المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب صفة وضوء النبي - تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌ باب كيف التكشُّف عند الحاجة

- ‌ باب الخاتم يكون فيه ذِكْر الله يدخل به الخلاء

- ‌ باب فَرْض الوضوء

- ‌الحكم الأول:

- ‌فصلالحكم الثاني:

- ‌فصلالحكم الثالث:

- ‌ باب ما يُنَجّس الماءَ

- ‌ باب الإسراف في الماء

- ‌ باب صفة وضوء النبي

- ‌ باب تخليل اللحية

- ‌ باب المسح على العمامة

- ‌ باب التوقيت في المسح

- ‌ باب المسح على الجورَبَين

- ‌ باب كيف المسح

- ‌ باب تفريق الوضوء

- ‌ باب في الوضوء من لحوم الإبل

- ‌ باب في المَذْي

- ‌ باب الجُنُب يؤخِّر الغسل

- ‌ باب في الجُنُب يدخل المسجد

- ‌ باب المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل

- ‌ باب إتيان الحائض

- ‌ بابٌ يصيب منها (أي: من الحائض) دون الجماع

- ‌ بابٌ المرأة تُسْتَحاض

- ‌ باب ما رُوي أن المستحاضة تغتسل لكلّ صلاة

- ‌ باب ما جاء في وقت النُّفَساء

- ‌ باب الجُنُب يتيمم

- ‌ باب المجدور(1)يتيمم

- ‌كتاب الصلاة

- ‌ بابٌ في الأذان قبل دخول الوقت

- ‌ باب المرأة تصلي بغير خِمار

- ‌ باب الرجل يصلي وحدَه خلفَ الصفّ

- ‌ باب الدُّنّوِ من السُّتْرة

- ‌ باب ما يُؤمَر المصلِّي أن يدرأ عن المَمَرِّ بين يديه

- ‌ باب ما يقطعُ الصلاةَ

- ‌تفريع استفتاح الصلاة

- ‌ باب رفع اليدين في الصلاة

- ‌ باب افتتاح الصلاة

- ‌ باب مَن لم يذكر الرفعَ عند الركوع

- ‌ باب ما يُستفتحُ به الصلاة من الدعاء

- ‌ باب(2)الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌ باب مَن ترك القراءةَ في صلاته

- ‌ باب مَن رأى القراءةَ إذا لم يجهر

- ‌ باب ما يُجزئ [الأميَّ](4)والأعجميَّ من القراءة

- ‌ باب صلاة مَن لا يقيم صُلْبَه في الركوع والسجود

- ‌ باب مقدار الركوع والسجود

- ‌ باب التأمين وراء الإمام

- ‌ باب مَن تجبُ عليه الجُمُعة

- ‌ باب ما يقرأ في الأضحى [والفطر]

- ‌ باب من قال: يصلي بكلِّ طائفةٍ ركعتين

- ‌ باب في صلاة الليل

- ‌ باب مَن لم يَرَ السجودَ في المُفَصَّل

- ‌ بابٌ في الوتر قبل النوم

- ‌ باب في الاستغفار

- ‌كتاب الزكاة

- ‌ باب في زكاة السائمة

- ‌ باب رضا المصدِّق

- ‌ باب مَن روى نصفَ صاعٍ مِن قَمْح

- ‌ بابٌ في تعجيل الزكاة

- ‌ بابٌ في الاستعفاف

- ‌كتابُ اللُّقَطَة

- ‌كتاب الحج

- ‌ باب في المواقيت

- ‌ باب في هدي البقرة

- ‌ باب تبديل الهدي

- ‌ باب في الهدي إذا عَطِب قبل أن يبلغ

- ‌ باب إفراد الحجِّ

- ‌ بابٌ في القِرَان

- ‌ بابُ الرجلِ يحُجُّ عن غيره

- ‌ اشتملت كلمات التلبية على قواعد عظيمة وفوائد جليلة:

