الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليّ بن بُذَيمة، عن ابن جُبير، عن ابن عباس. واخْتُلِف على الوليد، فرواه عنه موسى بن أيوب كذلك، وخالفه محمود بن خالد، فرواه عن الوليد، عن عبد الرحمن بن يزيد السلمي، قال النسائي: هو عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، ضعيف
(1)
.
العلة الثانية: الوَقْف على ابن عباس، ذكره النسائي
(2)
.
وقال عبد الحق
(3)
: حديث الكفارة في إتيان الحائض لا يُروى بإسناد يحتجّ به، ولا يصحُّ في إتيان الحائض إلا التحريم.
24 -
باب ما جاء في العَزْل
165/ 2085 - وعن رِفاعة، عن أبي سعيد الخدري: أن رجلًا قال: يا رسولَ الله، إن لي جاريةً، وأنا أعزِلُ عنها، وأنا أكره أن تحمِل، وأنا أريد ما يريد الرجال، وإن اليهود تُحَدِّث أن العزلَ مَوؤدةُ الصغرى؟ قال:«كَذَبَتْ يَهُودُ، لو أراد الله أن يخلُقَه ما استطعتَ أن تصرِفَه»
(4)
.
اختُلِفَ على يحيى بن أبي كثير فيه، فقيل فيه: عنه عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله، مختصرًا بمعناه، وأخرجه الترمذي والنسائي من حديثه. وقيل فيه: عن رفاعة، كما ذكرناه. وقيل: عن أبي مُطيع عن
(1)
الذي في «الضعفاء» له (ص 206): «متروك الحديث» ونقل عن الوليد بن مسلم أنه قال فيه: كذّاب. ونقل الحافظ في «التهذيب» : (6/ 297) عنه قال: «ليس بثقة» .
(2)
في «الكبرى» (9069).
(3)
في «الأحكام الوسطى» (1/ 210).
(4)
أخرجه أبو داود (2171)، والنسائي في «الكبرى» (9031)، وأحمد (11288)، وصحح إسناده المؤلف في «زاد المعاد»:(3/ 498).
رفاعة. وقيل فيه: عن أبي رفاعة.
قد أخرج مسلم في «صحيحه» من رواية جذامة بنت وهب قالت: ثم سألوه عن العزل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذلك الوأد الخفي» قال بعضهم: جعل العزل عن المرأة بمنزلة الوأد إلا أنه خفيّ، لأن مَن يعزل عن امرأته إنما يعزل هربًا من الولد، ولذلك سمّاه الموؤدة الصغرى، لأن وأد الأحياء الموءودة الكبرى.
وقد اختلف السلف في العزل، فاختاره جماعة منهم. قال الشافعي رضي الله عنه: ونحن نروي عن عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم أرخصوا في ذلك ولم يروا به بأسًا.
قال البيهقي: وقد روّينا الرُّخصةَ فيه من الصحابة، عن سعد بن أبي وقاص وأبي أيوب الأنصاري وزيد بن ثابت وابن عباس وغيرهم.
وذكر غيرُه أنه رُوي عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وخباب بن الأرت وجابر بن عبد الله. ومن التابعين: سعيد بن المسيب وطاوس ومالك والشافعي والكوفيون وجمهور العلماء، واحتجوا بالأحاديث التي جاءت في ذلك.
وكرهت طائفة العزلَ، رُوي ذلك عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وعن علي رواية أخرى، وعن ابن مسعود وابن عمر.
وذكر بعضهم أن حجة القائلين بالكراهة حديث جذامة. وقال غيره: يشبه أن يكون حديث جذامة على طريق التنزيه وضعّف حديث جذامة. وقال: كيف يصح أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم كذبهم في ذلك ثم يخبرهم به كخبرهم، وفيما قاله نظر، فإن الحديث في تكذيبه صلى الله عليه وسلم اليهودَ فيه اضطراب، وحديث جذامة في «الصحيح» ، ثم من أين يتحقق له تقديم أحد الحديثين على الآخر؟ ويمكن أن يجمع بينهما بأن اليهود كانت تقول: العزل لا يكون معه حمل أصلًا، فكذّبهم صلى الله عليه وسلم في ذلك. ويدل
عليه قوله صلى الله عليه وسلم بعد تكذيبهم: «لو أراد الله أن يخلقه ما استطعتَ أن تصرفه»
(1)
.
