الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجدار سترته، هذا هاي سترته، إنت - مثلاً - صليت هون، وين سترتك؟ ما فيه، والسبب؟
الناس في غفلة، ما فيه من يُذَكِّرهم، مثلما ما قلنا هناك، فأنا أُذَكِّر والذكرى تنفع المؤمنين، حديثين عن الرسول عليه السلام: أحدهما: يقول: «إذا صلى أحدكم، فليُصَلِّ إلى سترة، لا يقطع الشيطان عليه صلاته» .
الحديث الثاني: «إذا صلى أحدكم فليدن من سترته» ، «إذا صلى أحدكم فليدن من سترته» يعني: لا يبعد عنها، هنا يرد سؤال، أد إيش لازم يكون قريب من السترة؟
جاء الحديث في صحيح البخاري، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى يكون بينه بين موضع سجوده والسترة ممر شاة؟ يعني: شبر ونص، شبرين بالكثير، فهذه السترة مثلاً للي رأسه هنا، وإلا أيضاً بينطح السترة برأسه، يعني: بيلصق رأسه بالسترة.
وإنما يجعل بين رأسه وبين السترة ممر شاة، هذا الذي أردت التنبيه عليه:
أولاً: إذا دخل الداخل المسجد لازم ما يقعد في المسجد إلا بعد ما يُصَلِّي ركعتين.
ثانياً: لازم يصلي إلى سترة، جدار المسجد عمود المسجد
…
إلى آخره.
(الهدى والنور/ 3/ 26: .. : .. )
على ماذا يدل عدم اعتناء المسلمين بالسترة؟ وما كيفيتها
؟
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يقول إني أُخبرك أَني أُحبك في الله، سؤالي: هل عدم اعتناء المسلمين اليوم بالسترة، يدل ذلك على عدم وجوبها وأهميتها، وكيف يكون وضع السترة، وكم يكون طولها، وبُعْدَها من المصلي، ونحو ذلك، وإذا كانت السترة يعني طاوله مفتوحة من أسفل؟
الشيخ: الجواب، على ما سمعتم أن تهاون الناس بالتوجه في صلواتهم إلى سترة، في اعتقادي يعود الأمر في ذلك إلى تهاون أهل العلم بتذكير عامة المسلمين بها، وليس بانصرافهم أعني المسلمين عنها مع معرفتهم بها.
لأننا عرفنا بالتجربة أن أكثر عامة المسلمين، لا يعرفون حكم هذه المسألة.
والسبب أن كثيراً من أهل العلم لا يُبَلِّغون الناس ما يلزمهم من الأحكام الشرعية.
وهذا لا يعني أن عامة المسلمين لا يوجد فيهم من يتهاون بما يعلم من الأحكام الشرعية، لا.
ولكنني أقول بخصوص هذه المسألة إن الأمر يعود إلى عدم اهتمام كثير من العلماء بتنبيه الجماهير إلى ضرورة اتخاذ السترة.
ذلك؛ لأن هناك بعض الأمور، التي يؤمر بها الإنسان شرعاً، فيها مجاهدة للنفس، فقد يتغلب هوى النفس فلا يستجيب صاحب هذا الهوى للحكم الشرعي، لأنه يتطلب جهاداً.
أما الصلاة إلى سُتْرة فلا يتطلب شيء من ذلك، سوى أن يتنبه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يصلي إلى سترة.
فالسترة موجودة في كل مكان، هو الجدار، هو العمود، هو الطاولة، هو إنسان جالس، يذكر الله يصلي على رسول الله وهكذا.
فلا فرق بين أن يصلي كيفما اتُفِق، وبين أن يصلي إلى سترة قريبة منه، الفرق فقط أنه غافل عن هذه السنة، بل عن هذا الواجب، والسبب هو عدم متابعة الناس من العلماء بالتذكير.
والمثال واضح لديكم بما افتتحت آنفاً هذه الجلسة، من التذكير بوجوب عدم مسابقة الإمام بآمين.
العالم الإسلامي كله يقع في هذه المخالفة في كل المساجد، ما هو السبب؟ السبب هو عدم قيام أهل العلم بتذكير جماهير المصلين، وإلا مهما طال الزمن، فسيعود المسلمون إلى السنة، وإلى أن يتجاوبوا مع قوله صلى الله عليه وسلم السابق ذكره آنفاً، «إذا أَمَّن فَأمِّنوا» والأمر كذلك تماماً، فيما يتعلق باتخاذ السترة.
هناك أحكام كما قلت لكم تحتاج إلى جهاد النفس والخلاص من الهوى، هذا لا يعود أمره إلى تقصير العلماء لأن الجماهير يعلمون الحكم الشرعي، ومع ذلك فهم يخالفونه.
كمثل مثلاً الاستماع إلى أغاني الطرب والآلات الموسيقية، فجماهير المسلمين يعلمون تحريم ذلك، ولكن يتغلب عليهم الهوى، فَيَتَّبعون هوى أنفسهم، ويخالفون شريعة ربهم.
