المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(السادسة: الأمر لا يفيد الفور خلافا للحنفية - الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي - جـ ٤

[تاج الدين ابن السبكي - تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌(الباب الثاني: في الأوامر والنواهي

- ‌الأولى: أنه حقيقة في القول الطالب للفعل

- ‌تنبيه:

- ‌(الثانية: الطلب بديهي التصور وهو غير العبارات المختلفة

- ‌فائدة:

- ‌(الفصل الثاني: في صيغته

- ‌الأولى: أن صيغة "افعل" تَرِد لستةَ عشرَ معنى:

- ‌(الثانية: أنها حقيقة في الوجوب مجاز في البواقي

- ‌(الثالثة: الأمر بعد التحريم للوجوب

- ‌فائدة

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌(الرابعة: الأمر المطلق لا يفيد التكرار ولا يدفعه

- ‌فائدة:

- ‌(الخامسة: المعلَّق بشرطٍ أو صفةٍ مثل:

- ‌(السادسة: الأمر لا يفيد الفور خلافًا للحنفية

- ‌فائدة:

- ‌((الفصل الثالث: في النواهي

- ‌الأولى: النهي يقتضي التحريم؛ لقوله تعالى: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا})

- ‌(الثانية: النهي شرعًا يدل على الفساد في العبادات

- ‌(الثالثة: مقتضى النهي فِعْلُ الضد

- ‌(الرابعة: النهي عن أشياء إما عن الجمع كنكاح الأختين، أو عن الجميع كالزنا والسرقة)

- ‌(الباب الثالث: في العموم والخصوص

- ‌الفصل الأول: في العموم

- ‌المقدمة الأولى:

- ‌المقدمة الثانية:

- ‌المقدمة الثالثة:

- ‌فائدة

- ‌المقدمة الرابعة:

- ‌المقدمة الخامسة:

- ‌المقدمة السادسة:

- ‌ الفرق بين العام، والمطلق، والنكرة والمعرفة، والعدد

- ‌(الثانية: العموم إما لغة بنفسه كـ "أي" للكل، و"مَنْ" للعالِمين، و"ما" لغيرهم، و"أين" للمكان، و"متى" للزمان)

- ‌القسم الأول: المفيد لغةً

- ‌تنبيه

- ‌فائدتان:

- ‌ القسم الثاني: وهو ما يفيد العموم من جهة العرف

- ‌(الثالثة: الجمع المنكَّر لا يقتضي العموم

- ‌ مشتملة على بحثين:

- ‌الأول: أن نفي المساواة بين الشيئين هل يقتضي العموم

- ‌البحث الثاني:

- ‌خاتمة:

- ‌(الفصل الثاني: في الخصوص

- ‌الأولى: التخصيص: إخراج(1)بعض ما يتناوله(2)اللفظ

- ‌(الثانية: القابل للتخصيص: حكمٌ ثَبَت لمتعددٍ لفظًا

- ‌تنبيه:

- ‌ الغاية التي يجوز أن ينتهي إليها التخصيص

- ‌المسألة الأولى:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌فائدة:

- ‌ العام إذا خُصَّ هل يكون في الباقي حقيقة

- ‌(الخامسة: المخصَّص بمعيَّنٍ حجة

- ‌(السادسة: يُستدل بالعامِّ ما لم يظهر مخصِّصٌ. وابن سريج أوجب طلبه أوَّلًا)

- ‌فائدة:

- ‌(الفصل الثالث: في المخصِّص

- ‌الأُولى: شَرْطه

- ‌أحدهما: أن يكون متصلًا بالمستثنى منه عادةً

- ‌فوائد:

- ‌الشرط الثاني: عدم الاستغراق

- ‌ يشترط أن لا يزيد على النصف

- ‌(الثانية: الاستثناء من الإثبات نفيٌ

- ‌فرع:

- ‌(الثالثة: المتعددة إنْ تعاطفت أو استغرق الأخير(2)الأول عادت إلى المتقدم عليها، وإلا يعود الثاني إلى الأول؛ لأنه أقرب)

- ‌ حكم الاستثناء الواقع عقيب جملٍ عُطِف بعضها على بعض

- ‌فائدة:

- ‌القسم الثاني من أقسام المخصِّصات المتصلة: الشرط

- ‌إحداهما(6): في وقت وجود المشروط:

- ‌المسألة الثانية: في تعدد الشرط والمشروط:

- ‌فائدة:

- ‌(القسم الثالث)(2)من المخصِّصات المتصلة: الصفة

- ‌(الرابع: الغاية:

- ‌(والمنفصل ثلاثةٌ:

- ‌ الأول: العقل

- ‌فرع:

- ‌المخصِّص الثاني من المخصصات المنفصلة: الحس

- ‌الثالث من المخصصات المنفصلة: الدليل السمعي

- ‌الأولى: في بناء العام على الخاص

- ‌(الثانية: يجوز تخصيص الكتاب به، وبالسنة المتواترة، وبالإجماع

- ‌الأول: أنه يجوز تخصيص الكتاب به، أي: بالكتاب

- ‌البحث الثاني: يجوز تخصيص القرآن بالسنة المتواترة

- ‌فرع:

- ‌البحث الثالث: يجوز تخصيص الكتاب بالإجماع

- ‌تنبيه:

- ‌ تخصيص العموم بالمفهوم

- ‌(الخامسة: العادة (التي قَرَّرها رسول الله)

- ‌فرع:

- ‌(السادسة: خصوص السبب لا يُخَصِّص(4)؛ لأنه لا يعارضه)

- ‌الأول: في أن خصوص السبب لا يخصِّص عموم اللفظ

- ‌البحث الثاني: فيما إذا عمل الراوي بخلاف العموم هل يكون ذلك(1)تخصيصًا للعموم

- ‌خاتمة:

- ‌ أفرد الشارع فردًا من أفراد العام بالذكر

- ‌(الثامنة: (عَطْفُ الخاص)(1)لا يخصِّص

- ‌(التاسعة: عَوْد ضميرٍ خاصٍّ لا يخصِّص

- ‌ فائدة

الفصل: ‌(السادسة: الأمر لا يفيد الفور خلافا للحنفية

وإنْ وجدت منها هذه الصفة

(1)

.

قال: ‌

‌(السادسة: الأمر لا يفيد الفور خلافًا للحنفية

، ولا التراخي خلافًا لقوم. وقيل: مشترك. لنا: ما تقدم).

