الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلقاء السلام على المصلي وكيفية رده للسلام
مداخلة: في حديث في سنن أبي داود بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا غرار في الصلاة ولا تسليم» فاحتج بعضهم به على منع طرح السلام على المصلي، هذا القسم الأول.
وأما القسم الثاني: فقد ذكر الطحاوي في شرح معاني الآثار بعض الشُّبه في دفع هذه السنة، وهي سنة رد السلام بالإشارة في الصلاة.
من جملة ما ذكر: بأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رد على ابن مسعود عقب الصلاة بلسانه، فقال: لو كانت الإشارة باليد تجزئ وتعتبر رداً على السلام باللسان، حينما طرح ذلك على المصلي، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم أن يرد على ابن مسعود عقب الصلاة.
مداخلة: فحول هذه المسألة يا شيخ؟
الشيخ: أنا لا أذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فيما مر بين يديّ من أحاديث في قصة ابن مسعود- أنه جمع بين رد السلام إشارةً وهو يصلي، وبين رد السلام لفظاً بعد خروجه من الصلاة، لا أذكر هذا.
وبطبيعة الحال: ما ندَّعي الإحصاء والإحاطة، -وبخاصة أن العهد بعيد عن هذا الموضوع- ولكننا نقول: إن صح أن النبي صلى الله عليه وسلم رد السلام لفظاً كما -حكيته عن الطحاوي- غير وارد.
ذلك: لأن رد السلام بالإشارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابن مسعود حينما سلم عليه باللفظ، لا يعني أنه لا يجوز إظهار السلام اللفظي ردًا بعد الانتهاء من الصلاة أولاً، ثم: لا ينفي شرعية إلقاء السلام من القادم على المصلي لفظاً، وشرعية رد المصلي السلام إشارةً، ليس هناك تنافي بين هذا وذاك إطلاقاً.
هذا الذي يحضرني لرد هذه الشبهة، ولكن أنا يخطر في بالي الآن، أنت حديث عهد بهذا الذي ذكرته عن الطحاوي؟
مداخلة: نعم يا شيخ.
الشيخ: وقال إنه في رواية هناك: أن الرسول جمع بين رد السلام إشارة في الصلاة، ولفظاً بعد الصلاة.
مداخلة: لا، ما أظن أن هناك روايةً بهذا، قصدت: أنه رد على ابن مسعود عقب الصلاة.
الشيخ: هذا الذي أنا فهمته منك.
مداخلة: أي نعم، وفي بعض الروايات بأن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن مسعود نفسه بأنه قال: سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فأشار هكذا، حديث منفصل عن الآخر، حديثين منفصلين عن ابن مسعود، أحدهما جاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم رد علي عقب الصلاة، والآخر جاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم رد عليه إشارة وهو في الصلاة.
الشيخ: وفي كُلِّ من الحديثين أن ابن مسعود ألقى السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: وفي كُلٍّ من الحديثين.
مداخلة: نعم، ونراجع إن شاء الله
…
مداخلة: بالنسبة لحديث أبي داود: «لا غرار في الصلاة ولا تسليم» .
الشيخ: التسليم مقصود لفظاً؛ لأنه كان هذا مشروعاً في أول الإسلام، وهذا يَدُلنا عليه نفس حديث ابن مسعود؛ لأن حديث ابن مسعود يقول: لما رجع من الحبشة فلقي الرسول صلى الله عليه وسلم أول ما لقيه وهو يصلي، قال:«فألقيت عليه السلام، فأشار إلي برأسه، فأخذني ما قرب وما بعد» .
السبب: أنه قبل أن يسافر إلى الحبشة كان أحد الناس إذا سلم على المصلي لفظاً رد عليه السلام لفظاً وهو يصلي، ولذلك فوجئ ابن مسعود بما لم يعرفه من قبل، هو يقول: السلام عليكم يا رسول الله! الرسول لا يرده لفظاً، وهو الذي يعرفه سابقاً،
أن السلام تحية الإسلام، فكان مشروعاً من قبل، فلما فوجئ بأن الرسول صلى الله عليه وسلم اقتصر على رد سلام ابن مسعود إشارة، قال:«أخذني ما قرب وما بعد» .
ثم لمَّا سلم عليه السلام طمأن ابن مسعود كأن لسان حاله عليه السلام يقول: لا تظن بأساً حينما اقتصرت أنا على رد السلام إشارةً، كل ما في الأمر أنه جَدَّ حُكْمٌ جديد، فقال عليه السلام:«إن الله يُحدِث في أمره هذا ما يشاء، وإن مما أحدث أن لا كلام في الصلاة» .
فإذاً: لا تسليم، كما كان في أول الإسلام، وهذا الحديث في صدد بيان أن إلقاء السلام، ورد السلام هذا يسمى في لغة الشرع كلام.
وما دام أن الله حرم الكلام في الصلاة، إذاً حرم رد السلام باللفظ.
لكن لا بد من إشارة لطيفة إما إيماءً بالرأس أو إشارةً بالكف، لكن في الوقت نفسه حديث ابن مسعود هذا:«وإن الله قد أحدث: أن لا كلام في الصلاة» ، هذا يعطينا: بأن الكلام كان في الصلاة مباحاً بأوسع من رد السلام.
وعندنا حديث عن معاذ: أن الصحابة كانوا في أول الإسلام، يدخل أحدهم المسجد يجد الصلاة قائمة، فيجلس جنب صاحبه، ويسأله: هذه أيُّ ركعة؟ فيقول له -مثلاً-: هذه الركعة الثانية، فيركع هو الركعة التي فاتته ويشارك الإمام في البقية.
حتى أتى يومًا معاذ بن جبل، فدخل المسجد والناس قيام في الصلاة، وقف في الصف وما سأل كالعادة، وسلم الرسول صلى الله عليه وسلم، وقام هو وأتى بما قد فاته، فقال عليه الصلاة والسلام:«إن معاذاً قد سنَّ لكم سنة، فما أدركتم من الصلاة فصلوا، وما فاتكم فأتموا» .
فقوله عليه السلام -في حديث ابن مسعود-: «وإن الله يحدث في أمره ما يشاء، وإن مما أحدث أن لا كلام في الصلاة» .