الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مداخلة: الصلاة في المسجد، تعطينا الشاهد من الكلام أو تعطينا شاهد الكلام، هل تؤيد ما كتبتم فيه في الصفة، أم نقلتموه نقلاً ..
الشيخ: سبق الجواب عن هذا.
مداخلة: تبينها زيادة تبيين.
الشيخ: زيادة تبيين، لا نتبنى هذا، نحن قلنا: بأن هذا وهذا واجب، أي: الصلاة على الرسول عليه السلام واجب، والتشهد واجب، هذا قلناه صراحة، وقلنا أيضاً صراحة إنه هذه العبارة، نحن نذكرها لسد الطريق على أولئك الذين يتأولون الأوامر بأنها للاستحباب والندب.
مداخلة: يقول قائل عند هذه العبارة يعني، إن الشيخ لو كان يتبنى خلاف رأي الآجرى لَنبَّه على خطئه في هذه المسألة.
الشيخ: لا مو شرط هذا، هذا أمر لا ينتهي، كثيراً ما ينقل الناقل يعني نقولاً عن بعض العلماء، لأن المهم أن يثبت رأيه فقط، وهو أن الأمر للوجوب وبس.
مداخلة: لذلك لا نستطيع أن نقول الشيخ صرح ببطلان الصلاة لمن ترك.
الشيخ: أبداً، ولا يدور في خلدي هذا المعنى إطلاقاً.
(الهدى والنور /135/ 08: 01: 00)
الضابط فيما هو ركن في الصلاة
مداخلة: هل هناك يا شيخ ضابط بالنسبة للأركان في الصلاة، نعلم أن هناك سنن وأركان في الصلاة هل هناك ضوابط لهذا الشيء الذي ذكرناه؟
الشيخ: طبعاً، ليس هناك في الإسلام إلا له ضوابط.
لكن الحقيقة كما قال عليه السلام في الطب: «ما أنزل الله داءً إلا وأنزل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله» .
كذلك هذه الضوابط يَعْلَمُها أهل العلم، أما أهل الجهل وأهل الطلب للعلم هذه المرتبة الثانية، فهؤلاء لا يمكنهم أن يعلموا هذه الحقيقة إلا إذا صاروا ممن يجب الرجوع إليهم في تحقيق قوله تبارك وتعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].
فمن كان من أهل الذكر فما أسهل عليه أن يعرف ما هي الضوابط في معرفة الأركان وتمييزها عن الواجبات؛ الواجبات التي يجب على المسلم أن يقوم بها، ويكون آثماً فيما إذا ابتلي بتركها، كذلك الأركان مثل الواجبات من حيث الإثم فيما إذا أخل بها، ولكن إثمه للإخلال بالأركان أشد بنسب كثيرة جداً، ذلك لأن الإخلال بالواجب في هيئة ما، في عبادة ما لا يبطلها، لكنه مع إتيانه بها يكون آثماً من حيث تركه لما كان واجباً فيها.
أما الركن فهو الذي يلزم من تركه ترك الهيئة نفسها، كالذي يصلي ولا يصلي، كيف يصلي ولا يصلي؟
هو مثلاً صلى وخلينا نضربها علاوية مثلما يقولون عندنا في سوريا؛ لأننا لا نزال في الشام، الحمد لله، لكن يقولون عندنا خلينا نضربها علاوية، فالذي يصلي بدون وضوء هذا صلى لكن ما صلى، لماذا؟
ضربناها عَلاوية من شان نضربها واطية، لكن هي عالية حطوا بالكم الآن، هذا صلى وما صلى؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقول:«لا صلاة لمن لا وضوء له» .
إذاً: هذا صلى ما توضأ، إذاً ما صلى.
فهذا النص يشبه نصوصاً كثيرة بمثلها نعرف كون الشيء ركناً أو شرطاً، وسيأتي التفريق بين الشرط والركن في اصطلاح الفقهاء.
اسمعوا تمام الحديث، وتمام الحديث هو أهم من أوله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» .