- ‌ باب ما يلبسُ المُحْرِم

- ‌الحكم الأول:

- ‌الحكم الثاني:

- ‌الحكم الثالث:

- ‌الحكم الرابع:

- ‌ باب المحرم يَنْكِح

- ‌ باب لَحْم الصيد للمحْرِم

- ‌ بابُ الإحْصَارِ

- ‌ بابُ استلامِ الأركان

- ‌ باب الطواف بعد العصر

- ‌ بابُ طوافِ القارِن

- ‌ باب المُلْتَزَم

- ‌ باب الصلاة بِجَمْعٍ

- ‌ باب التعجيل مِن جَمْع

- ‌ باب يوم الحجِّ الأكبر

- ‌ بابُ مَنْ لم يُدْرِك عرفةَ

- ‌ باب الصلاة بمنى

- ‌ باب(3)رَمْي الجِمار

- ‌ باب العمرة

- ‌ باب الإفاضَةِ في الحجِّ

- ‌ بابُ تحريمِ مكة

- ‌ بابٌ في تحريم المدينة

- ‌كتاب النكاح

- ‌ باب فيمن(1)حَرَّم به ــ يعني رضاع الكبير

- ‌ باب ما يُكرَه الجمع(1)بينهنّ من النساء

- ‌ باب نكاح(1)المُتْعة

- ‌ باب [في](3)الشِّغار

- ‌ باب التحليل

- ‌ باب في(5)كراهية أن يَخْطِب الرجلُ على خِطْبَةِ أخيه

- ‌ باب الرجلِ ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها

- ‌ باب لا نكاح إلا بوليّ

- ‌ باب قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا}

- ‌ باب في البِكْر يزوِّجها أبوها

- ‌ باب في الثيِّب

- ‌ باب في التزويج على العمل يُعْمَل

- ‌ باب فيمن تزوَّج ولم يسمِّ لها صَدَاقًا [حتى مات]

- ‌ باب في خُطْبة النكاح

- ‌ باب تزويج الصِّغار

- ‌ باب ما يُقال للمتزوِّج

- ‌ باب في الرجل يتزوّج المرأةَ فيجدها حُبْلَى

- ‌ باب في حقِّ الزوج على المرأة

- ‌ بابُ ما يُؤمَر به مِن غضّ البَصَر

- ‌ باب في جامع النِّكاح

- ‌ باب إتيان الحائض ومباشرتها

- ‌ باب كفَّارة مَن أتى حائضًا

- ‌ باب ما جاء في العَزْل

- ‌كتاب الطلاق

- ‌ باب كراهية الطلاق

- ‌ باب في طلاق السنة

- ‌ بابٌ في نسخ المراجعة

- ‌ بابٌ في سُنّة طلاق العبد

- ‌ باب في الطلاق على غلط

- ‌ باب في الطلاق على الهَزْل

- ‌ باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث

- ‌ باب في أمرك بِيَدِك

- ‌ باب في البتة

- ‌ باب الرجل يقول لامرأته: يا أُختي

- ‌ باب في عِدّة المختلعة

- ‌ بابٌ في الظِّهار

- ‌ باب في المملوكة تحت الحرّ أو العبد

- ‌ باب في المملوكين يُعْتَقان معًا

- ‌ بابٌ إلى متى تُرَدّ عليه امرأتُه إذا أسلم

- ‌ باب فيمن أسلم وعنده نساء أكثر من أربع

- ‌ باب في ادّعاء ولد الزنا

- ‌ باب من قال بالقرعة إذا تنازعوا في الولد

- ‌ باب الولد للفراش

- ‌ باب من أنكر ذلك على فاطمة

- ‌ باب من رأى التحول

- ‌ باب في عدة الحامل

- ‌ باب في عدة أم الولد

الفصل: ‌ باب صفة وضوء النبي

8 -

‌ باب صفة وضوء النبي

صلى الله عليه وسلم

11/ 101 - وعن زِرّ بن حُبَيش: أنه سمع عليًّا ــ وسُئل عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ــ فذكر الحديث، وقال:"مسح رأسه حتى لمَّا يَقْطُر، وغسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال: هكذا كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم".