قال ابن القيم رحمه الله: فاليهود ظنّت أن العزلَ بمنزلة الوأد في إعدام ما انعقد سببُ خلقِه، فكذّبهم في ذلك، وأخبر أنه لو أراد الله خَلْقه ما صرفه أحدٌ.
وأما تسميته «وأدًا خفيًّا» فلأنّ الرجل إنما يعزل عن امرأته هربًا مِن الولد وحرصًا على أن لا يكون، فجرى قصدُه ونيَّتُه وحرصُه على ذلك مجرى مَن أعدمَ الولدَ بوأده، لكن ذاك وَأْدٌ ظاهر باشره
(2)
العبدَ فعلًا وقصدًا، وهذا وأْدٌ خفيّ، إنّما أراده ونواه عزمًا ونية، فكان خفيًّا.
وقد روى الشافعيُّ
(3)
[ق 90] تعليقًا، عن سليمان التيمي، عن أبي عَمرو الشيباني، عن ابن مسعود في العَزْل، قال:«هو الوَأْد الخفيّ» .
وقد اختلف السلف والخلف في العزل، فقال الشافعي: ونحن نروي
(4)
عن عددٍ من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنهم رخَّصوا في ذلك، ولم يروا به بأسًا.
قال البيهقي
(5)
: ورُوِّينا الرخصةَ فيه من الصحابة عن سعد بن أبي
(1)
كلام المنذري بطوله من (خ- المختصر)(ق 187 أ) نسخة دار الكتب. ولا وجود لها في مطبوعة المختصر. وقد أعاد المؤلف بعضَ كلام المنذري مع زيادات.
(2)
ط. الفقي: «من» تصحيف.
(3)
في «الأم» : (8/ 430 - 431). وجاء تسميته بالوأد الخفي في «صحيح مسلم» (1442) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(4)
تصحفت في ط. الفقي إلى: «الشافعي وغيره: يروى
…
».
(5)
في «معرفة السنن والآثار» : (5/ 366)، والآثار عنهم في «السنن الكبير»:(7/ 230 - 231).
وقاص، وأبي أيوب الأنصاري، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وغيرهم.
وذَكَر غيره
(1)
: أنه رُوِي عن علي، وخَبّاب بن الأرتّ، وجابر بن عبد الله. والمعروف عن عليٍّ وابن مسعود كراهتُه.
قال البيهقي: ورُوِيت عنهما الرُّخْصة. ورويت الرخصةُ من التابعين عن سعيد بن المسيّب، وطاوس، وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه.
وألزمهم الشافعيُّ
(2)
المنعَ منه، فروَى عن عليّ وعبد الله بن مسعود المنعَ منه ثم قال: وليسوا يأخذون بهذا، ولا يرون بالعزل بأسًا. ذَكَر ذلك فيما خالف فيه العراقيون عليًّا وعبدَ الله.
وأما قول الإمام أحمد
(3)
فيه فأكثر نصوصه أن له أن يعزل عن سُرّيته، وأما زوجته فإن كانت حُرّة لم يعزل عنها إلا بإذنها، وإن كانت أمةً لم يعزل إلا بإذن سَيِّدها.
ورُوِيَت كراهةُ العَزْل عن عمر بن الخطاب، ورُوِيَت عن أبي بكر الصديق، وعن عليّ وابن مسعود في المشهور عنهما، وعن ابن عمر
(4)
.
وقالت طائفة من أصحاب أحمد وغيرهم: يحرم كلُّ عَزْل، وقال بعض
(1)
ينظر «التمهيد» : (3/ 147 - 149)، و «المغني»:(10/ 229).
(2)
في «الأم» : (8/ 432 - 434).
(3)
ينظر «المغني» : (10/ 230)، و «الفروع»:(8/ 388).
