الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: حُدِّثت عن كاتب المغيرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
. وإذا اختلف عبد الله بن المبارك والوليد بن مسلم فالقول ما قال عبد الله.
وقد قال بعض الحفاظ: أخطأ الوليد بن مسلم في هذا الحديث في موضعين: أحدهما: أن رجاء لم يسمعه من كاتب المغيرة، وإنما قال: حُدِّثت عنه. والثاني: أن ثورًا لم يسمعه من رجاء
(2)
. وخطأ ثالث: أن الصواب إرساله. فميَّزَ الحُفّاظ ذلك كلَّه في الحديث وبيَّنوه، ورواه الوليدُ معنعنًا من غير تبيين. والله أعلم.
14 -
باب تفريق الوضوء
23/ 165 - عن قتادة قال: حدثنا أنس رضي الله عنه: أن رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد توضأ وتركَ على قَدمه
(3)
مثلَ موضع الظُّفْر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ارجع فأحسِنْ وضوءَك".
وأخرجه ابن ماجه
(4)
.
وقال أبو داود: وهذا الحديث ليس بمعروف
(5)
، ولم يروه إلا ابنُ وهب. وقد رُوي عن معقل بن عبيد الله الجَزري، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، قال:"ارجع فأحْسِن وضوءك".
(1)
ذكره الترمذي: (1/ 162). كذا قال، والصواب أن ابن المبارك يرويه عن ثور قال: حُدّثت عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة
…
كما ذكره في "العلل"(70)، وذكره الدارقطني في "العلل":(7/ 110).
(2)
ينظر: "تنقيح التحقيق": (1/ 340 - 341) لابن عبد الهادي.
(3)
(خ المختصر): "قدميه".
(4)
أخرجه أبو داود (173)، وابن ماجه (665).
(5)
في "السنن": (1/ 121) زيادة: "عن جرير بن حازم".
وذكره أبو داود
(1)
أيضًا من حديث الحسن ــ وهو البصري ــ عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلًا بمعنى قتادة. وذكر الدارقطني
(2)
أن جرير بن حازم تفرَّد به عن قتادة، ولم يروه عنه غيرُ ابن وهب.
وحديث عمر ــ الذي أشار إليه أبو داود ــ: أخرجه مسلم في "صحيحه"
(3)
عن سَلَمة بن شَبيب، عن ابن أعْيَن، عن مَعقِل. وأخرجه ابن ماجه
(4)
من حديث عبد الله بن لهيعة، عن أبي الزبير، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:"أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي، وفي ظهر قدمه لُمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة". في إسناده بقية بن الوليد، وفيه مقال.
قال ابن القيم رحمه الله: هكذا علَّل أبو محمد المنذري وابنُ حزم
(5)
هذا الحديث برواية بَقِيَّة له. وزاد ابن حزم تعليلًا آخر، وهو: أن راويه مجهول لا يُدْرى مَن هو.
والجواب عن هاتين العلتين:
أما الأولى: فإنّ بَقيَّة ثقة في نفسه صدوق حافظ، وإنما نُقِمَ عليه التدليس، مع كثرة روايته
(6)
عن الضعفاء والمجهولين، وأما إذا صرَّح
(1)
(174). وذكره أيضًا (175) من طريق بقية، عن بَحير، عن خالد، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
…
وسيذكره المؤلف من "مسند أحمد".
(2)
(381).
(3)
(243).
(4)
لم أجده في ابن ماجه بهذا الطريق وإنما من طريق أبي الزبير، عن جابر، عن عمر بن الخطاب (666).
(5)
في "المحلى": (2/ 70 - 71).
(6)
الأصل: "رواته"، خطأ.
بالسماع فهو حجة. وقد صرَّح في هذا الحديث بسماعه له
(1)
.
قال أحمد في "مسنده"
(2)
: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس، نا بقيَّة، حدثني بَحِير بن سعد
(3)
، عن خالد بن معدان، عن بعض أزواج
(4)
النبي صلى الله عليه وسلم. فذكر الحديث. وقال: "فأمره أن يعيد الوضوء". قال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: هذا إسناد جيّد؟ قال: جيّد
(5)
.
