الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الثمر المستطاب (1/ 396)].
لا تجوز الصلاة في مواضع الخسف والعذاب
[ذكر الإمام ضمن الأماكن التي تحرم فيها الصلاة]:
الثامن: مواضع الخسف والعذاب فإنه لا يجوز دخولها مطلقا إلا مع البكاء والخوف من الله تعالى لقوله عليه الصلاة والسلام [لما مر بالحجر]: «لا تدخلوا البيوت على هؤلاء القوم الذي عذبوا [أصحاب الحجر] إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم فإني أخاف أن يصيبكم مثل ما أصابهم» [ثم قنع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه [بردائه وهو على الرحل] وأسرع السير حتى أجاز الوادي]».
الحديث هو من رواية عبد الله بن عمرو رضي الله عنه وله عنه ثلاثة طرق:
الأول: عن عبد الله بن دينار واللفظ المرفوع من كلامه عليه السلام هو له.
أخرجه البخاري ومسلم وأحمد - والسياق له - في رواية والبيهقي من طرق عنه. وبعض أسانيده عند أحمد ثلاثي.
وفي رواية للبخاري من طريق سليمان - وهو ابن بلال - عن عبد الله بن دينار بلفظ:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها فقالوا: قد عجنا منها واستقينا. فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين وهرقوا ذلك الماء.
الثاني: عن نافع بلفظ: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس عام تبوك نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود فاستسقى الناس من الآبار التي كان يشرب منها ثمود فعجنوا منها ونصبوا القدور باللحم فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهرقوا وعلفوا العجين الإبل ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كان تشرب منها الناقة ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا قال: «إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم» .
أخرجه أحمد: ثنا عبد الصمد: ثنا صخر - يعني ابن جويرية - عنه.
وهذا سند صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه من طريق عبيد الله عن نافع به نحوه دون قولهم: ونهاهم
…
إلخ. وقال البخاري: «تابعه أسامة عن نافع» .
الثالث: عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر به نحو حديث ابن دينار.
أخرجه البخاري ومسلم والبيهقي وأحمد من طريق الزهري عنه. وفيه الزيادة الأولى عند الجميع والأخرى عند البخاري والبيهقي إلا قوله: «بردائه وهو على الرحل» في رواية لأحمد وكذا البخاري في رواية.
ففي الحديث النهي عن الدخول في أماكن المعذبين والمقام بها إلا باكيا قال البيهقي: «فدخل في ذلك المقام للصلاة وغيرها» .
وقد جاء في ذلك حديث صريح إلا أنه متكلم فيه أخرجه أبو داود وعنه البيهقي من طريقين ابن لهيعة ويحيى بن أزهر عن عمار بن سعد المرادي عن أبي صالح الغفاري: أن عليا رضي الله عنه مر ببابل وهو يسير فجاءه المؤذن يؤذن بصلاة العصر فلما برز فيها أمر المؤذن فأقام الصلاة فلما فرغ قال: إن حبيبي صلى الله عليه وسلم نهاني أن أصلي في المقبرة ونهاني أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة.
ثم أخرجه عنهما أيضا عن الحجاج بن شداد عن أبي صالح الغفاري به بمعناه. قال الخطابي: «في إسناد هذا الحديث مقال» وقال الحافظ في «الفتح» :
قلت: ولعل علته الانقطاع بين أبي صالح - واسمه سعيد بن عبد الرحمن - وبين علي رضي الله عنه. فقد قال ابن يونس: «روايته عن علي مرسلة» .ورجاله موثقون.
وقد ورد موقوفا على علي فقال البخاري: «ويذكر أن عليا رضي الله عنه كره الصلاة بخسف بابل» . وقال الحافظ: «وهذا الأثر رواه ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن أبي الملح - وهو بضم الميم وكسر المهملة وتشديد اللام - قال: كنا مع علي فمررنا على الخسف الذي ببابل فلم يصل حتى أجازه أي: تعداه ومن طريق أخرى عن علي قال: ما كنت لأصلي في أرض خسف الله بها» . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «الاقتضاء» بعد أن ساق حديث علي المرفوع من طريق أبي داود: «وقد روى الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله بإسناد أوضح من هذا عن علي رضي الله عنه نحو من هذا: أنه كره الصلاة بأرض بابل وأرض الخسف أو نحو ذلك. وكره الإمام أحمد الصلاة في هذه الأمكنة اتباعا لعلي رضي الله عنه وقوله: نهاني أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة. يقضي أن لا يصلي في أرض ملعونة والحديث المشهور في الحجر يوافق هذا فإنه إذا كان قد نهى عن الدخول إلى أرض العذاب دخل في ذلك الصلاة وغيرها ويوافق ذلك قوله سبحانه عن مسجد الضرار: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} فإنه كان من أمكنة العذاب قال سبحانه: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ الله وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [التوبة: 109] وقد روي أنه لما هدم خرج منه دخان» .
والرواية التي عزاها لأحمد لعلها في مسائل عبد الله عنه أو غيرها فإني لم أجدها في «المسند» ثم قال شيخ الإسلام في «الاختيارات» : «ومقتضى كلام الآمدي وأبي