الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن عمومها.
وقد روى الترمذي في «الجامع»
(1)
من حديث عبد الله بن سعيد بن جُبير، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن طاف بالبيت خمسين مرةً خرج مِن ذنوبه كيوم ولدته أمُّه» . قال: وفي الباب عن أنس وابن عمر، وحديث ابن عباس غريب. وسألت محمدًا عن هذا الحديث؟ فقال: إنما يروى هذا عن ابن عباس قولَه. وقال أيوب السختياني: وكانوا يقولون: عبد الله بن سعيد بن جُبير أفضل من أبيه
(2)
.
15 -
بابُ طوافِ القارِن
121/ 1815 - عن جابر بن عبد الله قال: «لم يَطُفِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ولا أصحابُه بين الصفا والمروةِ إلا طوافًا واحدًا، طوافَهُ الأول»
(3)
.
وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه
(4)
.
قال ابن القيم رحمه الله: اختلف العلماء في طواف القارن والمتمتع على ثلاثة مذاهب:
أحدها: أن على كلٍّ منهما طوافَين وسعْيَين، رُوي ذلك عن علي وابن مسعود، وهو قول سفيان الثوري، وأبي حنيفة، وأهل الكوفة، والأوزاعي،
(1)
(866).
(2)
ذكره الترمذي (867) عقب الحديث السابق.
(3)
لم يذكر المجرِّدُ أيّ حديث علق عليه ابن القيم، فالظاهر أنه علق على حديث جابر هذا فذكرناه احتمالًا.
(4)
أخرجه أبو داود (1895)، ومسلم (1215)، والترمذي (968)، والنسائي (2986)، وابن ماجه (2973).
وإحدى الروايات عن الإمام أحمد
(1)
.
الثاني: أن عليهما كليهما طوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا، نصّ عليه الإمامُ أحمد في رواية ابنه عبد الله
(2)
، وهو ظاهر حديث جابر هذا.
والثالث: أن على المتمتع طوافين وسعيين، وعلى القارن سعي واحد. وهذا هو المعروف عن عطاء، وطاووس، والحسن
(3)
، وهو مذهب مالك والشافعي، وظاهر مذهب أحمد
(4)
. وحجتهم حديث عائشة، وقد تقدم، وذكرنا ما قيل فيه.
وقد رُوي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «أنه طاف طوافَين، وسعى سَعْيَين» من رواية عليٍّ وابن مسعود وعبد الله بن عمر وعِمران بن حُصَين، ولا يثبت شيء منها
(5)
.
والذين قالوا: لا بدّ للمتمتع من سعيين تأوَّلوا حديثَ جابر بتأويلات مُسْتَكرَهة جدًّا. فقال بعضهم: «طوافًا واحدًا» أي: طوافين على صفةٍ واحدةٍ، فـ «الواحدة» راجعة إلى صفة الطواف لا إلى نفسه! وهذا في غاية البُعْد،
(1)
ينظر: «الجامع» : (3/ 274) للترمذي، و «المحلى»:(7/ 175)، و «التمهيد»:(8/ 233)، و «بدائع الصنائع»:(2/ 149)، و «المغني»:(5/ 347).
(2)
«مسائل عبد الله» : (2/ 686).
(3)
روى آثارهم ابن أبي شيبة في «المصنف» (14531، 14536، 14538).
(4)
ينظر: «البيان» : (4/ 371)، و «التمهيد»:(8/ 230)، و «المغني»:(5/ 347).
(5)
ينظر لهذه الأحاديث: «سنن الدارقطني» (2629 - 2634)، وقد ضعفها البيهقي في «السنن»:(5/ 108 - 109)، وابن الجوزي في «التحقيق»:(2/ 149)، وابن عبد الهادي في «التنقيح»:(3/ 521 - 523)، وابن حجر في «الفتح»:(3/ 495).
وسياق الكلام يشهد ببطلانه.
وقال البيهقي
(1)
وهذا بعيدٌ جدًّا، فإن الذين قَرَنوا من أصحابه كلّهم حلُّوا بعمرة إلا من ساق الهدي من سائرهم، وهم آحاد يسيرة، لم يبلغوا العشرة بل ولا الخمسة، بل الحديث ظاهرٌ جدًّا في اكتفائهم كلّهم بطوافٍ واحدٍ بين الصفا والمروة، ولم يأتِ لهذا الحديث معارِضٌ إلا حديث عائشة. وقد ذَكَر بعضُ الحفَّاظ أن تلك الزيادة من قول عروة لا من قولها.
وقد ثبت عن ابن عباس اكتفاء المتمتِّع بسعيٍ واحد؛ روى الإمام أحمد في مناسك ابنه عبد الله
(2)
، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن عباس أنه كان يقول:«القارن والمفرد والمتمتع يجزيه طوافٌ بالبيت، وسعيٌ بين الصفا والمروة» .
ولكن في «صحيح البخاري»
(3)
عن عكرمة، عن ابن عباس:«أنه سُئل عن مُتْعَة الحجّ؟ فقال: أهلَّ المهاجرون والأنصارُ وأزواجُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في حَجَّة الوداع وأهْلَلْنا، فلما قدمنا مكةَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا إهلالَكم بالحجِّ عمرةً، إلا من قلَّدَ الهَدْي» ، طفنا بالبيت وبالصفا والمروة، وأتينا
(1)
في «السنن الكبرى» : (5/ 106) بنحوه، وينظر «معرفة السنن»:(4/ 96 - 97).
(2)
«المناسك» لم يُعثر عليه، وليس في «المسائل» المطبوعة، وذكره شيخ الإسلام في «الفتاوى»:(26/ 39)، وفي «شرح العمدة»:(5/ 279).
(3)
(1572).
النساءَ، ولبسنا الثياب، وقال:«مَن قَلَّد الهَدْيَ فإنه لا يحلّ له حتى يبلَغ الهديُ مَحِلَّه» ، ثم أَمَرنا عشيةَ التروية أن نُهِلَّ بالحجِّ، فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة، فقد تمّ حَجُّنا، وعلينا الهدي، كما قال الله تعالى:{فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة:196] إلى أمصاركم، الشاةُ تجزئ، فجمعوا نُسُكَين في عامٍ بين الحج والعمرة، فإن الله أنزله في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأباحه للناس غير أهل مكة» وذَكَر باقي الحديث.
فهذا صريحٌ في أن المتمتع يسعى سعيين، وهذا مثل حديث عائشة سواء، بل هو أصرح منه في تعدُّد السعي على المتمتع، فإن صحّ عن ابن عباس ما رواه الوليد، عن الأوزاعي، عن عطاء، فلعلَّ عنه في المسألة روايتان
(1)
، كما عن الإمام أحمد فيها روايتان.
وفي «مسائل عبد الله»
(2)
قال: قلت لأبي: المتمتع كم يسعى بين الصفا والمروة؟ قال: إن طاف طوافين فهو أجود، وإن طاف طوافًا واحدًا فلا بأس، قال: وإن طاف [طوافَين]
(3)
فهو أعجبُ إليَّ، واحتجَّ بحديث جابر.
وأحمدُ فَهِم من حديث عائشة قولها: «فطاف الذين أهلُّوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا مِن منى بحجهم» = أن هذا طواف القدوم.
واستحبَّ في رواية المرُّوذي وغيره للقادم من عرفة، إذا كان متمتعًا أن
(1)
كذا في الأصول، والوجه:«روايتين» .
(2)
(2/ 686 و 746).
(3)
في الأصل و (ش، هـ): «طوافًا واحدًا» خطأ، والتصحيح من «المسائل» .