وأما العلة الثانية: فباطلة أيضًا على أصلِ ابن حزمٍ، وأصلِ سائر أهل الحديث؛ فإن عندهم جهالة الصحابي لا تقدح في الحديث، لثبوت عدالة جميعهم. وأما أصل ابن حزم، فإنه قال في كتابه
(6)
في أثناء مسألة: كلُّ نساءِ النبيّ صلى الله عليه وسلم ثقاتٌ فواضلُ عند الله عز وجل، مقدَّسات بيقين.
15 -
باب الرخصة في ذلك
(7)
24/ 171 - عن قيس بن طَلْق، عن أبيه قال: "قَدِمْنا على نبي الله صلى الله عليه وسلم، فجاء
(1)
بقية بن الوليد يدلّس تدليس التسوية، فلا يُقبل حتى يصرّح هو وشيخه بالسماع، ولا يكفي تصريحه هو فقط، ينظر:"نتائج الأفكار": (1/ 118 و 2/ 351) لابن حجر، و"البدر المنير":(5/ 102).
(2)
(15495). وأخرجه أبو داود (175) من طريق حيوة بن شريح عن بقية به، ومن طريقه البيهقي:(1/ 83).
(3)
وقع في الأصل و (ش) و"المحلى": "يحيى بن سعيد" تصحيف، وفي "السنن":"بجير ابن سعيد" تصحيف أيضًا، والتصويب من "المسند" وترجمته في "التقريب"(640).
(4)
كذا في الأصل، وفي "المحلى":"أزواج"، ووقع في "المسند" ومصادر الحديث:"أصحاب"، وتعليق ابن القيم على كلام ابن حزم يدلّ على أنها عنده "أزواج".
(5)
نقله في "المغني": (1/ 186)، وابن دقيق العيد في "الإلمام":(1/ 74).
(6)
"المحلى": (3/ 86).
(7)
الباب قبله: "الوضوء من مسّ الذَّكَر".
رجل كأنه بدويٌّ، فقال: يا نبي الله، ما ترى في مَسِّ الرَّجُل ذكرَه بعدما يتوضأ؟ فقال: هل هو إلا مُضْغَةٌ منه، أو بَضْعَة منه! ".
وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه
(1)
. وفي لفظ النسائي ورواية لأبي داود: "في الصلاة"
(2)
. قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: قد سألنا عن قيس، فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول خبره، وقد عارضه مَن وَصَفْنا نعته ورجاحته في الحديث وثَبْته.
وقال يحيى بن معين: لقد أكثر الناس في قيس بن طلق، وأنه لا يحتجّ بحديثه.
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن هذا الحديث؟ فقالا: قيس بن طلق ليس ممن يقوم به حجة، ووهَّناه، ولم يثبتاه.
قال ابن القيم رحمه الله: نقض
(3)
الوضوء مِن مسِّ الذَّكَر فيه حديث بُسرة، قال الدارقطني: قد صحّ سماع عُروة من بُسرة هذا الحديث، وبُسرة هذه من الصحابيات الفُضَّل
(4)
.
قال مالك: أتدرون مَن بُسرة بنت صفوان؟ هي جدَّة عبد الملك بن مروان أمُّ أمِّه، فاعرفوها.
وقال مصعب الزبيري: هي بنت صفوان بن نوفل، من المبايعات، وورقة بن نوفل عمها
(5)
.
(1)
أخرجه أبو داود (182)، والترمذي (85)، والنسائي (165)، وابن ماجه (483)، وأحمد (16286).
(2)
بعد في (ط- المختصر): "يعني مسّ الرجل ذكره في الصلاة".
(3)
الأصل: "حديث نقض".
(4)
ط. الفقي: "الفضليات". وكلام الدارقطني في "العلل": (15/ 313).
(5)
أخرجهما الحاكم في "المستدرك": (1/ 138)، ومن طريقه البيهقي في "معرفة السنن والآثار":(1/ 225 - 226).
وقد ظَلَم مَن تكلَّم في بُسرة وتعدَّى.
وفي "الموطأ" في حديثها من رواية ابن بُكَير
(1)
: "إذا مسَّ أحدُكم ذَكَره فليتوضأ وضوءه للصلاة".