قال ابن القيم رحمه الله: حديث زِرٍّ، عن عليّ هذا فيه المنهال بن عَمرو، كان ابن حزم يقول:"لا يُقبل في باقة بَقْل"

(1)

، ومِن روايته ردَّ

(2)

حديثَ البراء الطويل في عذاب القبر. والمنهال قد وثقه يحيى بن معين وغيره

(3)

. والذي غَرَّ ابنَ حزم شيئان:

أحدهما: قول عبد الله بن أحمد، عن أبيه: تركه شعبة على عمد

(4)

.

والثاني: أنه سمع من داره صوت طنبور. وقد صرَّح شعبةُ بهذه العلة، فقال العقيلي

(5)

: عن وُهيب قال: سمعت شعبة يقول: أتيتُ المنهالَ بن عَمرو، فسمعت عنده صوتَ طنبور، فرجعتُ ولم أسأله. قيل: فهلَّا سألتَه فعسى كان لا يعلم به؟

(1)

نقل العبارة عن ابن حزم ابنُ القطان في "بيان الوهم"(3/ 362)، فلعل المؤلف صادر عنه. وقد تكلم عنه ابنُ حزم في عدد من كتبه، بقوله:"متكلم فيه""ليس بالقوي""ضعيف". ينظر "الجرح والتعديل عند ابن حزم"(1063).

(2)

أي ابنُ حزم في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنِحل": (4/ 57). وسيأتي جواب المؤلف عنه.

(3)

ترجمته في "تهذيب التهذيب": (10/ 319 - 320).

(4)

"العلل"(942).

(5)

في "الضعفاء": (4/ 237).

ص: 85

وليس في شيء مِن هذا ما يقدح فيه. وقال ابن القطان

(1)

: ولا أعلم لهذا الحديث علة.

12/ 104 - وعن ابن عباس قال: "دخل [علَيَّ] عليُّ بن أبي طالب ــ وقد أهْراقَ الماء ــ فدعا بوَضوء، فأتيناه بتَوْر فيه ماء، حتى وضعناه بين يديه، فقال: يا ابن عباس، ألا أريك كيف كان يتوضأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى، قال: فأصغَى الإناء على يده فغسلها، ثم أدخل يده اليمنى فأفرغ بها على الأخرى، ثم غسل كفيه، ثم تمضمض واستنثر، ثم أدخل يديه في الإناء جميعًا، فأخذ بهما حَفْنَة من ماء، فضرب بها على وجهه، ثم ألقَمَ إبهاميه ما أقبل من أذنيه، ثم الثانية، ثم الثالثة مثل ذلك، ثم أخذ بكفه اليمنى قبضة من ماء فصبها على ناصيته، فتركها تَسْتَنُّ على وجهه، ثم غسل ذارعيه إلى المرفقين ثلاثًا ثلاثًا، ثم مسح رأسه وظهورَ أذنيه، ثم أدخل يديه جميعًا، فأخذ حَفنة من ماء فضرب بها على رجله وفيها النعل، ففَتَلها بها، ثم الأخرى مثل ذلك، قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين، قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين، قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين".

في هذا الحديث مقال

(2)

.

قال ابن القيم رحمه الله: هذا من الأحاديث المشكلة جدًّا، وقد اختلف مسالكُ الناس في دفع إشكاله:

فطائفة ضعَّفَتْه، منهم البخاري والشافعي، قال

(3)

: والذي خالفه أكثر

(1)

في "بيان الوهم والإيهام": (3/ 363).

(2)

أخرجه أبو داود (117).

(3)

في "اختلاف الحديث": (10/ 162 - مع الأم).