(4)
ينظر «مصنف عبد الرزاق» (7/ 146 - 147)، و «مصنف ابن أبي شيبة» (16839 - 16871).
أصحابه: يباح مطلقًا
(1)
.
وقد روى مسلم في «صحيحه»
(2)
عن سعد بن أبي وقاص: «أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أعْزِل عن امرأتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لِمَ تفعل ذلك؟» ، فقال الرجل: أُشْفِق على ولدها أو على أولادها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لو كان ذلك ضارًّا ضرَّ فارسَ والرومَ» .
وفي «الصحيحين»
(3)
من حديث جابر: «كُنّا نعزل والقرآنُ ينزل، فلو كان شيء يُنْهَى عنه لنهى عنه القرآن» .
وفي «صحيح مسلم»
(4)
عنه في هذا الحديث: «كُنّا نَعْزِل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فلم يَنْهنا» .
وفي «الصحيحين»
(5)
من حديث أبي سعيد قال: «ذُكِر العَزْل عند النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «وما ذاكم؟» ، قالوا: الرجلُ تكونُ له المرأة تُرْضِع، فيصيبُ منها، ويكرَه أن تحمل منه؟ [والرجل تكون له الأَمة فيصيب منها، ويكره أن تحمل منه]، قال:«فلا عليكم أن لا تفعلوا ذلكم، فإنما هو القَدَر» . قال ابن عون: فحدَّثتُ به الحَسَن فقال: والله لكأنَّ هذا زجرٌ.
(1)
ينظر «الفروع» : (8/ 388).
(2)
(1443/ 143).
(3)
أخرجه البخاري (5208)، ومسلم (1440).
(4)
(1440/ 138).
(5)
البخاري (5210) وليس فيه قول الحسن، ومسلم (1438/ 131). وما بين المعقوفين مستدرك منه.
وفي لفظ في «الصحيحين»
(1)
: قال محمد بن سيرين: قوله: «لا عليكم» أقرب إلى النهي. ووَجْه ذلك ــ والله أعلم ــ: أنه إنما نَفَى الحرجَ عن عدم الفعل فقال: «لا عليكم أن لا تفعلوا» يعني في أن لا تفعلوا، وهو يدلُّ بمفهومه على ثبوت الحَرَج في الفعل، فإنه لو أراد نفي الحرج عن الفعل لقال: لا عليكم أن تفعلوا. والحكم بزيادة «لا» خلاف الأصل، فلهذا فَهِم الحسنُ وابنُ سيرين من الحديث الزجرَ. والله أعلم.
وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي
(2)
.
قال ابن القيم رحمه الله: وفيه دليل على جواز استرقاق العرب ووطء سباياهم، وكن كتابيات. وقد تقدم حديث أبي سعيد في سبايا أوطاس
(3)
وإباحة وطئهنّ، وهُنّ من العرب. وحديثه الآخر: «لا توطأ حاملٌ حتى
(1)
أخرجه مسلم (1438/ 130) ولم أره في البخاري.
(2)
أخرجه أبو داود (2172)، والبخاري (4138)، ومسلم (1438)، والنسائي في «الكبرى» (5027)، وابن ماجه أيضًا (1926).
(3)
يعني في «سنن أبي داود» (2155).
تضع»
(1)
.
وكان أكثر سبايا الصحابة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم من العرب، وكانوا يطؤوهنَّ بإذن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يشترط في الوطء غير استبرائهنّ، لم يشترط إسلامهن، وتأخيرُ البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
وقد دفع أبو بكر إلى سلمة بن الأكوع امرأةً من السبي، نَفّلَها إيّاه من العرب
(2)
. وأخذ عَمْرو بن أمية مِن سَبْي بني حنيفة
(3)
، وأخذ الصحابةُ من سَبْي المجوس، ولم يُنقَل أنهم اجتنبوهن.
قال ابن عبد البر
(4)
: «إباحة وطئهنَّ منسوخٌ بقوله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة:221]» . وهذا في غاية الضعف، لأنه في النكاح. وسأل محمدُ بن الحكم أحمدَ عن ذلك، فقال: لا أدري، أكانوا أسلموا أم
(1)
أخرجه أبو داود (2157)، وله شاهد من حديث العرباض بن سارية أخرجه الترمذي (1564) وقال:«حديث غريب، والعمل على هذا عند أهل العلم» .
