن يبلغ

- ‌ باب إفراد الحجِّ

- ‌ بابٌ في القِرَان

- ‌ بابُ الرجلِ يحُجُّ عن غيره

- ‌ اشتملت كلمات التلبية على قواعد عظيمة وفوائد جليلة:

- ‌ باب ما يلبسُ المُحْرِم

- ‌الحكم الأول:

- ‌الحكم الثاني:

- ‌الحكم الثالث:

- ‌الحكم الرابع:

- ‌ باب المحرم يَنْكِح

- ‌ باب لَحْم الصيد للمحْرِم

- ‌ بابُ الإحْصَارِ

- ‌ بابُ استلامِ الأركان

- ‌ باب الطواف بعد العصر

- ‌ بابُ طوافِ القارِن

- ‌ باب المُلْتَزَم

- ‌ باب الصلاة بِجَمْعٍ

- ‌ باب التعجيل مِن جَمْع

- ‌ باب يوم الحجِّ الأكبر

- ‌ بابُ مَنْ لم يُدْرِك عرفةَ

- ‌ باب الصلاة بمنى

- ‌ باب(3)رَمْي الجِمار

- ‌ باب العمرة

- ‌ باب الإفاضَةِ في الحجِّ

- ‌ بابُ تحريمِ مكة

- ‌ بابٌ في تحريم المدينة

- ‌كتاب النكاح

- ‌ باب فيمن(1)حَرَّم به ــ يعني رضاع الكبير

- ‌ باب ما يُكرَه الجمع(1)بينهنّ من النساء

- ‌ باب نكاح(1)المُتْعة

- ‌ باب [في](3)الشِّغار

- ‌ باب التحليل

- ‌ باب في(5)كراهية أن يَخْطِب الرجلُ على خِطْبَةِ أخيه

- ‌ باب الرجلِ ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها

- ‌ باب لا نكاح إلا بوليّ

- ‌ باب قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا}

- ‌ باب في البِكْر يزوِّجها أبوها

- ‌ باب في الثيِّب

- ‌ باب في التزويج على العمل يُعْمَل

- ‌ باب فيمن تزوَّج ولم يسمِّ لها صَدَاقًا [حتى مات]

- ‌ باب في خُطْبة النكاح

- ‌ باب تزويج الصِّغار

- ‌ باب ما يُقال للمتزوِّج

- ‌ باب في الرجل يتزوّج المرأةَ فيجدها حُبْلَى

- ‌ باب في حقِّ الزوج على المرأة

- ‌ بابُ ما يُؤمَر به مِن غضّ البَصَر

- ‌ باب في جامع النِّكاح

- ‌ باب إتيان الحائض ومباشرتها

- ‌ باب كفَّارة مَن أتى حائضًا

- ‌ باب ما جاء في العَزْل

- ‌كتاب الطلاق

- ‌ باب كراهية الطلاق

- ‌ باب في طلاق السنة

- ‌ بابٌ في نسخ المراجعة

- ‌ بابٌ في سُنّة طلاق العبد

- ‌ باب في الطلاق على غلط

- ‌ باب في الطلاق على الهَزْل

- ‌ باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث

- ‌ باب في أمرك بِيَدِك

- ‌ باب في البتة

- ‌ باب الرجل يقول لامرأته: يا أُختي

- ‌ باب في عِدّة المختلعة

- ‌ بابٌ في الظِّهار

- ‌ باب في المملوكة تحت الحرّ أو العبد

- ‌ باب في المملوكين يُعْتَقان معًا

- ‌ بابٌ إلى متى تُرَدّ عليه امرأتُه إذا أسلم

- ‌ باب فيمن أسلم وعنده نساء أكثر من أربع

- ‌ باب في ادّعاء ولد الزنا

- ‌ باب من قال بالقرعة إذا تنازعوا في الولد

- ‌ باب الولد للفراش

- ‌ باب من أنكر ذلك على فاطمة

- ‌ باب من رأى التحول

- ‌ باب في عدة الحامل

- ‌ باب في عدة أم الولد

الفصل: ‌ باب لا نكاح إلا بولي

عن أبي حازم، عن أبي هريرة؛ قال مروان بن معاوية الفزاري، عن يزيد:«خَطَب رجلٌ امرأةً» . وقال سفيان، عن يزيد، عن أبي حازم، عن أبي هريرة:«أن رجلًا أراد أن يتزوج امرأة»

(1)

. وهذا مفسِّر لحديث مسلم: «أنه أخبره أنه تزوج امرأة» .

