الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن هذه الترجمة صحيحة عند أئمة الحديث لا مطعَن فيها
(1)
، وقد صحَّح الإمامُ أحمد والبخاريُّ والناسُ حديثَ ابن عباس، وحكموا له على حديث عَمرو بن شعيب.
وأما حَمْلها على تطاول العِدّة فلا يخفى بعدُه.
وأما حمله على أنه ردَّها بنكاحٍ جديد مثل الأول، ففي غاية البعد، واللفظُ ينبو عنه.
وأما ردّه بكونه خلاف الإجماع ففاسد، إذ ليس في المسألة إجماع، والخلاف فيها أشهر، والحجةُ تفصِلُ بين الناس.
فليس القول في الحديث إلا أحد قولين: إما قول إبراهيم النخعي، وإما قول من يقول: إن التحريم لم يكن ثابتًا إلى حين نزول الممتحنة، فكانت الزوجية مستمرة قبل ذلك. فهذان المسلكان أجود ما سُلِك في الحديث. والله أعلم.
16 -
باب فيمن أسلم وعنده نساء أكثر من أربع
185/ 2149 - عن الحارث بن قيس الأسدي رضي الله عنه قال: أسلمتُ وعندي ثمانُ نسوة، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«اختَرْ منهُنَّ أربعًا» .
وفي رواية
(2)
: «قيس بن الحارث» ، وصوّبه بعضهم.
(1)
سبق نقل كلام من ضعّفها من الأئمة كعليّ بن المديني وغيره.
(2)
رواها أبو داود عقب الرواية السابقة (2241) من طريق شيخه أحمد بن إبراهيم الدَّورقي، وذكر أن أحمد بن إبراهيم قال:«هذا الصواب» .
وأخرجه ابن ماجه
(1)
. وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقد ضعَّفه غير واحد من الأئمة. وقال أبو القاسم البغوي
(2)
: ولا أعلم للحارث بن قيس حديثًا غير هذا. وقال أبو عمر النمري
(3)
: ليس له إلا حديث واحد، ولم يأت مِن وجه صحيح.
وقد أخرج الترمذي وابن ماجه
(4)
من حديث عبد الله بن عمر: «أن غَيلان بن سلَمة الثقفي أسلم وله عشرُ نسوة في الجاهلية فأسلمن معه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخيَّر أربعًا منهن» .
قال البخاري
(5)
: هذا حديث غير محفوظ. يعني أن الصحيح إرساله، وقد ذكر ذلك وبيَّنه.
وقال مسلم بن الحجاج
(6)
: أهل اليمن أعرف بحديث معمر
(7)
، فإن حدّث به ثقة من غير أهل البصرة صار الحديث حديثًا، وإلا فالإرسال أولى. يعني أن أهل البصرة تفردوا بإسناده، وقد روي الحديث عن غير أهل البصرة موصولًا
(8)
.
(1)
برقم (1952) من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقي.
(2)
انظر: «معجم الصحابة» له (4/ 198) ط. مبرة الآل والأصحاب.
(3)
«الاستيعاب» (1/ 300).
(4)
الترمذي (1128)، وابن ماجه (1953) من طريقين عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر.
(5)
نقله عنه الترمذي في «الجامع» عقب الحديث وفي «العلل الكبير» (ص 164).
(6)
أسنده عنه البيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 182).
(7)
وذلك أن عبد الرزاق الصنعاني رواه عن معمر عن الزهري مرسلًا، وسيأتي.
(8)
روي من طريق بعض أهل الكوفة وأهل خراسان وأهل اليمامة عن معمر موصولًا، أخرجه ابن حبان (4157، 4158)، والحاكم (2/ 192 - 193)، والبيهقي (7/ 182). ولا يفيد ذلك شيئًا لأنهم سمعوه منه بالبصرة، لا باليمن حيث كان يحدّث من كتبه على الصحة. انظر:«التلخيص الحبير» (3/ 168).
