الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جواز الصلاة في الثياب التي هي مظنة النجاسة
«وتجوز الصلاة في أحوال:
الأول: في الثياب التي هي مظنة النجاسة كثياب الحائض والمربية والمرضع والصبي فقد «كان عليه الصلاة والسلام يصلي من الليل وعائشة إلى جانبه وهي حائض وعليها مرط وعليه بعضه» و «كان يصلي وهو حامل أمامه بنت زينب فإذا ركع وسجد وضعها وإذا قام حملها فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي على عاتقه حتى قضى صلاته يفعل ذلك بها» .
[ثم تكلم الإمام على تخريجه ثم قال]:
والحديث قال ابن القيم في «الإغاثة» : «دليل على جواز الصلاة في ثياب المربية والمرضع والحائض والصبي ما لم يتحقق نجاستها» وقال النووي في «شرح مسلم» :
«فيه دليل لصحة صلاة من حمل آدميا أو حيوانا طاهرا من طير وشاة وغيرهما، وأن ثياب الصبيان وأجسادهم طاهرة حتى تتحقق نجاستها
…
إلخ» ثم قال:
«وهو يدل لمذهب الشافعي رحمه الله ومن وافقه أنه يجوز حمل الصبي والصبية وغيرهما من الحيوان الطاهر في صلاة الفرض والنفل ويجوز ذلك للإمام والمأموم والمنفرد وحمله أصحاب مالك رضي الله عنه على النافلة ومنعوا جواز ذلك في الفريضة. وهذا التأويل فاسد لأن قوله: «يؤم الناس» صريح أو كالصريح في أنه كان في الفريضة. وادعى بعض المالكية أنه منسوخ وبعضهم أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم أنه كان لضرورة. وكل هذه الدعاوى باطلة مردودة فإنه لا دليل عليها ولا ضرورة إليها بل الحديث صحيح صريح في جواز ذلك وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع لأن الآدمي طاهر وما في جوفه من النجاسة معفو عنه لكونه في معدته وثياب الأطفال وأجسادهم على الطهارة ودلائل الشرع متظاهرة على هذا والأفعال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت» ثم قال: «فالصواب الذي لا معدل عنه: أن
الحديث كان لبيان الجواز والتنبيه على هذه الفوائد فهو جائز لنا وشرع مستمر للمسلمين إلى يوم الدين».
هذا وقد يعارض ما تقدم حديث عائشة أيضا قالت: كان لا يصلي في لحف نسائه.
أخرجه أبو داود والترمذي والبيهقي من طريق أشعث بن عبد الملك عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن شقيق عنها. وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح» .
قلت: ورجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير أشعث هذا وهو ثقة ففيه كما في «التقريب» .
ثم رواه أبو داود عن حماد عن هشام عن ابن سيرين عن عائشة وهذا منقطع. قال حماد: «وسمعت سعيد بن أبي صدقة قال: سألت محمدا عنه فلم يحدثني وقال: سمعته منذ زمان ولا أدري ممن سمعت ولا أدري أسمعته من ثبت أو لا فسلوا عنه» .
قلت: وكذلك رواه سلمة بن علقمة عن ابن سيرين لم يذكر شقيق في إسناده.
أخرجه البيهقي وأخرجه أحمد أيضا عنه عن ابن سيرين قال:
نبئت أن عائشة قالت.
ورواه قتادة عن ابن سيرين: أن النبي صلى الله عليه وسلم كره الصلاة في ملاحف النساء.
أخرجه أحمد: ثنا عفان قال: ثنا همام قال: ثنا قتادة به.
ورجاله ثقات رجال الستة لكنه مرسل فهو ضعيف لا سيما بهذا اللفظ الشاذ ولعله رواية بالمعنى وليس هذا المعنى صحيحا لأن امتناعه عليه الصلاة والسلام من أمر لا يدل على كراهته لا سيما إذا ثبت أنه فعله مرارا كما تقدم في تلك الأحاديث عن عائشة وميمونة وحذيفة وهي مثبتة وحديث عائشة ناف والمثبت مقدم على النافي عند التعارض وعدم إمكان الجمع ولعل الجمع هنا ممكن بأن يقال: إن عائشة في حديثها هذا إنما نفت استمرار الرسول عليه الصلاة والسلام على
الصلاة في لحف نسائه لما يدل عليه صيغة: «كان» وكان لا ينفي أنه كان يفعل ذلك أحيانا ويقوي هذا الجمع أن عائشة نفسها قد روت فعله لذلك كما في الحديث الأول من هذا الفصل وأصرح منه ما سبق في المسألة الثانية عنها أيضا بلفظ:
كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نبيت في الشعار الواحد وأنا طامث حائض فإن أصابه مني شيء غسل مكانه ولم يعده وصلى فيه
…
الحديث. فإن مفهومه أنه كان يصلي في الشعار إن لم يصبه منها شيء.
و«الشعار» : هو الثوب الذي يستشعره الإنسان أي: يجعله مما يلي بدنه والدثار: ما يلبسه فوق الثياب وهو اللحاف.
وأصرح من هذا كله حديثها الآخر قالت:
كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلينا شعارنا وقد ألقينا فوقه كساء فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الكساء فلبسه ثم خرج فصلى الغداة ثم جلس فقال: رجل: يا رسول الله هذه لمعة من دم فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يليها فبعث بها إلى مصرورة في يد الغلام فقال: «اغسلي هذه وأجفيها ثم أرسلي بها إلي» فدعوت بقصتي فغسلتها ثم أجففتها فأحرتها إليه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصف النهار وهي عليه».
لكنه من رواية أم يونس بنت شداد قالت: حدثتني حماتي أم جحدر العامرية عنها. ولا يعرف حالهما كما في «التقريب» وقد قال الذهبي في «الميزان» : «وما علمت في النساء من اتهمت ولا من تركوها» .
والحديث أخرجه أبو داود فهو صريح في صلاته عليه السلام في الكساء الذي كان ملتحفا به هو زوجه حتى تبين له أن فيه لمعة الدم فأمر بغلسه ولم يعد الصلاة من أجله لأنه لو أعادها لنقلت إلينا فهو - لو صح دليل آخر على أن إزالة النجاسة ليس شرطا لصحة الصلاة وهو الحق إن شاء الله تعالى كما سبق بيانه.