الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بخلاف لا آكل، فإنه عام فيحتمل التخصيص، كما لو قيل: لا آكل أكلًا. وفَرَّق أبو حنيفة بأنّ أكلًا يدل على الوحدة وهو ضعيف).
هذه المسألة
مشتملة على بحثين:
الأول: أن نفي المساواة بين الشيئين هل يقتضي العموم
، أعنى: نَفْي الاستواء من كل وجه أم لا؟ ذهبت الشافعية رضي الله عنهم وجماعة آخرون
(1)
إلى الأول
(2)
، وتمسك بها أصحابنا على أن المسلم لا يُقتل بالكافر؛ لأن القصاص مبني على المساواة
(3)
.
وذهبت الحنفية إلى الثاني
(4)
، واختاره المصنف تبعًا للإمام
(5)
.
والخلاف في المسألة دائر على حرف واحد وهو أن لفظ: "ساوى" و"استوى"، وماثل زيدٌ عمرًا، أو زيدٌ مثل عمرو. و
(6)
المُمَاثَلاتُ كلها،
(1)
كالحنابلة، وابن الحاجب. انظر: شرح الكوكب 3/ 207، بيان المختصر 2/ 169.
(2)
انظر: الإحكام 2/ 247، البحر المحيط 4/ 164، نهاية السول 2/ 352.
(3)
قال الشارح رحمه الله تعالى في "الأشباه والنظائر" 2/ 145: "وعندي أن التمسك بهذه الآية غير متوجَّه، فإن فيها إشارة إلى تخصيص المساواة بالقول (لعلها بالفوز)، حيث قال: "أصحاب الجنة هم الفائزون" أشار إلى أن المعنى: نفي المساواة من هذه الحيثية لا مطلقًا، فالصواب التمثيل بغير هذه الآية".
(4)
انظر: تيسير التحرير 1/ 250، فواتح الرحموت 1/ 289، كشف الأسرار 2/ 103.
(5)
انظر: المحصول 1/ ق 2/ 617، وذهب إليه أيضًا أبو الحسين، والغزالي، والمعتزلة. انظر: المعتمد 1/ 232، المستصفى 3/ 304 (2/ 86، 87)، نهاية الوصول 4/ 1365، البحر المحيط 4/ 164، شرح الكوكب 3/ 207.
(6)
سقطت من (غ).
والاستواءات - هل مدلولها في اللغة المشاركة في جميع الوجوه، حتى يكون مدلولُها كُلًا شاملًا
(1)
، ومجموعًا
(2)
محيطًا أو مدلولها المساواة في شيء ما
(3)
حتى يصدق بأيِّ وصفٍ كان؟
واحتج المصنف: بأن نفي الاستواء أعم من نفي الاستواء من كل الوجوه، أو من بعضها
(4)
، والدال على القدر المشترك بين القسمين لا إشعار له فيه بهما
(5)
. وهذا معنى قولهم: الأعم لا يستلزم الأخص. فحينئذ نفي الاستواء المطلق
(6)
لا يحتمل نفي الاستواء من كل وجه
(7)
.
(1)
أي: التساوي في جميع الصفات فتكون من باب الموجبة الكلية.
(2)
في (ت): "ومجموعها". وعلى هذا فهي معطوفة على قوله: "مدلولها". والمعنى: وحتى يكون مجموعها محيطًا. وعلى ما أثبتناه يكون العطف على قوله: كلًا شاملًا. والمعنى: وحتى يكون مدلولها مجموعًا محيطًا. والمعنى واحد، وهو أن المشاركة لا بد أن تكون في جميع الوجوه، لا في بعضها، وهذا هو معنى كون المشاركة كلًا شاملًا، ومجموعها محيطًا، فالكل والمجموع بمعنى واحد، وهما لا يتحققان إلا باجتماع جميع الوجوه. والشارح رحمه الله تعالى نقل هذا الكلام من القرافي في نفائس الأصول 4/ 1876. وعبارة القرافي كما هي موجودة في النسخة: حتى يكون مدلولها كلًا شاملًا، ومجموعًا محيطًا.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
لأن نفي الاستواء مطلق عن القيد، ونفي الاستواء من كل الوجوه، أو من بعضها - مقيدٌ، والمطلق أعم من المقيَّد.
(5)
أي: لا إشعار للدال في القدر المشترك بالقسمين على وجه الخصوص، وإن كان مشعرًا بهما على وجه العموم والإجمال.
