الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث، ولولا ثقة من رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان لفرح عبد الله بن مسعود بروايته معنى. هذا آخر كلامه. وقد صحّح الحديثَ الترمذي
(1)
.
قال ابن القيم رحمه الله: وفيه أن الصواب في قول واحد، ولا يكون القولان المتضادان صوابًا معًا. وهو منصوص الأئمة الأربعة والسلف وأكثر الخلف.
وفيه أن الله تعالى هو الموفِّق للصواب، المُلْهِم له بتوفيقه وإعانته، وأن الخطأ من النفس والشيطان، ولا يضاف إلى الله ولا إلى رسوله. ولا حُجَّةَ فيه للقدرية المجوسية
(2)
، إذ إضافته إلى النفس والشيطان إضافة إلى محلّه ومصدره وهو النفس، وسببه
(3)
، وهو الشيطان وتلبيسه الحقَّ بالباطل.
بل فيه ردٌّ على القدرية الجبريّة الذين يبرِّئون النفسَ والشيطانَ مِن الأفعال البتة، ولا يرون للمكلَّف فعلًا اختياريًّا يكون صوابًا أو خطأ.
والذي دلَّ عليه قولُ ابن مسعود، وهو قول الصحابة كلهم وأئمة السنة من التابعين ومَن بعدهم: وهو إثبات القَدَر، الذي هو نظام التوحيد، وإثباتِ فعل العبد الاختياري، الذي هو نظام الأمر والنهي، وهو متعلَّق المدح والذم، والثواب والعقاب، والله أعلم.
14 -
باب في خُطْبة النكاح
154/ 2032 - وعن أبي الأحوص وأبي عُبيدة عن عبد الله قال: «علّمنا
(1)
كلام المنذري بطوله ليس في مطبوعة المختصر وهو في المخطوط (ق 182 أ) نسخة دار الكتب. وله بقية لكن المؤلف نقل منه إلى هنا فقط.
(2)
ط. المعارف: «والمجوسية» والواو مضروب عليها في الأصل، وليست في (ش).
(3)
ط. الفقي: «وشبهها» !
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خُطبة الحاجة: إنّ الحمد لله، نستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ به من شرور أنفسنا، مَن يهدِه الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، يا أيها الذين آمنوا {اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71].
وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه
(1)
. وقال الترمذي: حديث حسن. ومنهم من أخرجه عن أبي الأحوص وحده، ومنهم من أخرجه عنهما.
قال ابن القيم رحمه الله: وقد روى النسائيُّ في «سننه»
(2)
من حديث عَمرو بن سعيد
(3)
، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس: أن رجلًا كلّم النبيَّ صلى الله عليه وسلم في شيء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، مَن يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسوله، أما بعد» .
والأحاديثُ كلّها متفقة على أن «نستعينه ونستغفره ونعوذ به» بالنون، والشهادتان بالإفراد، «وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله» .
(1)
أخرجه أبو داود (2118)، والترمذي (1105)، والنسائي (1404)، وابن ماجه (1892)، وأحمد (3720 و 4115).
(2)
(3278)، وأخرجه مسلم (868)، وابن ماجه (1893).
(3)
ط. الفقي: «شعيب» ورسمها في الأصل قريب، والصواب ما أثبت من المصادر.
قال شيخ الإسلام [ق 85] ابن تيمية
(1)
: لمّا كانت كلمة الشهادة لا يتحمّلها أحدٌ عن أحد، ولا تَقْبل النيابةَ بحالٍ أفردَ الشهادةَ بها، ولمّا كانت الاستعانة والاستعاذة والاستغفار تقبل ذلك، فيستغفر الرجل لغيره، ويستعين الله له، ويستعيذ بالله له، أتى فيها بلفظ الجمع، ولهذا نقول: اللهم أعنّا، وأعِذْنا، واغفر لنا. قال ذلك في حديث ابن مسعود وليس فيه «نحمده» ، وفي حديث ابن عباس «نحمده» بالنون، مع أن الحمد لا يتحمّله أحدٌ عن أحد، ولا يقبل النيابة، فإن كانت هذه اللفظة محفوظة فيه ....
(2)
إلى ألفاظ الحمد والاستعانة على نَسَق واحد.
وفيه معنى آخر، وهو أن الاستعانة والاستعاذة والاستغفار طلب وإنشاء، فيستحبّ للطالب أن يطلبه لنفسه ولإخوانه المؤمنين، وأما الشهادة فهي إخبار عن شهادته لله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة، وهي خبر يطابق عقد القلب وتصديقه، وهذا إنما يخبر به الإنسانُ عن نفسه لعلمه بحاله، بخلاف إخباره عن غيره، فإنه إنما يخبر عن قوله ونطقه، لا عن عَقْد قلبه، والله أعلم.
155/ 2033 - وعن أبي العياض، عن ابن مسعود:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تشهَّد، ذكر نحوه، وقال بعد قوله «ورسوله» : «أرسلَه بالحقّ بشيرًا ونذيرًا بين يدي الساعة، مَنْ يُطع الله ورسولَه فقد رَشد، ومن يعصهما فإنه لا يَضُرُّ إلا نفسَه، ولا يضرّ الله شيئًا»
(3)
.
(1)
لم أعثر على نصه في كتبه المطبوعة، وانظر رسالة «المرابطة بالثغور» ضمن «جامع المسائل»:(5/ 350) لابن تيمية.
(2)
مطموسة في (هـ)، وبياض في الأصل و (ش) بمقدار كلمتين، وكتب بجانبه بخط أصغر:«كذا» .
(3)
أخرجه أبو داود (1097 و 2119)، والطبراني في «الكبير» (10/ 211)، والبيهقي:(3/ 215) وفي إسناده ضعف، ولخطبة الحاجة طرق أخرى صحت بها.