الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 -
باب في البِكْر يزوِّجها أبوها
(1)
149/ 2011 - عن ابن عباس: أن جاريةً بكرًا أتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكرَتْ أن أباها زوَّجها وهي كارهة، فخيَّرها النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه ابن ماجه
(2)
، وأخرجه أبو داود أيضًا مرسلًا
(3)
. وقال: وكذا رواه الناس مرسلًا معروف. وقال البيهقي
(4)
: فهذا حديث أخطأ فيه جرير بن حازم على أيوب السختياني، والمحفوظ عن أيوب عن عكرمة:«أن النبي صلى الله عليه وسلم» مرسلًا. وقال أيضًا: وقد روي من أوجه أخرى عن عكرمة موصولًا، وهو أيضًا خطأ، وذكره عن عطاء عن جابر. وقال: هذا وهم، والصواب مرسل، وقال: وإن صح ذلك فكأنه كان وضعها في غير كُفْءٍ، فخيَّرها النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن القيم رحمه الله: وعلى طريقة البيهقي وأكثر الفقهاء وجميع أهل الأصول: هذا حديث صحيح، لأن جرير بن حازم ثقة ثبت، وقد وَصَله، وهم يقولون: زيادة الثقة مقبولة، فما بالها تُقْبَل في موضع، بل في أكثر المواضع التي توافق مذهبَ المقلِّد، وتُرَدّ في موضع يخالف مذهبه؟! وقد قبلوا زيادة الثقة في أكثر من مائتين من الأحاديث رفعًا ووصلًا وزيادةَ لفظٍ ونحوه، هذا لو انفرد به جرير، فكيف وقد تابعه على رفعه عن أيوب: زيدُ بن
(1)
كذا الباب في الأصل و (ش)، وفي «السنن» و «مختصر المنذري» زيادة:«ولا يستأمرها» .
(2)
أخرجه أبو داود (2096)، وابن ماجه (1875)، والنسائي في «الكبرى» (5366)، وأحمد (2469) من طرق عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس به.
(3)
أخرجه أبو داود (2097). وقال عقبه: «لم يذكر ابن عباس
…
» وبقية العبارة ذكرها المنذري.
(4)
في «السنن الكبرى» : (7/ 117).
حبان، ذكره ابن ماجه في «سننه»
(1)
.
وأما حديث جابر فهو حديث يرويه شُعَيب بن إسحاق، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن جابر:«أن رجلًا زوَّج ابنتَه وهي بِكْر من غير أمرها، فأتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ففرَّق بينهما» رواه النسائي
(2)
.
ورواه أيضًا من حديث أبي حفص التنِّيسي
(3)
: سمعتُ الأوزاعيَّ قال: حدثني إبراهيم بن مرة، عن عطاء بن أبي رَباح قال:«زوَّج رجلٌ ابنتَه وهي بكر» وساق الحديث.
وهذا الإرسال لا يدلّ على أن الموصول خطأ بمجرَّده.
وأما حديث جرير الذي أشار البيهقي
(4)
إلى أنه أخطأ فيه على أيوب، فرواه النسائي
(5)
أيضًا من حديث جَرير، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس:«أن جارية بكرًا أتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم،فقالت: إن أبي زَوَّجني، وهي كارهة، فردَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم نكاحها» . ورجاله محتجٌّ بهم في الصحيح.
وقد تقدّم
(6)
قولُ النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تُنْكَح البِكْرُ إلا بإذنها» . وهذا نهيٌ صريح في المنع، فحَمْلُه على الاستحباب بعيد جدًّا.
(1)
ساقه عقب حديث (1875).
(2)
في «الكبرى» (5363).
(3)
في «الكبرى» (5364).
(4)
في «السنن الكبرى» : (7/ 117).
(5)
(5366)، وأخرجه ابن ماجه (1875).
(6)
أي في «سنن أبي داود» (2092) وأخرجه البخاري (5136)، ومسلم (1419) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وفي حديث ابن عباس: «والبِكْر يستأمرها أبوها» رواه مسلم
(1)
، وسيأتي، فهذا خبرٌ في معنى الأمر على إحدى الطريقتين، أو خبر محض، ويكون خبرًا عن حُكْم الشرع، لا خبرًا عن الواقع، وهي طريقة المحققين. فقد توافق أمرُه صلى الله عليه وسلم وخبرُه ونهيه على أن البِكْر لا تُزوَّج إلا بإذنها. ومثل هذا يَقْرُب مِن القاطع
(2)
ويبعُد كلَّ البعد حَمْلُه على الاستحباب.
وروى النسائي
(3)
من حديث عكرمة، عن ابن عباس قال:«أنكَحَ رجلٌ من بني المنذر ابنتَه وهي كارهة، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فردَّ نكاحها» .
وروى أيضًا
(4)
من حديث عبد الله بن بُرَيدة، عن عائشة: أن فتاةً دخلت عليها فقالت: إن أبي زوَّجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، وأنا كارهة، قالت: اجلسي حتى يأتي النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرَتْه، فأرسل إلى أبيها فدعاه، فجعلَ الأمرَ إليها، فقالت: يا رسول الله، قد أجزتُ ما صنع أبي، ولكني أردت أن أعْلَم أللنساءِ مِن الأمر شيءٌ؟».
ورَوى أيضًا
(5)
عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة قال:«أنْكَح رجلٌ من بني المنذر ابنتَه وهي كارهة، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فردَّ نكاحها» .
وحَمْل هذه القضايا وأشباهها على الثيِّب دون البِكْر خلاف مقتضاها، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يسأل عن ذلك ولا استفصل، ولو كان الحكم يختلف بذلك
(1)
(1421).
(2)
كذا ولعله «القطع» .
(3)
(5368).
(4)
(5369). قال النسائي عقبه: هذا الحديث يرسلونه.
(5)
(5367).