الأمر المطلق

(2)

هل يفيد الفور، بمعنى: أنه تجب المبادرة عَقِيبه إلى الإتيان بالمأمور به؟

أمَّا القائل بأنه يفيد التكرار فلا يحتاج إلى قوله: إنه يفيد الفور؛ لأنه من ضرورياته، وإنما الكلام الآن بين القائلين بأنه

(3)

لا يفيد التكرار. وقد اختلف المُسَلِّمون لذلك على مذاهب:

أحدها: أنه لا يفيد الفور ولا يدفعه

(4)

. وهو قول معظم الشافعية، ونُسب إلى الشافعيِّ نفسه. قال إمام الحرمين:"وهو اللائق بتفريعاته في الفقه، وإن لم يصرح به في مجموعاته في الأصول"

(5)

، وعليه أبو علي

(1)

انظر مسألة الأمر المعلق بشرط أو صفة في: المحصول 1/ ق 2/ 178، التحصيل 1/ 291، الحاصل 1/ 426، نهاية السول 2/ 282، السراج الوهاج 1/ 473، نهاية الوصول 3/ 941، الإحكام 2/ 161، شرح تنقيح الفصول ص 131، بيان المختصر 2/ 37، نشر البنود 1/ 153، فواتح الرحموت 1/ 386، أصول السرخسي 1/ 21، كشف الأسرار 1/ 122، شرح الكوكب 3/ 46.

(2)

أي: المجرد عن القرائن.

(3)

في (ت) و (غ)، و (ك):"إنه".

(4)

أي: ولا ينفيه بأن يدل على التراخي، فهو لا يقتضي فورًا ولا تراخيًا، وإنما يدل على طلب الفعل. انظر: نهاية السول 2/ 287، البرهان 1/ 232.

(5)

انظر: البرهان 1/ 232.

ص: 1124

وابنه

(1)

، وأبو الحسين

(2)

، واختاره الغزالي

(3)

، والإمام وأتباعه

(4)

منهم المصنف، والآمدي

(5)

، وابن الحاجب

(6)

، وهو المنقول عن القاضي

(7)

. قال إمام الحرمين في "البرهان": "وهذا بديعٌ من قياسِ مذهبه، مع استمساكه بالوقف، وتجهيله مَنْ لا يراه"

(8)

، وهذا الذي قال: إنه بديع مِنْ

(9)

مذهب القاضي، قال في "التلخيص": إنه الأصح. وقال: "قطع القاضي رحمه الله بإبطال المصير إلى الوقف في هذا الباب، وهو الأصح؛ إذ المصير إلى الوقف في هذا الباب يعود إلى خرق الإجماع

(10)

أو يلزم ضربًا من

(1)

أي: أبو هاشم.

(2)

انظر: المعتمد 1/ 111 - 124.

(3)

انظر: المستصفى 3/ 172.

(4)

انظر: المحصول 1/ ق 2/ 189، 190، التحصيل 1/ 287، الحاصل 1/ 429، نهاية الوصول 3/ 952 - 956.

(5)

انظر: الإحكام 2/ 165.

(6)

انظر: بيان المختصر 2/ 40.

(7)

انظر: التلخيص 1/ 323، البرهان 1/ 232.

(8)

انظر: البرهان 1/ 233.

(9)

سقطت من (ت).

(10)

لأن الأمة أجمعت على أن الممتثل فورًا قد أدى الواجب الذي عليه، فمن توقف في كون هذا قد أدى الواجب فقد خرق الإجماع. وهذا إنما يصح ردًا على غلاة الواقفية القائلين: بأنا نتوقف في أن الفاعل فورًا أو متأخرًا يُعَدُّ ممتثلًا قد أدى الواجب الذي عليه. أما مَن يتوقف في التأخير لا في الفور - فهذا لا يصح اعتراضًا عليه. انظر: التلخيص 1/ 324، 325، نهاية الوصول 3/ 955.

ص: 1125

التناقض

(1)

"

(2)

.

المذهب الثاني: أنه يفيد الفور. وبه قالت

(3)

الحنفية

(4)

، وقد عُزِي كما ذُكر

(5)

في "البرهان" إلى أبي حنيفة نفسه

(6)

. وقال ابن بَرْهان في "الوجيز": "لم ينقل عن الشافعي ولا أبي حنيفة نَقْلٌ في المسألة، وإنما فروعهما تدل على ما نُقل عنهما"

(7)

. قال: "وهذا خطأ في نقل المذاهب؛ إذ الفروع تُبْنى على الأصول لا العكس"

(8)

.

قلت: وفي هذا الكلام نظر، فإنَّ المطلعَ على مذهب إمام إذا استقرأ من كلامه في فروعٍ شتى المصيرَ إلى ما ليس له مأخذ إلا القول بأصل من

(1)

لأن المكلف لا يعرف المطلوب منه، فلو امتثل فورًا يقوم عنده احتمال إرادة التأخر، وبالعكس.

(2)

انظر: التلخيص 1/ 324.

(3)

في (ت) و (غ): "قال".

(4)

الصواب: وبه قال بعض الحنفية، منهم أبو الحسن الكرخي رحمه الله تعالى، أما جمهور الحنفية فهو عندهم لمطلق الطلب، كما هو المذهب الأول. انظر: كشف الأسرار 1/ 254، فواتح الرحموت 1/ 387، تيسير التحرير 1/ 356، التقرير والتحبير 1/ 315، 316، أصول السرخسي 1/ 26.

(5)

في (غ): "ذكره".

(6)

انظر: البرهان 1/ 231.

(7)

انظر: فتح الغفار 1/ 66.

(8)

انظر: الوصول إلى الأصول 1/ 149، 150، وللكلام تتمة: فلعل صاحب المقالة لم يَبْن فروع مسائله على هذا الأصل، ولكن بناها على أدلة خاصة، وهو أصل يُعتمد عليه في كثير من المسائل.

ص: 1126

أصولٍ - جَزَمَ الاعتقاد بأن ذلك الأصلَ مُخْتَارُه، ونَسَبَه إليه. وهذا صنيع أصحابنا على طبقاتهم، يقولون: مذهب الشافعي كذا، وإنما استنبطوا ذلك من قواعده من غير اطلاع على نصه. ومنهم من ينسب إليه القول المُخَرَّج مع كونه نَصَّ على خلافه. وقد اختار هذا المذهب من أصحابنا القاضي أبو حامد المروروذي، وأبو بكر الصيرفي

(1)

، وهو مذهب داود

(2)

(3)

، ومعظم الحنابلة

(4)

.