وأخرجه الدارقطني
(1)
من حديث عبد الله بن عباس، وإسناده ضعيف.
قال ابن القيم رحمه الله: وقد اختصر كلامَ البخاري، ونحن نذكره لكمال الفائدة: قال البخاري: حديث غيلان بن سلمة ــ يعني من حديث عبد الله بن عمر ــ غير محفوظ، والصحيح ما رواه شعيب وغيره، عن الزهري: حُدِّثتُ
(2)
عن محمد بن سويد الثقفي: أن غيلان أسلم.
قال البخاري: وإنما
(3)
حديث الزهري عن سالم عن أبيه: أن رجلًا من ثقيف طلق نساءه، فقال عمر رضي الله عنه: لتراجعَنّ نساءك، أو لأرجمنّ قبرك كما رُجم قبر أبي رِغال.
وقال ابن عبد البر
(4)
: الأحاديث في تحريم ما زاد على الأربعة كلها معلولة.
وقال ابن القطان
(5)
: هذا حديث يُختلف فيه على الزهري، فمالك ومعمر يقولان عنه: بلغَنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [ق 106] لرجل من ثقيف
(6)
.
ويونس في روايةٍ عنه يقول: عن الزهري عن عثمان بن محمد بن أبي
(1)
في «سننه» (3683)، وفي إسناده الواقدي، وهو متروك.
(2)
ساقطة من ط. الفقي.
(3)
في الأصل والطبعتين: «وأما» ولا يأتي لها جواب. والمثبت من «الجامع» و «العلل» .
(4)
«التمهيد» (12/ 58)، والمؤلف صادر عن «بيان الوهم والإيهام» (3/ 496).
(5)
«بيان الوهم» (3/ 496 - 497) بتصرف واختصار وتحرير.
(6)
رواية مالك في «الموطأ» (1717)، ورواية معمر عند عبد الرزاق (12621).
سويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لغيلان حين أسلم. ذكره ابن وهب عن يونس.
وروى الليث عن يونس عن ابن شهاب: بلغني عن عثمان بن أبي سويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
الحديث
(1)
.
وروى شعيب بن أبي حمزة وغير واحد عن الزهري: حُدِّثت عن محمد بن سويد الثقفي: أن غيلان أسلم. ذكره البخاري والناس.
وقال معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه: أن غيلان أسلم. ذكره الإمام أحمد بن حنبل
(2)
وغيره. فهذه خمس وجوه. آخر كلامه.
وقد رواه الدارقطني
(3)
من حديث سيف بن عبيد الله
(4)
الجَرْمي، أخبرنا سَرَّار بن مُجَشِّر
(5)
، عن أيوب، عن نافع وسالم، عن ابن عمر: أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يمسك منهن أربعًا، فلما كان زمن عمر طلقهن، فقال له عمر: راجِعْهن، وإلا ورثتهن مالَك، وأمرتُ بقبرك
(6)
.
(1)
روايتا يونس أخرجهما الدارقطني (3686، 3687).
(2)
في «المسند» (4609)، وأخرج أيضًا الترمذي وابن ماجه كما سبق.
(3)
«السنن» (3694) من طريقين عن سيف به.
(4)
في الأصل وط. الفقي: «عبد الله» ، تصحيف، وسيأتي على الصواب قريبًا.
(5)
في الأصل: «سوار بن محسر» فأصلحه بعضهم في الهامش من «تقريب» .
(6)
كُتب فوقه في الأصل بخط صغير: «كذا» ، ولعله يعني أن ليس بعده:«يُرجم» ، وهو موجود في لفظ الحديث، إلا أن الدارقطني أسند الحديث من طريقين عن سيف، فساق اللفظ بتمامه من الطريق الأولى، واقتصر في الثانية على هذا القدر لبيان موضع الخلاف في اللفظ مع الطريق الأولى.