ص: 86

وأثبت منه، وأما الحديث الآخر ــ يعني هذا ــ فليس مما يُثْبِتُ أهلُ العلم بالحديث لو انفرد.

وفي هذا المسلك نظر؛ فإن البخاريّ روى في "صحيحه"

(1)

حديثَ ابن عباس كما سيأتي، وقال في آخره:"ثم أخذ غَرْفةً من ماء فرشَّ بها على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غَرْفة أخرى، فغسل بها ــ يعني رجله اليسرى ــ ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ".

المسلك الثاني: أنَّ هذا كان في أوّل الإسلام، ثم نُسِخ بأحاديث الغسل. وكان ابن عباس أوّلًا يذهب إليه، بدليل ما روى الدارقطني

(2)

: ثنا إبراهيم بن حمّاد، ثنا العباس بن يزيد، نا سفيان بن عيينة، ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل: أن عليّ بن الحسين أرسله إلى الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ يسألها عن وضوء النبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث وقالت:"ثم غسل رجليه"، قالت: وقد أتاني ابن عمٍّ لك ــ تعني ابنَ عباس ــ فأخبرتُه، فقال: "ما أجد في الكتاب إلا غَسْلتين ومَسْحتَين

(3)

". ثم رجع ابن عباس عن هذا لمَّا بلغه غسل النبي صلى الله عليه وسلم رجليه، وأوجبَ الغُسلَ.

فلعلّ حديث عليّ وحديث ابن عباس كان في أول الأمر ثم نُسِخ. والذي يدلّ عليه أن فيه: "أنه مسح عليهما بدون حائل"، كما روى هشام بن

(1)

(140).

(2)

في "السنن"(320)، وأخرجه من طريقه البيهقي:(1/ 72)، ورواه أبو عبيد في "الطهور" (389) قال: وبلغني عن سفيان بن عيينة، وساقه بإسناده.

(3)

في الأصل والمطبوعات: "غسلين ومسحين" والتصحيح من "سنن الدارقطني" ومصادر التخريج.

ص: 87

سعد، نا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار قال: قال لنا ابن عباس: "أتحبّون أن أحدّثكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ " فذكر الحديث، قال:"ثم اغترف غَرفة أخرى فرشَّ على رجله وفيها النعل، واليسرى مثل ذلك، ومسح بأسفل الكعبين"

(1)

. وقال عبد العزيز الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس:"توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم" فذكره، قال:"ثم أخذ حفنة من ماء فرشَّ على قدميه وهو منتعل"

(2)

.

المسلك الثالث: أن الرواية عن علي وابن عباس مختلفة، فرُوِيَ عنهما هذا، ورُوي عنهما الغسل، كما رواه البخاري في "الصحيح"

(3)

عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس. فذكر الحديث وقال في آخره:"أخذ غَرفةً من ماء، فرشَّ بها على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله، يعني اليسرى" فهذا صريح في الغسل.

وقال أبو بكر بن أبي شيبة

(4)

: ثنا عبد الله بن إدريس، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء، عن ابن عباس به، وقال: "ثم غرف غرفة، ثم غسل

(5)

رجله اليمنى، ثم غرف غرفة فغسل رجله اليسرى".

وقال ورقاء، عن زيد، عن عطاء عنه:"ألا أريكم وضوءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ "

(1)

أخرجه أبو داود (137)، والحاكم:(1/ 147)، والبيهقي:(1/ 72).

(2)

أخرجه أبو عبيد في "الطهور"(105)، ومن طريقه البيهقي:(1/ 72).

(3)

(140).

(4)

(64).

(5)

في "المصنف": "فغسل".

ص: 88

فذكره، وقال فيه:"وغسل رجليه مرةً مرةً"

(1)

.

وقال محمد بن جعفر، عن زيد:"وأخذ حفنةً فغسل بها رجله اليمنى، وأخذ حفنة فغسل رجله اليسرى"

(2)

.

