الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولذلك حاول ابن الهمام في «الفتح» «1/ 376» أن يجعله خاصاً بعمران بن حصين؛ فلا يكون خطاباً للأمة.
وهذا كلام لا برهان عليه؛ فإن الأصل المتفق عليه بين العلماء أن كلامه صلى الله عليه وسلم محمول على العموم، وإن كان المخاطَبُ به فرداً من الأمة؛ ما لم يَرِدْ دليل على التخصيص، ولا يوجد شيء من ذلك هنا؛ فالحق ما ذهب إليه الشافعية إن شاء الله تعالى.
[أصل صفة الصلاة (1/ 91)]
صلاة المريض القاعد القادر على القيام مع مشقة على النصف من صلاة القائم
وقال [عمران بن الحصين] أيضاً: «سألتُهُ صلى الله عليه وسلم عن صلاةِ الرجل وهو قاعد؟ فقال: «مَن صلّى قائماً؛ فهو أفضلُ، ومن صلّى قاعداً؛ فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائماً «وفي رواية: مضطجعاً» ، فله نصف أجر القاعد».
والمراد به المريض؛ فقد قال أنس رضي الله عنه: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناس وهم يصلون قعوداً من مرض، فقال: «إن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم» .
[وقوله]: فله نصف أجر القائم. قال الحافظ: «يستثنى من عمومه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن صلاته قاعداً لا ينقص أجرها عن صلاته قائماً؛ لحديث عبد الله بن عمرو قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الرجل قاعداً على نصف الصلاة» . فوجدته يصلي جالساً؛ فوضعت يدي على رأسي، فقال:«ما لك يا عبد الله؟ ! » . فأخبرته. فقال: «أجل؛ ولكني لست كأحد منكم» .
أخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي.
قلت: وكذلك أخرجه الدارمي «1/ 321» ، وأحمد «2/ 203». ثم قال [الحافظُ]:«وهو ينبني على أن المتكلم داخلٌ في عموم خطابه، وهو الصحيح، وقد عد الشافعية في خصائصه صلى الله عليه وسلم هذه المسألة» .
[وقوله]: من صلى نائماً: قال البخاري: «
…
نائماً عندي: مضطجعاً ها هنا
…
».
قلت: وهو رواية للإمام أحمد. وفيه دلالة على جواز التنفل مضطجعاً. وقد نفاه الخطابي، وتبعه ابن بطال، وزاد: لكن الخلاف ثابت؛ فقد نقله الترمذي بإسناده إلى الحسن البصري قال: إن شاء الرجل؛ صلى صلاة التطوع قائماً وجالساً ومضطجعاً. وقال به جماعة من أهل العلم.
وهو أحد الوجهين للشافعية، وصححه المتأخرون. وحكاه عياض وجهاً عند المالكية أيضاً، وهو اختيار الأبهري منهم، واحتج بهذا الحديث.
«تنبيه» : سؤال عمران عن الرجل خرج مخرج الغالب؛ فلا مفهوم له؛ بل الرجل والمرأة في ذلك سواء. كذا في «الفتح» «2/ 248» .
والحديث حمله جمهور العلماء على المتنفل، وحمله الخطابي على المفترض على التفصيل الآتي. والظاهر أن الحديث يشمل النوعين؛ فقال الخطابي:«المراد بحديث عمران: المريض المفترض الذي يمكنه أن يتحامل فيقوم مع مشقة، فجعل أجر القاعد على النصف من أجر القائم؛ ترغيباً له في القيام، مع جواز قعوده» . انتهى.
قال الحافظ «2/ 468» : «وهو حمل متجه
…
».
قال: فمن صلى فرضاً قاعداً، وكان يشق عليه القيام؛ أجزأه، وكان هو ومن صلى قائماً سواء، فلو تحامل هذا المعذور وتكلَّف القيام، ولو شق عليه؛ كان أفضل لمزيد أجر تكلف القيام، فلا يمتنع أن يكون أجره على ذلك نظير أجره على أصل الصلاة؛ فيصح أن أجر القاعد على النصف من أجر القائم. ومن صلى النفل قاعداً مع القدرة على القيام؛ أجزأه، وكان أجره على النصف من أجر القائم بغير إشكال.