الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآخر فلا يؤذي جاره، واستوصوا بالنساء خيرًا؛ فإنهن خلقن من ضِلَعٍ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا".
2339 -
وعن ابن عمر قال: كنا نتقي الكلام والانبساط إلى نساءنا على عهد رسول (1) اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ هيبةً أن ينزل فينا شيء، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم تكلمنا وانبسطنا.
* * *
(31) باب حسن المعاشرة مع الأهل
2340 -
عن عروة، عن عائشة قالت: جلس إحدى عشرة امرأة، فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئًا، قالت الأولى: زوجي
(1) في "صحيح البخاري": "النبي".
_________
= من طريق زائدة، عن ميسرة، عن أبي حازم، عن أبي هريرة به، رقم (5185، 5186)، الحديث (5185)، أطرافه في (6018، 6136، 6138، 6475).
2339 -
خ (3/ 383) في الكتاب والباب السابقين، من طريق سفيان، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر به، رقم (5187).
2340 -
خ (3/ 383 - 385)، (67) كتاب النكاح، (82) باب حسن المعاشرة مع الأهل، من طريق عيسى بن يونس، عن هشام بن عروة، عن عبد اللَّه بن عروة، عن عروة، عن عائشة به، رقم (5189).
لحم جمل غَثّ، على رأس جبل، لا سَهْلٌ فيرتقَى، ولا سمين فيُنْتَقَى (1)، قالت الثانية: زوجي لا أَبُثُّ خبره، إني أخاف أن لا أذره، إن أذكره أذكر عُجَرَهُ وبُجَرَهُ، قالت الثالثة: زوجي العَشَنَّق، إن أنطق أُطَلَّقْ، وإن أسكُت أُعَلَّق، قالت الرابعة: زوجي، كَلَيْلِ تِهامة، لا حَرٌّ ولا قَرٌّ، ولا مَخَافَةَ ولا سآمة، قالت الخامسة: زوجي إذا دخل فَهِد، وإن خرج أسِد، ولا يَسْأَل عما عَهِد، قالت السادسة: زوجي. إن أكل لَفَّ، وإن شرب اشْتَفَّ، وإن اضطجع التفَّ، ولا يولج الكَفَّ؛ ليعلم البَثَّ، قالت السابعة: زوجي عيَاياء -أو غياياء- طَباقاء، كل داء له داء، شَجَّكِ أو فَلَّكِ أو جمع كُلًّا لك، قالت الثامنة: زوجي المس مسُّ أرنب، والريح ريح زَرْنَب، قالت التاسعة: زوجي رفيع العِمَاد، طويل النِّجَادِ، عظيم الرَّمَاد، قريب البيت من الناد، قالت العاشرة: زوجي مالِكٌ، وما مالك؟ مالكٌ خيرٌ من ذلك، له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارح، إذا (2) سمعن صوت المِزْهَر أَيْقَنَّ أنهن هوالك، قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زَرْع، وما أبو زرع (3)؟ أنَاسَ من حُلِيٍّ أذنيَّ، وملأ من شَحْمٍ عَضُدِيَّ، وبَجَحَنِي فبجحَتْ إليَّ نفسي، وجدني في أهل غنيمة بِشِقٍّ، فجعلني في أهل صَهِيل وأَطِيطٍ ودائسٍ ومُنَقٍّ، فعنده أقول فلا أُقَبَّح، وأرقد فأَتَصَبَّح، وأشرب فأتقَنَّح -أم أبي زرع فما أم أبي زرع؟ عُكُومُها رَداح، وبيتها فَسَاح، ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع؟ مَضْجِعُه كَمَسَلِّ شَطْبَة، وتشبعه ذراع
(1) في "صحيح البخاري": "فينتقل. . . ".
(2)
في "صحيح البخاري": "وإذا".
(3)
في "صحيح البخاري": "فما أبو زرع".
الجَفْرَة، بنت أبي زرع فما بنت أبي زرع؟ طوع أبيها وطوع أمها، وملء كسائها وغيظ جارتها، جارية أبي زرع فما جارية أبي زرع؟ لا تَبُثُّ حديثنا تبثيثًا، ولا تُنَقِّثُ مِيرتنا تنقِيثًا، ولا تملأ بيتنا تعشيشًا، قالت: خرج أبو زرع والأوطاب تُمْخَض، فلقي امرأةً معها وَلَدان كالفهدين (1)، يلعبان من تحت خصرها بِرُمَّانَتَيْن، فطلقني ونكحها، فنكحتُ بعده رجلًا سَرِيًا، رَكِبَ شَرِيًّا، وأخذ خَطِّيًا، وأراح عليَّ نعَمًا ثريًا، وأعطاني من كل رائحة زوجًا، وقال: كلي أم زرع وميري أهلك، قالت: فلو جمعتُ كل شيء أعطانيه ما بلغ آنية (2) أبي زرع.