وقد روى

(2)

من حديث بكر بن عبد الله المزني، عن المغيرة بن شعبة قال: خطبتُ امرأةً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنظَرْتَ إليها؟» قلت: لا، قال: «فانظر

(3)

، فإنه أجدر

(4)

أن يُؤدَمَ بينكما».

8 -

‌ باب لا نكاح إلا بوليّ

(5)

145/ 1999 - عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيُّما امرأةٍ نكَحَتْ بغير إذن مواليها

(6)

فَنِكَاحُها باطِلٌ ــ ثلاث مرات ــ فإن دَخَل بها فالمهر لها بما أصاب منها، فإن تشاجروا فالسلطان وليُّ مَنْ لَا وَليَّ له».

(1)

أخرجه النسائي في «الكبرى» (5329).

(2)

بعده بياض في الأصل قدر كلمة، ولعلها «النسائي» فإنه أخرجه في «المجتبى» (3235) وفي «الكبرى» (5328) والترمذي (1087) وقال: حديث حسن، وأحمد (18137).

(3)

في ش كتب فوقها: «إليها» وكتب في الهامش «شك» ، وهذه اللفظة ثابتة في رواية النسائي للحديث.

(4)

ط. الفقي: «أحرى» خلاف الأصل، وإن كان موافقًا للفظ الترمذي.

(5)

في «السنن» ومطبوعة «المختصر» : «باب في الولي» ، والمخطوط:«باب الولي» . وفي الأصل كما أثبت.

(6)

في المطبوع: «وليها» .

ص: 422

وأخرجه الترمذي وابن ماجه

(1)

. وقال الترمذي: «هذا حديث حسن» . وقال في موضع آخر

(2)

: وحديث عائشة في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي» هو عندي حسن. ولم يؤثِّر عند الترمذي إنكارُ الزهريِّ له، فإن الحكاية في ذلك عن الزهري قد وهّنها بعضُ الأئمة. قال البيهقي: مع ما في مذهب أهل العلم بالحديث من وجوب قبول خبر الصادق، وإن نسيه مَن أخبره عنه. وقال علي ابن المديني: حديث إسرائيل صحيح في «لا نكاح إلا بوليّ» . وسُئل عنه البخاري؟ فقال: الزيادة من الثقة مقبولة، وإسرائيل ثقة. فإن كان شعبة والثوري أرسلاه فإن ذلك لا يضرُّ الحديثَ.

قال ابن القيم رحمه الله: قال الترمذي

(3)

ــ وذَكَر سليمانَ بن موسى راويه

(1)

أخرجه أبو داود (2083)، والترمذي (1102)، وابن ماجه (1879) مختصرًا. والحديث حسَّنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان (4074)، والحاكم وغيرهم.

(2)

«الجامع» : (3/ 399).

(3)

لم أجد كلام الترمذي في «الجامع» ولا «العلل» . ونَسَبه للترمذي ابنُ القطان في «بيان الوهم والإيهام» : (4/ 577) وعزاه للعلل الكبير، فلعله سقط من المطبوع، وعزاه للترمذي أيضًا ابنُ الملقن في «البدر المنير»:(7/ 559)، وابن دقيق العيد في «الإلمام» (ص 231)، وابن عبد الهادي في «المحرر»:(1/ 234). وقد نقل الترمذي في «العلل» : (1/ 256) عن البخاري قولَه في سليمان بن موسى: «سليمان بن موسى منكر الحديث، أنا لا أروي عنه شيئًا، روى سليمان بن موسى أحاديث عامتها مناكير» . والذي في «التاريخ الكبير» : (4/ 38 - 39)، و «الضعفاء (ص 70):«عنده مناكير» .

