الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرد على من يقول أن وضع اليدين على الصدر بدعة
مداخلة: شاب يريد أن يسأل سؤال بالنسبة لوضع اليد على الصدر، وكان السؤال يعني موجه لهم من المدرس مدرس في الشريعة، فهم يريدون الدليل وما يعرفون الدليل، ولكن يريدون الحق حتى يرد على هذا الرجل الذي يقول لهم بأن وضع اليد على الصدر هذه للنساء فقط وليس للرجال وهذه بدعة.
الشيخ: إذا كان سؤالك أو سؤالك هذا هو سؤاله فأنا أرى قبل الإجابة أن ألفت النظر أنه ما ينبغي لمثله أن يعارض أستاذه، لأنه لا يستطيع أن يعارضه ولو سمع درساً يعني موضوعياً ودقيقاً .. إلى آخره، حسبه هو أن يقتنع بأنه لا فرق بين الرجال وبين النساء في أن السنة وضع اليدين على الصدر وليس ولا مؤاخذة عند العورة، حسبه هو أن يقتنع بهذا، أما هو يأتي يقول للأستاذ: أنت مخطئ والسنة كذا، ما فيه عنده سلاح يحارب به جهل ذلك الأستاذ إن كان جاهلاً، ولذلك فأنا أرى وكما أقول دائماً لإخواننا الذين نعيش معهم دائماً وأبداً والحمد لله أنه من عرف نفسه فقد عرف ربه، ربنا عز وجل يقول في القرآن الكريم:«فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» فجعل العالم الإسلامي قسمين: فعلماء وغير علماء، وأوجب على كل القسمين واجباً ما لم يوجبه إلى الآخر، أوجب على العلماء أنهم إذا سئلوا أن يجيبوا، وأوجب على غير العلماء أن يسألوا وألا يعيشوا في جهل ..
فأوجب على كل من الصنفين العلماء وغير العلماء شيئاً لم يجب على الآخر، أوجب على العلماء أنهم إذا سئلوا أن يجيبوا بحق، وأوجب على الذين لا يعلمون أن يسألوا حتى ما يعيشوا في عماء وفي ضلال، أما هذا الجاهل يأتي يناقش في مسألة الأول ما سمعها واقتنع هو بها، يأتي يناقش واحد أكبر منه سناً، أكبر منه ثقافة، قد يكون أكبر منه حتى في علم الشريعة، فما بإمكانه أنه هو يأتي يناقش، لكن هو حسبه هو أن يقتنع بأن الصواب في هذه المسألة التي نحن الآن في صدد البحث فيها أن وضع اليدين على الصدر هو السنة الصحيحة، فإذا اقتنع يكون هذا ربح كبير له، أما أن يأتي يتصدى لأستاذه ومعلمه، وبلا شك هذا المعلم ما كان معلماً، وهذا التلميذ
ما كان تلميذاً إلا لأن هذا التلميذ بحاجة إلى علمه، وإلا لأن ذاك أعلم من هذا التلميذ، هذه أمور بدهية ما تحتاج إلى مناقشة، لذلك أنا أقول لك يا أخي الآن أنت اسمع المسألة وافهمها جيداً ولا تناقش أستاذك، ولا تنبري له كما قال أبو جابر تلك الساعة أنه علشان تقنعه؟ لا اقتنع أنت وحسبك.
فأقول أولاً هناك قاعدة قعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق الصلاة أولاً، ثم فيما يتعلق بمناسك الحج ثانياً، وهذه وتلك هي داخلة في عموم قوله تبارك وتعالى:«لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً» ما هما القاعدتان المتعلقتان إحداهما بالصلاة والأخرى في الحج، أما الأولى فقوله عليه السلام:«صلوا كما رأيتموني أصلي» والأخرى: خذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، وقد كان كذلك وهذا يدل على أنه كما قال تعالى في رسول الله صلى الله عليه وسلم:«وما ينطق عن الهوى» «إن هو إلا وحي يوحى» فعلاً حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ثم توفي عليه الصلاة والسلام وانتقل إلى الرفيق الأعلى، لم يدرك الحجة التي جاءت من بعدها وكان أميرها أبو بكر الصديق ثم عمر إلى آخره، فقوله صلى الله عليه وسلم:«صلوا كما رأيتموني أصلي» يشبه من حيث دلالة عموم النص كقوله تعالى: وأقيموا الصلاة، أقيموا الصلاة خطاب لمن للرجال دون النساء؟ للنساء دون الرجال؟ أم للجنسين؟ للجنسين بلا شك، أقيموا الصلاة، صلوا نفس التعبير صيغة الجمع المذكر في علم اللغة التي نزل بها القرآن الكريم يدخل فيها النساء خطاب عام «وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ» [البقرة: 43] لو أن مدعياً ادعى .. لا، النساء لا يدخلوا في هذا الخطاب، هذا يكون أحد رجلين: إما أنه جاهل باللغة العربية فيُعلّم، وإما أن يكون مكابراً فيؤدب، والتأديب
…
هذا له تفاصيل في كتب الفقه وهي وظيفة الحاكم الذي يحكم بما أنزل الله.