والمذهب الثالث: أنه يفيد التراخي. كذا أطلقه جماعةٌ

(5)

منهم المصنف، وقال الشيخ أبو إسحاق في "شرح اللمع" وإمام الحرمين في "التلخيص" و"البرهان": "إن هذا الإطلاق مدخول؛ إذ

(1)

واختاره أيضًا الدقاق. انظر: البحر المحيط 3/ 326.

(2)

والظاهرية أيضًا. انظر: الإحكام لابن حزم 1/ 313، البحر المحيط 3/ 326.

(3)

هو داود بن علي بن خَلَف، أبو سليمان البغداديّ، المعروف بالأصبهانيّ. الحافظ العلَّامة، رئيس أهل الظاهر. وُلد سنة 200 هـ. قال الخطيب:"كان ورعًا ناسكًا زاهدًا، وفي كتبه حديث كثير، لكن الرواية عنه عزيزة جدًا". من مصنفاته: الإيضاح، الأصول، وغيرهما. توفي سنة 270 هـ. انظر: تاريخ بغداد 8/ 369، سير 13/ 97، الطبقات الكبرى 2/ 284.

(4)

انظر: شرح الكوكب 3/ 48، العدة 1/ 281، نزهة الخاطر 2/ 85. وهو مذهب مالك وأصحابه رضي الله عنهم سوى المغاربة من المالكية فإنهم قالوا بالمذهب الأول. انظر: شرح تنقيح الفصول ص 128، إحكام الفصول ص 212، نشر البنود ص 150، نثر الورود 1/ 178.

(5)

انظر: المحصول 1/ ق 2/ 189، الحاصل 1/ 429، التحصيل 1/ 287، العدة 1/ 282، الوصول إلى الأصول 1/ 149، البحر المحيط 3/ 329.

ص: 1127

مقتضاه أن الصيغة المطلقة تقتضي التراخي، حتى لو فُرِض الامتثال على البِدَار لم يعتد به، وليس هذا مُعْتقَدُ أحدٍ"

(1)

. هذا كلامهما، ورأيت ابن الصباغ في "عدة العالم" قال: إن من الواقفية في هذه المسألة مَنْ قال: لا يجوز فعله على الفور. لكن قال: إن

(2)

القائل بهذا

(3)

خالف الإجماع قبله. وعلى الجملة هو مذهب ثابت منسوب إلى خرق الإجماع

(4)

. ونقل ابن السمعاني في "القواطع" القولَ بأنه على التراخي عن ابن أبي هريرة، وأبي بكر القفال، وابن خيران، وأبي علي الطبريِّ

(5)

صاحب "الإفصاح" وصَحَّحه، ثم قال: إن معنى قولنا: إنه على التراخي - أنه

(1)

هذه عبارة البرهان 1/ 233، وانظر: التلخيص 1/ 323، وقال فيه:"والأحسن في العبارة أن نقول: الأمر يقتضي الامتثال من غير تخصصٍ بوقت". وقال أبو إسحاق في شرح اللمع 1/ 235: "وربما غلط بعض أصحابنا في العبارة عن هذه المسألة، فقال: الأمر يقتضي الفور والتراخي. وهذه العبارة ليست صحيحة؛ لأن أحدًا لم يقل: إن الأمر يقتضي التراخي. وإنما يقولون: هل يقتضي الفور أم لا؟ ". وانظر: البحر المحيط 3/ 331.

(2)

سقطت من (ت)، و (غ).

(3)

أي: بعدم جواز فعله على الفور.

(4)

انظر: نهاية الوصول 3/ 954.

(5)

هو الحسن - أو الحسين - بن القاسم، أبو علي الطبريّ، شيخ الشافعية، أصله من طبرستان. ولد سنة 263 هـ. قال ابن السبكي:"له الوجوه المشهورة في المذهب، وصنَّف في أصول الفقه، وفي الجدل، وصنف "المحرّر"، وهو أول كتابٍ صنِّف في الخلاف المجرَّد". ومن مصنفاته أيضًا: "الإفصاح" في المذهب. توفي ببغداد سنة 350 هـ. انظر: تاريخ بغداد 8/ 87، سير 16/ 62، الطبقات الكبرى 3/ 280.

ص: 1128

ليس على التعجيل

(1)

. قال: والجملة إنَّ قوله: "افعل" ليس فيه عندنا دليل إلا على طلب الفعل فحسب، من غير تعرض للوقت.

قلت: وعلى هذا التفسير فهذا الذهب هو المذهب الأول بعينه.

والمذهب الرابع: الوقف؛ إما لعدم العلم بمدلوله؛ أوْ لأنه مشترك بينهما. وهو الذي عَبَّر عنه المصنف بقوله: "وقيل: مشترك"، وكان الأحسن أن يقول: وقيل: بالوقف؛ ليشمل هذين الاحتمالين

(2)

. على أنَّ صفي الدين الهندي نقل أنَّ منهم مَنْ تَوَقَّفَ فيه تَوَقُّفَ الاشتراك

(3)

.

ثم افترقت الواقفية: فمِنْ قائل: إذا أتى بالمأمور به في أول الوقت كان ممتثلًا قَطْعًا، وإنْ أخَّر عن الوقت الأول لا يُقْطع بخروجه عن العُهْدة

(4)

. واختاره إمام الحرمين في "البرهان"

(5)

.

ومن قائلٍ: إنه وإن بادر إلى فعله في أول الوقت لا يقطع بكونه ممتثلًا، وخروجِه عن العهدة؛ لجواز إرادة التراخي

(6)

(نقله الآمدي، وابن

(1)

يعني: فلو تعجَّل فلا بأس. قال عبد العزيز البخاري: "ومعنى قولنا: على الفور - أنه يجب تعجيل الفعل في أول أوقات الإمكان. ومعنى قولنا: على التراخي - يجوز تأخيره عنه، وليس معناه: أنه يجب تأخيره عنه، حتى لو أتى به فيه لا يُعتد به؛ لأن هذا ليس مذهبًا لأحد". كشف الأسرار 1/ 254.

(2)

أي: احتمال عدم العلم بمدلوله، واحتمال الاشتراك.

(3)

عبارته في نهاية الوصول 3/ 954: "وأما الواقفية: فمنهم من تَوَقَّفَ فيه تَوَقُّفَ الاشتراك. ومنهم من تَوقَّفَ فيه توقُّفَ اللادراية".

(4)

وهؤلاء هم مقتصدو الواقفية.

(5)

انظر: البرهان 1/ 232، أي: أن إمام الحرمين يتوقف في المؤخِّر فقط.