(2)
أخرجه مسلم (1755).
(3)
كذا العبارة في الأصل، ولم نجد خبر عَمرو بن أمية في سبي بني حنيفة ولعل في الكلام سقطًا أو تحريفًا، ففي «المغني»:(9/ 553 - 554): «وقد دفع أبو بكر إلى سلمة بن الأكوع امرأة من بعض السبي نفلها إياه، وأخذ عمر وابنه من سبي هوازن، وكذلك غيرهما من الصحابة. والحنفية أم محمد بن الحنفية من سبي بني حنيفة، وقد أخذت الصحابةُ سبايا فارس وهم مجوس، فلم يبلغنا أنهم اجتنبوهن، وهذا ظاهر في إباحتهنّ» .
فكلام ابن القيم ملخص من هنا، ولا ذِكر فيه لعمرو بن أمية، والله أعلم.
(4)
في «التمهيد» : (3/ 135).
لا
(1)
»
(2)
.
25 -
باب ما يُكْرَه مِن ذِكْر الرجل ما يكون بينه وبين أهْله
167/ 2088 - عن أبي نضْرةَ قال: حدّثني شيخ من طُفاوَة قال: «تَثَوَّيْتُ أبا هريرة بالمدينة، فلم أر رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أشَدَّ تَشْمِيرًا، ولا أقْوَمَ على ضيْفٍ منه، فبينا أنا عنده يومًا وهو على سريرٍ له، مع كيس فيه حصًى أو نوًى، وأسفَلُ منه جارية له سَوْدَاء، وهو يُسَبِّحُ بها، حتى إذا أنْفَدَ ما في الكيس ألقاه إليها، فجمعَتْه فأعادته في الكيس، فدفعته إليه، فقال: ألا أحدثك عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: قلت: بلى، قال: بينا أنا أُوعَكُ في المسجد، إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل المسجد، فقال: «مَنْ أحَسَّ الفتى الدَّوْسِيَّ؟» ثلاث مرات، فقال رجل: يا رسول الله، هو ذَا يُوعَك في جانب المسجد، فأقبل يمشي حتى انتهى إليَّ، فوضع يده عليَّ، فقال لي معروفًا، فنهضتُ، فانطلق يمشي حتى أتى مقامه الذي يصلي فيه، فأقبل عليهم، ومعه صَفَّانِ من رجال وصفٌّ من نساء، أو صَفَّان من نساء وصَفٌّ من رجال، فقال:«إنْ نَسَّانيَ الشيطان شيئًا من صلاتي فلْيُسبِّح القومُ، ولْيُصَفِّقِ النساءُ» ، قال: فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يَنْسَ من صلاته شيئًا، فقال:«مَجالِسَكُم، مَجَالِسَكم» .
زاد موسى ــ وهو ابن إسماعيل ههنا ــ: ثم حمد الله تعالى وأثنى عليه، ثم قال:«أما بعد» ، ثم اتفقوا ــ: ثم أقبل على الرّجال فقال: «هل منكم الرجلُ إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه، وألقى عليه سِتره، واستتر بستر الله؟» ، قالوا: نعم، قال:«ثم يجلس بعد ذلك فيقول: فعلت كذا، فعلت كذا؟» ، قال: فسكتوا، قال: فأقبل على النساء فقال: «هل منكنّ من تحدِّث؟» ، فسكتْنَ، فَجَثَتْ
(1)
نقله في «المغني» : (9/ 554).
(2)
في هامش الأصل ما نصه: «قابله على أصله فصح. محمد بن أحمد السعودي» .