قالت عائشة: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كنتُ لك كأبي زرع لأم زرع".
وفي رواية (3): لا تغَشِّشُ بيتنا تَغْشيشًا (4) بالغين المعجمة، وقال البخاري: وقال بعضهم: فأتقمح بالميم، وهذا أصح.
* تنبيه: الصحيح أن المرفوع من هذا الحديث للنبي صلى الله عليه وسلم قوله لعائشة: "كنت لك كأبي زرع لأم زرع" لا غير، وقد رفعه كله للنبي صلى الله عليه وسلم سعيد بن سلمة المديني (5)، وهو وهم عند أئمة الحديث، واللَّه أعلم.
(1) في "صحيح البخاري": "ولدان لها كالفهدين. . . ".
(2)
في "صحيح البخاري": "ما بلغ أصغر آنية. . . ".
(3)
خ (3/ 385) في الموضع السابق، من طريق سعيد بن سلمة، عن هشام؛ يعني: ابن عروة به، ذكره عقب حديث الباب، رقم (5189).
(4)
في "صحيح البخاري": "لا تعشش. . . تعشيشًا"، كذا بالعين المهملة.
(5)
رواه سعيد بن سلمة عن هشام بن عروة، وعلق البخاري روايته في نهاية الحديث، =
الغريب:
قول الأولى: "لحم جمل غَثٍّ": يروى بخفض الثاء نعتًا للجمل (1). و"الغث": الشديد الهزال والمستكره، والوغث من الجبال: الصعب المرتقى. الذي توحل فيه الأقدام فلا تكاد تخلص منه. و"ينتقل": من الانتقال؛ أي: لا ينقل أحد هذا الجمل لهزاله، ومن رواه "ينتقي"؛ أي: ليس لعظامه نِقْيٌّ، وهو المخ، الخطابي: وصفت زوجها بسوء الخلق، وقلة الخير، ومنع الرَّفْدِ، وسوء المعاشرة.
وقول الثانية: "لا أَبُثُّ خبره"؛ أي: لا أظهر حديثه، وهو بالباء، بواحدة. ويقال: أَنُثُّ بالنون، بمعنى: أنشره، تخاف من ذلك أن يتركها. و"العُجَرُ" و"البُجَرُ": جمع عُجْرة وبُجْرة، تريد عيوبه الخفية، وأصل العُجَر: العُقَد التي تكون في الظَّهْر، والبُجَر: العُقَد التي تكون في البُجْرة، وهي السرة وما تحتها.
وقول الثالثة: "العَشَنَّق": الطويل المستكره الطول، ويقال عليه العَشَنَّق؛ يعني: ليس فيه أكثر من الطول، ثم أخبرت أنها معه في وجلة، إن نطقت
= ولم يأت بلفظها، انظر "فتح الباري" الطبعة السلفية (2) 9/ 163 - 185 في شرح الحديث رقم 5189).
وقد وصلها مسلم (4/ 1896 - 1902 رقم 92/ 2448).
هذا وفي المخطوط هنا وفي "المفهم"(6/ 333) سعيد بن مسلم، وهو مخالف لما في "الصحيحين". انظر "التقريب" ترجمة سعيد بن سلمة.
(1)
في المخطوط: "للحم"، وهو خطأ. انظر:"المفهم"(6/ 335).
بعيوبه طلقها، وإن سكتت علَّقها؛ أي: تركها كالمعلقة التي ليست أَيَّمًا ولا ذات زوج.
وقول الرابعة: "كلَيْلِ تِهَامَةَ لا حَرٌّ ولا قَرٌّ": هو مدح له بالاعتدال، ليس فيه شيء يتأذى به والقَرُّ: البرد، وهو بضم القاف، والسآمة: الملل، والمشهور بناء ما بعد (لا) معها على الفتح من غير تنوين، وقد رواه أبو عبيد بالضم والتنوين على الخبر، وكلٌّ جائز.