قالوا: والذي روى أنه رشَّ عليهما في النعل هو: هشام بن سعد، وليس بالحافظ

(3)

، فرواية الجماعة أولى من روايته. على أنَّ سفيان الثوري وهشامًا أيضًا رويا ما يوافق الجماعة، فرويا عن زيد، عن عطاء بن يسار قال:"قال لي ابن عباس: ألا أريكَ وضوءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فتوضأ مرةً مرةً، ثم غسل رجليه، وعليه نعله"

(4)

.

وأما حديث علي، فقال البيهقي

(5)

: رُوِّينا من أوجه كثيرة عن عليّ: "أنه غسل رجليه في الوضوء". ثم ساق منها حديثَ عبد خيرٍ عنه: "أنه دعا بوضوء" فذكر الحديث، وفيه:"ثم صبّ بيده اليمنى ثلاث مرَّات على قدمه اليمنى، ثم غسلها بيده اليسرى، ثم قال: هذا طُهُور نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم"

(6)

.

ومنها: حديث زِرٍّ عنه: أنه سُئل عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فذكر

(1)

أخرجه البزار (5283)، والطبراني في "الكبير":(11/ 170)، والبيهقي:(1/ 67) وقال: "هذا إسناد صحيح".

(2)

أخرجه البيهقي: (1/ 73).

(3)

ترجمته في "تهذيب التهذيب": (11/ 39 - 41)، و"الميزان":(4/ 298).

(4)

أخرجه البيهقي: (1/ 73). وقال عقِبه: "فهذا يدل على أنه غسل رجليه في النعلين".

(5)

(1/ 74).

(6)

أخرجه البيهقي: (1/ 74).

ص: 89

الحديث، وفيه:"وغسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا"

(1)

.

ومنها: حديث أبي حَيّة عنه: "رأيت عليًّا توضأ

" الحديث، وفيه: "وغسل قدميه إلى الكعبين"، ثم قال: "أحببتُ أن أريكم كيف كان طُهُور رسول الله صلى الله عليه وسلم"

(2)

.

قالوا: وإذا اختلفت الروايات عن عليّ وابن عباس، وكان مع أحدها

(3)

رواية الجماعة، فهي أولى.

المسلك الرابع: أن أحاديث الرشِّ والمسح إنما هي وضوءُ تجديدٍ للطاهر، لا طهارة رَفْع حدثٍ، بدليل ما رواه شعبة، نا عبد الملك بن مَيْسرة قال: سمعت النزَّال بن سَبْرة يُحَدِّث عن عليّ: "أنه صلى الظهر، ثم قَعَد في حوائج الناس في رَحْبَة الكوفة، حتى حضرت صلاة العصر، ثم أُتي بكوزٍ من ماء، فأخذ منه حفنةً

(4)

واحدة، فمسح بها وجهَه ويديه ورأسَه ورجليه، ثم قام فشرب فَضْلَه وهو قائم، ثم قال: وإنَّ أُناسًا يكرهون الشُّرْب قائمًا، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت. وقال: هذا وضوء من لم يُحْدِث". رواه البخاري

(5)

بمعناه.

(1)

المصدر السابق: (1/ 74).

(2)

المصدر السابق: (1/ 74).

(3)

كذا في الأصل، وفي المطبوعتين:"أحدهما".

(4)

في الأصل: "بحفنة" والتصويب من مصدر التخريج.

(5)

(5616)، وهو بلفظه عند البيهقي:(1/ 75)، وأخرجه أحمد (583)، وابن حبان (1057) وغيرهم.

ص: 90

قال البيهقي

(1)

: في [ق 21] هذا الحديث الثابت دلالةٌ على أنَّ الحديث الذي رُوِي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في المسح على الرِّجلين ــ إن صحَّ ــ فإنما عَنَى به: وهو طاهرٌ غيرُ مُحْدِث، إلا أن بعض الرواة كأنه اختصر الحديث، فلم ينقل قولَه:"هذا وضوء مَن لم يُحْدِث".