(6)

هؤلاء هم غلاة الواقفية. قال إمام الحرمين رحمه الله تعالى: "وأما الواقفية فقد =

ص: 1129

الحاجب، وغيرهما

(1)

)

(2)

.

"قوله: لنا" أي: الدليل على أن الأمر لا يقتضي الفور ما تقدم في الكلام على أنه لا يقتضي التكرار، وأشار إلى دليلين:

أحدهما: صحة تقييده بالفور والتراخي من غير تكرير ولا نقض، كصحة تقييده بالمرة والمرات من غيرهما

(3)

.

والثاني: وروده مع الفور وعدمه، فَيُجْعل حقيقةً في القدر المشترك: وهو طلب الإتيان به، دفعًا للاشتراك والمجاز، كما ورد بالتكرار والمرة وعدمهما

(4)

(5)

، وجُعِل حقيقةً في القدر المشترك.

وقد تقدم الكلام في هذين الدليلين مبسوطًا، وتقدم دليلٌ ثالث لا يأتي هنا.

= تحزبوا حزبين: فذهب غلاتُهم في المصير إلى الوقف: إلى أن الفور والتأخير إذا لم يتبين أحدهما، ولم يتعين بقرينة، فلو أوقع المخاطَب ما خوطب به عَقِيبَ فَهْمِ الصيغة لم يُقطع بكونه ممتثلًا، ويجوز أن يكون غرضُ الآمر فيه أن يُؤخِّر. وهذا سرف عظيم في حكم الوقف". البرهان 1/ 232.

(1)

انظر: الإحكام 2/ 165، بيان المختصر 2/ 40، نهاية الوصول 3/ 955، التلخيص 1/ 324، البحر المحيط 3/ 330.

(2)

سقطت من (ت).

(3)

أي: من غير تكرير ولا نقض.

(4)

في (ت): "وعدمها". وهو خطأ.

(5)

المعنى: كما ورد الأمر بالتكرار وعدمه، وبالمرة وعدمها. وهذا نوع من التكرار في الكلام، وإلا فكان يكفيه أن يقول أحدَهما.

ص: 1130

قال: (قيل: إنه تعالى ذَمَّ إبليس على الترك، ولو لم يقتض الفور لما استحق الذم. قلنا: لعل هناك قرينة عَيَّنت الفورية. قيل: {وَسَارِعُوا}

(1)

يوجب الفورية

(2)

. قلنا: فمِنْه لا مِنَ الأمر. قيل: لو جاز التأخير فإما مع بدلٍ فيسقط، أوْ لا معه فلا يكون واجبًا

(3)

. وأيضًا إما أن يكون للتأخير أمدٌ: وهو إذا ظن فواته

(4)

، وهو غير شامل؛ لأن كثيرًا من الشباب يموتون

(5)

فجأة. أوْ لا فلا يكون واجبًا. قلنا: منقوض بما إذا صَرَّح به

(6)

. قيل: النهي يفيد الفور فكذا الأمر. قلنا: لأنه (يفيد التكرار).

احتج القائلون بالفور بأوجه:

أحدها: قوله تعالى لإبليس: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ}

(7)

عابه على كونه لم يأت في الحال بالمأمور به، (وهو يدل على أنه (وجب عليه)

(8)

الإتيان)

(9)

(بالفعل حين أُمِر به؛ إذ لو لم يجب لكان لإبليس أن

(1)

سورة آل عمران: الآية 133. (وفي النسخ: "سارعوا").

(2)

في (ت)، و (غ)، و (ك):"الفور".

(3)

سقطت من (ت).

(4)

سقطت من (ت).

(5)

في (ت)، و (غ):"يموت".

(6)

أي: بالوقت.

(7)

سورة الأعراف: الآية 12.

(8)

في (ص): "واجب".

(9)

سقطت من (ت).

ص: 1131

يقول: ما أوجبتَ عليَّ في الحال، فكيف أستحق الذمَّ بتركه في الحال)

(1)

.

أجاب تبعًا للإمام: بأنه يحتمل أن يكون ذلك

(2)

الأمر مقرونًا بما يدل على أنه على الفور

(3)

.

قال الهندي: "وهو ضعيف؛ لأن ظاهره يدل على ترتب

(4)

الذم بمجرد ترك المأمور به، فتخصيصه بأمر آخر غيرِه خلافُ الظاهر"، قال: "وهذا وإن كان لازمًا على كل من يجيب بهذا الجواب

(5)

، إلا أن المَلامَ فيه على الإمام أشد؛ لأنه أجاب عن هذا الجواب لَمَّا اعتُرض به على استدلاله بهذا النص على أن الأمر للوجوب

(6)

"

(7)

، والمصنف تبعه في الموضعين. ثم قال الهندي: "والأولى أن يُقَال في جوابه: إن هذا الأمر كان مقرونًا

(1)

سقطت من (ت).

(2)

سقطت من (ت).

(3)

انظر: المحصول 1/ ق 2/ 193، 201.

(4)

في (غ): "ترتيب".

(5)

أي: مَنْ يقول بأن إبليس ذُمَّ على ترك السجود فورًا بسبب قرينةٍ تدل على الفورية.

(6)

أي: أن الإمام لما استدل بآيةِ: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} على أن الأمر للوجوب - اعتُرض عليه بأن الوجوب لعله مستفاد من القرينة مع الأمر لا من مجرد الأمر فقط. فأجاب الإمام على هذا الاعتراض: بأن الظاهر يقتضي ترتيب الذم على مخالفة الأمر. فكيف يسوغ للإمام أن يعترض على من استدل بهذه الآية على الفورية - باعتراض أجاب عليه هنا، هذا تناقض. انظر: المحصول 1 / ق 2/ 69، 70.

(7)

انظر: نهاية الوصول 3/ 959.

ص: 1132

بما يدل على أنه للفور، بدليل قوله تعالى:{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}

(1)

، فإنَّه جَعَل الأمر بالسجود جزاءً لشرط التسوية والنفخ، والجزاءُ يحصل عَقِيب الشرط، فإنما

(2)

أفاد الأمر هنا الفورَ بهذه القرينة"

(3)

.

وهذا الجواب (إنْ صح فلك)

(4)

أن تقول: هذه القرينة هي التي أوجبت للإمام أن يقول هنا: لعل قرينةً أوجبت

(5)

، (وأما)

(6)

في مسألة الأمر هل يقتضي الوجوب - (فلا قرينة)

(7)

، فكان ما ادعاه الإمام من القرينة موجودًا، دون ما ادَّعاه الخصم

(8)

. ثم إنَّ

(9)

الحاصل أنَّ كلًا منهما ادَّعى قرينةً، والأصل عَدَمُها، وتأيدت دعوى الإمام والمصنف بهذه الآية، فصح ما قالاه

(10)

.

