الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صحيح، فكان على المؤلف أن يورد أحاديث أخرى صحيحة تشهد للحديث ولو في بعض مفرداته:
فمنها قوله صلى الله عليه وسلم: «الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام» .
أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي وغيرهم، وإسناده عند بعضهم صحيح على شرط الشيخين وهو مخرج في المصدر السابق.
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا حضرت الصلاة فلم تجدوا إلا مرابض الغنم وأعطان الإبل فصلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل» .
أخرجه أحمد والدارمي وابن ماجه وغيرهم بسند صحيح على شرط الشيخين من حديث أبي هريرة وفي معناه أحاديث أخرى خرجتها في «الثمر المستطاب» .
ولا أعلم حديثا صحيحا في النهي عن الصلاة في المواطن الأخرى ولا يجوز القول ببطلانها فيها إلا بنص عنه صلى الله عليه وسلم فليعلم.
[تمام المنة ص (299)]
عدم جواز الصلاة في المقبرة
«- ولا تجوز الصلاة في أماكن عشرة:
الأول: المقبرة وهي الموضع الذي دفن فيه إنسان واحد فأكثر لقوله عليه الصلاة والسلام: «الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام» .
وسواء في ذلك أكان القبر قبلته أو عن يمينه أو عن يساره أو خلفه لكن استقباله بالصلاة أشد لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وقوله: «إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء ومن يتخذ القبور مساجد» .
[ثم تكلم الإمام على تخريجهما إلى أن قال]:
واعلم أن الاستدلال بالحديث على ما ذكرنا إنما هو على أحد القولين في تفسيره وهو أن المراد بالاتخاذ: استقبال القبر. قال البيضاوي:
والحديث معناه عندنا أعم مما ذكره البيضاوي كما سيأتي بيانه قريبا إن شاء الله.
ومن عجائب الفهم المصادم للقصد من حديث النبي صلى الله عليه وسلم إن لم نقل للنص منه - قول البيضاوي في تمام كلامه وهو:
كذا قال ولا يخفى ما فيه من أثار الوثنية والضلال والمعصوم من عصمه الله ولذلك تعقبه العلماء فقال المناوي بعد أن نقل كلامه هذا:
وقد نص الإمام محمد تلميذ أبي حنيفة على كراهة اتخاذ المسجد عند القبر كما يأتي نصه في ذلك والتعبير ب «عند» أعم من قوله: «فوق» أو «على» كما لا يخفى فمن بنى مسجدا بجوار صالح فقد بنى عنده وعليه فكلام محمد رحمه الله رد على البيضاوي في رأيه هذا المبتدع ورد عليه الصنعاني أيضا في «سبل السلام» فقال: «قوله: لا لتعظيم له يقال: اتخاذ المساجد بقربه وقصد التبرك به تعظيم له ثم أحاديث النهي مطلقة ولا دليل على التعليل بما ذكر والظاهر أن العلة سد الذريعة والبعد عن التشبه بعبدة الأوثان الذين يعظمون الجمادات التي لا تنفع ولا تضر ولما في إنفاق المال في ذلك من العبث والتبذير الخالي عن النفع بالكلية» قال:
«ومفاسد ما يبنى على القبور من المشاهد والقباب لا تحصر» .
والحديث الأول يفيد تحريم الصلاة في المقبرة على التفصيل المذكور لعموم الحديث ولأن النهي أصله التحريم. وذهب بعضهم إلى بطلان الصلاة فيها وهو محتمل والله أعلم وقد ذهب إلى هذا ابن حزم في «الملحى» ورواه عن أحمد أنه قال: «من صلى في مقبرة أو إلى قبر أعاد أبدا» . ثم قال: «وكره الصلاة إلى القبر وفي المقبرة وعلى القبر: أبو حنيفة والأوزاعي وسفيان ولم ير مالك بذلك بأسا واحتج له بعض مقلديه بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبر المسكينة السوداء» قال ابن حزم: «وهذا عجب ناهيك به أن يكون هؤلاء القوم يخالفون هذا الخبر فيما جاء فيه فلا يجيزون أن تصلى صلاة الجنازة على من قد دفن ثم يستبيحون - بما ليس فيه منه أثر ولا إشارة - مخالفة السنن الثابتة» . قال: «وكل هذه الآثار حق فلا تحل الصلاة حيث ذكرنا إلا صلاة الجنازة فإنها تصلى في المقبرة وعلى القبر الذي قد دفن صاحبه كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. نحرم ما نهى عنه ونعد من القرب إلى الله تعالى أن نفعل مثل ما فعل فأمره ونهيه حق وفعله حق وما عدا ذلك فباطل والحمد لله رب العالمين» .
وقال الشوكاني بعد أن حكى مذاهب العلماء في المسألة:
«وأحاديث النهي المتواترة كما قال ذلك الإمام «ابن حزم» لا تقصر عن الدلالة على التحريم الذي هو المعنى الحقيقي له وقد تقرر في الأصول أن النهي يدل على فساد المنهي عنه فيكون الحق التحريم والبطلان لأن الفساد الذي يقتضيه النهي هو المرادف للبطلان من غير فرق بين الصلاة على القبر وبين المقابر وكل ما صدق عليه لفظ المقبرة».
وقال شيخ الإسلام في «الاختيارات» :
«ولا تصح الصلاة في المقبرة ولا إليها والنهي عن ذلك هو سد لذريعة الشرك وذكر طائفة من أصحابنا أن المقبرة ثلاثة قبور فصاعدا وليس في كلام أحمد وعامة أصحابه هذا الفرق بل عموم كلامهم وتعليلهم واستدلالهم يوجب منع الصلاة عند قبر واحد من القبور وهو الصواب والمقبرة كل ما قبر فيه لا أنه جمع قبر وقال