الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن القيم رحمه الله: قال ابن القطان
(1)
: وعندي أنه ضعيف لأنه من رواية يوسف بن ماهَك عن أُمّه مُسَيكَة، وهي مجهولة، لا يُعرَف روى عنها غير ابنها.
والصوابُ تحسين الحديث، فإن يوسف بن ماهَك من التابعين، وقد سمع أمَّ هانئ وابن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمرو، وقد رَوى عن أمه، ولم يُعْلَم فيها جرح، ومثل هذا الحديث حَسَن عند أهل العلم بالحديث، وأمه تابعية قد سمعت عائشة
(2)
.
26 -
بابٌ في تحريم المدينة
(3)
137/ 1959 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجعلوا بيوتَكُم قبورًا، ولا تجعلوا قبري عيدًا، وصلوا عَلَيَّ فإن صلاتَكُم تبلغني حيثُ كنتم»
(4)
.
(1)
في «بيان الوهم والإيهام» : (3/ 468 - 469).
(2)
لكن فيه أيضًا إبراهيم بن مهاجر الراوي عن يوسف بن ماهك، متكلّم فيه من قبل حفظه، قال ابن عدي: يُكتب حديثه في الضعفاء، وقال يحيى بن سعيد: حدّث بأحاديث لا يُتابع عليها. وقد تفرّد بهذا الحديث فلا يُحتمل تفرّده وهذه حاله. ينظر «تهذيب التهذيب» : (1/ 167 - 168).
(3)
في المطبوع بين معكوفين [باب زيارة القبور] وذكر في الحاشية أنها زيادة من «السنن» ، والمثبت من المخطوط (ق 79 ب). ووقع في بعض نسخ «السنن» «باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وزيارة قبره» .
(4)
أخرجه أبو داود (2042)، وأحمد (8804) من طريق عبد الله بن نافع، عن ابن أبي ذئب عن المقبري، عن أبي هريرة به، وإسناده حسن، وصححه الحافظ في «الفتح»:(6/ 488). وأخرجه مسلم (780)، والترمذي (3093)، وأحمد (7821) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا:«لا تجعلوا بيوتكم مقابر» .
في إسناده عبد الله بن نافع الصائغ المديني مولى بني مخزوم، كنيته أبو محمد، قال البخاري: يُعْرَف حفظه ويُنكر. ووثَّقه يحيى بن معين. وقال أحمد بن حنبل: لم يكن صاحبَ حديثٍ، كان ضعيفًا فيه، ولم يكن في الحديث بذاك. وقال أبو حاتم الرازي: ليس بالحافظ، هو ليّن، تَعْرِف حفظه وتُنْكِر. وقال أبو زُرْعة: لا بأس به.
قال ابن القيم رحمه الله: وقد أبْعَدَ بعضُ المتكلِّفين وقال
(1)
: «يحتمل أن يكون المراد به الحثّ على كثرة زيارة قبره، وأن لا يُهْمَل حتى لا يُزَار إلا في بعض الأوقات، كالعيد الذي لا يأتي في العام إلا مرتين. قال: ويؤيّد هذا التأويل: ما جاء في الحديث نفسه: «لا تجعلوا بيوتكم قبورًا» أي: لا تتركوا الصلاةَ في بيوتكم حتى تجعلوها كالقبور التي لا يصلَّى فيها».
قال بعضهم
(2)
: وزيارةُ قبره صلوات الله وسلامه عليه غنيَّة عن هذا التكلُّف البارد والتأويل الفاسد، الذي يُعْلَم فسادُه مِن تأمُّل سياق الحديث ودلالة اللفظ على معناه، وقوله في آخره:«وصلوا عليَّ فإنّ صلاتَكم تبلغني حيثُ كنتم» . وهل في الإلغاز أبعد من دلالة من يريد الترغيب في الإكثار من الشيء وملازمته بقوله: «لا تجعله عيدًا» ؟
وقوله: «ولا تتخذوا بيوتكم قبورًا» نَهْيٌ لهم أن يجعلوها
(3)
بمنزلة
(1)
هذا كلام المنذري بنصّه كما في طرة (خ- المختصر)(ق 175 أ) وذكره السبكي في «شفاء السقام» (ص 231) نقلًا عنه.
(2)
هذا الجواب ملخّصٌ من كتاب «الصارم المنكي في الرد على السبكي» (ص 309 - 311) لابن عبد الهادي. ونقل المؤلف نظير هذه الشبهة وأجاب عنها وفنّدها في «إغاثة اللهفان» : (1/ 349 - 350).
(3)
في الأصل و (ش): «يجعلوه» ، والمثبت من (هـ).
القبور التي لا يُصلَّى فيها، وكذلك نهيه لهم أن يتخذوا قبرَه عيدًا نَهْيٌ لهم أن يجعلوه مَجْمعًا، كالأعياد التي يَقْصِد الناسُ الاجتماعَ إليها للصلاة. بل يُزار قبرُه صلوات الله وسلامه عليه كما كان يزوره الصحابة رضوان الله عليهم، على الوجه الذي يُرضيه ويُحبّه، صلوات الله وسلامه عليه.
* * *