(1)

سورة الحجر: الآية 29. سورة ص: الآية 72.

(2)

في (ص): "وإنما".

(3)

انظر: نهاية الوصول 3/ 960، مع تصرف يسير من الشارح رحمه الله تعالى.

(4)

في (ت): "صحيح، لا سيما والفا تقتضي التعقيب إلا أن لك". وهذه الزيادة خطأ، وسيأتي في كلام الشارح الرد عليها.

(5)

ظاهر عبارة الإمام أنه لم يَعْرف هذه القرينة بعينها، وإنْ كان ادَّعى احتمال وجود قرينة.

(6)

في (ت)، و (غ):"أما".

(7)

سقطت من (ت).

(8)

يعني: أن الخصم ادعى القرينة على الوجوب وهي غير موجودة، والإمام ادعى القرينة على الفور وهي موجودة.

(9)

سقطت من (غ).

(10)

مِنْ دعوى وجود قرينةٍ على الفور، والمعنى: أن دعواهما على القرينة لها ما يؤيدها.

ص: 1133

(وفي صحة الجواب نظرٌ من جهة أنه قد يُمْنع أنَّ الجزاء يحصل عَقيب الشرط، وليس هنا ما يُتخيل دلالتُه عليه إلا الفاء في قوله: {فَقَعُوا}، وهي لا تدل عليه إلا إنْ كانت للتعقيب، وقد نَصَّ النحاةُ على أنها إذا وقعت جوابًا للشرط لا تقتضي تعقيبًا)

(1)

(2)

.

وقال

(3)

بعضهم: إنَّ في الآية قرينةً أخرى وهي فِعْلُ الأمر في قوله: {فَقَعُوا} ، إذ هو العامل في "إذا"؛ لأنها ظَرْفٌ والعامل فيها جوابها، فصار التقدير: فقعوا له ساجدين وقت تسويتي إياه. وهذا صحيح على رأي الجمهور القائلين بأن العامل في إذا جوابها، ولكن قال بعض البصريين: إنَّ العامل فيها ما يليها

(4)

حكاه شيخنا أبو حيان في "البحر المحيط" عند قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا}

(5)

، وهو متجه في هذه الآية؛ لأن ما بعد الفاء لا يجوز أن يعمل فيما

(6)

قبلها

(7)

، فكيف

(1)

سقطت من (ت)، و (غ)، و (ك).

(2)

الفاء إنما تكون للتعقيب مع الترتيب إذا كانت عاطفة، أما فاء السببية، والواقعة في جواب الشرط فلا تقتضي تعقيبًا. انظر: مغني اللبيب 1/ 183 - 187.

(3)

في (ك): "ثم قال".

(4)

وهو فِعْل الشرط المتصل بها.

(5)

سورة البقرة: الآية 11.

(6)

سقطت من (ت).

(7)

فقوله: {فَقَعُوا} واقع بعد الفاء، وما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها، و"إذا" قبل الفاء، فلا يعمل فيها {فَقَعُوا}. قال: المُبَرِّد: وفاء السببية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها. انظر: قطر الندى ص 194، باب الاشتغال. والفاء الجزائية هي الفاء السببية؛ لأن الشرط سبب، والمشروط مُسَبَّب.

ص: 1134

يتجه في مثل: {فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}

(1)

أن يقال العامل في "إذا" جوابها! بل هذا وأمثاله يصلح اعتراضًا على الجمهور القائلين بهذه المقالة

(2)

.

الوجه الثاني: في قوله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}

(3)

، فإنه يُوجب أن الأمر للفور؛ لأنه أَمَرَ بالمسارعة وهي التعجيل (بالمأمور به، والأمر للوجوب، والمسارعة واجبة، ولا معنى)

(4)

لأن الامر يقتضي الفور إلا ذلك

(5)

. وحَمْل المغفرة على حقيقتها في الآية ممتنع؛ لأن المغفرة مِنْ فِعْل الله تعالى، والعبد لا يسارع إلى فعله

(6)

، فَحُمِل على المجاز وهو المأمور به. وفي معنى هذه الآية قوله:{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}

(7)

(8)

.

(1)

سورة الحجر: الآية 29. سورة ص: الآية 72.

(2)

هذا الاعتراض غير وجيه؛ لأن ما بعد الفاء لا يمتنع عملُه فيما قبلها، لوجود أدلة على ذلك منها: قوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} فاليتيم، والسائل كلاهما معمولان لما بعد الفاء. ومنه: قوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} فإنَّ ما بعد الفاء عَمِل فيما قبلها. وإن قلنا بقول المبرد فالظروف والمجرورات لا يدخلان فيما ذكره؛ لأنهما يتعلقان بكل ما فيه رائحة الفعل؛ ولأنه يُتوسع فيهما ما لا يُتوسع في غيرهما.

(3)

سورة آل عمران: الآية 133.

(4)

سقطت من (ت).

(5)

أي: إلا المسارعة والتعجيل.

(6)

أي: فعل الله تعالى.

(7)

سورة البقرة: الآية 148.

(8)

انظر: نهاية الوصول 3/ 964.

ص: 1135

أجاب: بأن الفورية لم تُسْتَفَد من الأمر، بل من قوله:{وَسَارِعُوا} ، يعني: من جوهر اللفظ

(1)

؛ لأن لفظ المسارعة دال عليه

(2)

كيف ما تَصَرَّف

(3)

، بل لمُبَاحِثٍ أنْ يَقْلِب هذا الدليل ويستدل به على عدم الفورية

(4)

؟ ، لأن المسارعةَ: مباشرةُ الفعل في وقتٍ مع جواز الإتيان به في غيره.

ولقائلٍ أن يقول: لا نسلم تفسير المسارعة بما ذكرتم، بل المسارعة: عبارة عن التعجيل بالفعل المطلوب. كما تقول: سارعت إلى إنقاذ الغريق، وإنْ كانت المبادرة إلى ذلك واجبة. وذلك أعم من أن يجوز مع ذلك فعلُه في وقتٍ آخر أم لا.

