الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بل زال الوجوب لعدم القدرة لا غير
(1)
. ثم إنَّ ما ذكره مخالف لما قاله في النَّسْخ مِنْ أنه لا بد وأن يكون طريق شرعي
(2)
.
قال: (الثاني: الحس. مثل: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}).
المخصِّص الثاني من المخصصات المنفصلة: الحس
(3)
.
مثل: قوله تعالى حكاية عن بلقيس: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}
(4)
، فإن مقتضاه: أنها أوتيت مِنْ كلِّ شيءٍ بعضَه
(5)
ونحن نعلم أنها لم تؤت شيئًا مما كنا نشاهده
(6)
في يد سليمان عليه السلام.
(1)
أي: الوجوب كان ثابتًا ومشروطًا بالقدرة والاستطاعة، فلما سقطت الرجلان زالت القدرة والاستطاعة فارتفع الحكم، وارتفاع الحكم بارتفاع الشرط لا يسمى نسخًا، فإنَّ مَنْ سافر في رمضان لم ينسخ عنه الصوم؛ لأنه إنما وجب بشرط الإقامة. وإذا حاضت المرأة لا يقال: نُسخ عنها الصوم والصلاة. بل النسخ إنما يتحقق في حكمٍ ترتب على شرط، فلم يبق مترتبًا على ذلك الشرط. أو في محلٍّ بغير شرط، فلم يبق في ذلك المحل. وحاصله أنه رفع الحكم بعد ثبوته، وهذه الأحكام ما ثبتت في أصل الشريعة إلا مشروطة بهذه الشروط على هذه الأوضاع، فما تغيَّر شيءٌ حتى يقال: إنه نسخ. انظر: نفائس الأصول 5/ 2073 - 2074.
(2)
انظر: المحصول 1/ ق 3/ 428 - 429.
(3)
المراد بالحس المشاهدة، وإلا فالدليل السمعي من المحسوسات أيضًا، وقد جعله المصنف قسيمه. انظر: نهاية السول 2/ 451، المحلي على الجمع 2/ 24، شرح الكوكب 3/ 278.
(4)
سورة النمل: الآية 23.
(5)
أي {مِنْ} في الآية للتبعيض.
(6)
إنما عبَّر الشارح بالمشاهدة ليدل على أن المخصِّص هو الحس. والمعنى: نحن نعلم أنها لم تؤت شيئًا مما كان يشاهده الناس في ذلك الوقت بيد سليمان عليه الصلاة والسلام، ولو كنا في ذلك الوقت لشاهدنا ذلك، فالمخصِّص هو الشهادة.
وكذلك قوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ}
(1)
، ونحن نشاهد أشياء كثيرة لا تدمير فيها، كالسماء ونحوِها.
وقوله تعالى: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ}
(2)
، ونحن نرى الجبال أتت عليها وما جعلتها كالرميم. وقوله تعالى: {يُجْبَى
(3)
إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ}
(4)
، وما كان مختصًا من الثمار بأقصى المشرق والمغرب لم يُرَ
(5)
أنه يُجبى إليه
(6)
(7)
.
قال: (الثالث: الدليل السمعي، وفيه مسائل: الأولى: الخاص إذا عارض العام يخصِّصه عُلِم تأخيره أم لا. وأبو حنيفة يجعل المتقدم منسوخًا، وتَوَقَّفَ حيث جُهِلَ. (لنا إعمال الدليلين أولى)
(8)
).
(1)
سورة الأحقاف: الآية 25.
(2)
سورة الذاريات: الآية 42.
(3)
في (ص): "تجبى". وهي قراءة نافع، وقراءة الجمهور:{يُجْبَى} . انظر: فتح القدير 4/ 179. والمكتوب في (ص): "تجنى". وهو بلا شك خطأ من الناسخ.
(4)
سورة القصص: الآية 57.
(5)
في (ص): "لم نر".
(6)
ولذلك قال الإمام في التفسير (5/ 25) عن هذه الآية: ومعنى الكلية الكثرة، كقوله {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} .
(7)
انظر التخصيص بالحس في: المحصول 1/ ق 3/ 115، الحاصل 1/ 558، التحصيل 1/ 386، نهاية الوصول 4/ 1609، نهاية السول 2/ 451، السراج الوهاج 1/ 561، مناهج العقول 2/ 115، المحلي على الجمع 2/ 24، الإحكام 2/ 317، البحر المحيط 4/ 477، شرح التنقيح ص 215، شرح الكوكب 3/ 278.
(8)
سقطت من (ت)، و (غ)، و (ص)، و (ك)، والمثبت من نهاية السول 2/ 450، والسراج الوهاج 1/ 562، وشرح الأصفهاني 1/ 406، ومناهج العقول 2/ 116، ومعراج المنهاج 1/ 384.