الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن القيم رحمه الله: وقد اخْتُلِف في خنساء هذه، هل كانت بكرًا أو ثيِّبًا؟ فقال مالك: وهي ثيِّب، وكذلك ذكره البخاري في «صحيحه» ، من حديث مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عبد الرحمن ومُجَمِّع ابني يزيد بن جرير، عن خنساء.
وخالف مالكًا سفيانُ الثوريُّ، فرواه عن عبد الرحمن بن القاسم، عن عبد الله بن يزيد، عن خنساء قالت:«أنكَحَنِي أبي وأنا كارهة، وأنا بِكْر، فشكوتُ ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: «لا تُنْكِحها وهي كارهة» رواه النسائي
(1)
من حديث ابن المبارك عن سفيان.
قال عبد الحق
(2)
: رُوِي أنها كانت بكرًا، ووقع ذلك في كتاب أبي داود والنسائي، والصحيح أنها كانت ثَيِّبًا.
12 -
باب في التزويج على العمل يُعْمَل
(3)
151/ 2025 - عن سهل بن سعد الساعدي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأةٌ فقالت: يا رسول الله، إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قيامًا طويلًا، فقام رجل، فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«هل عندكَ شيء تُصْدِقُها إيَّاه؟» فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنك إن أعطيتها إزارك جلستَ لا إزارَ لك، فالتمِسْ شيئًا» ، قال: لا أجدُ شيئًا، قال:«فالتَمِسْ ولو خاتمًا من حديد» ، فالتمس فلم يجد شيئًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1)
في «الكبرى» (5361) وقال عقبه: «خالفه مالك بن أنس في إسناده وفي لفظه» .
(2)
في «الأحكام الوسطى» : (3/ 144).
(3)
قوله: «يعمل» ليست في ط. «المختصر» ، وهي ثابتة في الأصل و (ش) و «السنن» و (خ- المختصر).
«هل معك من القرآن شيء؟» قال: نعم، سورة كذا وسورة كذا، لسُوَرٍ سَمَّاها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«قد زَوَّجْتُكَهَا بما مَعَكَ من القرآن» .
وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه
(1)
.
وفي رواية: فقال: «ما تحفظ من القرآن؟» قال: سورة البقرة والتي تليها. قال: «قم فعلّمها عشرين آية، وهي امرأتك» في إسناده عسل بن سفيان، وهو ضعيف.
وفي رواية قال: وقد كان مكحول يقول: ليس ذاك لأحدٍ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رُوي «مَلّكْتُكها» وروي أيضًا «مُلِّكْتَها» بضم الميم وكسر اللام. قال أبو الحسن الدارقطني: رواية من روى «مُلّكتَها» وهم، ورواية من قال:«زوّجْتُكها» الصوابُ، وهم أكثر وأحفظ
(2)
.
قال ابن القيم رحمه الله: وادعى بعضُهم أن هذا الحديث منسوخٌ بقوله: «لا نكاح إلا بوليٍّ»
(3)
ولا يصحّ ذلك، فإن الموهوبة كانت تحلّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جعلَتْ أمرَها إليه، فزوَّجها بالولاية.
وأما دعوى الخصوص في الحديث، فإنها من وجه دون وجه، فالخصوص به صلى الله عليه وسلم: نكاحُه بالهبة، لقوله تعالى {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} ــ إلى قوله ــ {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:50].
(1)
أخرجه أبو داود (2111)، والبخاري (5030)، ومسلم (1425)، والترمذي (1114)، والنسائي (3339)، وابن ماجه (1889).
(2)
كلام المنذري هذا بطوله لا وجود له في (ط- المختصر) وهو من المخطوط (ق 182 - نسخة دار الكتب).
وكلام المنذري أطول من هذا لخصّه المؤلف وزاد عليه في باقي كلامه.
(3)
تقدم تخريجه.
وأما تزويج المرأة على تعليم القرآن، فكثير من أهل العلم يجيزه، كالشافعي وأحمد وأصحابهما، وكثير يمنعه، كأبي حنيفة ومالك
(1)
.
وفيه جواز نكاح المُعْدَم الذي لا مال له.
وفيه الردّ على من قال بتقدّر
(2)
أقلّ الصّدَاق إما بخمسة دراهم كقول ابن شبرمة، أو بعشرة كقول أبي حنيفة، أو أربعين درهمًا كقول النخعي، أو خمسين كقول سعيد بن جُبَير، أو ثلاثة دراهم، أو ربع دينار كقول مالك.
وليس لشيءٍ من هذه الأقوال حجةٌ يجب المصيرُ إليها، وليس بعضُها بأولى من بعض. وغاية ما ذكره المُقَدِّرون: قياس استباحة البُضْع على قَطْع يد السارق. وهذا القياسُ ــ مع مخالفته النصَّ ــ فاسدٌ، إذ ليس بين البابين علة مشتركة توجِب إلحاق أحدهما بالآخر، وأين قطع يد السارق من باب الصَّدَاق؟! وهذا هو الوصف الطّرْدي المحض الذي لا أثر له في تعلّق الأحكام به.
وفيه جواز عرضِ المرأةِ نفسَها على الرجل الصالح.
وفيه جواز كون الوليّ هو الخاطب، وترجم عليه البخاري في «صحيحه»
(3)
كذلك، وذَكَر الحديث.
وفيه جواز سكوت العالم، ومَن سُئل شيئًا لم يُرِدْ قضاءَه ولا الجوابَ
(1)
ينظر: «التمهيد» : (21/ 118 - 120)، و «المغني»:(10/ 103)، و «شرح مسلم»:(9/ 213)، و «فتح الباري»:(9/ 212)، و «عمدة القاري»:(20/ 45).
(2)
في المطبوعتين: «بتقدير» والمثبت من الأصول.
(3)
(7/ 16).