تم قولكم: الفوريَّة لم تُسْتفد من الأمر بل من مادة {وَسَارِعُوا} فيه

(5)

تسليمٌ لوجوب فعل المأمورات الشرعية على الفور، بما دلَّ على ذلك من قوله:{وَسَارِعُوا}

(6)

. فحاصل ما أجبتم به أنكم سلمتم ثبوت الفَوْر في المأمورات، ولكنكم

(7)

قلتم: إنَّ ذلك ليس من مدلول الأمر بل مِنْ دليلٍ منفصلٍ، وهذا يحصل به معظم مقصود الخصم؛ إذ الغرض الأعظم إنما هو

(1)

أي: من حروف اللفظ وهي مادة: سَارِعوا، لا من صيغة الأمر.

(2)

أي: على الفور.

(3)

أي: سواء كان ماضيًا، أم مضارعًا، أم أمرًا.

(4)

في (ص): "الفور".

(5)

سقطت من (ت).

(6)

لأن جميع المأمورات الشرعية مأمور بالمسارعة إليها.

(7)

في (ص)، و (غ)، و (ك):"ولكن".

ص: 1136

البحث عن الأوامر الشرعية.

وقد يقال: دلالته على وجوب المسارعة إلى أسباب

(1)

المغفرة (بطريق الاقتضاء

(2)

، فلا يلزم منه وجوبُ المسارعة إلى جميع أسباب المغفرة)

(3)

بناءً على أن المُقْتَضَى: وهو ما أُضْمِر ضرورةَ صِدْقِ المتكلم - لا عمومَ له، فيختص ذلك بما اتفق على وجوب تعجيله، ولا يعم كلَّ مأمور.

الثالث: لو لم يكن الأمر للفور لكان التأخير جائِزًا، وجوازه إما مع بدل أوْ لا معه، والقسمان باطلان:

أما الأول: فلأنَّ البدل: هو الذي يقوم مقام المُبْدل من كل الوجوه. فإذا أتى بهذا البدل وَجَب أن يسقط عنه هذا التكليف، وليس كذلك بالاتفاق

(4)

.

وأما الثاني: فلأن ذلك يَمْنَعُ مِنْ كونه واجبًا؛ لأنه لا يُفْهم من قولنا: ليس بواجب - إلا أنه يجوز تركه من غير بدل.

الرابع: أنه لو لم يكن للفور وجاز التأخير - لكان إما إلى أمدٍ أي:

(1)

سقطت من (ت).

(2)

فالنص الذي هو الآية مقتَضِي، والمقدَّر الذي هو: أسباب المغفرة - مُقْتَضى؛ لأنه لما كان لا يمكن المسارعة إلى مغفرة الله حقيقة؛ لأنها فعله تعالى - كان لا بد من تقدير مضمر يصح به المعنى هنا: وهو أسباب المغفرة.

(3)

سقطت من (ت).

(4)

يعني: فالمأمور لا يسقط مع فِعْل البدل، مثل الصلاة والصيام ونحوهما لا تسقط لو أتى بالبدل.

ص: 1137

(غاية معيَّنة، بحيث إذا وصل المكلف إليها لا يجوز له التأخر

(1)

عنها، أوْ لا يكون له أمد أي: )

(2)

بأن يجوز له التأخير أبدًا. والقسمان باطلان، فالقول بجواز التأخير باطل.

أما الأول: فلأن ذلك الأمد لا بد له من أمارة يعرفه المكلَّف بها؛ لئلا يلزم وقوع التكليف بما لا يطاق، ولذلك لم يكن للخصم أن يقول: يجوز أن يكون الأمد غايةً مجهولةً عند المكلَّف؛ لأنه يصير مكلفًا بأن لا يؤخر الفعل عن وقت معيَّنٍ مع عدم معرفته به

(3)

، وهو تكليف بما لا يطاق.

وإذا كان لا بد له من أمارة يعرفها المُكَلَّف فتلك الأمارة هي بالاتفاق: ظَنُّ الفوات على تقدير الترك، إما لكبر السن، أو للمرض الشديد وذلك الأمد

(4)

(5)

غير شامل للمكلفين؛ لأن كثيرًا من الناس يموتون فجأة، ويقتلون بغتة من غير حصول أمارة للموت، فيلزم أن لا يشملهم الأمر

(6)

، وليس كذلك.

وأما الثاني: فلأن التأخير أبدًا يُجَوِّز الترك أبدًا، (وتجويز الترك أبدًا)

(7)

ينافي الوجوب.

(1)

في (ك): "التأخير".

(2)

سقطت من (ت).

(3)

أي: مع عدم معرفة المكلف بالوقت المعيَّن.

(4)

في (ص): "الأمر".

(5)

أي: ذلك الأمدُ وهو ظن الفوات، المدلولُ عليه بأمارة كِبَر السن أو المرض الشديد.

(6)

أي: فيلزم ألا يكون ذلك الفعل واجبًا عليهم في علم الله تعالى، مع أن ظاهر الأمر يقتضي وجوبه. انظر: السراج الوهاج 1/ 481، نهاية السول 2/ 290.

(7)

سقطت من (ت).

ص: 1138

وأجاب عن هذين الوجهين: بالنقض بما إذا صُرِّح للمكلَّف بجواز التأخير، مثل: أن يقال له: أوجبت عليك أن تفعل كذا في أي وقت شئت، (أوْ ولك)

(1)

التأخير. فإنَّ هذين الوجهين مطردان

(2)

فيه، مع جواز التأخير بالاتفاق

(3)

. قال الإمام: "فكلما جعلوه عذرًا في هذه الصورة فهو عُذْرُنا عما ذكروه

(4)

"

(5)

. وسنذكر ما تحصل به المناقشة في هذا الجواب إن شاء الله تعالى.

وأجيب عنه

(6)

أيضًا: بالتزام أنَّ الأمد غيرُ معيَّن ولا يلزم التكليف بما لا يطاق؛ لأنه إنما يلزم أن لو لم يجز الإتيان به على الفور، أما إذا جاز فِعْله على الفور فلا يلزم ذلك؛ لتمكن المكلف من الامتثال في الحال، والتكليف بالمحال هو التكليف بالمتعذِّر امتثاله من كل وجه

الخامس: أن النهي يفيد الفور، فكذا الأمر بالقياس عليه، بجامع الطلب فيهما.

وأجاب: بأن النهي يفيد التكرار، ويلزم من ذلك وقت الحال

(7)

،

(1)

في (ت)، و (ص):"أوْ لك".

(2)

في (ص)، و (ك):"يطردان".

(3)

أي: ينطبق على هذا الأمر أنه مؤخَّر إلى أمدٍ معين وهو وقت المشيئة، وينطبق عليه أنه يُجَوِّز التأخير أبدًا؛ لأن وقت المشيئة غير محدد بمدة، وجواز التأخير هنا بالاتفاق، فبطل قولهم: والقسمان باطلان.