إذاً: قوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» نص عام يشمل النساء والرجال معاً، فإذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قولاً وهو رجل في طبيعة الحال أو فعل فعلاً لا يقال هذا القول وهذا الفعل خاص بالرجال لأنا قلنا: إن القاعدة: الخطاب حينما
يوجه بصيغة الجمع المذكر يشمل النساء أيضاً، وهذا له يعني بحث خاص وطويل جداً فلا نعرج عليه الآن، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلوا كما رأيتموني أصلي، نحن أولاً رجال، الرجال اليوم يفترقون فبعضهم يضع يديه على الصدر وبعضهم دون ذلك، وبعضهم على السرة تماماً، وبعضهم دون السرة ..
ولذلك أنا كنيت أو نكَتُّ حينما قلت أن بعضهم يضعون أيديهم في الصلاة عند العورة، لو أنكم تنتبهون فسترون هذه مع الأسف حقيقة واقعة، كثير من الناس ينتصبون قائمين ويعملوا هكذا، كأنه ليس لابس لباس يستر به عورته هكذا، طيب هكذا السنة؟ أولاً لا أصل لهذا في أي كتاب من كتب الحديث بل ولا في أي كتاب من كتب الفقه، كتب الفقه التي تروي ما هب ودب من الأحاديث، لأن كل علم له أهل اختصاص، فكتب الفقه خاصة المتأخرة منها تروي من الأحاديث كما يقول العلماء ما لا سنام لها ولا خطام، حتى هذا لا يوجد، ماذا يوجد في بعض كتب الحديث وبعض كتب الفقه؟ من السنة وضع الكف على الكف تحت السرة في الصلاة، وهذا الكف على الكف هكذا مش هكذا، هذا يقول به مذهب من المذاهب الأربعة المتبعة عند أهل السنة والجماعة، وهو المذهب الحنفي، المذهب الشافعي يقول: السنة الوضع فوق السرة، فوق السرة ممكن أن تفسر بتفسيرين فوق بمعنى محاذي مساوي أو أعلاها، وهذا التفسير هو الأقرب، وهذا الحديث الأول:«من السنة وضع الكف على الكف تحت السرة في الصلاة» هذا الحديث «يرويه أبو داود في سننه، وهو الكتاب الثالث من الكتب الستة المعروفة عند علماء المسلمين أهل السنة، الكتاب الأول: صحيح البخاري، الثاني: صحيح مسلم، الثالث: سنن أبي داود، الرابع: سنن الترمذي، الخامس: سنن النسائي، السادس: سنن ابن ماجة» .
هذا الحديث جاء في الكتاب الثالث من السنن الستة أو من الكتب الستة، وفي الكتاب الأول من السنن الأربعة، سنن أبي داود، «لكن كتب السنن ليست ككتب الصحاح، ليست كصحيح البخاري ومسلم، أي إن الإمام البخاري ومسلماً تَقَصَّدا إيراد الأحاديث الصحيحة عندهما في هذين الكتابين، أما أبو داود وغيره من
أصحاب السنن ما قصدوا إيراد الصحيح فقط كما قال السيوطي في أرجوزة له في الحديث، في مصطلح الحديث يقول:
يروي أبو داود أقوى ما وجد
…
ثم الضعيف إذا غيره فقد
يروي أبو داود أقوى ما وجد، ثم الضعيف إذا ما غيره -أي غير الصحيح- فقد، يعني ما وجد، وهذه حقيقة يعرفها كل مشتغل بعلم الحديث «ففي أبي داود أحاديث كثيرة ضعيفة» منها هذا الحديث من السنة وضع الكف على الكف تحت السرة في الصلاة، ما علة هذا الحديث؟ يرويه عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، هذا عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي ضعيف بل هو ضعيف جداً عند الإمام «النووي» كما صرح بذلك في كتابه المجموع شرح المهذب، «ونقله الحافظ «الزيلعي» الذي يُعتبر من نوادر علماء الحديث في المذهب الحنفي».