فتاةٌ على إحدى ركبتيها، وتَطاوَلَت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليراها ويسمع كلامها، فقالت: يا رسول الله، إنهم لَيَتَحَدَّثُون، وإنَّهُنَّ لَيَتَحَدَّثْنَه، فقال:«هل تدرون ما مَثَل ذلك؟» ، فقال:«إنما مَثَل ذلك مثل شيطانة لقيت شيطانًا في السِّكَّة فقضى منها حاجته والناسُ ينظرون إليه، ألا إنَّ طِيبَ الرِّجال ما ظهر ريحُهُ ولم يَظْهَر لَوْنه، ألا إن طيبَ النساء ما ظهر لونه ولم يظهر ريحه» .
قال أبو داود: ومن ههنا حفظته عن مؤمَّل وموسى: «ألَا لا يُفْضِيَنَّ رجلٌ إلى رجل، ولا امرأة إلى امرأة، إلا إلى ولد أو والد، وذكر ثالثةً، فنسيتها» .
وأخرجه الترمذي والنسائي
(1)
مختصرًا بقصة الطيب. وقال الترمذي: هذا حديث حسن، إلا أن الطُّفاوي لا نعرفه إلا من هذا الحديث، ولا يعرف اسمه. وقال أبو الفضل محمد بن طاهر: والطفاوي مجهول. هذا آخر كلامه. وذكر أبو موسى الأصبهاني أنه مرسل، وفيما قاله نظر، وإنما هي رواية مجهول. وقد سمى الحاكم أبو عبد الله وغيره رواية المجهول منقطعةً، فيحتمل أن يكون أبو موسى سلك طريقهم، وخالفهم غيرهم في ذلك. وقد أخرج مسلم في «صحيحه» من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أشرّ الناس عند الله منزلةً يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها» ، وسيجيء في كتاب الأدب إن شاء الله.
قال ابن القيم رحمه الله: وقوله في الحديث: «وليصفق النساء» دليل على أن قوله في حديث سهل بن سعد المتفق عليه «التصفيق للنساء»
(2)
أنه إذنٌ
(1)
أخرجه أبو داود (2174)، والترمذي (2994)، والنسائي في «الكبرى» (9348)، وأحمد (10977).
(2)
أخرجه البخاري (1204)، ومسلم (421).
وإباحة لهنَّ في التصفيق في الصلاة عند نائبة تنوب، لا أنه عيب وذم.
قال الشافعي: حكم النساء التصفيق، وكذا قاله أحمد. وذهب مالكٌ إلى أن المرأةَ لا تصفّق وأنها تسبِّح
(1)
. واحتجّ له الباجيُّ
(2)
وغيره بقوله صلى الله عليه وسلم: «مَن نابه شيء في صلاته فليسبِّح»
(3)
قالوا: وهذا عام في الرجال والنساء. قالوا: وقوله «التصفيق للنساء» هو على طريق الذمّ والعيب لهنّ، كما يقال: كفرانُ العشيرِ مِنْ فِعْل النساء.
وهذا باطل من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن في نفس الحديث تقسيم التسبيح بين الرجال والنساء، وإنما ساقه في معرض التقسيم وبيان اختصاص كلّ نوع بما يصلح له، فالمرأة لما كان صوتها عورةً مُنِعَت من التسبيح، وجُعِل لها التصفيق، [ق 91] والرجل لمّا خالفها في ذلك شُرِع له التسبيح.
الثاني: أن في «الصحيحين»
(4)
من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التسبيح للرجال والتصفيق للنساء» . فهذا التقسيم والتنويع صريح في أن حكم كلِّ نوعٍ ما خَصَّه به. وخرَّجه مسلم بهذا اللفظ، وقال في آخره:«في الصلاة» .
(1)
ينظر «المغني» : (2/ 409 - 410)، و «التهذيب في اختصار المدونة»:(1/ 269)، و «نهاية المطلب»:(2/ 189 - 190).
(2)
لم يذكره في «المنتقى» .
(3)
أخرجه البخاري (1218)، ومسلم (421/ 102).
(4)
أخرجه البخاري (1203)، ومسلم (422).
الثالث: أنه أمر به في قوله: «وليصفّق النساء» ، ولو كان قوله:«التصفيق للنساء» على جهة الذمِّ والعَيْب لم يأذن فيه. والله أعلم.
* * *