وفيه
(2)
حديث أبي هريرة يرفعه: "إذا أفضى أحدُكم بيده إلى ذَكَره، ليس بينه وبينها
(3)
شيء فليتوضأ". رواه الشافعي
(4)
عن سليمان بن عَمرو ومحمد بن عبد الله، عن يزيد بن عبد الملك الهاشمي، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة.
قال ابن السَّكَن: هذا الحديث من أجود ما رُوِي في هذا الباب
(5)
.
قال ابن عبد البر
(6)
: كان حديث أبي هريرة لا يُعْرف إلا بيزيد بن عبد الملك النوفلي، عن سعيد، عن أبي هريرة ــ ويزيد ضعيف ــ حتى رواه أصبغ بن الفَرَج، عن ابن القاسم، عن نافع بن أبي نعيم ويزيد بن عبد الملك جميعًا، عن سعيد، عن أبي هريرة. قال: فصحَّ الحديث بنقل العدل عن العدل على ما قال ابنُ السَّكَن، إلا أن أحمد بن حنبل كان لا يرضى نافع بن
(1)
ذكرها ابنُ عبد البر في "التمهيد" بإسناده: (17/ 186).
(2)
أي: وفي الباب.
(3)
كذا في الأصل، أي بين ذكره وبين يده. وفي "الأم":"بينه وبينه".
(4)
في "الأم": (2/ 43)، وفي "المسند"(88). وأخرجه أحمد (8404)، وابن حبان (1118)، والدارقطني (532)، والبيهقي:(1/ 133) وغيرهم.
(5)
نقله ابن عبد البر في "التمهيد": (17/ 195).
(6)
في "التمهيد": (17/ 195).
أبي نعيم، وخالفه ابنُ معين فقال: هو ثقة.
قال الحازمي
(1)
: "وقد رُوي عن نافع بن عمر الجُمَحي، عن سعيد، كما رواه يزيد. وإذا اجتمعت هذه الطرق دلّتنا على أن له أصلًا من رواية أبي هريرة".
وفي الباب حديث عَمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه يرفعه:"أيّما رجل مسَّ فرجَه فليتوضأ، وأيّما امرأةٍ مَسَّت فرجها فلتتوضأ"
(2)
.
قال الحازمي
(3)
: "هذا إسناد صحيح؛ لأن إسحاق بن راهويه رواه في "مسنده": نا بقيَّة بن الوليد، حدثني الزبيدي، حدثني عَمرو، فذكره.
وبَقيَّةُ ثقة في نفسه، وإذا روى عن المعروفين فمحتجٌّ به، وقد احتجَّ به مسلم ومن بعده من أصحاب الصحيح.
والزّبيدي ــ محمد بن الوليد ــ إمامٌ محتجٌّ به. وعَمْرو بن شعيب ثقة باتفاق أئمة الحديث. قال: وإذا روى عن غير أبيه لم يختلف أحدٌ [ق 27] في الاحتجاج به، وأما روايته عن أبيه، عن جده، فالأكثرون على أنها متصلة، ليس فيها إرسال ولا انقطاع.
(1)
في "الاعتبار": (1/ 224).
(2)
أخرجه أحمد (7076) وإسحاق بن راهويه كما في "الاعتبار": (1/ 225)، والدارقطني (534)، والبيهقي:(1/ 132). وقد نقل المؤلف تصحيحه عن البخاري والحازمي.
(3)
في "الاعتبار": (1/ 225 - 226).
وذكر الترمذي في كتاب "العلل"
(1)
له، عن البخاري أنه قال:"حديث عبد الله بن عَمرو في هذا الباب ــ في باب مَسِّ الذَّكَر ــ هو عندي صحيح".
قال الحازمي: "وقد رُويَ هذا الحديث من غير وجهٍ عن عَمرو بن شعيب، فلا يُظَنّ أنه من مفاريد بقية".
وأما حديث طَلْق، فقد رُجِّح حديثُ بُسرة وغيره عليه من وجوه:
أحدها: ضعفه.