فإن ثبت أن الكلام للترمذي، فالظاهر أن آخره عند قوله:«أحاديث انفرد بها» . وبقية الكلام لابن القيم.

ص: 423

عن الزهري عن عروة عن عائشة ــ: سليمان بن موسى ثقة عند أهل الحديث، لم يتكلم فيه أحدٌ من المتقدمين إلا البخاري وحده، فإنه تكلم فيه من أجل أحاديث انفرد بها.

وذَكَره دُحَيم فقال: في حديثه بعض اضطراب، وقال: لم يكن في أصحاب مكحول أثبت منه، وقال النسائي: في حديثه شيء، وقال البزار: سليمان بن موسى أجلّ مِن ابن جُرَيج، وقال الزهري: سليمان بن موسى أحفظ من مكحول.

قال البيهقي

(1)

: مع ما في مذهب أهل العلم بالحديث من وجوب قبول خبر الصادق، وإن نَسِيَه من أخبره عنه.

قال الترمذي

(2)

: ورواه الحجَّاج بن أرطاة وجعفر بن ربيعة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابنُ جُرَيج: ثم لقيتُ الزهريَّ فسألته، فأنكر

(3)

، فضعَّفوا هذا الحديث من أجل هذا. وذُكِر عن يحيى بن معين أنه قال: لم يَذْكُر هذا الحرفَ عن ابنِ جريج إلا إسماعيلُ بن إبراهيم، قال يحيى بن معين: وسماع إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جُرَيج ليس بذاك. إنما صحَّح كتبَه على كتب عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رَوَّاد ما سمع من ابن جُرَيج، وضعَّف يحيى روايةَ إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج.

(1)

في «معرفة السنن والآثار» : (5/ 232).

(2)

«الجامع» : (3/ 399 - 400).

(3)

في «الجامع» : «فأنكره» .

ص: 424

قال

(1)

: والعمل على حديث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب: «لا نكاحَ إلّا بوليّ» عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ منهم: عمر بن الخطاب، وعليّ بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وأبو هريرة، وغيرهم. وهكذا رُوِي عن فقهاء [ق 81] التابعين أنهم قالوا:«لا نكاح إلا بولي» ، منهم: سعيد بن المسيّب، والحسن البصري، وشُرَيح، وإبراهيم النخعي، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهم. وبهذا يقول سفيان الثوريّ والأوزاعيّ وعبدُ الله بن المبارك

(2)

والشافعي وأحمد وإسحاق.

146/ 2000 - وعن أبي موسى ــ وهو الأشعري ــ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا نِكاحَ إلّا بوليِّ» .

وأخرجه الترمذيُّ وابنُ ماجه

(3)

. وقال الترمذي: وحديث أبي موسى حديث فيه اختلاف، وذكر أن بعضَهم رواه مرسلًا، وقال ــ بعد ذكر الاختلاف ــ: ورواية هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق عن أبي بُرْدة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بوليٍّ» عندي أصح.

قال ابن القيم رحمه الله: قال الترمذي

(4)

: «وحديث أبي موسى حديثٌ فيه اختلاف؛ رواه إسرائيل وشَرِيك بن عبد الله وأبو عَوَانة وزُهَير بن معاوية وقيس بن الربيع، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

أي الترمذي.

(2)

في الترمذي زيادة: «ومالك» .

(3)

أخرجه أبو داود (2085)، والترمذي (1101)، وابن ماجه (1881)، وأحمد (19518)، وابن حبان (4077).

(4)

في «الجامع» : (3/ 299).

ص: 425

وروى أسباطُ بن محمد وزيد بن حُباب، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن أبي بُرْدة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

[وروى أبو عبيدة الحداد، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه]

(1)

، ولم يذكر فيه «عن أبي إسحاق» . وقد رُوي عن يونس بن أبي إسحاق، [عن أبي إسحاق]، عن أبي بردة، [عن أبي موسى]، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وروى شعبةُ والثوري عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«لا نكاحَ إلا بوليٍّ» .

وقد ذَكَر بعضُ أصحاب سفيان، عن سفيان، [عن أبي إسحاق، عن أبي بردة] ، عن أبي موسى، ولا يصح.