(6)
وهو النفي الأعم.
(7)
وهو النفي الأخص.
فإن قلت: هذا ضعيف؛ لأن الأعم إنما لا يدل على الأخص في طرف الإثبات، أما في طرف النفي فيدل؛ لأن نفي العام يدل على نفي الخاص، وهذا
(1)
نَفْيٌ للحقيقة التي هي أعم فتنتفي
(2)
جزئياتها. ألا ترى إلى تكذيبك مَنْ قال: لم أرَ حيوانًا. وكان قد رأى إنسانًا. وهذا يصلح ابتداءً دليلٌ لنا، فإن {لَا
(3)
يَسْتَوِي} نكرة
(4)
دخل عليها حرف النفي فيكون للعموم، لموافقتكم إيانا على أن النكرة في سياق النفي للعموم.
قلت: هذا بحث صحيح
(5)
، جاء
(6)
مِنْ جهة
(7)
قولنا: إن الاستواء أعمُّ، وكل فردٍ من أفراده أخص. ونحن إنما قلنا ذلك جَرْيًا على متن الكتاب، والذي عندنا أن الاستواء شيءٌ واحد (مدلوله واحد)
(8)
: وهو
(1)
أي: وهذا المثال فى الآية: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} الآية.
(2)
في (ص): "فينتفي".
(3)
سقطت من (ت).
(4)
لأن الفعل نكرة، ونفيه نفيٌ لمصدره؛ لأن الفعل يتضمن المصدر والزمن. انظر: البحر المحيط 4/ 165. قال الزركشي: "وقد نقل الزجاجي في "الإيضاح" إجماع النحويين على أن الأفعال نكرات، ولهذا امتنع الاضافة إليها؛ لانتفاء فائدة الإضافة. البحر المحيط 4/ 175.
(5)
وهو كون الأعم لا يدل على الأخص في طرف الإثبات، وأما في طرف النفي فيدل.
(6)
في (ص): "حقًا" وهو خطأ.
(7)
سقطت من (غ).
(8)
سقطت من (غ).
الاستواء من جميع الوجوه. وما يحصل بين زيدٍ وعمرو من المساواة في بعض الوجوه - فليست المساواة المطلقة
(1)
، بل مساواة خاصة، فإذا نفيت تلك المساواة التي موضوعها جميع الوجوه - لم يلزم أن لا تثبت مساواةٌ أخرى مقيدة ببعض الوجوه. وإنما يلزم ذلك أن لو كان ثَمَّ أعم وأخص
(2)
.
فإن قلتَ: هل هذا في حالِ النفي على الوجه الذي قررتم
(3)
سلبٌ للعموم
(4)
، فإن مدلولَ المساواة على ما ذكرتم جميعُ الوجوه، فلا يلزم من انتفائها أن لا تثبت من بعض الوجوه؟
قلت: لو كان مدلوله مُتَعَدِّدًا لكان كذلك
(5)
، ولكنا نجعله شيئًا واحدًا: وهو المساواة المتعلقة بجميع الوجوه، فإذا نفيتَه انتفت تلك
(1)
التي هي المساواة في جميع الوجوه، كما اختاره الشارح. أما المساواة المطلقة عند المصنف فهي القدر المشترك، كما سبق بيانه، وهذا المعنى غير مرضي عند الشارح رحمه الله تعالى.
(2)
المعنى: أن المساواة المطلقة ليست أعم من المساواة المقيَّدة، حتى يلزم من نفي الأولى نفي الثانية، بل المساواة المطلقة غير المساواة المقيدة؛ إذ يراد بالأولى: المساواة من جميع الوجوه، وبالثانية: المساواة من بعض الوجوه. ونفى الكل لا يلزم منه نفي البعض، كما تقول: لم يأت جميع الناس. فهذا لا ينفي مجيء بعضهم.
(3)
أي: هل الاستواء في حال النفي على المعنى الذي بينتموه للاستواء، كما في قوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} .
(4)
فسلب العموم سالبة جزئية؛ لأنه لا يَشمل كل فرد، بل يشمل العموم فقط، فهو نفي للكل لا للكلية، ولا يلزم منه نفي جميع الأفراد، بل يدل على الموجبة الجزئية، أي يدل على ثبوت بعض الأفراد.
(5)
أي: لكان نفي الاستواء المطلق سلبًا للعموم، ولا يلزم منه سلب الخصوص.