وقول الخامسة: "فَهِد"؛ أي: نام نوم الفهد، وقيل معناه: إنه إذا دخل وثب عليها وثوب الفهد، و"أَسِد"؛ أي: فَعَل فِعْل الأسد؛ أي: هو شجاع، ولا "يَسْأل عما عَهِد": أي: لا يبحث عَمَّا له من مال وطعام، ويحتمل ذلك عن كرم نفس، ويحتمل عن غفلة منه، فيكون ذمًّا.
وقول السادسة: "إن أكل لَفَّ"؛ أي: يأكل كل ما يجد أكلًا كثيرًا، و"اشْتَفَّ"؛ أي: شرب جميع ما في الإناء، من الشفافة، وهي البقية، وهذا وصف ذم. وقولها:"إذا اضطجع التَفَّ"؛ أي: ينام وحده ملتفًا في ثوبه نأيًا وإعراضًا عنها، وإليه يشير قولها: و"لا يولِج الكَفَّ لِيَعْلَم البَثّ"؛ أي: لا يدخل يده تحت ثوبها؛ ليعلم ما تجده من ألم إعراضه، وإما أن يكون فشلًا منه وعجزًا، وهذا كله ذم.
وقول السابعة: "عَياياء طَباقاء": فالمشهور بالعين المهملة، وهو العِنِّين، في "الصحاح" ويقال: جمل عياياء: إذا لم يهتد للضِّرَاب، ورجل عياياء: إذا أعيا بالأمر، و (طباقاء) في معناه، وهو الذي تنطبق عليه الأمور، وقيل: هو الذي ينطبق صدره على صدر المرأة حين الوقاع، و (أو) للشك وقع من
بعض الرواة، و"غياياء" بالغين المعجمة بمعنى المهملة، وقد أنكره أبو عبيد. وقوله:"شَجَّكَ أو فَلَّكَ أو جمع كُلًّا لك": الشجاج في الرأس، والفلول: آثار في الجسد من الضرب، مأخوذ من فَلَّ السيف فُلُولًا: إذا انثلم، وقيل معناه: كسر أسنانها، و (أو) هنا للتقسيم؛ أي: في وقت الضرب في الرأس وأخرى في الجسد يجمع كل ذلك عليها.
وقول الثامنة: "ريح زَرْنَب": هو نبات طيب الرائحة، و"مَسُّ أرنب": تعني أنه ناعم الجسد لينه، ويحتمل أن تريد أنه سهل الخلق حَسَنُ المعاشرة.
وقول التاسعة: "طَوِيلُ العِمَاد": تعني به عمود البيت؛ أي: بيته عال مرتفع للطارق والسائل، و"النِّجَاد": حَمَّالة السيف، تريد أنه طويل القامة، و"عظيم الرماد"؛ أي، : ناره تقري الأضياف لا تُطْفَأ، رماد ناره كثير عظيم. و"النَّادِ": من الندى، والمنتدى: مجلس القوم الأشراف؛ تعني: أنه سيدهم، فهم يجتمعون في أمورهم إليه فيجالسهم، ولا يحجب عنهم ولا يتنكر.
وقول العاشرة: "مالك وما مالك؟ " تعظيم لزوجها، كما قال تعالى:{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} [الواقعة: 27]، وفي ذلك إشارة إلى تعظيمها إيّاه؛ أي: هو خير وأجل من وصفي له بذلك، واختلف في معنى قولها:"قليلات المسارح كثيرات المبارك"، فقيل: كان يُمسكها ولا يُسرحها؛ مخافةَ ضيف يَرِد عليه، وقيل: إنها تكون كثيرة إذا بركت، فينحر أكثرها للضيف، فلا يبقى منها إلا قليل، و"المِزْهر" بكسر الميم: عود للغناء؛ تعني به: أنه كان متلقي الأضياف بالغناء والفرح مبالغةً في إكرامهم، فتنحر الإبل عند ذلك،
وقيل: إنه يجتمع مع ضيافته على اللهو والشرب فينحرها لهم، وكلا القولين مدح.