وعلى ذلك فقس كثيراً من المخالفات، كالتبرج، «كتزيين المساجد» ونحو ذلك، كل هذا مخالف للشريعة، لكن الهوى يتغلب.
أما مسألة السترة، فهي لا تحتاج شيء من الكُلْفَة أو من جهاد النفس، وإنما يحتاج إلى أن يعلم الناس حكم الشرع في ذلك.
ولكي يعلموا، فعلى أهل العلم أن يُذَكِّروا الناس بكل مناسبة، في أي مسجد دخل المسلم وفي أيِّ مصلى أتاه، وجد المصلين يصلون كيفما اتُفِق لهم، والسترة كالأعمدة في المسجد خاليه، مع ذلك لا تجد أحداً منهم يذهب إليها ليتستر بها السبب، أنه يجهل أحكام السترة.
وفي كُتب الحديث وفي كتب الفقه أبواباً تتعلق بالسترة، أحكام تتعلق بالسترة، هذا ليس أمراً جديداً، ولكن يندرس العلم مع تكاسل أهل العلم من جهة بالقيام بواجبهم، ومن جهة أخرى بذهاب أهل العلم.
ونحن حينما نقول أهل العلم، إنما نعني الذين يتلقون العلم من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لقد جاء في حديث من الأحاديث الصحيحة أمره عليه السلام كُلَّ مُصَلٍّ، سوى المقتدي بالإمام باتخاذه السترة.
فقال عليه الصلاة والسلام: «إذا صلى أحدكم، فَلْيُصَلِّ إلى سترة، لا يقطع الشيطان عليه صلاته» إذا صلى أحدكم فَلْيُصَلِّ إلى سترة، لا يقطع الشيطان عليه صلاته.
كثيراً ما نُحَدِّث الناس ونُذَكِّرهم بهذا الحديث، وبخاصة إذا كان في غرفة مثلاً، ونراه يصلي لا إلى سترة.
فيكون جوابه؛ لجهله لهذا الحديث، هو ما جاء في آخره، «لا يقطع الشيطان عليه صلاته» يكون جوابه على البداهة، يا شيخ ما في حد هنا، الغرفة التي يصلي هو فيها يقول ما في حد، حتى يقطع عليه الصلاة.
فنحن نُجِيبُه: يا أخي في حد، لكن أنت لا تراه، هناك شياطين الجن الذين وصفهم الله عز وجل، وصف أباهم وذريته بقوله {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: 27].
فإذاً لا تغتر بقيامك في غرفة محصورة، ليس فيها احد سوى أنت تصلي، فتُصَلي كيفما اتفق لا إلى سترة أو بعيداً عن السترة، بزعم أن لا أحد هناك يمكن أن يمر.
فاعلم أن هناك خلقاً لا تراهم بعينك، ربُّنا عز وجل خلقهم وابتلانا بهم، وهم شياطين الجن؛ لذلك قال عليه السلام:«إذا صلى أحدكم فليصلّ إلى سترة، لا يقطع الشيطان» أي: «خشية أن يقطع الشيطان عليه صلاته» ، هذا الشيطان قد يكون من شياطين الإنس، وقد يكون من شياطين الجن.
فإذا كنت تصلي في مكان، تظن أنه ليس فيه ساكن، أو لا يُحْتَمل أن يمر أحد من الإنس يمر بين يديك، فتذكر أن هناك خلقاً آخر يمكن أن يَمُرّ بين يديك، ليس مروراً مادياً تشعر به أنت، كما تشعر بمرور الإنسان، الذي هو خلق من الطين الذي أنت خُلقْت منه.
تَذَكّر هذه الحقيقة، وتذكر معها أن النبي صلى الله عليه وسلم، الذي جاء في بعض الأحاديث الصحيحة أن الله عز وجل وَكَل بكل إنسان قرينه من الجن، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ ! قال: «ولا أنا، ولكن الله أعانني عليه فَأَسْلَمَ» وفي رواية أو في ضبط «فأَسْلَمُ من شَرّه» .
مع هذه الخصوصية التي خص الله بها نبيَّه صلى الله عليه وسلم، فقد رئى وهو قائم يصلي بأصحابه يوماً، فوجئ أصحابه بأن النبي صلى الله عليه وسلم مَدَّ يده هكذا كأنه يقبض على شيء، لكن المصلين من خلفه لا يرون شيئاً.
فلما صلى عليه الصلاة والسلام سألوه على هذه الحركة التي ليس من عادته أن يأتيها في صلاته، فقال عليه الصلاة والسلام -وهنا الشاهد-:«إن شيطاناً هجم عَلَيَّ، وفي يده شُعْلة من نار، يريد أن يُفْسِد عليّ صلاتي، فأخذت عُنُقَه بيدي، وشددت عليه حتى وجدت بَرْد لعابه في يدي، ولولا دعوة أخي سليمان عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] لربطته بسارية من سواري المدينة، حتى يصبح الصبيان يلعبون به» .
