الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مما يؤكد وجوبها أنها سبب شرعي لعدم بطلان الصلاة بمرور المرأة البالغة والحمار والكلب الأسود كما صح ذلك في الحديث ولمنع المار من المرور بين يديه وغير ذلك من الأحكام المرتبطة بالسترة وقد ذهب إلى القول بوجوبها الشوكاني في «نيل الأوطار» 3/ 2 و «السيل الجرار» 1/ 176 وهو الظاهر من كلام ابن حزم في «المحلى» 4/ 8 - 15.
[تمام المنة ص (300)]
حول القول بأن السترة إنما يستحب اتخاذها عند خوف مرور أحد
[قال الإمام في تعقباته على الشيخ سيد سابق رحمه الله في فقه السنة]:
فأقول: فيه مؤاخذات.
الأولى: أن التعليل المذكور مجرد رأي لا دليل عليه وفيه إهدار للنصوص الموجبة لاتخاذ السترة - وقد سبق ذكر بعضها - بمجرد الرأي وهذا لا يجوز وبخاصة أنه يمكن أن يكون المار من الجنس الذي لا يراه الإنسي وهو الشيطان وقد جاء ذلك صريحا من قوله وفعله عليه الصلاة والسلام فقد صح عنه أنه قال: «إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته» .
وهو مخرج في «الصحيحة» 1373 وتأويل «الشيطان» بالإنسي المار مجاز لا مسوغ له إلا ضعف الإيمان بالغيب!
وقد صح أن الشيطان أراد أن يفسد على النبي صلى الله عليه وسلم صلاته فمكنه الله منه وخنقه حتى وجد برد لعابه بين إصبعيه وقال: «والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به أهل المدينة» .
والقصة في مسلم 2/ 73 وعبد الرزاق 2/ 24 / 2338 وأحمد 1/ 413 و 3/ 82 و 5/ 104 و 105 والطبراني في «الكبير» 2/ 224 و 227 و 251 عن غير واحد من الصحابة بألفاظ متقاربة.
انظر «صفة الصلاة» 74.
الثانية: أن حديث ابن عباس الذي استدل به لا يصح من قبل إسناده فيه الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف مدلس وقد عنعنه.
وهو مخرج عندي في «الأحاديث الضعيفة» 5814 مع أحاديث أخرى بمعناه.
الثالثة: أنه عزاه لأبي داود وهو خطأ فليس هو عنده وإنما رواه نحوه من حديث الفضل بن عباس الذي يأتي الكلام عليه بعده.
الرابعة: قوله: وقال البيهقي: وله شاهد بإسناد أصح من هذا عن الفضل بن عباس.
قلت: هذا من تساهل البيهقي رحمه الله لأنه من رواية عباس بن عبيد الله بن عباس عن الفضل بن عباس.
وقد قال الحافظ في «التهذيب» : «أعله ابن حزم بالانقطاع قال 4/ 13: إن عباسا لم يدرك عمه الفضل. وهو كما قال. وقال ابن القطان: لا يعرف حاله» .
وغفل عن هذه العلة الانقطاع الشوكاني في «نيل الأوطار» 3/ 8 وتبعه المعلق على «شرح السنة» 2/ 461!
[تمام المنة ص (304)]