الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورجاله ثقات رجال مسلم؛ لكن قال في «مجمع الزوائد» «2/ 49» : «وأبو نضرة: لم يسمع من أُبيٍّ، ولا من ابن مسعود» .
قلت: قد وصله البيهقي «2/ 238» من طريق يزيد بن هارون: أبنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: اختلف أبي بن كعب وابن مسعود في الصلاة في ثوب واحد
…
الحديث بنحوه.
وهذا سند صحيح.
قال البيهقي: «وهذا يدل على أن الذي أمر به ابن مسعود في الصلاة في ثوبين استحباب لا إيجاب» . اهـ.
ويدل لما قاله ابن مسعود رضي الله عنه من أن الاقتصار على الثوب الواحد إنما كان وفي الثياب قلة - حديث جابر المتقدم عند الطحاوي، ومثله حديث أبي هريرة الآتي:«أَوَ لكلكم ثوبان؟ » . وما سنذكره من قول عمر في ذلك.
وكون الصلاة في الثوبين أزكى وأفضل - كما قال ابن مسعود -؛ مجمع عليه - كما حكاه النووي في «شرح مسلم» -، ويدل لذلك الأمر بالارتداء والاتزار - كما في الحديث السابق -.
[أصل صفة الصلاة (1/ 152)]
الصلاة في ثوب قطري
وآخر صلاة صلاها في ثوب قِطْرِيٍّ متوشحاً به.
وقال: «إذا صلى أحدُكم في ثوبٍ واحدٍ؛ فَلْيُخَالِفْ بين طَرفيه [على عاتِقَيْهِ]» .
وفي لفظ: «لا يصلِّي أحدُكم في الثوبِ الواحد ليس على عاتِقَيْه منه شيءٌ» .
قوله: ثوب قطري: هو ضرب من البرود؛ فيه حمرة، ولها أعلام فيها بعض الخشونة. وقيل: هي حُلل جِيَاد، وتحمل من قبل البحرين.
وقال الأزهري: في أعراض البحرين قرية يقال لها: قَطَر، وأحسب الثياب القِطْرِيَّةَ نسبت إليها، فكسروا القاف للنسبة، وخففوا. كذا في «النهاية» .
وقال العسقلاني: «ثياب من غلِيظ القطن ونحوه» . نقله القاري في «شرح الشمائل» .
قال الشيخ علي القاري «1/ 479» : «والحكمة في ذلك أن لا يخلو العاتق من شيء؛ لأنه أقرب إلى الأدب، وأنسب إلى الحياء من الرب، وأكمل في أخذ الزينة عند المطلب. والله أعلم» .
وظاهر النهي في هذه الرواية يفيد التحريم؛ كما أن ظاهر الرواية الأولى يفيد الوجوب. وقد ذهب إلى ذلك جماعة من السلف، ومنهم الإمام أحمد رضي الله عنه، والمشهور عنه: أنه لو صلى مكشوف العاتق مع القدرة على السترة؛ لم تصح صلاته.
فجعله شرطاً. وهو مذهب ابن حزم في «المحلى» «4/ 70» .
وفي رواية أخرى عن الإمام أحمد: أنه تصح صلاته، ولكن يأثم بتركه.
وذهب الجمهور - مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، وغيرهم - إلى أن النهي للتنزيه، والأمر للاستحباب؛ فلو صلى في ثوب واحد ساتراً لعورته، ليس على عاتقه منه شيء؛ صحت صلاته مع الكراهة، سواء قدر على شيء يجعله على عاتقه أم لا.
قال النووي في «شرح مسلم» : «وحجة الجمهور قوله صلى الله عليه وسلم: «فإن كان واسعاً؛ فالتحِفْ به، وإن كان ضيقاً؛ فاتَّزِرْ به» .
قلت: لست أدري ما وجه الاحتجاج بهذا الحديث على عدم الوجوب؛ بينما هو واضح الدلالة لمذهب أحمد وغيره، وهو التفريق بين الثوب الواسع - فيجب الالتحاف به -، وبين الضيِّق - فلا يجب -، فكما أنه أمر بالائتزار به إن كان ضيقاً - وذلك واجب -؛ فكذلك أمر بالالتحاف به إذا كان واسعاً؛ فهو واجب.