الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يأمره بتكبيرات الانتقال وأمره بتكبيرة الإحرام»! فلم يتنبه لرواية أبي داود وغيره. [تمام المنة ص (186)]
عدم رفع الصوت بالتكبير إلا إذا كان إمامًا
قال الإمام في تلخيص الصفة فقرة 30:
ولا يرفع صوته بالتكبير في كل الصلوات، إلا إذا كان إماما.
وقال في أصل الصفة:
وكان صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بالتكبير حتى يُسْمع مَنْ خلْفَه.
وفي الحديث دليل على أنه يستحب للإمام أن يرفع صوته بالتكبير؛ ليَعلم المأمومون انتقاله، فإن كان ضعيف الصوت لمرض أو غيره؛ فالسنة أن يجهر المؤذن أو غيره من المأمومين جهراً يُسمع الناس؛ كما كان يفعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه بحضرته صلى الله عليه وسلم كما هو مذكور في الأصل -. وهذا مما لا خلاف فيه؛ كما قال النووي في «المجموع» «3/ 398» ، وفيه ما سيأتي.
وأما التبليغ وراء الإمام لغير حاجة - كما اعتاده كثير من الناس في زماننا في شهر رمضان - حتى في المساجد الصغيرة؛ فهو غير مشروع باتفاق العلماء، كما حكاه أعلم الناس بأقوالهم، وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «الفتاوى» «1/ 69 - 70 و 107» ؛ وذلك لأن بلالاً رضي الله عنه لم يكن يبلغ خلف النبي صلى الله عليه وسلم هو ولا غيره، ولم يكن يبلغ خلف الخلفاء الراشدين؛ ولهذا صرح كثير من العلماء أنه مكروه، ومنهم من قال: تبطل صلاة فاعله. وهذا موجود في مذهب مالك، وأحمد، وغيرهما.
فأما إن كان المبلغ لا يطمئن - كما يفعله الكثيرون منهم -؛ فصلاته باطلة عند جمهور العلماء؛ كما دلت عليه السنة - ويأتي بيان ذلك في محله -، وكذلك إن كان يسبق الإمام؛ بطلت صلاته في ظاهر مذهب أحمد.
وفي الحديث أيضاً مشروعية التكبير في كل خفض ورفع، وهو مذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، حتى نقل بعض العلماء الاتفاق على ذلك؛ لكن نُقِل غيرُه عن بعض السلف: أنه لا يشرع إلا تكبيرة الإحرام، وهم محجوجون بأحاديث كثيرة: منها: حديث أبي سعيد هذا.
ومنها: حديث عمران بن حُصين قال: صلى مع علي رضي الله عنه بالبصرة، فقال: ذَكَّرَنا هذا الرجلُ صلاةً كنا نُصليها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أنه كان يُكَبِّر كلما رفع، وكلما وضَعَ.
أخرجه البخاري «2/ 214» وغيره.
وفي الباب أحاديث أخرى لا أريد أن أطيل بإيرادها وتخريجها؛ طالما أن المسألة صارت كالمتفق عليها.
ولكنهم اختلفوا في حكم هذه التكبيرات؛ عدا تكبيرة الإحرام.
قال الحافظ «2/ 215» : «فالجمهور على ندبيتها، وعن أحمد وبعض أهل العلم بالظاهر: يجب كله» .
قلت: واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» .
واحتج الجمهور عليهم بحديث «المسيء صلاته» ؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لم يأمره بتكبيرات الانتقالات، وأمره بتكبيرة الإحرام - كما قال النووي «3/ 397» -. وهذه حجة ضعيفة؛ وذلك لأن حديث «المسيء صلاته» لم يقتصر أحد من العلماء المشهورين على حصر الواجبات بما ورد فيه؛ بل كل منهم يزيد على ما جاء فيه بدليل ظهر له.