ورواية هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، [عن أبي موسى]، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«لا نِكاحَ إلا بوليّ» عندي أصح؛ لأن سماعَهم من أبي إسحاق في أوقات مختلفة، وإن كان شُعبة والثوري أحفظ وأثبت من جميع هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق هذا الحديث، فإن رواية هؤلاء عندي أشبه [وأصح] لأن شعبةَ والثوريَّ سمعا هذا الحديث من أبي إسحاق في مجلس واحد.

ومما يدلّ على ذلك ما حدثنا محمودُ بن غيلان، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة قال: سمعتُ سفيان الثوري يسأل أبا إسحاق: أسمعتَ أبا بُرْدة يقول:

(1)

ما بين المعكوفين مستدرك من «جامع الترمذي» ، وكذا ما بعده من الزيادات.

ص: 426

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نكاحَ إلا بوليٍّ» ؟ فقال: نعم. فدلّ هذا

(1)

الحديث أن سماع شعبة وسفيان

(2)

الثوري هذا الحديث في وقت واحد، وإسرائيل هو ثقة

(3)

ثبت في أبي إسحاق.

سمعتُ محمدَ بن المثنى يقول: سمعتُ عبدَ الرحمن بن مهدي يقول: ما فاتني الذي فاتني

(4)

من حديث الثوري عن أبي إسحاق، إلا لمّا اتكلتُ به على إسرائيل، لأنه كان يأتي به أتمّ. هذا آخر كلام الترمذي.

وقال علي ابن المديني: حديث إسرائيل صحيح في «لا نكاح إلا بولي»

(5)

.

وسئل عنه البخاريّ فقال: الزيادة من الثقة مقبولة، وإسرائيل ثقة، فإن كان شعبة والثوري أرسلاه، فإن ذلك لا يضرّ الحديث

(6)

.

وقال قَبيصة بن عُقبة: جاءني عليُّ بن المديني فسألني عن هذا الحديث؟ فحدثته به عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، لم يذكر فيه أبا إسحاق فقال: استرحنا من خلاف أبي إسحاق.

قلت: وكذلك رواه الحسن بن محمد بن الصبَّاح، عن أسباط بن

(1)

الأصل: «فدل في» والمثبت من الترمذي وهو أصح.

(2)

«سفيان» سقط من الطبعتين.

(3)

سقطت من ط. الفقي.

(4)

«الذي فاتني» في الأصل بعد «عن أبي إسحاق» والمثبت من الترمذي، وهو الأولى.

(5)

أخرجه الحاكم: (2/ 170)، والبيهقي:(7/ 108).

(6)

ذكره البيهقي في «السنن» : (7/ 108).

ص: 427

محمد، عن يونس، عن أبي بُرْدة، عن أبي موسى. ذكره الحاكم في «المستدرك»

(1)

، فهذا وجه.

الثاني: رواية عيسى ابنه وحجَّاج بن محمد المِصّيصي والحسن بن قتيبة وغيرهم، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

الثالث: رواية شعبة والثوري عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. هذه رواية أكثر الأثبات عنهما.

الرابع: رواية يزيد بن زُرَيع، عن شعبة، ورواية مُؤمَّل بن إسماعيل وبشر بن منصور عن الثوري، كليهما عن أبي إسحاق، عن أبي بُرْدة، عن أبيه موصولًا.

فهذه أربعة أوجه. والترجيح لحديث إسرائيل في وصله من وجوه عديدة:

أحدها: تصحيح من تقدَّم من الأئمة له وحكمهم لروايته بالصحة، كالبخاري، وعليّ بن المديني، والترمذي، وبعدهم الحاكم، وابن حبان، وابن خزيمة.

الثاني: ترجيح إسرائيل في حفظه وإتقانه لحديث أبي إسحاق، وهذا بشهادة الأئمة له، وإن كان شعبة والثوري أجلّ منه، لكنه لحديث أبي إسحاق أتْقَن وبه أعْرَف.

الثالث: متابعة مَنْ وافق إسرائيل على وصله، كشَرِيك، ويونس بن أبي

(1)

(2/ 171).

