الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلاة المريض جالساً
وقال عمرانُ بن حصين رضي الله عنه: كانت بي بَوَاسير، فسألت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:«صلِّ قائماً، فإنْ لم تستطعْ؛ فقاعداً، فإن لم تستطعْ؛ فعلى جنبٍ» .
بواسير: جمع «باسور» ؛ يقال بالموحدة، وبالنون. والذي بالموحدة: ورم في باطن المقعدة. والذي بالنون: قرحة فاسدة، لا تقبل البُرْءَ ما دام فيها ذلك الفساد. «فتح» .
قال الحافظ «2/ 470» : استدل به من قال: لا ينتقل المريض إلى القعود؛ إلا بعد عدم القدرة على القيام.
وقد حكاه عياض عن الشافعي، وعن مالك، وأحمد، قال ابنه عبد الله: سئل أبي عن المريض متى يصلي قاعداً؟ قال: إذا كان قيامه يضعفه ويوهنه؛ أحب إلي أن يصلي قاعداً.
وإسحاق لا يشترط العدم؛ بل وجود المشقة.
والمعروف عند الشافعية أن المراد بنفي الاستطاعة وجود المشقة الشديدة بالقيام، أو خوف زيادة المرض أو الهلاك، ولا يكتفى بأدنى مشقة؛ ومن المشقة الشديدة دوران الرأس في حق راكب السفينة، وخوف الغرق لو صلى قائماً فيها. اهـ.
قلت: وما ذكره عن الشافعية هو الأصح عند الحنفية - كما في «البحر الرائق» «2/ 121» وغيره من كتب المذهب -.
وقد يستدل لذلك بما أخرجه الطبراني في «الأوسط» من حديث ابن عباس مرفوعاً: «يصلي المريض قائماً، فإن نالته مشقة؛ صلَّى جالساً، فإن نالته مشقة؛ صلَّى نائماً، يومئ برأسه، فإن نالته مشقة؛ سبح» .
وقال الطبراني: «لم يروه عن ابن جريج إلا حلس بن محمد الضبعي» .
قال الهيثمي «2/ 149» : «ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات» .
وسكت عليه الحافظ في «الفتح» ، وقال في «التلخيص» «3/ 294»:«في إسناده ضعف» .
قال الترمذي: واختلف أهل العلم في صلاة المريض إذا لم يستطع أن يصلي جالساً؛ فقال بعض أهل العلم: يصلي على جنبه الأيمن.
وقال بعضهم: يصلي مستلقياً على قفاه ورجلاه إلى القبلة.
قلت: وبه قال الحنفية، وبعض الشافعية - كما في «الفتحين»:«فتح الباري» و «فتح القدير» -.
والقول الأول هو الصحيح عند الشافعية - كما في «المجموع» -، واحتجوا على ذلك بحديث علي رضي الله عنه مرفوعاً:«يصلي المريض قائماً إن استطاع، فإن لم يستطع؛ صلَّى قاعداً، فإن لم يستطع أن يسجد؛ أومأ، وجعل سجوده أخفض من ركوعه، فإن لم يستطع أن يصلي قاعداً؛ صلَّى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، فإن لم يستطع أن يصلي على جنبه الأيمن؛ صلَّى مستلقياً، ورجلاه مما يلي القبلة» .
أخرجه الدارقطني «179» ، وعنه البيهقي «2/ 307 - 308» من طريق حسن بن حسين العرني: ثنا حسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن حسين عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب به.
وهذا سند ضعيف - كما قال النووي «4/ 316» -؛ وعلته حسين بن زيد: قال في «التلخيص» «3/ 293» : ضعفه ابن المديني. والحسن بن الحسين العرني؛ وهو متروك.
وقال في «الدراية» «127» : «وإسناده واهٍ جداً» .
قلت: فلا يعتمد على هذا الحديث، ولا يحتج به؛ وإنما الحجة في حديث عمران؛ ففيه النص على أنه يصلي على جنبه إن لم يستطع الصلاة قاعداً؛ لا سيما على رواية النسائي:«فان لم تستطع؛ فمستلقياً» .
فجعلَ الاستلقاءَ بعدَ الصلاة على الجَنْبِ، وهذا خلاف مذهب الحنفية.