ولكن سيف وسرّار ليسا بمعروفين بحمل الحديث وحفظه، وقال الدارقطني في كتاب «العلل»
(1)
ــ وقد ذكر هذا الحديث ــ: تَفرّد به سيف بن عبيد الله الجرمي عن سرّار، وسرّار ثقة من أهل البصرة.
ومعلوم أن تفرد سيف بهذا مانع من الحكم بصحته، بل لو تفرد به من هو أجل من سيف لكان تفرّده علة. والله أعلم.
186/ 2150 - وعن الضحاك بن فيروز عن أبيه رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، إني أسلمت وتحتي أختان؟ قال:«طَلِّق أيَّتهما شئت» .
وأخرجه الترمذي وابن ماجه
(2)
، وقال الترمذي: حديث حسن.
وفي لفظ الترمذي: «اختر أيتهما شئت» ، ولفظ ابن ماجه:«طلِّق» كما ذكره أبو داود.
قال ابن القيم رحمه الله: هذا الحديث يرويه أبو وهب الجَيْشاني، عن الضحّاك بن فَيْروز، عن أبيه. قال البخاري
(3)
: في إسناد هذا الحديث نظر. ووجه قوله أن أبا وهب والضحاك مجهولٌ حالُهما، وفيه يحيى بن أيوب، ضعيف
(4)
.
وقوله: «طلق أيتهما شئت» دليل على أنه إذا طلق واحدة لم يكن اختيارًا
(1)
رقم (2997).
(2)
أبو داود (2243)، والترمذي (1130)، وابن ماجه (1951).
(3)
في «التاريخ الكبير» (3/ 248 - 249).
(4)
هو يحيى بن أيوب الغافقي المصري، من رجال الجماعة، وهو صدوق سيئ الحفظ، قال أبو حاتم: محله الصدق، يكتب حديثه ولا يحتجّ به. وعدّ الذهبي هذا الحديث من مناكيره. انظر:«الرد على ابن القطان» (ص 39).
لها كما قال أصحابنا
(1)
وأصحاب الشافعي
(2)
، قالوا: لأن الطلاق إنما يكون للزوجة لا للأجنبية، فإذا طلّقها كان دليلًا على استبقاء نكاحها. وهذا ضعيف جدًّا، فإن طلاقه لها إنما هو رغبة عنها وقطع لنكاحها، فكيف يكون اختيارًا؟! وهو لو قال: طلّقتُ هذه، وأمسكت أو اخترت هذه، جعلتم التي اختار إمساكها مفارقةً والتي اختار طلاقها مختارةً! وهذا معلوم أنه ضد مقصوده.
وأقصى ما في الباب أنه استعمل لفظ الطلاق في مفارقتها، والنبي صلى الله عليه وسلم قال له:«فارق سائرهن» ، والفراق أيضًا من صرائح الطلاق عندكم، فإذا قال: فارقت هذه، كان اختيارًا لها!
وهذا أحد الوجهين لهم. وإنما يكون مفارقًا لها إذا قال: فسخت نكاح هؤلاء، أو اخترت هؤلاء، ونحوه. وصاحب الشرع قد أمره بالفراق والطلاق، فإذا أتى باللفظ الذي أمره به كان ذلك فراقًا لا اختيارًا.
وأما قولهم: إن الطلاق لا يكون إلا في زوجة، قلنا: هذا ينتقض بالفسخ، وإنكم قد قلتم: لو فسخ نكاح إحداهن كان اختيارًا للباقية، ومعلوم أن الفسخ لا يكون إلا في زوجة، فما هو جوابكم في الفسخ هو الجواب في الطلاق.
وأيضًا، فالطلاق جُعِل عبارةً عن الفسخ، وإخراج المطلقة، واستبقاء الأخرى؛ فكأنه قال: أرسلت هذه وسَيَّبتها ونحوه، وأمسكت هذه.
(1)
انظر: «المغني» (10/ 17)، و «الفروع» (8/ 306).
(2)
انظر: «نهاية المطلب» (12/ 343 - 344)، و «روضة الطالبين» (7/ 166).