الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى بدنه أو ثوبه نجاسة كان تاركا لواجب وأما إن صلاته باطلة كما هو شأن فقدان شرط الصحة فلا لما عرفت.
[الثمر المستطاب (1/ 324)].
حكم من علم وهو يصلي بأنه يحمل نجسًا
«ومن علم وهو يصلي بأنه يحمل نجسا فعليه أن يزيله ويستمر في صلاته ويبني على ما كان قد صلى قبل الإزالة وصلاته صحيحة، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى ذات يوم فلما كان في بعض صلاته خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى الناس ذلك خلعوا نعالهم فلما قضى صلاته قال: «ما بالكم ألقيتم نعالكم؟ » قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا - أو قال أذى وفي رواية: خبثا - فألقيتهما. فإذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر في نعليه فإن رأى فيهما قذرا - أو قال: أذى وفي رواية: خبثا - فليمسحها وليصل فيهما» .
هو من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم
…
إلخ.
«صحيح على شرط مسلم» [ثم ساق الإمام شواهده ثم قال]:
وبالجملة فالحديث بهذه الشواهد صحيح حجة لا شبهة فيه وقد صححه من عرفت من الأئمة.
والحديث دليل واضح لما احتججنا له.
وفي الباب عن عائشة وسيأتي في خاتمة الكلام على المسألة الرابعة. وقد قال الخطابي في المعالم: «قلت: فيه من الفقه أن من صلى وفي ثوبه نجاسة لم يعلم بها فإن صلاته مجزية ولا إعادة عليه» .
وإلى هذا ذهب الشافعي في القديم كما قال البيهقي وعليه يدل عمل ابن عمر رضي الله عنه فقد روى البيهقي عن يزيد بن هارون: أنبأ محمد بن مطرف عن زيد بن مسلم قال: رأيت ابن عمر يصلي في ردائه وفيه دم فأتاه نافع فنزع عنه ردائه وألقى عليه رداءه ومضى في صلاته.
وعن عبد الرزاق: أنبأ معمر عن الزهري عن سالم أن ابن عمر بينما هو يصلي رأى في ثوبه دما فانصرف فأشار إليهم فجاؤوه بماء فغسله ثم أتم ما بقي على ما مضى من صلاته ولم يعد.
قلت: وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقد قال في «باب اجتناب النجاسة» من الاختيارات العلمية:
وقال ابن القيم في «إغاثة اللهفان» :
ونسب النووي القول بذلك إلى جمهور العلماء ثم قال في «المجموع» :
«قال ابن المنذر: وبه أقول وهو مذهب ربيعة ومالك وهو قوي في الدليل وهو المختار» .
وإذا صح ما ذهبنا إليه فالحديث دليل على أن إزالة النجاسة ليس شرطا لصحة الصلاة لأنه عليه الصلاة والسلام بنى على ما كان صلى قبل الخلع، فلو كانت شرطا
لاستأنف الصلاة لأن الشرط يؤثر عدمه في عدم المشروط كما تقرر في الأصول قال الشوكاني: «والحديث استدل به القائلون بأن إزالة النجاسة من شروط صحة الصلاة وهو كما عرفناك عليهم لا لهم لأن استمراره على الصلاة التي صلاها قبل خلع النعل وعدم استئنافه لها يدل على عدم كون الطهارة شرطا، وأجاب الجمهور عن هذا بأن المراد بالقذر هو الشيء المستقذر كالمخاط والبصاق ونحوهما ولا يلزم من القذر أن يكون نجسا وبأنه يمكن أن يكون دما يسيرا معفوا عنه وإخبار جبريل له بذلك لئلا تتلوث ثيابه بشيء مستقذر. ويرد هذا الجواب بما قاله في «البارع» في تفسيره قوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] أنه كنى بالغائط عن القذر وقول الأزهري: النجس القذر الخارج من بدن الإنسان. فجعله المستقذر غير نجس أو نجس معفو عنه تحكم وإخبار جبريل في حالة الصلاة بالقذر الظاهر أنه لما فيها من النجاسة التي يجب تجنبها في الصلاة لا لمخافة التلوث لأنه لو كان لذلك لأخبره قبل الدخول في الصلاة لأن القعود حال لبسهما مظنة للتلوث بما فيها على أن هذا الجواب لا يمكن مثله في رواية الخبث المذكورة في الباب للاتفاق بين أئمة اللغة وغيرهم أن الأخبثين هما البول والغائط».
وقال ابن القيم رحمه الله في «إغاثة اللهفان» بعد أن ساق الحديث:
وتأويل ذلك على ما يستقذر من مخاط أو نحوه من الطاهرات لا يصح لوجوه:
أحدها: أن ذلك لا يسمى خبثا.
الثاني: أن ذلك لا يؤمر بمسحه عند الصلاة فإنه لا يبطلها.
الثالث: أنه لا تخلع النعل في الصلاة فإنه عمل لغير حاجة فأقل أحواله الكراهة.
الرابع: أن الدارقطني روى في «سننه» في حديث الخلع من رواية ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما دم حلمة» والحلم كبار القراد.
[الثمر المستطاب (1/ 332)]