الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
19 -
بابُ ما يُؤمَر به مِن غضّ البَصَر
160/ 2063 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تباشر المرأةُ المرأةَ لتنعتها لزوجها، كأنما ينظر إليها» .
وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي
(1)
.
قال ابن القيم رحمه الله: فيه أن الوصفَ يقوم مقام الرؤية، فتمسَّك به مَن أجاز بيع الغائب بالصفة، والسَّلَم في الحيوان
(2)
.
20 -
بابٌ في وطء السبايا
161/ 2069 - وعن أبي الدرداء: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في غزوةٍ، فرأى امرأة مُجِحًّا، فقال: لعلَّ صاحبها ألَمَّ بها؟ قالوا: نعم، فقال: لقد هَممتُ أن ألعنه لعنةً تدخل معه في قبره، كيف يورِّثه وهو لا يحلّ له؟ وكيف يستخدمه، وهو لا يحلّ له؟» .
وأخرجه مسلم بنحوه
(3)
.
قال ابن القيم رحمه الله: فيه قولان: أحدهما: أن ذلك الحَمْل قد يكون من زوجها المشرك، فلا يحلّ له استلحاقه وتوريثه. وقد يكون إذا وطئها
(1)
أخرجه أبو داود (2150)، والبخاري (5240)، والترمذي (2792)، والنسائي في «الكبرى» (9186).
(2)
لم يذكر في ط. الفقي: (3/ 71) تعليق المؤلف على الحديث قال: «لأنه ذكر كلام الخطابي، فحذفناه تفاديًا من التكرار» ! وليس في كلام المؤلف تكرار لكلام الخطابي، ولو سلمنا بتكراره فليس مبررًا للحذف والإسقاط من كتاب المؤلف.
(3)
أخرجه أبو داود (2156)، ومسلم (1441). والمُجِحّ: هي المرأة الحامل التي اقتربت ولادُتها. وألمّ بها: أي وطئها، وكانت ضمن سبايا حنين.
تَنَفَّشَ
(1)
ما كان في الظاهر حملًا، وتَعْلق منه فيظنّه عبده وهو ولده، فيستخدمه استخدام العبد، وينفيه عنه. وهذان الوجهان ذكر معناهما المنذري
(2)
.
قال ابن القيم رحمه الله: وهذا القول ضعيف، فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم جمعَ بين إنكار الأمرين: استخدامه واستلحاقه، وقد جاء:«كيف يستعبده ويورّثه؟»
(3)
ومعلوم أن استلحاقه واستعباده جَمْعٌ بين المتناقضَيْن، وكذا إذا تفشَّى الذي هو حَمْل في الظاهر وعَلِقَتْ منه لا يتصوّر فيه الاستلحاق والاستعباد. فالصواب القول الثاني، وهو أنه إذا وطئها حاملًا صار في الحمل جزء منه. فإن الوطء يزيد في تخليقه، وهو قد علم أنه عبدٌ له، فهو باق
(4)
على أن يستعبده ويجعله كالمال الموروث عنه، فيورثه أي يجعله مالًا موروثًا عنه. وقد صار فيه جزء من الأب.
قال الإمام أحمد: الوطء يزيد في سمعه وبصره
(5)
. وقد صرَّح النبيُّ صلى الله عليه وسلم
(1)
كذا رسمها في الأصل و (ش) لم يعجم من حروفها إلا الفاء. وفي (خ- المختصر): «ينفش» . وتنفّش أي: انتشر وتفرَّق. وكان يمكن أن تقرأ «تفشى» كما سيأتي بعد أسطر لولا أنها واضحة الرسم.
(2)
(خ- المختصر)(ق 185 ب)، وليس في المطبوع من «المختصر» تعليق للمنذري، وقد سقطت من مطبوعته نصوص كثيرة نبهنا عليها فيما مضى. وهذان الوجهان ذكرهما الخطابي في «المعالم»:(2/ 614).
(3)
أخرجه بنحوه الطحاوي في «بيان المشكل» (1424) من طريق أسد بن وداعة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: «ويحه أيُوَرِّثه وليس منه أو يستعبده
…
».
(4)
رسمها في الأصل و (ش): «بان» .
(5)
ينظر «زاد المعاد» : (5/ 141)، و «المبدع»:(6/ 344). وقد جاء ذلك في حديث رجاء بن حيوة عن أبيه عن جده: «كيف يصنع بولدها
…
أم يستعبده وهو يغذو في سمعه وبصره
…
» أخرجه الطبراني في «الكبير» : (22/ 302)، ونحوه في حديث أسد بن وداعة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:«وقد غذاه في سمعه وبصره» أخرجه الطحاوي في «بيان المشكل» (1424)، وفي مرسل عبد الرحمن بن جبير:«وقد غذوت [تصحفت إلى: غَدَرت] في سمعه وبصره» أخرجه أبو داود في «المراسيل» (219).
بهذا المعنى في قوله: «لا يحلّ لرجلٍ أن يسقي ماءَه زرعَ غيرِه»
(1)
. ومعلوم أن الماء الذي يُسْقى به الزرع يزيد فيه، ويتكوّن الزرع منه، وقد شبَّه وطءَ الحامل بساقي الزرع الماءَ، وقد جعل الله تبارك وتعالى محلّ الوطء حرثًا، وشبَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم الحملَ بالزرع، ووطء الحامل بسَقْي الزرع.
وهذا دليلٌ ظاهر جدًّا على أنه لا يجوز نكاح الزانية حتى تُعْلَم براءةُ رَحِمها، إما بثلاث حِيَض، أو بحيضة، والحيضة أقوى؛ لأن الماء الذي مِن الزنا والحمل، وإن لم يكن له حُرْمة، فَلِماء الزوج حُرْمة، وهو لا يحلّ له أن ينفي عنه ما قد يكون مِن مائه ووطئه، وقد صار فيه جزءٌ منه، كما لا يحلّ لواطئ المسبية الحامل ذلك، ولا فرق بينهما.
ولهذا قال الإمام أحمد في إحدى الروايات عنه: إنه إذا تزوَّج الأمةَ وأحْبَلَها ثم مَلَكها حاملًا= أنه إن وطئها صارت أمَّ ولدٍ له، تُعْتَق بموته، لأن الولد قد يلحق من مائه الأول والثاني
(2)
، والله أعلم.
(1)
أخرجه أبو داود (2158)، والترمذي (1131) وحسّنه، وابن حبان (4850) من حديث رُوَيفع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه.
(2)
ينظر: «المغني» : (14/ 589)، و «المبدع»:(6/ 371).