الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأيضًا، فإن النكاح لم تَزُل أحكامُه كلها بالإسلام، ولهذا قلتم: إن عدة المفارقات من حين الاختيار، لا من حين الإسلام على الصحيح، وعللتم ذلك [بأنهن]
(1)
إنما بِنَّ منه بالاختيار لا بالإسلام، فالطلاق أَثَّر في قطعِ أحكام النكاح وإزالتها.
وأيضًا، فإن العبرة بالقصد والنية، وهو لم يرد قط بقوله «طلقت هذه» اختيارها، بل هذا قلب للحقائق!!
وأيضًا، فإن لفظ الطلاق لم يوضع للاختيار لغةً ولا شرعًا ولا عرفًا، ولا هو اصطلاح خاص له يريده بكلامه، فحمله على الاختيار ممتنع.
17 -
باب في ادّعاء ولد الزنا
(2)
.
(1)
في هامش الأصل: «لعله بأنهن» استظهارًا، فظنّه ناسخ (ش) لحقا فأقحمه كلّه في النص هكذا:«ذلك لعله بأنهن إنما» !
(2)
رواه أبو داود (2265، 2266) من طرق عن محمد بن راشد، عن سليمان بن موسى الأشدق، عن عمرو بن شعيب، به.
وقد تقدم الكلام على عمرو بن شعيب. وروى عن عمرٍو هذا الحديث محمد بن راشد المكحولي، وفيه مقال
(1)
.
قال بعضهم
(2)
: هذه أحكام وقعت في أول زمان الشريعة، وكان حدوثها ما بين الجاهلية وبين قيام الإسلام، كان لأهل الجاهلية إماء وهن البغايا اللواتي ذكرهن الله عز وجل في قوله:{وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور: 33]، إذ كانت السادة يلمُّون بهن، فإذا جاءت بولدٍ وكان سيِّدُها يطؤها وقد وطئها غيره بالزنا، فربما ادَّعاه الزاني وربّما ادّعاه السيد، فحكم صلى الله عليه وسلم بالولد لسيِّدها، لأن الأمة فراش له، ونفاه عن الزاني ــ ثم ذكر الاستلحاق
(3)
.
قال ابن القيم رحمه الله: وليس كما قال، فإن هذا القضاء إنما وقع بالمدينة بعد قيام الإسلام ومصيرها دارَ هجرة. وقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم على صور:
الصورة الأولى: أن يكون الولد من أَمَته التي في ملكه وقت الإصابة، فإذا استلحقه لحق به من حين استلحقه، وما قسم من ميراث قبل استلحاقه لم يُنقَض ويورَثْ منه المستلحِق، وما كان بعد استلحاقه من ميراثٍ لم يُقسَم ورث منه نصيبه، فإنه إنما تثبت بُنُوَّته من حين استلحقه، فلا تنعطف على ما
(1)
كذا، ولم يروِه محمد بن راشد عن عمرٍو مباشرة، وإنما بينهما سليمان بن موسى الأشدق. ومحمد بن راشد ثقة صدوق في روايته، وإنما تكلِّم فيه لأنه كان يرى القدر. وسليمان في حديثه بعض اضطراب، وقد سبق الكلام فيه بالتفصيل في «باب لا نكاح إلا بولي» .
(2)
هو الخطابي في «معالم السنن» (3/ 173).
(3)
هذه الفقرة من كلام المنذري أثبتناه من مخ «المختصر» (النسخة البريطانية)، وهي ساقطة من المطبوع، وذكرها بذكر طرفيها فقال:«قال المنذري: هذه أحكام وقعت في أول زمان الشريعة، إلى أن قال: ثم ذكر الاستلحاق» .
تقدم من قسمة المواريث.
وإن أنكره لم يَلحق به، وسمّاه «أباه» على كونه يدعى له ويقال إنه منه، [لا]
(1)
لأنه أبوه في حكم الشرع، إذ لو كان أباه حكمًا لم يُقبَل إنكارُه ولَحِق به.
الصورة الثانية: أن يكون الولد من أَمَة لم تكن في ملكه وقت الإصابة، فهذا ولد زنًا لا يلحق به ولا يرثه، بل نسبه منقطع منه.
وكذلك إذا كان من حرة قد زنى بها، فالولد غير لاحق به ولا يرث منه. وإن كان هذا الزاني الذي يُدعى الولد له ــ يعني أنه منه ــ قد ادّعاه= لم تُفِد دعواه شيئًا، بل الولد ولد زنا، وهو لأهل أمه؛ إن كانت أمةً فمملوك لمالكها، وإن كانت حرة فنسبه إلى أمه وأهلها، دون هذا الزاني الذي هو منه.
وقوله في أول الحديث: [ق 107]«استُلحق بعد أبيه الذي يدعى له، ادَّعاه ورثته» ، الأب هاهنا هو الزاني الذي منه الولد، وسمّاه أبًا تسميةً مُقيدةً بكون الولد منه، ولهذا قال:«الذي يدعى له» ، يعني يقال: إنه منه، ويُدعى له في الجاهلية أنه أبوه. فإذا ادّعاه ورثة هذا الزاني فالحكم ما ذكر.
ونظير هذا القضاء: قصة سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في ابن أَمَة زمعة، فإن ورثة عتبة ــ وهو سعد ــ ادَّعَى الولد أنه من أخيه، وادعى عبد أنه أخوه وُلِد على فراش أبيه، فألحقه النبي صلى الله عليه وسلم بمالك الأَمَة، دون عتبة. وهو تفسير قوله: «وإن كان من أَمَة لم يملكها أو من حرّةٍ عاهر بها فإنه لا يَلحق
(1)
زيادة لازمة ليستقيم المعنى، وقد يكون «لأنه» مصحفًا عن «لا أنه» كما أُثبت في ط. الفقي.