الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالوا: وأما قولكم: «إنه لا يقول أحد بظاهره» فإنّ ظاهره أنه بمجرَّد الكَسْر والعَرَج يحلّ.
فجوابه: أن المعنى: فقد صار ممن يجوز له الحلّ بعد أن كان ممنوعًا منه، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا أقبل الليلُ من هاهنا وأدبرَ النهارُ من هاهنا، فقد أفطر الصائم»
(1)
وليس [ق 72] المراد به أنه أفطر حكمًا، وإن لم يباشر المفطِّرات، بدليل إذنه لأصحابه في الوصال إلى السّحَر، ولو أفطروا حكمًا لاستحالَ منهم الوصال، ولقوله تعالى:{فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة:230] فإذا نكَحَت زوجًا آخر حلَّت، لا بمجرَّد نكاح الثاني، بل لا بدَّ من مفارقته، وانقضاء العدة، وعَقْد الأول عليها.
قالوا: وأما قولكم: «إنه لا يستفيد بالإحلال الانتقال من حاله التي هو عليها ولا التخلص من أذاه، بخلاف مَن حَصَره العدوُّ= كلامٌ لا معنى تحته، فإنه قد يستفيد بحله أكثر مما يستفيده المحصر بالعدوِّ، فإنه إذا بقي ممنوعًا من اللباس وتغطية الرأس والطيب مع مرضه، تضرَّر بذلك أعظم الضّرَر في الحرِّ والبرد، ومعلوم أنه قد يستفيد بحله من الترَفُّه ما يكون سبب زوال أذاه، كما يستفيد المحصر بالعدوِّ بحلِّه، ولا فرق بينهما، فلو لم يأت نصٌّ بحلّ المحصَر بمرضٍ لكان القياس على المحصر بالعدوِّ يقتضيه، فكيف وظاهر القرآن والسنة والقياس يدلّ عليه؟ والله أعلم.
13 -
بابُ استلامِ الأركان
119/ 1795 - وعنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَدَعُ أن يستلمَ الرُّكْنَ
(1)
أخرجه البخاري (1954)، ومسلم (1100) من حديث عمر رضي الله عنه.
اليماني والحَجَر في كلِّ طَوْفة، قال
(1)
: وكان عبد الله بن عمر يفعله.
وأخرجه النسائي
(2)
. وفي إسناده عبد العزيز بن أبي روَّاد، وفيه مقال.
قال ابن القيم رحمه الله: وقد روى ابن حبان في «صحيحه»
(3)
عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَسْح الحَجَر والركن اليماني يحطّ الخطايا حطًّا» . وروى النسائي
(4)
من حديث حنظلة بن أبي سفيان قال: «رأيت طاوسًا يمرُّ بالركن، فإن وجد عليه زحامًا مرَّ ولم يُزاحِم، فإن رآه خاليًا قَبَّله ثلاثًا، ثم قال: رأيتُ ابنَ عباس فَعَل مثل ذلك، ثم قال ابن عباس: رأيتُ عمر بن الخطاب فعَلَ مثل ذلك، ثم قال: «إنك حَجَر لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَبَّلك ما قَبَّلتك» ، ثم قال عمر رضي الله عنه:«رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فَعَل مثل ذلك» . وترجم عليه النسائيُّ: «كم يُقَبِّل الحَجَرَ؟»
(5)
.
وفي النسائي
(6)
عن عمر: «أنه قَبَّل الحجرَ الأسودَ والتزمه، وقال: رأيتُ أبا القاسم صلى الله عليه وسلم بك حَفِيًّا» .
(1)
من (خ- المختصر)، والقائل هو نافع.
(2)
أخرجه أبو داود (1876)، والنسائي في «الكبرى» (3914)، وابن خزيمة (2723)، والحاكم:(1/ 456).
(3)
(3698). وأخرجه أحمد (5621)، والترمذي (959)، والحاكم:(1/ 489) وإسناده جيّد.
(4)
(2938).
(5)
هذا في «السنن الكبرى» (3908) بنحوه، أما في «المجتبى» فترجم للباب بقوله:«كيف يُقبِّل» .
(6)
(2936). وأخرجه مسلم (1271).
وفي النسائي
(1)
عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«الحَجَر الأسود من الجنة» .
وفي «صحيح أبي حاتم»
(2)
عن نافع بن شيبة الحَجَبِي قال: سمعتُ عبدَ الله بن عَمْرو يقول: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو مُسنِدٌ ظهرَه إلى الكعبة: «الركنُ والمَقامُ ياقوتتان من ياقوت الجنة، ولولا أن الله طمس نورَهما، لأضاءا ما بين المشرق والمغرب» .
وفي «صحيحه»
(3)
أيضًا عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لهذا الحَجَر لسانًا وشفتين يشهدان لمن استلمَه يومَ القيامة بحقٍّ» .
وفي «صحيحه»
(4)
أيضًا عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ليبعثنَّ الله هذا الركنَ يوم القيامة له عينان يُبصِر بهما، ولسانٌ ينطق به، يشهد لمن استلَمَه بالحقِّ» .
وأخرج النسائي
(5)
عن ابن عباس: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يطوف بالبيت على راحلته، فإذا انتهى إلى الركن أشار إليه.
(1)
(2935). وأحمد (2795)، وأخرجه الترمذي (877)، وابن خزيمة (2733)، قال الترمذي: حسن صحيح.
(2)
(3710). وأخرجه أحمد (7000)، والترمذي (878)، وابن خزيمة (2732).
(3)
(3711). وأخرجه أحمد (2398)، وابن خزيمة (2736).
(4)
(3712). وأخرجه أحمد (2215)، والترمذي (961)، وابن ماجه (2944)، وابن خزيمة (2735).
(5)
(2955)، وفي «الكبرى» (3912)، والبخاري (1612)، والترمذي (865).
وفي «الصحيح»
(1)
عن ابن عمر: «أنه سُئل عن استلامِ الحَجَر؟ فقال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبِّله» . رواه البخاري.
وهذا يحتمل الجمعَ بينهما، ويحتمل أنه رآه يفعل هذا تارة وهذا تارة.
وقد ثبت تقبيل اليدِ بعد استلامه، ففي «الصحيحين»
(2)
أيضًا عن نافع قال: «رأيت ابنَ عُمَر استلم الحَجَر بيده، ثم قَبَّل يده، وقال: ما تركته منذ رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يفعله» .
فهذه ثلاثة أنواع صحّت عن النبي صلى الله عليه وسلم: تقبيلُه، وهو أعلاها، واستلامُه وتقبيلُ يده، والإشارة إليه بالمحْجَن وتقبيله، لما رواه مسلم
(3)
عن أبي الطفيل قال: «رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت، ويستلم الحَجَر بمحْجَنٍ معه، ويقبِّل المِحْجَن» .
وقد روى الإمام أحمد في «مسنده»
(4)
عن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «يا عمر إنك رجلٌ قويٌّ، لا تزاحم على الحَجَر، إن وجدت خَلْوة فاستلمه، وإلا فاستقبله، وهلِّل، وكبِّر» .
وأما الركن اليماني، فقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استلمه، من رواية ابن عمر وابن عباس، وحديث ابن عمر في «الصحيحين»
(5)
: «لم يكن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
(1)
أخرجه البخاري (1611).
(2)
أخرجه مسلم (246). ولم أجده في البخاري!
(3)
(1275).
(4)
(190) وهو مرسل.
(5)
أخرجه البخاري (166)، ومسلم (1187).