ص: 428

إسحاق. قال عثمان الدارمي

(1)

: سألتُ يحيى بن معين: شريكٌ أحبُّ إليك في أبي إسحاق أو إسرائيل؟ فقال: شَريك أحبّ إليّ، وهو أقدم، وإسرائيل صدوق. قلتُ: يونس بن أبي إسحاق أحبُّ إليك أو إسرائيل؟ فقال: كلٌّ ثقة.

الرابع: ما ذكره الترمذيُّ

(2)

، وهو أن سماع الذين وصلوه عن أبي إسحاق كان في أوقات مختلفة، وشعبةُ والثوريُّ سمعاه منه في مجلس واحد.

الخامس: أن وَصْلَه زيادةٌ مِن ثقة، ليس دون من أرسله، والزيادة إذا كان هذا حالُها فهي مقبولة، كما أشار إليه البخاري، والله أعلم.

147/ 2001 - وعن أم حبيبة: أنها كانت عند ابن جَحْشٍ فهَلَك عنها، وكان فيمن هاجر إلى أرض الحبَشة، فزوَّجها النَّجاشيُّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وهي عندهم.

وأخرجه النسائي بنحوه

(3)

.

قال ابن القيم رحمه الله: هذا هو المعروف المعلوم عند أهل العلم، أن الذي زوَّج أمَّ حبيبة للنبيِّ صلى الله عليه وسلم هو النجاشيُّ في أرض الحبشة، وأمْهَرها مِن عنده، وزوجها الأول التي كانت معه في الحبشة هو عُبيد الله بن جحش بن رئاب [ق 82] ، أخو زينب بنت جحش زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، تنصَّر بأرض الحبشة، ومات بها نصرانيًّا، فتزوّج امرأتَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.

(1)

«تاريخ الدارمي» (ص 59).

(2)

في «الجامع» : (3/ 399).

(3)

أخرجه أبو داود (2086)، والنسائي (3350)، وأحمد (27408)، وابن حبان (6027). و «أخرجه

بنحوه» مستدركة من مطبوعة «المختصر» .

ص: 429

وفي اسمها قولان: أحدهما: رملة، وهو الأشهر. والثاني: هند

(1)

.

وتزويج النجاشي لها حقيقة، فإنه كان مسلمًا، وهو أميرُ البلد وسلطانُه. وقد تأوَّله بعضُ المتكلِّفين على أنه ساق المهرَ من عنده، فأضيفَ التزويجُ إليه. وتأوَّله بعضُهم على أنه كان هو الخاطب، والذي ولي العقدَ عثمانُ بن عفان، وقيل: عَمْرو بن أمية الضَّمْري. والصحيح أن عَمرو بن أمية كان وكيل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، بعث به إلى النجاشي يزوِّجه إيَّاها، وقيل: الذي ولي العقدَ عليها خالدُ بن سعيد بن العاص، ابن عمِّ أبيها.

وقد روى مسلم في «الصحيح»

(2)

من حديث عكرمة بن عمَّار، [عن أبي زُمَيل]، عن ابن عباس قال:«كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم يا نبيَّ الله، ثلاث أعْطِنِيهِنّ، قال: «نعم» . قال: عندي أحسن العرب وأجمله، أمّ حبيبة بنت أبي سفيان، أزوِّجُكَها؟ قال:«نعم» ، قال: ومعاوية تجعله كاتبًا بين يديك، قال:«نعم» ، قال: وتُؤمّرني حتى أقاتل الكفار كما كنتُ أقاتل المسلمين؟ قال: «نعم» .

وقد ردَّ هذا الحديثَ جماعةٌ من الحفَّاظ، وعدُّوه من الأغلاط في كتاب مسلم، قال ابن حزم

(3)

: هذا حديث موضوع لا شكَّ في وضعه، والآفةُ فيه من عكرمة بن عمار، فإنه لم يختلف في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوَّجها قبل الفتح بدهر وأبوها كافر.

(1)

ينظر «الإصابة» : (7/ 691).

(2)

(2501) وما بين المعقوفين منه.