وقال أحمد

(2)

: حدثنا ابن الأشجعي، عن أبيه، عن سفيان، عن السُّدِّي، عن عبدِ خَيْر، عن عليّ: "أنه دعا بكُوزٍ من ماء، ثم قال

(3)

: ثمّ توضأ وضوءًا خفيفًا ومسح على نعليه، ثم قال: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يُحْدِث".

وفي رواية

(4)

: "للطاهر ما لم يُحْدِث".

قال

(5)

: وفي هذا دلالة على أن ما رُوي عن عليّ في المسح على النعلين إنما هو في وضوءٍ مُتَطوَّع به، لا في وضوء واجبٍ عليه من حَدَثٍ يوجب الوضوء، أو أراد غَسْل الرجلين في النعلين، أو أراد المسح

(6)

على

(1)

"السنن الكبرى": (1/ 75).

(2)

في "المسند"(970)، ومن طريقه البيهقي في "السنن":(1/ 75) وعنه ينقل المؤلف، وأخرجه ابن خزيمة (200).

(3)

كذا في الأصل! في "المسند" والبيهقي: "ثم قال: أين هؤلاء الذين يزعمون أنهم يكرهون الشرب قائمًا؟ قال: فأخذه فشرب وهو قائم، ثم توضأ

" وقد اختصر المؤلف الحديث لكنه أبقى ــ هو أو المجرِّد ــ على قوله: "ثم قال" ولو أنها حُذِفت لما أشكل الاختصار.

(4)

عند ابن خزيمة (200)، ومن طريقه البيهقي:(1/ 75).

(5)

يعني البيهقي.

(6)

في الأصل: "مسح" دون التعريف ودون ألف النصب في آخره. والتصويب من "السنن الكبرى".

ص: 91

جورَبَيه ونعْلَيه، كما رواه عنه بعض الرُّواة مقيّدًا بالجورَبَين، وأراد به جوربين مُنَعَّلين.

قلت: هذا هو المسلك الخامس: أنَّ مَسْحَه رجليه ورَشّه عليهما لأنهما كانا مستورَين بالجوربين في النعلين.

والدليل عليه ما رواه سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرّة مرّة، ومسح على نعليه"

(1)

. لكن تفرَّد به رَوَّاد بن الجرَّاح عن الثوري، والثقات رووه عن الثوري بدون هذه الزيادة

(2)

.

وقد رواه الطبراني

(3)

من حديث زيد بن الحُباب، عن سفيان، فذكره بإسناده ومتنه، وأنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم مسح على النعلين.

وروى أبو داود

(4)

من حديث هُشيم، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه: أخبرني أوس بن أبي أوس

(5)

الثقفي قال: "رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على نعليه وقدميه".

(1)

أخرجه ابن عدي في "الكامل": (3/ 177)، والبيهقي:(1/ 286).

(2)

ذكر هذه الرواية ابن عدي في "الكامل": (3/ 177) ضمن الأحاديث التي أنكرت على روّاد في روايته عن الثوري، وانظر "ذخيرة الحفاظ":(2/ 713).

(3)

لم أجده في معاجم الطبراني المطبوعة، وأخرجه من طريقه البيهقي:(1/ 286) وقال: ليس بمحفوظ. ثم قال عقبه: والصحيح رواية الجماعة.

(4)

(160).

(5)

تصحفت في الأصل إلى "أويس بن ابي أويس" بالتصغير. وانظر ترجمة أوس في "التهذيب": (1/ 382).

ص: 92

فقوله: "مسح على نعليه" كقوله: "مسح على خُفّيه". والنعلُ لا تكون ساترة لمحلّ المسح إلا إذا كان عليها جَورب، فلعلَّه مسَحَ على نعل الجورب فقال:"مسح على نعليه".