وكم وكم من متوضئ اليوم يتوضأ، ولا وضوء له بنص الحديث؛ لأنه لا يسمي الله على وضوئه.
إذاً: هذا صلى وما صلى، ولم يتوضأ بالمرة، لكنه توضأ بكل ما أقول الشروط فقط، بل والواجبات .. والسنن، لكنه تساهل فترك التسمية في أول الوضوء، والرسول يقول:«ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» .
طبعاً: قد يسأل سائل، إذا نسي؟
نقول: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286].
لكن المهم أن يحرص المسلم على ذكر الله عز وجل في وضوئه تنفيذاً منه وتطبيقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» .
مثل هذا النص الذي يستلزم نفي الذات بنفي جزء من أجزائه يفهم كون الشيء ركناً أو كونه شرطاً، هذا أمر اصطلاحي ولا مشاحة في الاصطلاح، أي: كون الشيء شرط، وكون الشيء ركن من حيث طريقة المعرفة التي أنت سألت عنها شيء واحد.
لكن الفقهاء اصطلحوا ما كان جزءاً من أجزاء الشيء فهو ركن، وما كان ليس في الشيء وإنما هو في مقدمته فهو شرط، فالآن الوضوء ليس في نفس الصلاة، هو مقدمة للصلاة، فمن لم يتوضأ فلا صلاة له.
إذاً: الوضوء شرط، لكن لنأت الآن كما أتينا بمثال يتعلق بشرطية التسمية في الوضوء والناس أكثرهم عن هذا الشرط غافلون، كذلك ينبغي أن نذكر بحكم جاء الدليل عليه في الحديث وهو في الوقت نفسه جواب لما سألت عنه، كيف نعرف كون الشيء شرطاً أو لا.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «لا يُصَلِّيَنّ أحدكم وليس على عاتقيه من ثوبه شيء» .
هذا ينفي الصلاة بسبب ترك شيء دعنا نسميه من هيئة الصلاة، وأقول دعنا نسميه؛ لأن هناك اصطلاح فقهي شافعي أنهم يطلقون اسم الهيئة على السنن والمستحبات.
لكن أنا أعني الصورة العامة، فلما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:«لا يصلين» معناها: إذا صليت فصلاتك باطلة.
إذاً: هذا النص من الوسائل التي بها يفهم كون الشيء ركناً أو شرطاً، وخلاصته نفي الذات بسبب انتفاء جزء من أجزاء الذات.
مداخلة: هذا ركن شيخنا؟
الشيخ: هذا ركن طبعاً؛ لأنه يصلي، لكن الحقيقة هذا الركن يحتاج إلى تفصيل.
جاء في صحيح البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن الرجل سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله! أيصلي أحدنا في ثوب واحد؟ قال: «أو كلكم يجد ثوبين؟ » الجواب بالنسبة للحياة الضنك الذي كان يعيشها سلفنا الصالح، لكن هذا المجتمع الآن هل نستطيع أن نقول تبليغاً من الرسول صلى الله عليه وسلم لكم:«أو كلكم يجد ثوبين» ما شاء الله ثلاثة، أربعة ثياب يملك الواحد اليوم.
إذاً: نحن لا نعيش تلك الحياة الضنك التي كان يعيشها السلف، لذلك نقول: الأصل في المصلي أن يستر عورته الكبرى، وأنا سأقول شيئاً ربما يكون بالنسبة إلى بعضكم شيئاً جديداً، عورة كبرى وعورة صغرى، العورة الكبرى هي التي لا يجوز للمسلم أن يكشف عنها بين إخوانه وأصدقائه، سواء كان في الصلاة أو خارج الصلاة، لكن هناك عورة من أجل الصلاة، وهذا يشبه تماماً حكم يتعلق بالنساء، فالمرأة مع المرأة عورتها هو كل بدنها ما سوى مواطن وضوئها.
مداخلة: في الصلاة؟
الشيخ: لا، الآن أنا خارج الصلاة، المرأة عورتها مع المرأة المسلمة كل بدنها ما عدا مواطن وضوئها، الرأس وما حوى، الذراعين إلى شيء من العضد، القدمين إلى
أسفل الساقين. هذه عورة، فلا عبء عليها أن تظهر هكذا أمام أختها المسلمة أو محارمها، لكنها إذا صَلَّت هناك عورة ثانية بالنسبة لها، فقال عليه الصلاة والسلام:«لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» .
