الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يرث». وسيأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى.
وقد يتمسك به من يقول: إن الأَمَة لا تكون فراشًا، وإنما يُلحق الولد للسيد بالدِّعْوة
(1)
، لا بالفراش، كقول أبي حنيفة، لقوله:«من كان من أَمَة يملكها يوم أصابها فقد لحق بمن استلحقه» ؛ فإنما جعله لاحقًا به بالاستلحاق، لا بالإصابة.
ولكن قصة عبد بن زمعة أصح من هذا وأصرح في كون الأمة تصير فراشًا، كما تكون الحرة، يَلحق الولد بسيِّدها بحكم الفراش، كما يلحق بالحرة، كما سيأتي. وليس في حديث عمرو بن شعيب أنه لا يَلحق ولدُه من أمته إلا بالاستلحاق، وإنما فيه أنه عند تنازع سيّدها والزاني في ولدها يلحق بسيدها الذي استلحقه دون الزاني، وهذا مما لا نزاع فيه؛ فالحديثان متفقان. والله أعلم.
18 -
باب من قال بالقرعة إذا تنازعوا في الولد
188/ 2175 - عن عبد الله بن الخليل، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من أهل اليمن، فقال: إن ثلاثةَ نَفَرٍ من أهل اليمن أتوا عليًّا يختصمون إليه في ولد، وقد وقعوا على امرأة في طهر واحد، فقال لاثنين: طِيْبا بالولد لهذا، فغَلَيا، فقال: أنتم شركاء مُتَشاكِسون، إني مُقرِعٌ بينكم، فمن قَرَع فله الولد وعليه لصاحبَيه ثُلُثا الدية، فأقرع بينهم فجعله لمن قرع؛ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أضراسه أو نواجذه.
وأخرجه النسائي
(2)
. وفي إسناده الأجلح، واسمه يحيى بن عبد الله الكندي،
(1)
ط. الفقي: «الدعوى» خلافًا للأصل. والدِّعوة» بكسر الدال: الادعاء في النسب.
(2)
أبو داود (2269)، والنسائي (3490).
ولا يحتجّ بحديثه
(1)
.
189/ 2176 - وعن عبد خيرٍ عن زيد بن أرقم قال: أُتِيَ علي رضي الله عنه بثلاثة، وهو باليمن، وقعوا على امرأة في طُهر واحد، فسأل اثنين: أتُقِرَّان لهذا؟ قالا: لا، حتى سألهم جميعًا، فجعل كلما سأل اثنين قالا: لا، فأقرع بينهم، فألحق الولد بالذي صارت عليه القُرعة، وجعل عليه ثلثي الدية، قال: فذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه.
وأخرجه النسائي وابن ماجه
(2)
. ورواه بعضهم مرسلًا. وقال النسائي: هذا صواب. وقال الخطابي
(3)
: وقد تكلم بعضهم في إسناد حديث زيد بن أرقم. هذا آخر كلامه. ويشبه أن يكون المراد بذلك الحديث المتقدم، فأما حديث عبد خير فرجال إسناده ثقات، غير أن الصواب فيه الإرسال. والله عز وجل أعلم.
قال ابن القيم رحمه الله: وقال أبو محمد بن حزم
(4)
: هذا الحديث إسناده صحيح، كلهم ثقات.
قال: فإن قيل: إنه خبر قد اضطرب فيه، فأرسله شعبة، عن سلمة بن
(1)
وثَّقه ابن معين، والأكثر على تضعيفه، قال أبو حاتم: ليس بالقوي يُكتب حديثه ولا يُحتج به. انظر «تهذيب التهذيب» (1/ 189).
(2)
أبو داود (2270)، والنسائي (3488)، وابن ماجه (2348) من طريق الشعبي، عن عبد خيرٍ، به. ورواه أبو داود (2271)، والنسائي في «الكبرى» (5656) عن الشعبي، عن أبي الخليل ــ أو ابن الخليل ــ، أن ثلاثة نفر
…
فذكر نحوه، ولم يذكر زيد بن أرقم، ولم يرفعه. قال النسائي: هو أولى بالصواب. وكذا استصوبه أبو حاتم كما في «العلل» لابنه (1204).
(3)
«معالم السنن» (3/ 177).
(4)
في «المحلَّى» (10/ 150).
كهيل، عن الشعبي، عن مجهول؛ ورواه أبو إسحاق الشيباني، عن رجل من حضرموت، عن زيد بن أرقم= قلنا: قد وصله سفيان، وليس هو بدون شعبة، عن صالح بن حي (وهو ثقة)، عن عبد خير (وهو ثقة)، عن زيد بن أرقم. آخر كلامه.
وهذا الحديث قد اشتمل على أمرين:
أحدهما: إلحاق الولد عند التنازع
(1)
بالقرعة، وهو مذهب إسحاق بن راهويه، قال: هو السنة في دعوى الولد
(2)
. وكان الشافعي يقول به في القديم
(3)
.
وذهب أحمد ومالك إلى تقديم حديث القافة عليه
(4)
. قيل لأحمد في حديث زيد هذا، فقال: حديث القافة أحب إلي
(5)
.
ولم يقل أبو حنيفة بواحد من الحديثين، لا بالقرعة ولا بالقافة
(6)
.
(1)
ط. الفقي: «إلحاق المتنازع فيه» خلافًا للأصل.
(2)
«مسائل أحمد وإسحاق» برواية الكوسج (1/ 410 - 411).
(3)
انظر: «الأم» (8/ 449 - 450)، و «السنن الكبرى» للبيهقي (10/ 267)، و «معرفة السنن والآثار» له (14/ 373).
(4)
انظر: «مسائل أحمد» برواية الكوسج (1/ 410 - 411) وبرواية عبد الله (ص 355)، و «المدونة الكبرى» (5/ 445)، (6/ 146)، (8/ 334، 339).
(5)
«مسائل أحمد» برواية الكوسج، ولفظه:«حديث عمر في القافة أعجب إليَّ» . وحديث عمر في القضاء بالقافة مروي في عدة وقائع عند عبد الرزاق (12864، 12884، 13475، 13480)، وابن أبي شيبة (17784)، والبيهقي (10/ 263 - 264).
(6)
عند أبي حنيفة إذا ادّعاه رجلان ــ وليس لأحدهما بينة ــ يثبت نسبه منهما جميعًا، وتكون الجارية أم ولد لهما تخدم هذا يومًا وذاك يومًا. انظر:«الأصل» لمحمد بن الحسن الشيباني (6/ 464)، و «بدائع الصنائع» (4/ 126).