وقول الحادية عشر: "أَنَاسَ من حُلِيٍّ أذنيَّ"؛ أي: حلَّاني قُرْطةً وشنوفًا تْنُوس بأذني؛ أي: تتحرك، والنَّوْس: حركة كل شيء متدل. و"بَجَحَنِي": فرحني ورفعني، "فَبَجَحَتْ إليَّ نفسي"، أي: فرحت وعظمت، وتاؤها ساكنة للفرق، وبفتح الجيم، وقد رويت:(فبجحتُ) بضم الجيم والتاء وسكون الحاء؛ أي: عظمت عند نفسي، و"شق": الأعرف كسر الشين، فقيل معناه: المشقة؛ كما قال تعالى: {لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} [النحل: 7]، وقيل: هو شق جبل؛ أي: غنمهم قليلة، و"الدَّائِس": من داس الطعام يدُوسه دياسةً، والمدوس: ما يداس به. و"مُنَقٍّ" بضم الميم وفتح النون: اسم فاعل، من نقَّى الطعام؛ يعني أن له زرعًا يداس ويُنَقَّى، و"أتصبح"؛ أي: أديم النوم إلى الصباح، و"أتقَنَّح" بالنون: أَتَرَوَّى من الشراب حتى أَمَجَّه، ومن رواه بالميم فمعناه أنها ترفع رأسها بعد الري؛ كما تفعل الإبل بعد الشرب، يقال: بعير قامح وإبل قماح، و"العُكُوم" جمع عِكْم، وهو العِدْل، و"رَدَاح": مملوءة من الأمتعة؛ أي: هي كثيرة الثياب والمتاع، والرَّدَاح من النساء: العظيمة الكِفْل، وفَسَاح: فاسح؛ أي: واسع، ويجوز أن تريد به واسع الخير والعطاء، ومَضْجَعُه: مرقده؛ أي: موضع رقاده كالموضع التي تُسَلّ منه الشَّطْبَةُ، وهي إحدى القضبان التي تنسج منه الحُصُر، وقيل: السيف؛ أي: ليس بجافٍ، بل خفيف رقيق لقلة لحمه، و"الجَفْرَة": الأنثى من ولد المعز؛ أي: أكله قليل، تُنبِّه على أنه يأكل قليلًا كرمًا وقناعة وإيثارًا لمن ينزل به، ولذلك لم يَسْمَن، وهذا كله مما يمدح الرجال به، و"مِلْءُ كسائها"؛ أي:
ممتلئة الجسم، و"صِفْر ردائها"؛ أي: خالية مواضع أعالي الرداء بحمله أسفله، وقد روي "ملء إزارها"، وأشبه من هذا ما قاله القاضي: إنها أرادت امتلاء منكبها، وقيام نهدها، فيروضان (1) الرداء عن أعالي جيدها، كما قال:
أَبَتِ الرَّوَادِفُ والثُّدِيُّ لقُمْصِها
…
مسَّ البطونِ، وأن تَمَسَّ ظُهورا
و"جارتها": ضَرَّتها؛ أي: يغيظها ما ترى عليها من الجمال والخير حسدًا. و"عقر جارتها" بفتح العين المهملة: وهو الهلاك. و"لا تَبُثُّ": تُفْشِي، و"تُشَنَّع"، ويروى بالنون، وهو في معناه، و"لا تُنَقَّثُ ميرتنا"؛ أي: لا تسرع بإخراج طعامنا، وصفَتْها بالأمانة والثبت. و"تَعْشِيشًا" بالعين المهملة؛ أي: لا تترك بيتنا كعُشِّ الطائر، بل تنظفه وتكنسه، وتزيل كناسته، وقد روي:"تغشيشًا" بالغين المعجمة؛ أي: لا تخوننا ولا تَغُشُّنا. و"الأوطاب": جمع وطب: قربة اللبن، وقولها:"يلعبان من تحت خصرها برُمَّانتين"؛ تعني: ثدييها، فهي ناهد، فولداها تحتهما يلعبان بهما فرخا بهما وسرورًا بحُسْنِهما. و"سَرِيًّا": سيدًا، وهو كقوله تعالى:{تَحْتَكِ سَرِيًّا} ، وسراة كل شيء: خياره. و"شَريًّا"؛ أي: فرسًا سريعًا، وقيل: خيارًا، وخطِيًّا: رمحًا جيدًا، منسوب إلى الخط، وهو موضع بالبحر تعمل فيه الرماح. و"ثريًا": كثيرًا كالثَّرى، وهو التراب. وقولها:"وأعطاني من كل رائحة": (رائحة) اسم فاعل من راح إذا رجع بعَشِيٍّ؛ يعني: أنه أعطاها من المواشي التي تروح عليهم -وهي، الإبل والغنم والبقر- صنفًا، والزَّوْجُ الصنف؛ كما قال تعالى:{وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً} [الواقعة: 7]؛ أي: أصنافًا، وقد يراد بالزوج اثنان،
(1) كذا في المخطوط، وأظنه:(فيرفضان الرداء) كما في "المفهم"(6/ 346).