إذاً: يجب عليها إذا دخلت في الصلاة أن تستر رأسها الذي لا يعتبر أصلاً من عورتها، كذلك الرجل تماماً في الصلاة، فالقسم الأعلى أي: ما فوق السرة ..
هذا ليس بعورة بين الرجل والرجل، لكن في الصلاة يجب على أن يستر متى، إذا وجد ثوباً آخر، لذلك قال عليه الصلاة السلام:«من كان له إزار ورداء فليتزر وليترد فإن الله أحق أن يتزين له» .
من كان له رداء يغطي القسم الأعلى من البدن، وإزار يغطي القسم الأدنى فعليه أن يجمع بينهما، فإن لم يكن له إلا ثوب واحد هنا يأتي التفصيل، لا أريد أن أكرر ما سبق، هنا يأتي التفصيل: إن كان الثوب واسعاً التحف به، فغطى القسم الأعلى أيضاً، وإن كان ضيقاً ائتزر به.
إلى هنا يهتم النبي صلى الله عليه وسلم بهذه المسألة بحيث أنه فصل لنا، فقال: إذا كان الثوب واسعاً فالتحف به، وإذا كان ضيقاً فاتزر به، أما إذا كان عندك ثوبين فالله أحق أن يتزين له.
هنا يأتي الحديث السابق: «لا يصلين أحدكم وليس على عاتقيه من ثوبه شيء» هذا الثوب إما أن يكون واحداً واسعاً فضفاضاً، حينئذ يغطي القسم الأعلى والأدنى من البدن، وإذا كان ثوبين فذلك أكمل وأجمل تحقيقاً لقوله تبارك وتعالى في القرآن الكريم:{خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31].
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته: «لباس المرأة في الصلاة، وهي رسالة صغيرة ولكنها كبيرة في فائدتها» ، ذكر أن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه رأى مولاه نافعاً يصلي ذات يوم حاسر الرأس، فبعد أن صلى ناداه، قال: أرأيتك لو أنك ذهبت لمقابلة أحد هؤلاء الأمراء هل تقف أمامه هكذا أم تغطي رأسك؟
قال: أغطي.
قال: فالله أحق أن يُتَزَيَّن له.
وابن عمر أخذ هذا الأدب في هذا الحديث من حديثه الذي ذكرته آنفاً غير معزو إليه، هو الذي روى لنا كما في سنن أبي داود:«من كان له إزار ورداء فليتزر وليرتد؛ فإن الله أحق أن يُتَزَيَّن له» ، هذا التَّزَيُّن بالنسبة لقسم المنكبين فما دونهما هذا ركن من أركان الصلاة إذا تيسر، من أين أخذنا هذا؟ من نهي المصلي أن يصلي، فإذا نهى الرسول عليه السلام المصلي أن يصلي في حالة ما، هذا النهي عن الصلاة دل على بطلانها، فهذا من القرائن والأساليب التي بها يمكن للفقيه أن يعرف الركن أو الشرط من كونه واجباً فقط، وليس بركن أو بشرط.
هذا هو الجواب.
مداخلة: الله يجزيكم خير.
الشيخ: الله يحفظك.
مداخلة: هل السهو ساقط عن الركن أو الشرط؟
الشيخ: لا، لكن هناك أشياء يمكن تداركها، وهناك أشياء لا يمكن تداركها، خاصة في الصلاة، فتعرف أنت من نقص فلا بد أن يأتي بالركن الذي فَوَّته سواء كان سجدة أو ركوعاً أو ركعة، ثم يسجد سجود السهو، لكن بالنسبة لما كان بحثنا فيه ألا وهو التسمية في الوضوء، فهذا لمن ابتلي بالنسيان، وإلا فعليه أن يتدارك الأمر.
(الهدى والنور / 593/ 03: 29: 00)