الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استقبال الكعبة في الفرض والنفل
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة؛ استقبل الكعبة في الفرض والنفل.
وأمر صلى الله عليه وسلم بذلك؛ فقال لـ «المسيء صلاته» : «إذا قمتَ إلى الصلاة؛ فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة، فكبر» .
[أصل صفة الصلاة (1/ 55)]
استقبال الكعبة في الصلاة مقطوع به لتواتره
[قال الإمام عن استقبال الكعبة في الصلاة]:
هذا شيء مقطوع به؛ لتواتره عنه صلى الله عليه وسلم وفيه أحاديث كثيرة.
[أصل صفة الصلاة (1/ 55)]
استقبال الكعبة ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا به
إذا قمت أيها المسلم إلى الصلاة، فاستقبل الكعبة حيث كنت، في الفرض والنفل، وهو ركن من أركان الصلاة التي لا تصح الصلاة إلا بها.
[تلخيص الصفة فقرة رقم 1].
من شروط الصلاة: استقبال الكعبة والكلام على تحويل القبلة والحكمة من ذلك
ذكر الإمام من شروط الصلاة:
- استقبال الكعبة:
يجب على المصلي أن يتوجه بوجهه وبدنه نحو الكعبة ثبت ذلك بالكتاب والسنة:
«أ» أما الكتاب فقوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 114].
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعدما هاجر إلى المدينة ستة عشر شهرا ثم صرف إلى الكعبة. [صحيح].
وفيه رد على أبي عمر بن عبد البر حيث اختار أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستقبل بيت المقدس وهو في مكة وإنما استقبله حين هاجر إلى المدينة واحتج بحديث البراء الآتي بعد هذا، ولا حجة فيه، إذ إنه لو لم يصرح بنفي الاستقبال قبل ذلك حتى ولو صرح لم يكن حجة بل لوجب الأخذ بحديث ابن عباس لما فيه من الزيادة والعلم وزيادة الثقة مقبولة ومن علم حجة على من لم يعلم والمثبت مقدم على النافي، كل هذه قواعد متفق عليها وقد قيلت في فروع كثيرة كما لا يخفى ذلك على الباحث.
هو من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة أو سبعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب
…
إلخ.
أخرجه البخاري بهذا السياق وهو عند مسلم.
وقد قال الحافظ في «الفتح» تحت قوله: «وكان يحب أن يوجه إلى الكعبة» ما نصه: «جاء بيان ذلك فيما أخرجه الطبري وغيره من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واليهود - أكثر أهلها - يستقبلون
بيت المقدس أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها سبعة عشرة شهرا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يستقبل قبلة إبراهيم فكان يدعو وينظر إلى السماء فنزلت. ومن طريق مجاهد قال: إنما كان يحب أن يتحول إلى الكعبة لأن اليهود قالوا: يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا. فنزلت».
قلت: سكت الحافظ عن حديث ابن عباس هذا ولعل ذلك لوضوح علته فإن علي بن أبي طلحة هذا صدوق قد يخطيء أرسل عن ابن عباس ولم يره كما قال الحافظ نفسه في «التقريب» فالحديث بهذا السياق ضعيف لانقطاعه.
«والحكمة من هذا التحويل إنما هي ابتلاء من الله وامتحان كما بينه عز وجل في قوله: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَاّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى الله وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ الله بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 143].
«ب» وأما السنة فقوله عليه الصلاة والسلام للمسيء صلاته:
«إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر
…
الحديث».
هو قطعة من الحديث المشهور بحديث المسيء صلاته. [متفق عليه].
«[وفي رواية: فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك وما انتقصت من هذا فإنما انتقصته من صلاتك]» .
هذه الزيادة تفرد بها أبو داود في رواية له من حديث أبي هريرة وإسنادها صحيح على شرط البخاري وهي ثابتة في حديث رفاعة بن رافع.
وهذا الحديث - كالآية يدل على وجوب استقبال القبلة في الصلاة وقد نقل الشوكاني وغيره إجماع المسلمين على ذلك إلا في حالتين سيأتي ذكرهما. قال الشوكاني:
«وقالت الهادوية: إن استقبال القبلة من شروط صحة الصلاة وقد عرفناك فيما سبق أن الأوامر بمجردها لا تصلح للاستدلال بها على الشرطية، إلا على القول بأن
الأمر بالشيء نهي عن ضده ولكن ههنا ما يمنع من الشرطية وهو خبر السرية الذي أخرجه الترمذي وأحمد والطبراني من حديث عامر بن ربيعة بلفظ كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة وصلى كل رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزل: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله} [البقرة: 115] فإن الاستقبال لو كان شرطا لوجبت الإعادة في الوقت وبعده لأن الشرط يؤثر عدمه في العدم، مع أن الهادوية يوافقوننا في عدم الوجوب الإعادة بعد الوقت وهو يناقض قوله: إن الاستقبال شرط. وهذا الحديث وإن كان فيه مقال عند المحدثين ولكن له شواهد تقويه».
قلت: ثم ذكرها وستأتي. ثم قال: «وفي حديث معاذ التصريح بأن ذلك كان بعد الفراغ من الصلاة قبل انقضاء الوقت وهو أصرح في الدلالة على الشرطية وفيها أيضا رد لمذهب من فرق في وجوب الإعادة بين بقاء الوقت وعدمه» (1)
[الثمر المستطاب (2/ 839)].
(1) قلت: قد نقل غير واحد الإجماع على بطلان صلاة من تعمد ترك استقبال الكعبة ومنهم ابن حزم وابن عبد البر أبو عمر كما سيأتي نص كلامهما في ذلك في شرح الحديث الآتي، فإن صح هذا الإجماع وجب المصير إليه ولا يكون مخالفا للحديث الذي احتج به الشوكاني على عدم الشرطية، وذلك لأنه وارد في غير مورد النزاع - أعني: في غير المتعمد - فهو يدل على صحة صلاته والإجماع المذكور يدل على بطلانها من المتعمد فلا خلاف ولا تعارض. وقد جزم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «اختياراته» «ص 27 - 28» في غير ما مسألة ببطلان صلاة من لم يستقبل الكعبة، وهو حتما يعني به المتعمد وأما غيره فمحل نظر، على أنني لا أكاد أتصور مسلما يعلم وجوب الاستقبال ثم يتركه عمدا لأن من يتعمد ترك شيء إنما يتركه عادة لما فيه من الجهاد ومحاربة هوى النفس ولا شيء من ذلك هنا لأن المصلي لا مناص من أن يستقبل شيئا ما فما الذي يدفعه ويحمله على ترك استقبال الكعبة وهي بين يديه يراها هذا أمر أكاد أجزم باستحالة وقوعه من المسلم العالم بالحكم. والله أعلم. [منه].