الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«والذين خالفوا أحاديث القطع للصلاة لم يعارضوها إلا بتضعيف بعضهم وهو تضعيف من لم يعرف الحديث كما ذكر أصحابه، أو بأن عارضوها بروايات ضعيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يقطع الصلاة شيء» ، أو بما روي في ذلك عن الصحابة وقد كان الصحابة مختلفين في هذه المسالة، أو برأي ضعيف لو صح لم يقاوم هذه الحجة».
انظر كتابه «القواعد النورانية» 9 - 12 و «زاد المعاد» 1/ 111.
[تمام المنة ص (306)]
رد القول بأن الصلاة لا يقطعها شئ
عن مُجالِدٍ عن أبي الوداكِ عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يقطعُ الصلاة شيء، وادرءُوا ما استطعتم؛ فإنما هو شيطان» .
«قلت: إسناده ضعيف- وكذا قال النووي-؛ وعلّته مجالد هذا- وهو ابن أبي سعيد الهمْداني-، وهو سيئ الحفظ، وكان قد تغير في آخر عمره. وقد اضطرب في هذا الحديث: فمرة يرفع الجملة الأولى منه- كما في هذه الرواية-، ومرة يوقفها- كما في الرواية الاتية-، وهي أشبه بالصواب. وأما قوله: «وادرءُوا
…
» إلخ؛ فهو حديث صحيح، له في الكتاب الأخر طريق أخرى «رقم 694 و 695» .
عن مجالد: ثنا أبو الوداك قال: مرّ شاب من قريش بين يدي أبي سعيد الخدري وهو يصلي، فدفعه، ثم عاد؛ فدفعه- ثلاث مرات-، فلما انصرف قال: إن الصلاة لا يقطعها شيء، ولكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ادرءُوا ما استطعتم؛ فإنه شيطان» .
«قلت: إسناده ضعيف؛ لما علمت من حال مجالد» .
وبالجملة؛ فكل هذه الأحاديث ضعيفة الأسانيد، لا يحتج يشيء منها، لا سيما وقد عارضها الحديث الصحيح: «يقطع صلاة الرجلِ- إذا لم يكن بين يديه قِيد
آخرة الرحل-: الحمارُ، والكلب الأسود، والمرأة». أخرجه مسلم وغيره عن أبي ذر، وهو في الكتاب الآخر برقم «699» .
ولو أن هذه الأحاديث صحتْ؛ لكان الجمع بينها وبين حديث أبي ذر هذا
ممكناً بأن يقال: إن تلك مطلقة، وهذا مقيد، فيحمل المطلق على المقيد- كما في
علم الأصول تقيّد-، فينتج من ذلك أنه: لا يقطع الصلاة شيء إذا كان بين يديه ما يستره، وإلا؛ قطعت بالثلاثة المذكورة. وهذا في الواقع مفهوم حديث أبي ذر- كما لا يخفى-، بل قد جاء ذلك منطوقاً في رواية عنه بلفظ:«لا يقطعُ الصلاة شيء إذا كان بين يديه كآخرة الرحل» ، وقال: «يقطع الصلاة المرأةُ
…
» الحديث.
أخرجه أبو عوانة في «صحيحه» «2/ 50 - 51» ، والطحاوي هكذا بسند صحيح.
وبهذا تتفق الأحاديث كلها، فلا مسوغ حينئذِ للقول بنسخ حديث أبي ذر وما
في معناه من الأحاديث، كما فعل الشيخ أحمد شاكر، وكانت عمدته في ذلك
حديث عياش هذا! وقد علمت أنه لا يصح. ولو صح لم يكن صريحاً في النسخ؛
لأن عياشاً رضي الله عنه حين استنكاره لمرور الحمار- كان مؤتماً، وفي هذه الصورة لا يضر المرور بين أيديهم اتفاقاً؛ لأن الإمام سترة لمن خلفه. وكأنه كان عنده أن المرور مطلقاً يقطع الصلاة، فبين له عليه الصلاة والسلام أن الصلاة لا يقطعها شيء؛ أي: الصلاة وراء الإمام؛ لأنه سترتهم، فهو مثل حديث أبي ذر تماماً. وإنما كان يصح أن يكون ناسخاً لو أن في الحديث التصريح بأن الحمار مر بين يديه صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يكن أمامه سترة، ودون إثبات هذين الأمرين خرْطُ القتادِ! لا سيما وأنّ من هديه صلى الله عليه وسلم الصلاة وراء سترة، فهذا يقتضي أن صلاته في هذا الحديث كانت وراء سترة؛ إلا إن ثبت خلافه.
(ضعيف سنن أبي داود 9/ 268 - 269)