(3)

في جزء له، طبع ضمن «نوادر ابن حزم» (ص 6 - 7). وانظر «المحلى»:(2/ 32).

ص: 430

وقال أبو الفرج بن الجوزي في كتاب «الكشف»

(1)

له: «هذا الحديث وهم من بعض الرواة، لا شكَّ فيه ولا تردُّد، وقد اتهموا به عكرمةَ بن عمار راويه، وقد ضعَّف أحاديثَه يحيى بنُ سعيد

(2)

، وقال: ليست بصحاح، وكذلك قال أحمد بن حنبل: هي أحاديث ضعاف، وكذلك لم يُخْرِج عنه البخاريُّ، إنما أخرج عنه مسلم لقول يحيى بن معين: ثقة.

قال: وإنما قلنا إن هذا وهم، لأن أهل التاريخ أجمعوا على أن أم حبيبة كانت تحت عبيد الله بن جحش، وولدت له، وهاجر بها وهما مسلمان إلى أرض الحبشة، ثم تنصَّر، وثبتت أمُّ حبيبةَ على دينها، فبعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي يخطبها عليه، فزوَّجه إياها، وأصْدَقها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف درهم، وذلك سنة سبع من الهجرة، وجاء أبو سفيان في زمن الهدنة فدخل عليها، فثَنَتْ

(3)

بساطَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يجلس عليه

(4)

.

ولا خلاف أن أبا سفيان ومعاوية أسلما في فتح مكة سنة ثمان، ولا يُعْرَف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَّرَ أبا سفيان

(5)

.

(1)

«كشف مشكل الصحيحين» : (2/ 463 - 464).

(2)

ط. الفقي زيادة: «الأنصاري» ولا وجود لها في الأصل و (ش) ولا كتاب ابن الجوزي، مع كونها خطأ فيحيى بن سعيد هنا هو القطان وليس الأنصاري. ينظر «التهذيب»:(7/ 262).

(3)

كذا في الأصل، وفي «المشكل»:«فتلّت» ، وفي ط. الفقي:«فنحّت» .

(4)

هذا الخبر أخرجه ابن سعد: (10/ 97)، وابن هشام في «السيرة»:(2/ 396). وعندهما: «طوَتْه» .

(5)

هنا ينتهي كلام ابن الجوزي.

ص: 431

وقد تكلَّف أقوام تأويلات فاسدة لتصحيح الحديث؛ كقول بعضهم: إنه سأله تجديد النكاح عليها!

وقول بعضهم: إنه ظنَّ أن النكاحَ بغير إذنه وتزويجه غيرُ تامّ، فسأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن يزوّجه إياها نكاحًا تامًّا، فسلَّم له النبي صلى الله عليه وسلم حاله، وطيَّبَ قلبَه بإجابته!

وقول بعضهم: إنه ظن أن التخيير كان طلاقًا، فسألَ رَجْعتها وابتداء النكاح عليها!

وقول بعضهم: إنه استشعر كراهةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها وأراد بلفظ التزويج استدامة نكاحها لا ابتداءه!

وقول بعضهم: يحتمل أن يكون وقع طلاقٌ فسألَ تجديدَ النكاح!

وقول بعضهم: يحتمل أن يكون أبو سفيان قال ذلك قبل إسلامه، كالمشترط له في إسلامه، ويكون التقدير: ثلاث إن أسلمتُ تُعْطِنِيهِنّ! وعلى هذا اعتمد المحبّ الطبري

(1)

في جواباته للمسائل الواردة عليه، وطوَّل في تقريره.

وقال بعضهم: إنما سأله أن يزوِّجه ابنته الأخرى، وهي أختها، وخَفِيَ عليه تحريمُ الجمع بين الأختين لقرب عهده بالإسلام، فقد خفي ذلك على ابنته أم حبيبة، حتى سألَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم

(2)

، وغَلِط الراوي في اسمها.

وهذه التأويلات في غاية الفساد والبطلان، وأئمة الحديث والعلم لا

(1)

سبق التعريف به.

(2)

حديثها أخرجه البخاري (5101، 5106)، ومسلم (1449).

ص: 432