فإذا كان الشيطان هَمَّ بإفساد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر وهو المعصوم، ومن عصمته أن الله أعانه على شيطانه فأسلم كما سمعتم.
فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه منزلته عند ربه، هَمَّ الشيطان أن يُفْسِدَ عليه صلاته، والناس من خلفه لا يرون شيئاً من ذلك.
فإذاً: نحن يجب أن نتذكر هذه الحقيقة، حينما قال عليه السلام:«إذا صلى أحدكم فليصلِّ إلى سترة، لا يقطع الشيطان عليه صلاته» .
لا تتصوروا أن هذا الشيطان المقصود به جنس أو نوع من البشر فقط، قد يكون هذا، وقد يكون من شياطين الجن كما رأيتم في الحديث الصحيح.
ثم جاء في حديث آخر، وهذا يجب الانتباه له أيضاً:«إذا صلى أحدكم فليدن من سترته» .
الحديث الأول أمر بالسترة، والحديث الثاني يتضمن حكماً جديداً، وهو أن يقترب من سترته.
أيضاً العلة «لا يقطع الشيطان عليه صلاته» .
ما مقدار الاقتراب من السترة؟
جاء في صحيح البخاري أنه كان بين موضع مُصَلّى النبي، أي سجوده عليه السلام، وبين السترة ممر شاة، مقدار شبر أو شبر ونص تقريباً.
ومعنى هذا: أن المصلي لا يقترب من السترة بحيث لا يكون هناك فجوه، وإنما يبتعد عنها قليلاً.
فتخرج السترة عن كونها سترة شرعية، والمسافة هو ما سمعتم ممر شاة، مقدار شبر أو شبر ونص.
هذا ما يتعلق بأمره عليه السلام بالسُّتْرَة، وتحديد المسافة التي تكون بين موضع سجود المُصَلّي وبين السترة.
من أهمية هذه السُّتْرة شرعاً، أمور: منها: أنك إذا كنت تصلي إلى غير سترة، وأراد أن يمر بين يديك أحد من الناس، فلا يجوز لك أن تمنعه.
وعلى خلاف ذلك: إذا كنت تصلي إلى سترة، وأراد أن يمر أحداً فنبينا يأمرنا بقوله «فليدفعه» فليدفعه أي بالتي هي أحسن، «فإن أبى فليقاتله؛ فإنما هو شيطان» أي من شياطين الإنس، وقد يكون من شياطين الجن؛ لأن من صلاحية ومن قدرات الجن أنهم يتمثلون بصور الإنس وغيرها.
إذاً: من كان يصلي إلى سترة، له الحق أن يدفع المار وأن يقاتله، أما إن كان يصلي هكذا في العراء لا إلى سترة، وأراد أحد أن يمر بين يديه، فليس لدى هذا الحق أن يَصُدَّه أو أن يدفعه.
أهم من هذا: أن هناك من الأشخاص، إذا مَرَّ بين يدي المصلي، ولم يكن يصلي إلى سترة تبطل صلاته، تبطل صلاته، هذا يقع كثيراً خاصة في المسجد الحرام، وفي المسجد النبوي، ثم سَرَت عدواهما إلى كثير من المساجد.
ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ولعلي أُنهي الجواب عن هذا السؤال بهذا الحديث- قال عليه السلام: «يقطع صلاة أحدكم إذا لم يكن بين يديه مثل مُؤَخِّرة الرحل، المرأة والحمار والكلب الأسود، قالوا: ما بال الكلب الأسود يا رسول الله؟ ! قال: إنه شيطان» .
أيضاً هذا يشيروا [إلى حديث]: «فادفعه فإن أبى، فقاتله فإنما هو شيطان» يمكن أن يكون من شياطين الجن تمثل بصورة الإنسي.
فإذا مَرَّت المرأة بين يديك وأنت تصلي إلى سترة، فلا شيء عليك وصلاتك صحيحة.
أما إذا كنت تصلي لا إلى سترة فقد بَطُلَت صلاتك، بمجرد مرور المرأة.
كذلك الحمار، وكذلك الكلب الأسود.
ولذلك: فينبغي للمسلم أن يَحْرِص على أن يصلي دائماً وأبداً، لا فرق بين فريضة ونافلة، أن يصلي إلى سترة، أولاً: تَجَاوُباً مع أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وثانياً: حتى لا يقع في مخالفة دفع من يمر بين يديه، إذا لم يكن اتخذ سترة، وثالثاً وأخيرًا: حتى لا تَبْطُل صلاته، فيما إذا مر بين يديه أحد الأشخاص الثلاثة الذين ذُكروا في الحديث الصحيح.
(الهدى والنور / 398/ 16: 50: 00)
(الهدى والنور / 399/ 43: 00: 00)