(4)

أي: ما جعلوه عذرًا في هذه الصورة المُصَرَّح فيها بجواز التأخير، فهو عذرنا في صورة الإطلاق.

(5)

انظر: المحصول 1/ ق 2/ 202.

(6)

سقطت من (ت).

(7)

يعني: يلزم من إفادة النهي للتكرار - وجوبُ الانتهاء حالًا وفورًا بعد ورود النهي =

ص: 1139

فأفاد النهيُ الفورَ بضرورةِ دخولِ وقتِ الحال في الأوقات، لا لذاته.

وهذا الجواب قد تقدم مثله، وقد ناقضه بعد هذا حيث يقول: النهي كالأمر في التكرار والفور

(1)

. فكان الأولى أن يجيب: إما بأن النهي لا يفيد الفور، أو بأن هذا قياس في اللغة فلا يقبل.

وقد استدل القائلون بالفور أيضًا بوجه سادس لم يذكره في الكتاب: وهو طريقة الاحتياط، فإنا أجمعنا على أنه لو فعل عقيبه

(2)

وقع الموقِع

(3)

، ولا عبرةَ بالمذهب الضعيف المتقدم

(4)

إنْ ثَبتَ؛ لمصادمته للإجماع. واختلفنا في أنه لو فعل بعد ذلك هل يخرج عن العهدة؟ فطريقة الاحتياط تقتضي وجوبَ الإتيان به على الفور؛ ليحصل الخروج عن

(5)

العهدة بيقين.

وأجاب الإمام: بأنه ينتقض بقوله: افعل في أيِّ وقتٍ شئت

(6)

.

واعترض صاحب "التحصيل" على هذا الجواب: "بأن طريقة الاحتياط غير منقوضة؛ إذ لا خوف ثمة

(7)

"

(8)

.

= مباشرةً، وذلك لأن التكرار شامل لكل الأوقات، بما فيه وقت الحال، وهو الوقت الذي يلي ورود النهي مباشرة.

(1)

أي: مقتضى هذا الكلام أن يكون النهي لغير التكرار ولغير الفور؛ لأنه كالأمر. وهو يناقض ما أجاب به هنا.

(2)

أي: عقيب الأمر.

(3)

يعني: وقع على الوجه الصحيح.

(4)

وهو قول غلاة الواقفية بأن المبادر لا يُقطع بامتثاله.

(5)

في (غ): "من".

(6)

انظر: المحصول 1 / ق 2/ 200، 204.

(7)

أي: لا خوف هنا لأنه صَرَّح بالتخيير، والاحتياط إنما يكون في غير حالة التصريح.

(8)

انظر: التحصيل 1/ 291، وكذا أجاب صفي الدين الهندي في نهاية الوصول 3/ 963.

ص: 1140

قال الشيخ شمس الدين بن الجزري في شرح أسْوِلة التحصيل: وإنما قال ذلك

(1)

لوجهين:

أحدهما: أن الكلام فيما إذا كان الأمر مطلقًا، واحتمل أن يكون المراد الفور

(2)

.

وثانيهما: أن الفعل على تقدير قوله: افعل في أيِّ وقتٍ شئت - لا خوف في فعله على الفور، ولا على التراخي، حتى تنتقض طريقة الاحتياط

(3)

.

قال: واعلم أن الوجه الأول من وجهي الاعتراض على جواب الإمام في طريقة الاحتياط لم يذكره صاحب التحصيل، (فعلى هذا)

(4)

تنقدح مناقشةٌ تَرِد على كلامه فيقال: إما أن يريد أن طريقة الاحتياط غير منقوضة على تقدير اعتبار قوله: في أي وقت شئت، أو لا

(5)

.

(1)

أي: إنما قال صاحب التحصيل هذا الاعتراض، وهو أن طريقة الاحتياط غير منقوضة.

(2)

يعني: أن الاحتياط بالفعل في أول الوقت إنما يكون إذا كان الأمر مطلقًا، واحتمل أن يكون المراد الفور.

(3)

يعني: كلامنا واستدلالنا إنما هو في حالة الخوف، وهي حالة الإطلاق، كما سبق ذكره، أما حالة التقييد بأيِّ وقت شئت - فهذه لا خوف فيها؛ لأنه يستوي فيها الفور والتراخي، فلا تنتقض طريقة الاحتياط بمثل هذه الصورة؛ لأن الاحتياط لا يتأتى فيها.

(4)

سقطت من (غ).

(5)

يعني: إما أن يريد صاحب التحصيل بقوله: طريقة الاحتياط غير منقوضة، أنها غير منقوضة بسبب التخيير بقوله: في أي وقت شئت. فعدم نقض الاحتياط نظرًا =

ص: 1141

فإن أراد الأول لم يبق احتياطٌ ضرورةَ استواءِ الفعل على الفور والتأخير، فلا يقال طريقة الاحتياط باقية.

وإنْ أراد الثاني فليس الجواب أن طريقة الاحتياط غير منقوضة إذ لا خوف ثمة، ضرورةَ قيامِ الخوف على تقدير عدم اعتبار ذلك القول

(1)

بل الجواب أنَّ ذلك بقوله: افعل في أي وقتٍ شئت، والكلام في الأمر بمجرده. قال: والإشارة بقوله: "ثمة" إلى الصورة التي أوردها الإمام وهي الصورة الأخيرة - خارج عن وضع اللغة، فالأولى به أن يقول؛ إذ لا خوف هنا

(2)

.

واعلم أن المنتصر لكلام الإمام أن يقول: مراد الإمام بقوله: افعل في أي وقت شئت - أنَّ هذا القول لا يُعَدُّ منافيًا لقوله: افعل

(3)

، بل يكون موافقًا لمقتضاه، فلا يتصور طريقة الاحتياط إلا إذا كان الفور راجحًا أو مساويًا

(4)

أما إذا كان الراجح التوسعة فلا تأتي طريقة الاحتياط، وإلا

(5)

فالإمام ما يَجْهل أن قوله: افعل في أيِّ وقت شئت - غيرَ

= للتصريح بالتخيير. أو أن يريد صاحب التحصيل بقوله: طريقة الاحتياط غير منقوضة، أنها غير منقوضة لا بسبب التخير، فعدم نقض الاحتياط ليس بسبب التصريح بالتخيير. والحاصل أن عدم نقض الاحتياط إما أن يكون بسبب التخيير أو بغيره.

(1)

في (ص): "الفور". وهو خطأ.