المسلك السادس: أن الرِّجْل لها ثلاثة أحوال:

حالٌ تكون في الخفِّ، فيجزي مسح ساترها.

وحالٌ تكون حافية، فيجب غَسلها. فهاتان مرتبتان، وهما: كشفها وسترها. ففي حال كشفها لها أعلى مراتب الطهارة، وهي الغَسل التامّ، وفي حال استتارها لها أدناها، وهي المسح على الحائل.

ولها حالة ثالثة، وهي حالما تكون في النَّعْل، وهي حالة متوسِّطة بين كشفها وبين استتارها بالخفّ، فأُعْطيت حالة متوسّطة من الطهارة، وهي الرشّ، فإنه بين الغسل والمسح. وحيث أطلق لفظ "المسح" عليها في هذه الحال فالمراد به الرَّش؛ لأنه جاء مفسّرًا في الرواية الأخرى. وهذا مذهب ــ كما ترى

(1)

ــ لو كان يُعلَم به قائل معيَّن، ولكن يُحْكَى عن طائفة لا أعلم منهم مُعيَّنًا.

وبالجملة فهو خير مِن مسلك الشيعة في هذا الحديث، وهو:

المسلك السابع: أنه دليل على أن فَرْض الرجلين المسح، وحُكِي عن داود الجواربي

(2)

وابن عباس. وحُكِي عن ابن جرير أنه مخيَّر بين الأمرين،

(1)

يعني: كما ترى قوَّةً ووجاهة لو كان يُعلم من قال به على وجه التعيين.

(2)

رسمه في الأصل: "الحواري" مهملًا، وفي الطبعتين:"الجواري"، والصواب ما أثبت. قال الذهبي: رأس في الرفض والتجسيم. ترجمته في "الميزان": (2/ 23)، و"لسان الميزان":(3/ 414).

ص: 93

فأمَّا حكايته عن ابن عباس فقد تقدمت، وأما حكايته عن ابن جرير فغلطٌ بَيِّن، وهذه كتبه وتفسيره كلّه يكذِّب هذا النقل عليه، وإنما دخلت الشبهةُ لأن ابنَ جرير القائل بهذه المقالة رجل آخر من الشِّيعَة، يوافقه في اسمه واسم أبيه

(1)

، وقد رأيتُ له مؤلفات في أصول مذهب الشيعة وفروعهم.

فهذه سبعة مسالكَ للناس في هذا الحديث. وبالجملة فالذين رووا وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، مثل عثمان بن عفان، وأبي هريرة، وعبد الله بن زيد بن عاصم، وجابر بن عبد الله، والمغيرة بن شعبة، والرُبَيِّع بنت مُعَوِّذ، والمقدام بن معديكَرِب، ومعاوية بن أبي سفيان، وجدّ طلحة بن مصرِّف، وأنس بن مالك، وأبي أمامة الباهلي، وغيرهم لم يذكر أحدٌ منهم ما ذُكِرَ في حديث عليّ وابن عباس، مع الاختلاف المذكور عليهما. والله أعلم.

13/ 119 - وعن طلحة بن مُصَرّف، عن أبيه، عن جده ــ وجده هو كعب بن عمرو، ويقال: عمرو بن كعب الهَمْداني اليَاميُّ، له صحبة، ومنهم من ينكرها ــ قال:"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح رأسه مرة واحدة، حتى بلغ القَذَال، وهو أول القفا".

وقال مسدَّد: "مسح رأسه مِن مُقَدَّمه إلى مُؤَخَّره، حتى أخرج يديه من تحت أذنيه". قال مسدد: فحدَّثتُ به يحيى، فأنكره.

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: ابن عيينة ــ زعموا ــ كان ينكره، ويقول: أيشٍ هذا: طلحة، عن أبيه، عن جده؟

(1)

هو محمد بن جرير بن رستم الطبري. ترجمته في "الميزان": (3/ 499)، و"لسان الميزان":(7/ 29).

ص: 94