المذاهب الأربعة اليوم في الفقه المذهب الحنفي هو الأشهر، يليه المذهب الشافعي، يليه مذهب مالك، يليه مذهب أحمد، هذا في الفقه.
لكن في الحديث من بين المذاهب الأربعة ينعكس الموضوع مذهب أحمد، ثم مذهب الشافعي، ثم مذهب مالك، في الأخير يأتي مذهب أبي حنيفة، وهذا له أسباب كثيرة كان من آثارها ومن نتائجها أن العلماء الحنفية الذين اشتغلوا بالحديث قلة جداً، بخلاف المشتغلين بالحديث من الشافعية والحنابلة ففيهم كثرة وفيهم بركة «من نوادر علماء الحنفية الإمام جمال الدين الزيلعي المصري، فهذا من كبار علماء الحديث في المذهب الحنفي، وهو الذي ألف كتاباً قيماً جداً سماه «نصب الراية لأحاديث الهداية» كتاب «الهداية» لإمام من كبار علماء الحنفية معروف بكنيته المرغيناني، كتاب الهداية في الفقه الحنفي يأتي بأدلة المذهب الحنفي، وفي ذلك كثير من أحاديث، لكن هذه الأحاديث غير مخرجة ولا هي مصححة، جاء الإمام الزيلعي فعُني عناية خاصة بأحاديث الهداية فألف هذا الكتاب نصب الراية لأحاديث الهداية، فهو يُخَرِّج كل حديث ذكره المرغيناني في كتاب الهداية، » لما جاء إلى هذا الحديث حديث:«من السنة وضع الكف على الكف تحت السرة في الصلاة»
قال: قال الإمام النووي: عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي ضعيف جداً، إذاً هذا الحديث لو لم يكن معارضاً بحديث أصح منه لا تثبت به سنة، فكيف وهناك أحاديث معارضة لهذا الحديث وهي صحيحة منها أن وائل بن حجر، وهو كان من ملوك اليمن قبل بعثة الرسول عليه السلام، ولما بلغه بعثة الرسول وفد إليه وسمع منه وآمن به، فكان من ملوك اليمن، كان له عناية خاصة بملاحظة صلاة الرسول عليه السلام، ولذلك فأحاديثه يعني تملأ فراغاً في هذا الموضوع في صفة صلاة الرسول عليه السلام، فهو يقول: إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم واضعاً يده اليمنى على الكف والرسغ وذراع يده اليسرى، فلو أن واحداً منكم أراد أن يطبق هذه الصورة لم يستطع إلا أن يضعها فوق السرة؛ لأن اليمنى على الكف والرسغ والساعد، هكذا إذاً هذا حديث صحيح باتفاق علماء الحديث، عارضه ذاك الحديث فلا
يقام له وزن لأنه ضعيف الإسناد، ثم ذكر الحافظ «السيوطي» في كتابه «الدر المنثور» رواية فيها غرابة فيما يبدو لأول الأمر، لكن لا غرابة ما دام صحابي الرسول هو الذي فسّر الآية بما ستسمعون، ذكر «السيوطي» في «الدر المنثور في التفسير بالمأثور» هذا كتاب خاص يفسر الآيات، وليس كما يفعل المتأخرون أصابوا أو أخطأوا بآرائهم لا، روايات عن الرسول عليه السلام، عن الصحابة، عن التابعين .. » وهكذا، لما جاء عند سورة النحر «إنا أعطيناك الكوثر» «فصل لربك وانحر» «إن شانئك هو الأبتر» روى بسند قوي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال:«فصل لربك وانحر» فصل الصلاة المعهودة وفي بعض الروايات صلاة العيد بقرينة وانحر، لكن علي رضي الله عنه فسّر وانحر أي ضع يديك في الصلاة عند نحرك، هنا الغرابة؛ لأن هذا المعنى غير متبادر لكن ما دام أن علياً رضي الله عنه فسّر هذه الآية وهو أعرف من غيره فإذاً يضم هذا الحديث إلى حديث وائل بن حجر وهناك أحاديث أخرى فيثبت من مجموع الأحاديث التي وردت في وضع اليدين في الصلاة وهو قائم أن الصحيح الثابت عن الرسول عليه السلام هو الوضع على الصدر، أما الوضع تحت السرة فحديثه ضعيف، قلت آنفاً هذا فعله عليه السلام فالنساء ماذا تفعل؟ يجب أن تقتدي النساء بالرسول صلى الله عليه وسلم ولا فرق في ذلك، ويا سبحان الله عكسوا الآن بعض