(2)

لأن الصورة التي يَرُدُّ عليها في كلام الإمام صورة قريبة، وهي آخر الصور، فلا يناسبها كلمة "ثمة" التي تدل على البعيد.

(3)

يعني: كلاهما للتراخي، وقوله: في أي وقتٍ شئت - تفسير لمقتضى: افعل.

(4)

يعني: راجحًا أو مساويًا للتوسعة.

(5)

استثناء من قوله: أن هذا القول لا يُعَدُّ منافيًا بقوله: افعل، بل يكون موافقًا لمقتضاه.

ص: 1142

قوله: افعل، من غير ضميمةٍ، هذا كُلُّه كلام ابن الجزري، وفيه نظر يحتاج إلى تطويل.

وقال التبريزي: التمسك على الفور بطريقة الاحتياط ضعيف؛ لأن الاحتياط ليس من أمارات الوضع

(1)

، ولا من مقتضيات الوجوب

(2)

، بل هو من باب الأصلح

(3)

. ثم قوله: افعل الآن - يُعَدُّ تأكيدًا

(4)

، وفي أي وقت شئت - يعد تخفيفًا ومسامحة

(5)

(6)

.

قال القرافي: ويَرِد عليه أن ها هنا قاعدةً خفيةً عادةُ الفضلاء يُوردون بسبب إهمالِها سؤالًا، فيقولون في كل ما يقول المستدل فيه: هذا أرجح، فيجب المصير إليه: إنَّ الرجحان يقتضي أنه أحسن، أما أنه المتعيِّن فلا

(7)

، بل الندب هو اللازم في هذه المواطن التي فيها الرجحان بالاحتياط

(8)

، ونحو ذلك؛ إذ فعل الأحسن مستحب ولا يصل إلى الوجوب، قال:

(1)

أي: ليس الاحتياط من القرائن اللفظية التي تحدد معنى اللفظ ودلالته.

(2)

أي: الاحتياط لا يقتضي الوجوب، وإلا لأصبح كلُّ مُخْتَلَفٍ فيه واجبًا، وهذا باطل.

(3)

يعني: الأفضل والأصلح لدين المكلف أن يحتاط، ولذلك قالوا: الخروج من الخلاف مستحب، من جهة كون الخروج من الخلاف أسلم وأصلح لدين المكلف.

(4)

يعني: قوله: "افعل" يفيد الفورية بنفسه، وقيد "الآن" لا يدل على معنى جديد، بل يؤكِّد المعنى الأول.

(5)

يعني: فهذا القيد مخالفٌ لمقتضى "افعل"، فيكون نوعًا من التخفيف.

(6)

انظر: نفائس الأصول 3/ 1334.

(7)

يعني: فالفورية أحسن، لا أنها مُتعيِّنة.

(8)

وعلى هذا فنحمل الفورية على الندب لا على الوجوب.

ص: 1143

وأُهملت قاعدةٌ وهي أن الرجحانَ إنْ كان في أفعال المكلفين فكما قالوه

(1)

، وإن كان في مدارك المجتهدين وأدلة المناظرين اقتضى ذلك الوجوب والتحتم واللزوم، بل انعقد الإجماع على أن المجتهد يجب عليه اتباعُ الراجح من غير رخصة في تركه، بخلاف الراجح في حق المكلف إنما هو مندوب، وكذلك الراجح في الاجتهاد في طلب القبلة وطهورية الماء من باب الوجوب إجماعًا

(2)

. ومنه قِيَم المتلفات وأروش الجنايات قال: فتأمل هذه القاعدة فهي ظاهرة وهي خفية، وبها يظهر بطلان قوله

(3)

: إنّ الاحتياط ليس من مقتضيات الوجوب، لأن هذا

(4)

رجحان في ذلك

(5)

لا في فعل المكلف. وأما قوله: افعل الآن تأكيد، وفي أي وقت شئت

(6)

مسامحة - فهو مصادرة على مذهب الخصم بغير دليل

(7)

. هذا كلام القرافي والقاعدة التي ذكرها من وجوب اتباع الراجح على المجتهد صحيحة، لكن الكلام في أن الأخذ بالاحتياط هل هو راجح

(8)

؟

ولو صح ما قاله لَكُنَّا نُلْزِم المجتهدين بالأخذ بجميع المآخذ وإن لم

(1)

أي: كما قاله الفضلاء.

(2)

في حق المجتهد الذي يستطيع أن يعرف القبلة وطهورية الماء بالاجتهاد.

(3)

أي: قول التبريزي.

(4)

أي: لأن هذا الاحتياط المذكور في المسائل القريبة.

(5)

أي: في مدارك المجتهدين، وأدلة الناظِرين، فيكون الاحتياط واجبًا.

(6)

سقطت من (ص).

(7)

انظر: نفائس الأصول 3/ 1334.

(8)

يعني: هل الاحتياط داخل في قاعدة وجوب العمل بالراجح؟ .

ص: 1144

يثبت

(1)

عندهم صحتها، ونقول للشافعيِّ: يجب عليك العمل بالاستحسان احتياطًا.

فالمجتهد الناظر في أنَّ الأمر هل يقتضي الفور ما لم يقم عنده دليل على ذلك

(2)

- ليس له أن يقول بذلك للاحتياط.

نعم المكلَّف

(3)

الذي توجه الأمر نحوه يستحب

(4)

له المبادرة احتياطًا، أو يجب عليه

(5)

بحسب ما تؤدي إليه قواعد الاحتياط (وهذا قد قاله هو

(6)

حيث قال: إنْ كان في أفعال المكلفين. فكما ذكروه، وما نحن فيه مِنْ أفعال المكلفين)

(7)

. وأحسنُ مِنْ دليل الاحتياط في الدلالة على أن الأمر يقتضي الفور أن نقول: (مَنْ تَوَجَّه)

(8)

الأمر المطلق نحوه فقد تحقَّقنا وجوبَ الفعلِ عليه، وشككنا هل يخرج عن العهدة بالتراخي مع القطع بأنه يخرج عنها بالمبادرة، فلتجب المبادرة؛ لأنه مأمورٌ بأمرٍ فلا يخرج عن عهدته إلا بيقين.

(1)

في (ص): "تثبت".

(2)

أي: الفورية.

(3)

أي: غير المجتهد.

(4)

في (ت): "تستحب".

(5)

أي: أو يجب عليه المبادرة احتياطًا، فالاحتياط يستحب أحيانًا، ويجب أحيانًا.

(6)

أي: القرافي.

(7)

سقطت من (ت).

(8)

سقطت من (ت).

ص: 1145