الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يعللها بانفراد المرأة به، وقد كان عمر رضي الله عنه يقف أحيانًا في انفراد بعض الصحابة، كما طلب من أبي موسى شاهدًا على روايته
(1)
، وغيره.
وقد أنكرت فاطمة على من أنكر عليها، وردت على من رد عليها، وانتصرت لروايتها ومذهبها، رضي الله عنهم أجمعين.
وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم في المتلاعنين: «أن لا بيت لها عليه ولا قوت»
(2)
. ولو لم يكن في المسألة نص لكان القياس يقتضي سقوط النفقة والسكنى، لأنها إنما تجب في مقابلة التمكين من الاستمتاع، والبائن قد فُقِد في حقها ذلك، ولهذا وجبت للرجعية لتمكّنه من الاستمتاع بها. وأما البائن فلا سبيل له إلى الاستمتاع بها إلا بما يصل به إلى الأجنبية، وحَبْسها لعِدَّته لا يوجب نفقةً كما لو وطئها بشبهة، وكالملاعنة، والمتوفى عنها زوجها. والله أعلم.
21 -
باب من رأى التحول
197/ 2206 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نسخت هذه الآيةُ عدَّتَها عند أهلها، فتعتدّ حيث شاءت، وهو قول الله عز وجل:{غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240]، قال عطاء: إن شاءت اعتدّت عند أهله وسكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت لقول الله عز وجل:{فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ} [البقرة: 240]، قال عطاء: ثم جاء الميراث فنسخ السكنى، تعتدُّ حيث شاءت».
(1)
في قصة الاستئذان ثلاثًا، رواها البخاري (6245) ومسلم (2153).
(2)
أخرجه أحمد (2131) وأبو داود (2256) من حديث ابن عباس. في إسناده عبّاد بن منصور، متكلم فيه، وبه أعل الحديث المنذري في «المختصر» (3/ 169) والزيلعي في «نصب الراية» (3/ 251).
وأخرجه البخاري والنسائي
(1)
. وعطاء هذا هو عطاء بن أبي رباح.
قال ابن القيم رحمه الله: [ق 111] اختلف السلف في وجوب اعتداد المتوفى عنها في منزلها، فأوجبه عمر وعثمان، وروي عن ابن مسعود وابن عمر وأم سلمة
(2)
. وبه يقول الثوري والأوزاعي وإسحاق والأئمة الأربعة
(3)
. قال ابن عبد البر
(4)
: وهو قول جماعة فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعراق ومصر.
وروي عن علي وابن عباس وجابر وعائشة: تعتدّ حيث شاءت، وقال به جابر بن زيد والحسن وعطاء
(5)
.
ثم اختلف الموجبون لملازمة المنزل فيما إذا جاءها خبر وفاته في غير منزلها، فقال الأكثرون: تعتدّ في منزلها. وقال إبراهيم النخعي وسعيد بن المسيب: لا تبرح من مكانها الذي أتاها فيه نعي زوجها
(6)
.
(1)
أبو داود (2301)، والبخاري (4531)، والنسائي (3531).
(2)
أخرجه عنهم عبد الرزاق (7/ 31 - 33)، وسعيد بن منصور (1/ 316، 317)، وابن أبي شيبة (19189 - 19203)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/ 79، 80). وقضاء عثمان ذُكر أيضًا في حديث فُرَيعة، وسيأتي تخريجه.
(3)
انظر: «الاستذكار» (6/ 214)، و «المغني» (11/ 290).
(4)
«التمهيد» (21/ 31).
(5)
أخرجه عن هؤلاء الصحابة والتابعين: عبد الرزاق (7/ 29، 30)، وسعيد بن منصور (1/ 321)، وابن أبي شيبة (19204 - 19209)، والبيهقي (7/ 435 - 436).
(6)
«المغني» (11/ 291).
وحديث الفريعة حجة ظاهرة لا معارض لها
(1)
.
وأما قوله تعالى: {فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 240]، وأنها
(2)
نسخت الاعتداد في منزل الزوج= فالمنسوخ حكم آخر غير الاعتداد في المنزل، وهو استحقاقها للسكنى في بيت الزوج الذي صار للورثة سنةً، وصيةً أوصى الله بها الأزواج تُقدَّم به على الورثة، ثم نسخ ذلك بالميراث ولم يبق لها استحقاق في السكنى المذكورة، فإن كان المنزل الذي توفي فيه الزوج لها أو بَذل الورثة لها السكنى لزمها الاعتداد فيه، وهذا ليس بمنسوخ، فالواجب عليها فعل السكنى لا تحصيل المسكن، فالذي نسخ إنما هو اختصاصها بسكنى السنة دون الورثة، والذي أمرت به أن تمكث في بيتها حتى تنقضي عدتها، ولا تنافي بين الحكمين. والله أعلم.
(1)
حديث فريعة هو أن زوجها خرج في طلب أعلاج له أَبَقُوا، فقُتل بطرف القَدُوم ــ وهو موضع ماءٍ ــ قالت: فأتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له من حالي، وذكرت له النُّقْلة إلى إخوتي، فرخّص لي، فلمّا جاوزتُ ناداني فقال:«امكُثي في بيتكِ حتى يبلغ الكتاب أجله» . أخرجه مالك (1729)، وأحمد (27087)، وأبو داود (2300)، والترمذي (1204)، والنسائي (3528 - 3530)، وابن حبان (4292)، والحاكم (2/ 208)، كلهم من طريق سعد بن إسحاق بن كعب، عن عمّته زينب بنت كعب بن عُجرة، عن الفُرَيعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد الخدري، مختصرًا ومطوّلًا.
قال الترمذي: «حسن صحيح» ، وصححه ابن حبان، وقال الحاكم:«صحيح الإسناد» ونقل عن محمد بن يحيى الذُّهلي تصحيحه. وضعَّفه ابن حزم في «المحلَّى» (10/ 302) بجهالة زينب بنت كعب.
(2)
في الأصل والطبعتين: «فإنها» ، تصحيف يفسد المعنى.