والثاني: أن طلقًا قد اختلف عنه، فرُوي عنه:"هل هو إلا بضعة منك؟ "
(2)
. وروى أيوب بن عُتبة، عن قيس بن طلق، عن أبيه مرفوعًا:"من مسَّ فَرْجَه فليتوضأ". رواه الطبراني
(3)
وقال: "لم يروه عن أيوب بن عتبة إلا حماد بن محمد، وهما عندي صحيحان، يشبه أن يكون سمع الحديث الأول من النبي صلى الله عليه وسلم قبل هذا، ثم سمع هذا بَعْدُ
(4)
، فوافق حديثَ بُسرة، وأم حبيبة، وأبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني، وغيرهم؛ فسمع الناسخَ والمنسوخَ"
(5)
.
(1)
(1/ 49).
(2)
وهو حديث الباب الذي تقدم.
(3)
في "الكبير": (8/ 334). ونقله الحازمي في "الاعتبار": (1/ 233) والمؤلف صادرٌ عنه.
(4)
في الأصل فوق العين علامة للسكون كبيرة، تشبه الهاء، فأثبت في (ش) وطبعة الفقي:"بعده". والمثبت موافق لما في (هـ) و"معجم الطبراني".
(5)
لفظ الطبراني: "
…
وغيرهم ممن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمرَ بالوضوء من مسّ الذكر، فسمع المنسوخَ والناسخَ".
الثالث: أن حديث طَلْق لو صحّ لكان حديث أبي هريرة ومَنْ معه مقدَّمًا عليه؛ لأن طلقًا قَدِمَ المدينةَ وهم يبنون المسجد، فذَكَر الحديث
(1)
، وفيه قصة مسّ الذَّكَر. وأبو هريرة أسلم عام خيبر، بعد ذلك بستّ سنين، وإنما يُؤخَذ بالأَحْدَث فالأحْدَث مِن أمْرِه صلى الله عليه وسلم.
الرابع: أن حديث طَلْق مُبْقٍ على الأصل، وحديث بُسرة ناقل، والناقل مقدَّم لأن أحكام الشارع ناقلة عما كانوا عليه.
الخامس: أن رُواة النقض أكثر، وأحاديثه أشهر، فإنه من رواية بُسرة، وأم حبيبة، وأبي هريرة، وأبي أيوب، وزيد بن خالد
(2)
.
(1)
أخرجه البيهقي: (1/ 135)، والحازمي في "الاعتبار":(1/ 231 - 232).
(2)
حديث بسرة وأبي هريرة تقدم تخريجهما.
* وحديث أم حبيبة أخرجه ابن ماجه (481)، وابن أبي شيبة (1736)، والطحاوي في "شرح المعاني":(1/ 75)، والبيهقي في "السنن":(1/ 130) وفي "الخلافيات": (2/ 271 - 272). والحديث صححه أحمد فيما نقله الخلال، وقوّاه أبو زرعة فيما نقله الترمذي في "العلل":(1/ 161). وضعفه البخاري وغير واحد وأعلوه بالانقطاع، بأن مكحولًا الشامي لم يسمع من عنبسة، وخالفهم آخرون فأثبتوا سماعه.
ينظر "التخليص الحبير": (1/ 133)، و"مصباح الزجاجة":(1/ 69)، و"الإرواء":(1/ 151).
* وحديث أبي أيوب أخرجه ابن ماجه (482)، والطبراني في "الكبير":(4/ 140) من طريق إسحاق بن أبي فروة عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاريّ عنه
…
الحديث.
قال الزيلعي في "نصب الراية": (1/ 57): "وهو حديث ضعيف، فإن إسحاق بن أبي فروة متروك باتفاقهم وقد اتهمه بعضهم". وانظر "مصباح الزجاجة": (1/ 69).
* وأما حديث زيد بن خالد الجهني فأخرجه أحمد (21689)، وابن أبي شيبة (1735)، والطحاوي في "شرح المعاني":(1/ 73)، والطبراني في "الكبير":(5/ 243)، والبيهقي في "المعرفة":(1/ 222). من طريق ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عنه الحديث. وأعله ابن المديني والبخاري بأن الزهري إنما رواه عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن بسرة، رواه عنه ابن جريج، أخرجه ابن راهويه في "مسنده"، والبيهقي في "الخلافيات":(2/ 261). قال البيهقي: وهذا إسناد صحيح.